تلخيص تاريخ العرب الحديث والمعاصر
تلخيص تاريخ العرب الحديث والمعاصر
الصدام بين الدولة العثمانية والدول الاوروبية
موقف روسيا : اعتبرت روسيا نفسها الوريث الوحيد لاملاك الامبراطوريه البيزنطيه , كما اعتبرت نفسها الحاميه الاساسيه لمصالح المسيحيين الارثودوكس رعايا الدوله العثمانيه . على ضوء ذلك طالبت روسيا تقسيم املاك الدوله العثمانيه من اجل تحقيق اطماعها في التوسع في البلقان والوصول الى المياه الدافئة في البحر الاسود, ومن ثم التوسع نحو البحر الابيض المتوسط عبر مضائق البوسفور والدردنيل , الا انها تخلت عن الموقف خلال حملة ابراهيم باشا على الشام عندما حاربته من اجل الحفاظ على دولة عثمانيه ضعيفه الى جانبها من اجل تحقيق اهدافها في الحصول على حماية المسيحيين في البلقان والاراضي المقدسة تحقيقا لبنود معاهدة خنكار اسكله سي الموقعه سنة 1833 م من اجل منع محمد علي باشا والي مصر اقامة امبراطورية بديله للدولة العثمانيه اخذه بعين الاعتبار قوة محمد علي العسكريه .الا انها تخلت عن هذا الموقف وعادت تطالب تقسيم املاك الدوله العثمانيه عشية حرب القرم سنة 1853 – 1856 م وعادة تطالب املاك الدوله العثمانيه ابان الحرب الروسيه التركيه الثانيه سنة 1877م . وكانت روسيا برغم انجازتها الاوليه الدوله الاكثر خسارة وذلك بسبب الموقف البريطاني الفرنسي المعارض للمطالب الروسيه .
2. موقف النمسا : كانت النمسا اولى الدول الاوروبيه التي عملت على دحر العثمانيين من الاراضي الاوروبيه وذالك في اواخر القرن السابع عشر واوائل القرن الثامن عشر . الا انها لم توفق في ذالك رغم صلح كارلوفيتش سنة 1699 م , الذي ضمن لها نفوذا وسيطرة واسعه في المجر وتراتنسلفانيا . لذالك عملت السياسه النمساويه على توسيع نفوذها في البلقان وعلى مجابهة الاطماع الروسيه في تلك المنطقة . على ضوء هذه الاطماع ايدت النمسا الموقف الداعي الى تقسيم املاك الدولة العثمانيه بين الدول الاوروبيه من اجل منع روسيا من السيطره على البلقان وتهديد مصالح النمسا في تلك المنطقة , الا انها امتنعت من التدخل بصورة مباشرة في الازمات التي ميزت هذه المسأله وذلك بسبب ضعفها وعدم قدرتها على فرضنفوذها .
3. موقف بريطانيا : لقد عبر رئيس الوزراء البريطاني بالمرستون سنة 1833 م في خطاب له امام مجلس العموم البريطاني عن موقف بريطانيا من الدولة العثمانيه في المسالة الشرقيه بصورة واضحه حيث قال : " ان سلامة الامبراطورية العثمانيه واستقلالها هما شرطان اساسيان لحرية اوروبا …" وقد نبع هذا الموقف نتيجة السياسة البريطانية في تلك الفترة و خاصه بعد خسارتها لمستعمراتها في القاره الامريكية بعد الثورة الامريكية سنة 1776 م . وقد اعتمدت بريطانيا في تلك الفترة في سياستها على الاسس التالية :
أ. الحفاظ على توازن القوى في القارة الوروبية .
ب. الحفاظ على المستعمرات البريطانيه في شرق اسيا والطرق المؤدية لها , وخاصة الهند .
ج. الحفاظ على الوضع القائم بالنسبه لسلامة املاك الدولة العثمانية.
على ضوء ذالك عمل الساسه البريطانيون على معارضة اي محاولة روسيه لتقسيم املاك الدولة العثمانية ,وكما عملوا على منع روسيا من تحقيق اطماعها في الدولة العثمانية من خلال تدخلها بدعم الثورة اليونانية وايضا بتدخلها ودعمها للدولة العثمانية ضد محمد على باشا في محاولته السيطرة على الشام في حملة ابنه وايضا بتدخلها ودعمها للدولة العثمانية ضد محمد علي باشا في محاولته السيطرة على الشام في حملة ابنه ابراهيم باشا , وذالك من اجل الغاء اتفاقية خنكار اسكله سي , ومن ثم عنما تدخلت في الحرب الروسية التركية في حرب القرم لصالح الدولة العثمانية , , وعندما تدخلت في الحرب الروسية العثمانية الثانية سنة 1877 م , ودعوتها لعقد مؤتمر برلين سنة 1878 م لالغاء الاتفاقيات التي تمت بين الدولة العثمانية وروسيا في اتفاقية سان ستيفانوا والتي نصت على منح روسيا الحق بالمرور الحر في مضائق البوسفور والدردنيل وسيطرتها على الشاطئ الشرقي للبحر الاسود . وقد كان الخاسر الوحيد من هذه السياسة روسيا , وذالك من خلال عمل بريطانيا على تحقيق اهدافها السياسية والتوسعيه في الشرق الاوسط , وعدم السماح لروسيا بمنافستها على هذه المناطق .
4.موقف فرنسا :كانت فرنسا اولى الدول الاوروبية التي أقامت علاقات تعاون وصداقة مع الدولة العثمانية وذالك منذ القرن السادس عشر عندما منح سلطان سليمان القانوني امتيازات اقتصادية وتجارية لفرنسا ورعاياها في الدولة العثمانية وفي حوض البحر الابيض المتوسط التي كانت اغلب شواطئه تخضع للحكم العثماني . استمرت العلاقات الودية بين فرنسا والدولة العثمانية حتى الثورة الفرنسية وظهور نابليون ومحاولته من خلال الحملة على مصر للسيطرة على املاك الدولة العثمانية . رغم ذلك من الجدير ذكره ان فرنسا عارضت طوال الوقت المحاولات الروسية النمساوية للسيطرة على املاك الدولة العثمانية , ونادت دائما من اجل المحافظة على سلامة الدولة العثمانية واستقلالها .
من الجدير ذكره ان الموقف الفرنسي خلال القرن التاسع عشر من الدولة العثمانية كان مليء بالتناقضات فتارة نراها تحاول تقسيم املاك الدولة العثمانية من خلال حملتها على مصر وتارة نراها تؤيد المحاولات الانفصال عن الدولة العثمانية , كما كان موقفها من الثورة اليونانية وفي تاييدها لمحمد علي باشا , الا انها عارضت دائما تزايد النفوذ الروسي في الدولة العثمانية , ودعمت بصورة غير مفهومة الموقف البريطاني عندما خاضت حربا ضد روسيا في الثورة اليونانية . لذالك يمكننا القول ان فرنسا حاولت السيطرة على املاك الدولة العثمانية , وعندما فشلت في ذالك تبنت الموقف البريطاني الذي نادى بالحفاظ على املاك الدولة العثمانية واستقلالها .
مرت الدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بعدة احداث هددت مصيرها وسلامة املاكها . كما ادت هذه هذه الاحداث الى تازم في العلاقات الدولية على الساحة الاوروبية . اما اهم هذه الاحداث هي :أ) الثورة اليونانية .ب) حرب القرم ج) ازمة محمد علي د) الحرب الروسية التركية الثانية .ه) ضم البوسنة والهرسك الى النمسا و) الحرب الأهلية اللبنانية.
أ . الثورة اليونانية او حرب المورة : اندلعت الثورة اليونانية في شبه جزيرة المورة , حيث طالب سكانها الاستقلال عن الحكم العثماني . وانتشرت بسرعة الى الجزر اليونانية وشمال اليونان ولاقت دعما وتاييدا من روسيا . وقد حققت هذه الثورة في بدايتها مكاسب سريعة مما دفع بالسلطان العثماني التوجه الى والي مصر محمد علي باشا طالبا منه المساعدة في اخماد الثورة . وقد وعد السلطان العثماني محمد علي باشا منحه جزيرة كريت بالاضافة الى ولايته على مصر . وافق محمد علي بقاشا واعد جيشا وعين على راسه ابنه ابراهيم باشا لاخماد الثورة اليونانية . قام ابراهيم باشا باحتلال جزيرة كريت واخماد الثورة فيها ومن ثم توجه الى شبه جزيرة المورة وانضم اليه الاسطول العثماني . قام ابراهيم باشا باحتلال المورة سنة 1824 م واحتلال اثينا مخمدا نار الثورة في المورة.
في هذه الظروف ونتيجة للأضرار التي لحقت بالتجارة الاوروبية في البحر المتوسط وتزايد الراي العام الاوروبي للتدخل لصالح اليونانيين , تدخلت كل من بريطانيا وفرنسا لصالح اليونان والتعاون مع روسيا لاخراج القوات العثمانية _ المصرية من اليونان , وذلك من اجل اضعاف قوة محمد علي باشا المتزايدة وعدم السماح لروسيا بالانفراد بمساعدة اليونانيين ومن ثم تحقيق مكاسب روسية في هذة المنطقة . قامت كل من بريطانيا وفرنسا بالتعاون مع روسيا من اجل اخراج القوات العثمانية المصرية من اليونان . فتقدمت الدول الثلاث بطلب من السلطان العثماني بسحب قواته من اليونان , الا ان هذا الطلب قوبل بالرفض , كما رفض محمد علي مطلب بريطانيا بالانسحاب من هذة المنطقة , على ضوء ذلك قامت الاساطيل الروسية والبريطانية والفرنسية بضرب اسطول محمد علي باشا والاسطول العثماني في خليج نفارينو مما دفع محمد علي بسحب قواته من اليونان بينما اعلن السلطان العثماني الجهاد , واعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية , وانتهت هذه الحرب بتوقيع معاهدة ادرنه سنة 1829 م التي تم فيها اعتراف السلطان العثماني باستقلال اليونان . وهكذا استقات اليونان نتيجة للتدخل الاوروبي وقد حققت كل من بريطانيا وفرنسا اهذافها من هذا التدخل , بينما لم تتحكم روسيا من تحقيق اهدافها في الوصول الى حوض البحر المتوسط رغم كونها اكثر الدول التي ساهمت في دعم اليونانيين .
ب.ازمة محمد علي باشا – حملة ابراهيم باشا على الشام : بعد انتهاء الثوره اليونانية وفشل القوات العثمانيه والمصرية في المحافظه على اليونان كجزء من الدولة العثمانية وحصول اليونان على استقلالها سنة 1829 م بموجب اتفاقية ادرنه . بدا محمد على باشا والي مصر بالمطالبة بضم سوريا لولاية مصر حسبما وعد السلطان العثماني , الا ان السلطان العثماني تراجع عن وعده لمحمد علي .
استغل محمد علي الظروف الداخلية في الدولة العثمانية وامر ابنه ابراهيم باشا بالقيام بحملة عسكرية لاحتلال سوريا وقد بدات الحملة في 29/ 10/ 1831 م .وتمكنت جيوش ابراهيم باشا من احتلال سوريا بمساعدة حاكم جبل لبنان بشير الشهابي الثاني , وقد وصلت جيوش ابراهيم باشا اواسط الاناضول مما جعل الطريق امامه مفتوحا الى مضائق البوسفور والدردنيل.
على ضوء الهزائم التي مني بها السلطان العثماني قام بالتوجه الى الدول الاوروبيه لمساعدته في حربه ضد محمد علي باشا , الا ان فرنسا وبريطانيا لم تستجب لهذا الطلب , وبينما استجابت له روسيا وتعتبر هذه الاستجابة تغييرا في الموقف الروسي من الدولة العثمانية , وقام القيصر الروسي بارسال السفن الروسيه الى مضائق البوسفور والدردنيل سنة 1833 م , كما ارسلت روسيا الخبراء العسكريين لتدريب الجيش العثماني . في هذه الاثناء جرت الاتصالات بين السلطان العثماني ومحمد علي , واسفرت هذه الاتصالات عن التوصل الى اتفاق كوتاهيه الذي ينص على اعتراف السلطان العثماني بضم ولاية سوريا واضنه في الاناضول الى محمد علي .
من جهة ثانية وقعت روسيا والدولة العثمانية سنة1833 اتفاقية " خنكار اسكله سي " . والتي تعتبر قمة النفوذ الروسي في الدولة العثمانية والتي نصت على :
1. عقد تحالف بين الدولة العثمانية وروسيا .
2. عقد اتفاقية دفاع مشترك بين الدولة العثمانيه وروسيا .
3. منح روسيا حق حماية الرعايا المسيحييين في البلقان .
4. منح روسيا حماية الاراضي المقدسه .
5. منح روسيا حق حرية الملاحه في المضائق والمياه العثمانية .
6. اغلاق المضائق امام السفن الحربية الاوروبيه .
وقد استمرت هذه المعاهدة ثماني سنوات وانتهت بتوقيع اتفاقية لندن سنة1841 . وتعتبر هذه المعاهدة تغييرا في الموقف الروسي حتى هذه الفترة الذي كان يطمع بتقسيم املاك الدولة العثمانية والسيطرة على املاكها .
ادى توقيع هذه المعاهدة الى تدخل اوروبي ضد محمد علي وخاصة من قبل بريطانيا وفرنسا اللتان رفضتا التدخل لصالح الدولة العثمانية في بداية الحملة المصرية على سوريا . وذالك بسبب خوف بريطانيا على مصالحها في الدولة العثمانية بسبب تزايد النفوذ الروسي في الدولة العثمانية , كذالك بسبب تزايد قوة محمد علي على المنطقة . مما دفع بريطانيا على توقيع معاهدة " بلطاليمان " بين بريطانيا والدولة العثمانية والتي تنص بالاساس على حماية حقوف وامتيازات بريطانيا في الدولة العثمانية , وقد وقعت هذه الاتفاقيه سنة 1838 م .
بعد توقيع هذه الاتفاقيه بدا تنسيق اوروبي بين روسيا وبريطانيا والنمسا وبروسيا وانضمت له فرنسا في النهاية للحد من توسعات محمد علي باشا في الدولة العثمانية , واستغل السلطان العثماني انشغال محمد علي بالسودان للقيام بحملة عسكرية ضد جيوش ابراهيم باشا في سوريا , فقام بحملة الى نزيب شمالي حلب بهدف دحر ابراهيم باشا , الا ان جيوش ابراهيم باشا تمكنت من هزيمة الجيوش العثمانية . مما دفع بالسلطان العثماني عبد المجيد بالدخول بمفاوضات مع محمد علي باشا بهدف اعتراف السلطان العثماني بحكم محمد علي باشا على سوريا .
1-التدخل الاوروبي لصالح الدوله العثمانية .
2-سياسة ابراهيم باشا الداخلية بالشام .
3- فرض ضرائب جديدة على السكان المحليين.
4- محاولة ابراهيم باشا تجنيد اهل الشام في جيشه .
5- ثورات داخليه ضد ابراهيم باشا .
6- انضمام عدد كبير من جيوش ابراهيم باشا للثورات المحلية .
7- جمع السلاح من السكان المحليين.
8- فرض نظام الاحتكار في الشام .
يتــــــــــبع
اسباب الحرب وسيرها :
1) قيام روسيا بتوسيع نفوذها في البلقان فأحتلت اجزاء من رومانيا وحاولت الحصول على موافقة بريطانيا على هذه الخطوة الا ان بريطانيا طالبت روسيا بسحب قواتها من الاراضي التي احتلتها .
2) منح السلطان العثماني فرنسا حق حماية الاماكن المقدسه في فلسطين وسلمه مفاتيحها . اعترضت روسيا على هذه الخطوه واعتبرتها نقضا لاتفاقيات سابقة بين البلدين وادعت انها صاحبه الحق الوحيد في حماية المسيحيين داخل الامبراطوريه العثمانيه .
3) مطالبة روسيا الدوله العثمانيه الاعتراف بحقها حماية جميع الطوائف المسيحيه والارثوذكسيه التي تعيش داخل الدوله العثمانيه . ([57])
رفضت الدوله العثمانيه هذا الطلب فقامت روسيا باحتلال رومانيا سنة 1853 .
4) عارضت بريطانيا وفرنسا احتلال روسيا لرومانيا وارسلت اساطيلها الى المياه العثمانيه .
5) على ضوء ذلك اعلنت الدوله العثمانيه الحرب على روسيا وقامت روسيا باغراق السفن العثمانيه في ميناء سينوب .
6) قامت بريطانيا وفرنسا باعلان الحرب على روسيا في الاراضي الرومانيه اولا ثم نقل الحرب الى شبه جزيرة القرم ومحاصرة المواني الروسيه على البحر الاسود , استمر هذا الوضع حتى سنة 1855 . ([58])
7) الدخول في مفاوضات لتوقيع صلح وموافقة روسيا على ذلك بعد وفاة القيصر نيقولا الاول واستسلام القيصر الاسكندر الثاني الحكم في روسيا وعقد مؤتمر الصلح في باريس .
نتائج الحرب :
1) هزيمة روسيا وقبولها سياسة بريطانيا الداعيه الى الحفاظ على سلامة املاك الدوله العثمانيه واستقلالها وعقد مؤتمر الصلح في باريس .
2) قبول مبدا التحكيم في حالة وقوع اختلاف بين الدوله العثمانيه وغيرها من الدول.
3) مقصد الدوله العثمانيه بتحسين اوضاع الرعايا المسيحيين .
4) اغلاق المضائق العثمانيه امام السفن الحربيه .
5) اغلاق ممر حياد البحر الاسود واعتبار نهر الدانوب ممرا للملاحه .
6) منح روسيا حكما ذاتيا واعطاء حق روسيا في الدفاع عنها .
7) تقارب بريطانيا وفرنسا ومنح فرنسا حق حماية الرعايا المسيحيين الكاثوليك في الدوله العثمانيه .
8) فشل روسيا في تحقيق مصالحها في البلقان .
أن فرنسا قد ربطتها بالدولة العثمانية علاقات ودية منذ أن قام السلطان العثماني بإعطاء الرعايا الفرنسيين امتيازات داخل الدولة العثمانية، و من بينها الإعفاء من الضرائب و منح الحكومة الفرنسية بعض الحقوق في الأماكن المقدسة في فلسطين، الأمر الذي انعكس سلبا على روسيا، فسعت للحصول على امتيازات مماثلة للامتيازات التي حصل عليها الرعايا الفرنسيين ، لكن موقف فرنسا تجاه النزاع الروسي العثماني اختلف عن الموقف البريطاني بسبب اختلاف المصالح الفرنسية، فقد كان الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث ، يعتبر بلده طرفا رئيسيا في هذا النزاع، كونه يتطلع إلى كسب تأييد الحزب الكاثوليكي في فرنسا وبذا يستهدف من دخوله السيطرة على الأماكن المقدسة، و يسعى لتحقيق بعض الانتصارات الخارجية من أجل إخراج فرنسا من عزلتها بعد مؤتمر فيينا عام 1815، و تمزيق التسوية التي أفقدتها حدودها الطبيعية()، كما كانت فرنسا تهدف من تدخلها إلى جانب الدولة العثمانية، حرمان روسيا من نفوذها في البلقان، بعد هزيمتها أمام الدولة العثمانية، و منع مرابطة السفن الحربية الروسية في البحر الأسود، و عودة ولايتي الأفلاق و البغدان للسيطرة العثمانية.
لكن المنافسة الدولية و الأطماع الاستعمارية أدت إلى تذبذب السياسة الفرنسية إزاء الدولة العثمانية فوقفت بجانبها في بعض المواقف، ووقف ضدها في مواقف أخرى، فعندما استؤنف القتال بين فرنسا و الدول الأوروبية سنة 1803 أغرى نابليون بالانضمام إليه، و إعلان الحرب على أعدائه عام 1806، ثم تخلى عنها، كما أن فرنسا ساندت الثورة اليونانية (1821_1830) ضد الدولة العثمانية، كما ساندت محمد علي في حركته الانفصالية عن الدولة العثمانية (1830_1840)، فضلا عن أنها تحالفت مع الدولة العثمانية في حرب القرم ضد روسيا، في نفس الوقت الذي كانت تتطلع للاستيلاء على المغرب العربي الخاضع للعثمانيين، فدبرت مؤامرة الجزائر 1830.
وهكذا أجبرت المصالح الدول الأوربية على الاصطفاف في هذه الحرب كل في المكان الذي يرى أنه يحقق مصالحه، بدا الحلفاء هجومهم على شبه جزيرة القرم، و حدثت معركة سيواستوبول بعد أن انضمت بريطانيا و فرنسا إلى جانب الدولة العثمانية، و ذلك في 6 شباط (فبراير) 1854، بهدف القضاء على قوة روسيا في البحر الأسود، بعد أن جلت روسيا عن ولايتي الدانوب نتيجة لضغوط النمسا و تهديداتها، و على الرغم من احتلال النمسا للولايتين، فان بريطانيا و فرنسا نقلتا الحرب إلى شبه جزيرة القرم، باتجاه ميناء سيواستوبول، القاعدة البحرية الروسية في شبه الجزيرة؛ فقام الحلفاء بحصار الميناء مدة عام كامل لاقوا خلاله مصاعب كبيرة، بسبب برودة الجو فضلا عن تفشي وباء الكوليرا بين الحلفاء خلال المراحل الأولى للحرب، و كلف احتلال سيواستوبول أكثر من خمسة وعشرين ألف قتيل من جميع الأطراف، و من بينهم قادة كبار من الطرفين ، و بعد سلسلة من المعارك بين الطرفين سقط ميناء سيواستوبول في 9 أيلول 1855، و انهزم الروس، و لكن كفة روسيا في جبهة القفقاس رجحت بعد أن استولوا على مدينة قارص، و بذلك تم وضع نهاية للحرب.
بعد سقوط ميناء سيواستوبول بمدة قصيرة، توفي القيصر الروسي نيقولا الأول، و خلفه في الحكم الاسكندر الثاني ، الذي عرف بتركيزه الاهتمام على أمور روسيا الداخلية، و لما شعر بان متابعة الحرب أصبح أمرا صعبا، في ظل الأزمة المالية التي تعانيها روسيا، و خسائر الأسطول الروسي، فضلا عن الهزائم التي حلت بجيشه في الحرب، فجنح إلى السلم، و أمام شعور النمساويين بان نهاية الحرب باتت وشيكة، أرسلت النمسا أوائل عام 1856 إنذارا إلى روسيا، فأجابت روسيا بالقبول، ولم تعد هناك ضرورة لاستمرار الحرب ، وتم الاتفاق بين النمسا و بريطانيا و فرنسا بعد مداولات مستفيضة على شروط الصلح التي كانت قد قدمتها النمسا إلى روسيا، منذ كانون أول 1855 بصورة إنذار للانضمام إلى الحلفاء في حالة رفضها ، و على أثر الموافقة الروسية تم عقد مؤتمر الصلح في باريس في 30 آذار 1856.
أن تمكن الفرنسيين و الإنكليز من تحقيق هدفهم في تحطيم الأسطول الروسي، كان من أهم الأسباب التي أدت إلى عقد الصلح، لأنه يكون في مقدور روسيا القيام في حوض البحر المتوسط، و تم تثبيت السيطرة البحرية الكاملة للحلفاء في البحر الأسود، فاكتفى الحلفاء بهذا النصر ورفضوا التقدم وراء سيواستوبول، كما أن السبب الآخر هو اختلاف وجهات النظر الفرنسية عن البريطانية من حيث استمرار الحرب، لأن نابليون الثالث أصرّ على وقف هذه الحرب، الأمر الذي أرغم حلفائه على وقفها، مع أنهم كانوا يريدون الاستمرار فيها بغية إذلال روسيا تماما، و من ثم يتم القضاء على دورها في السياسة الأوروبية، في وقت أصبح بوسع الرأي العام الأوروبي متابعة سير العمليات الحربية خطوة خطوة بفضل المراسلين العسكريين و الصور الفوتوغرافية، و التي بدأت بالظهور في الصحف.
تضمنت معاهدة باريس عدة نقاط هامة، أهمها حرية الملاحة في نهر الدانوب، و تشكيل لجنة دولية للإشراف على ذلك، و الاعتراف بالسيادة العثمانية على المضايق، و إعلان حياد البحر الأسود، على أن كل من ولايتي الأفلاق و البغدان باستقلال ذاتي ضمن الدولة العثمانية، وأن يحترم استقلال الدولة العثمانية، وعدم التدخل في شؤونها مقابل أن تتعهد بتحسين أحوال الرعايا المسيحيين في البلقان، كما تضمنت اعتراف السلطان بالمساواة التامة بين رعاياه على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، أي أنه لا يحق لأي دولة أجنبية التدخل في شؤون رعايا السلطان. و من البنود الأخرى التي تضمنتها المعاهدة قبول مبدأ التحكيم في حالة وقوع خلاف بين الدولة العثمانية وغيرها من الدول، و حرية الملاحة في نهر الطونة، وإعادة سيواستوبول إلى روسيا، مقابل أن تكون قارص للدولة العثمانية، ومن ثم تسترجع ولايتي الدانوب وضعهما (الاستقلال الذاتي) تحت سيادة السلطان العثماني، بشرط بقائهما تحت الضمانة المشتركة للدول الكبرى التي وعدت بعدم التدخل في شؤونها في المستقبل، فضلا عن محافظة صربيا على استقلالها الذاتي تحت سيادة السلطان، ووفق الضمان المشترك من جانب الدول، و احتفظ العثمانيون بحق وضع حاميات في الأراضي الصربية، كما وعدت الدول بالتوسط لحل أي خلاف عثماني صربي.
فيما كانت المفاوضات جارية من اجل عقد الصلح بين روسيا و الدولة العثمانية، كان السلطان العثماني عبد الحميد يعد وثيقة جديدة للإصلاح عرفت باسم "خط همايون"، صدر هذا الخط قبل أسبوع من عقد مؤتمر باريس 1856، أي في يوم 18 شباط 1856، و اتخذت الدولة العثمانية وفقا لمضمون هذا الخط خطوات إصلاحية إيجابية لخير رعاياها، فأقر السلطان كافة المبادئ التي وردت في خط شريف كولخانة 1839، والتي يتعلق أكثرها بحقوق الطوائف غير الإسلامية و مصالحها، إذ تضمن الخط بصفة خاصة بالتأكيد على مبدأ المساواة القانونية و المدنية لكافة رعايا الدولة و حقوقهم في خدمتها.
لقد كان الخط الهمايوني أدق بكثير و أكثر تفصيلا من خط شريف كولخانة 1839، فهو يضمن للطوائف غير المسلمة احترام حصانتها التقليدية و حرية العبادة، و ممارسة شعائرها الدينية و بناء معابدها بشروط يتوافر فيها التسامح. كما أكد الخط الهمايوني على المساواة في المعاملة بين جميع الطوائف ومنع استعمال الألفاظ التي تحط من قيمة غير المسلمين، و تأمين الحرية الدينية لأهل كل المذاهب، و إفساح المجال أمام كافة رعايا السلطان للمساهمة في خدمة الدولة و ذلك عن طريق تعيينهم في الوظائف واستفادتهم من خدمات الدولة التعليمية، بالإضافة إلى إنشاء محاكم مختلفة للفصل في القضايا المدنية و الجنائية، وأما الدعاوى الخاصة بالأحوال الشخصية و الإرث فتحال إلى المحاكم الشرعية بالنسبة للمسلمين، و إلى المحاكم الطائفية بالنسب لغير المسلمين ، والمساواة بين جميع رعايا الدولة في الحقوق و الواجبات، لا سيما في مجال الخدمة العسكرية، فأصبح الجميع يخضعون لقانون التجنيد العسكري، و تم إعادة تنظيم الهياكل الإدارية، كما أصبح جميع رعايا الإمبراطورية متساوين فيما يتعلق بالضرائب، و القضاء، و كذلك الالتحاق بمدارس واحدة.
و على الرغم من أن الخط الهمايوني جاء نتيجة للضغط الخارجي، على عكس خط شريف كولخانة، فقد تشابه الخطان في كثير من النقاط، فكلاهما صدر بمرسوم سلطاني جاد اللهجة، وتكررت في الخط الهمايوني الضمانات التي أعلنت في عام 1839، و أن كانت هناك بعض الاختلافات، فخط 1856 م كان أكثر دقة في تحديد التغييرات الواجب إجراؤها، و لم يظهر فيه انقسام الشخصية الذي اتضح في الخط السابق، كما أن صيغته كانت أكثر عصرية، و أكثر اقتباسا عن الغرب بصورة لم تعهد من قبل في الوثائق العثمانية، و ذلك لأنه لم يستشهد بآية قرآنية واحدة أو بقوانين الإمبراطورية القديمة وأمجادها، وكان ذلك أمرا خطيرا من الناحية النفسية، و أن لم يكن المرسوم برمته يتطلع إلى الأمام أكثر مما يستوحي الماضي، و لقد أكد المرسوم من جديد على تطبيق الخدمة العسكرية على المسلمين وغير المسلمين، كما نص على المحافظة على الحقوق والامتيازات التي تمتع بها رؤساء الملل الإسلامية، و تمتع كل ملل الإمبراطورية بمواطنة عثمانية عامة، ووعد السلطان بإيجاد نظام ضريبي أكثر عدالة، كما وعد بتبويب القانون الجنائي والتجاري، وإصلاح نظام السجون، وإنشاء محاكم مختلطة في القضايا الخاصة بالمسلمين وغير المسلمين.
وهكذا أكد الخط الهمايوني بشكل خاص على المساواة المدنية والاجتماعية لجميع رعايا الدولة، واعترف بمساواتهم في خدمة الحكومة، ولكن مبدأ المساواة لم يطبق تماما؛ فقد ظلت الخدمة العسكرية محصورة بالمسلمين وحدهم، كما ظلت الوظائف الإدارية والقضائية شبه محصورة بالمسلمين، وظلت الدول الأوروبية تدّعي حماية الطوائف المسيحية، ففرنسا تدّعي حماية الكاثوليك، وروسيا تعتبر نفسها حامية للأرثوذكس، وبريطانيا تعد نفسها حامية البروتستانت. وكان من أهم أهداف خط شريف كولخانة استثارة عطف الدول الكبرى على الدولة العثمانية، وكذلك استهداف الخط مساندة الأوروبيين للدولة ضد روسيا التي ما لبثت أن وافقت على شروط النمسا والتي بني عليها صلح باريس عام 1856 الموقع عليه من قبل الدول الكبرى، و مملكة بيدمونت و الدولة العثمانية.
وفي النهاية يتبين أن العامل الديني لم يكن عاملا أساسيا في نشوب حرب القرم و إنما كان ذريعة اتخذتها روسيا لإعلان الحرب ضد الدولة العثمانية، من اجل تحقيق أطماعها داخل أقاليم هذه الدولة، فقامت بعرض مشروع تقسيم أملاك الدولة العثمانية على فرنسا وبريطانيا، لكن هاتين الدولتين رفضتا المشروع الروسي، ليس من منطلق مساندة الدولة العثمانية والمحافظة على أملاكها، إنما كان مبنيا على رغبة بريطانية و فرنسية في الإبقاء على الدولة العثمانية ضعيفة، حتى يتسنى لهما السيطرة على الأقاليم الخاضعة لها في مراحل قادمة.
ان مؤتمر باريس لم يحسم المساله الشرقية , وظلت روسيا تثير الشعوب البلقانية للتخلص من نير الحكم العثماني اول حركه كبيرة بعد مؤتمر باريس هي الثوره البوسنه والهرسك (يوغوسلافيا اليوم ) سنة 1875 , بسبب سوء الجابية . وطالب الثوار بجلاء الاتراك والاستقلال التام واشتد حماس الشعوب البلقانية لتايد الثوار فامتدت الثوره لتمثل صربيا والجبل الاسود وبلغاريا واصبحت كلها تطالب بالاستقلال .
طالت الثوره وعجز العثمانيون عن اخمادها , وخشيت النمسا من انتداد الحركة القوميه الى بلادها المتعددة القوميات عندها قدمت النمسا مذكرة تؤيدها الدول الاوروبيه العظمى في مطلع عام 1876 تطالب بها السلطان بادخال اصلاحات لارضاء الثوار , كصرف ما يجبي من البلاد على اصلاح مرافقها . قبلت الدوله العثمانيه الاقتراح , بينما رفضه الثوار . فبدات الدوله العثمانيه بارتكاب اعمال انتقاميه بشعه خاصه في بلغاريا حيث قامت مذابح فظيعه .
استغلت روسيا هذه الظروف واعلنت الحرب على الدوله العثمانيه وشريكاتها رومانيا . انتصرت القوات الروسية الرومانيه على الدوله العثمانيه وتقدمت سريعا فاخترقت الدانوب ووصلت حتى ادريانوبل واحتلتها في نهاية العام 1877. فاضطر السلطان عبد المجيد الثاني طلب الصلفح . فعقد صلح سان ستيفانو في كانون الثاني 1878 , وبمقتضاها لم يبق للسلطان الجزء الصغير من اوروبا حول العاصمه والبانيا وممر صغير للوصول إلى البانيا كما تنازل السلطان عن باطوام لروسيا ووافق على انشاء امارة بلغاريا واسعة تحت سلطته الاسمية.
مؤتمر برلين (1878) :
حصلت روسيا من صلح سان ستيفانو كل ما كانت تحلم بالحصول عليه في حرب القرم اي بطرد الدولة العثمانيه كليا من البالقان غير ان هذة المعاهدة اثارت معارضة شعوب البالقان وبعض الدول الكبرى , فقد عارضت صربيا واليونان اتساع رقعة بلغاريا على حسابهما اذا كانت تضم كثيرا من رعاياها على عارضت النمسا تعاظم نفوذ روسيا في البلقان وعارضت بريطانيا تهديد روسيا بعرض المشكلة على مؤتمر دولي يعقد في برلين . وقد ايد بسمارك مستشار ألمانيا موقف بريطانيا فلم ترى روسيا بدأ من قبول الاقتراح مع انها كانت تعرف سلفا بان عقد المؤتمر هو نجاح لسياسة ديزرائيلي رئيس حكومة بريطانيا وفشلها.
تعود جذور الحرب الاهليه اللبنانيه إلى نتائج حملة ابراهيم باشا على سوريا وذلك للاسباب التاليه.
1) ازدياد نفوذ الاقطاعيين الموارنه بسبب تعاونهم مع ابراهيم باشا وخاصه في جنوب لبنان بعد ان تزايد عدد الموارنه في الجنوب خاصه وان الدروز كانوا يشكلون الاغلبيه في المنطقه .
2) التنافس بين الاقطاعيين الموارنه ورجال الدين المراونه في السيطره على الفلاحين الموارنه.
3) احداث الاعتدائات المتبادله بين الدروز والموارنه التي بدات سنة 1842 على مدى محاولات الدروز استعادة نفوذهم بعد القضاء على النفوذ الشهابين.
4) فشل الدول العثمانيه في فرض سيطرتها على البلاد رغم محاولاتها تقسيم البلاد الى منطقتين الاولى في الشمال ويحكمها مسيحي والثانيه في الجنوب ويحكمها درزي لارضاء الاطراف المتنازعه.
5) اعمال العنف بين الدروز والموارنه سنة 1845 مما اتاح الفرصه لفرنسا وبريطانيا والدوله العثمانيه في التدخل بين الاطراف المتنازعه .
6) احداث 1858 بزعامة طانيوس شاهين التي بدات في شمال البلاد والتي شهدت تمردا من الفلاحين الموارنه ضد الاقطاعين الموارنه والتي عرفت بالثوره العاميه والتي انتشرت حتى وصلت الجنوب حيث ثار الفلاحون الموارنه ضد الاقطاعيين الدروز مما ادى الى انضمام الفلاحين الدروز الى الاقطاعين الدروز ضد الموارنه . ادى هذا الموضوع الى اندلاع حرب اهليه شملت كافة البلاد ووصلت احداثها حتى دمشق واتاحت الفرصه امام فرنسا وبريطانيا للتدخل حيث دعتم فرنسا الموارنه ودعمت بريطانيا الدروز وحاولت الدوله العثمانيه التدخل ووقف الحرب ولكن دون جدوى بدون موافقة الدول الاوروبيه.
ادى التدخل البريطاني الفرنسي من جه في الحرب الاهليه اللبنانيه ومحاولات ألدوله العثمانيه فرض سيطرتها على سوريا من جه اخرى الى اطفاق بين بريطانيا وفرنسا والدوله العثمانيه مع انزال قوات فرنسيه في بيروت سنة 1860 من اجل تهدئة الاوضاع من جهة واعادة تنظيم البلاد من ناحبة اخرى وقامت الدوله العثمانيه بارسال وزير خارجيتها فؤاد باشا وقد تم التوصل الى وضع نظام اداري جديد سنة 1861 ادى الى انسحاب القوات الفرنسيه في حزيران سنة 1861 وقد تعهدت الدول الاوروبيه بضمان النظام الذي عرف بميثاق لبنان الاساسي وقد تم تعديله سنة 1864 وينص الميثاق على مايلي:
1- الغاء القائمقاميه الشماليه والجنوبيه واقامة سلطه واحده تشرف على ادارة شؤون جبل لبنان بكامله.
2- يرأس السلطة متصرف مسيحي مسؤول امام السلطان ويساعده مجلس اداري مركزي يمثل كافة الطوائف
3- يدعى مجلس السلطه بالمتصرفيه وتكون مسؤوله امام السلطان بشكل مباشر ولا يوجد لمجلس المتصرفيه علاقه بدمشق .
4- ينص ميثاق لبنان الاساس على مساواة كافة سكان جبل لبنان امام القانون .
يتبـــــــع
لم يكن لالمانيا اي اطماع استعماريه في الدولة العثمانية طوال المدة التي حاولت فيها فرنسا وانجلترا وروسيا الحصول على اكثر قدر ممكن من املاك الرجل الابيض , ولكن الامر اختلف منذ مطلع السبعينات ( 1870 ) في القرن التاسع عشر .
ففي هذه الفتره بالذات توفرت أسباب داخليه وسياسيه ادت الى هذا التقارب بدأها بسمارك عام1878 حين تراس مؤتمر برلين حيث وضع حد للتغلغل الروسي داخل تركيا فكانت اوضاع تركيا في هذه الاثناء على اسوا حال وكانت بحاجه الى ذالك النصير الذي يقف الى جانبها ازاء ما يصيبها من مصائب , ويعتريها من وهن , فقد احتلت فرنسا تونس سنة 1881 وبريطانيا مصر سنة 1882 وكذالك ضمت النمسا والبوسنه والهرسك واستمرت روسيا في سياستها التقليدية المعادية تجاهها , وكانت بحاجه الى تقوية جيشها أيضا , ولا ننسى ان الاقليات داخل الامبراطوريه العثمانيه اخذت تثور ضد الحكومه المركزيه في اسطنبول مطالبه في استقلالها , اضف الى ازدياد اطماع الدول الاستعماريه وخاصه فرنسا في سوريا ولبنان .
الان هذه الاحوال مجتمعه ادت الى زيادة التقارب الالماني – التركي وخاصه بعد استقلال بسمارك في عهد ويلهم الثاني . اصبحت المانيا في هذه الفتره دولة صناعيه كبيره , واصبحت بضائعها تنافس البضائع الانجليزيه داخل الشرق الاوسط , وهكذا اخذت المانيا تقترب من الدولة العثمانيه معلنه انها لاتبغى اي توسع على حسابها كما تبغى بقية الدول وانما تعرض عليها المساعدات الاقتصادية والاستعداد التام لتدريب جيشها وكذالك استغلال مواردها , وتحسين المواصلات .
وبالطبع ادت الاوضاع المذكوره , بالسلطان عبد الحميد بقبول العرض وفتح ابواب بلاده للنشاط الالماني , فزار ويلهلم الثاني الامبراطوريه العثملنيه مرتين واعلن انه صديق للدوله العثمانيه وللمسلمين , وعلى اثر زيارته الاولى عام 1881 انشئ خط الملاحه الالماني لشرق البحر الابيض المتوسط , وتلا ذالك ابرام معاهدة تجاريه المانيه – تركيه بين الطرفين عام 1890 , وبدات تنموا المصالح التجاريه الالمانيه داخل الامبر اطوريه .
وفدت الى الامبراطوريه الكثير من الوفود العسكريه وارسل الاتراك الكثير من البعثات الى المانيا ايضا , ووفد الى تركيا ايضا خبراء في الصناعه والتعليم والتجاره وفتحوا المصارف . نظر الانجليز والفرنسيون الى هذا النشاط الالماني بعين القلق الى المشروع الضخم الذي زاد من النفوذ الالماني الا وهو مشروع سكة حديد برلين –بغداد اذ نال الالمان امتياز مد خط حديدي عبر البلقان الى اسطنبول .
اذ يتمكن بواستطه من توطيد نفوذه في ولاياته الاسيويه , ويعمل على تطويرها الاقتصادي وربطها بالعاصمه ,ثم عرض الالمان على السلطان تمديد الخط عبر الاناضول حتى بغداد والبصره والكويت و يمتد من حلب الى ميناء الاسكندرونه .
وهنا بلغت المعارضه الانجليزيه – الفرنسيه لهذا المشروع ذروتها فهي اولا لا تقبل بالنفوذ الالماني , اضف الىان انجلترى خافت على مصالحها في جنوب العراق والخليج, وامرت ان ينتهي المشروع في البصره . اما فرنسا مانعت في ان يمتد الخط الى الاسكندرونه خوفا على مصالحها في سوريا ولبنان , رغم هذه المعارضه طلب الامبراطور ولهلم الثاني في زيارته الثانيه للامبراطوريه من السلطان ان يقبل المشروع , وقبله السلطان عبد الحميد وبدا الالمان في مد هذا الخط التي حالت الحرب العالميه دون انهائه .
كما تاكد الجيلجيون الالمان من وجود النفط في جنوب العراق , الموصل , وحصلوا على موافقه لاستخراجه الا ان الحرب والهزيمه الالمانيه حالت دون ذالك .
ان زيارات ويلهلم الثاني للامبراطوريه كانت الخطوة الاولى في التقارب الالماني – العثماني , فقد زار تركيا مرتين معلنا انه ضد تركيا والمسلمين , وبدات مظاهر التقارب بالنمو اثر الزيارة الاولى شيأ فشيأ حتى وصلت قمتها في سكة حديد برلين –بغداد , واما هذه المظاهر يمكن اجمالها في :
1- انشاء خط الملاحه الالماني لشرق البحر المتوسط .
2- الاتفاقيه التجاريه الالمانيه-التركيه سنة 1890 .
3- تدريب الجيوش , فمنذ بدايت التقارب بدا الالمان بتدريب الجيوش التركيه . واستمر هذا العمل حتى الحرب العالميه الاولى فعشية الحرب كان يدرب الجيش العثماني بعثه مكونه من 42 ضابطا المانياً , يقودهم الجنرال ليمان قون .
4- اضافه الى القوه العسكريه ارسل الاتراك الى المانيا البعثات التعليميه .
5- اقام الالمان الكثير من المصارف داخل تركيا .
6- ارسلوا بعثات خبراء في ميادين مختلفه , التجاره الصناعه , التومين .
7- سكة حديد برلين – بغداد :
من اهم مظاهر التقارب واخطرها " سكة حديد برلين – بغداد " حيث سبب هذا المشروع مشكله عالمية , وكان احدى اسبابها نشوب الحرب العالميه الاولى , حصل الالمان من السلطان على امتياز مد سكة حديد عبر البلقان الى استنبول , انتها عام 1887, ولما كان السلطان عبد الحميد يفكر في توطيد حكمه في ولاياته الاسيويه طلب اكمال المشروع ووصل انقره حتى عام 1892, اقترح الالمان على السلطان بان يكمل المشروع ليصل حتى بغداد والبصره والكويت مع فرع يمتد من حلب الى مياه الاسكندرونه , وحصلوا على الامتياز رغم المعارضه الانجليزيه والفرنسيه , فخشيت بريطانيا على مصالحا , اما بريطانيا نادت ان هذا المشروع يهدد مصالحها في جنوب العراق , والخليج العربي وامرت ان تكون نهايته حتى البصره فقط دون ان يمتد الى البحر .
اما فرنسا فعارضت مد الخط الى الاسكندريه , لانه يهدد مصالحها هناك , صدرت الموافقه بعد زيارة ولهلم الثاني للمره الثانيه حيث زار القدس ودمشق وطلب الامتياز فمنحت له سنة 1902 , ةبدا الالمان في تنفيذ المشروع الذي حالت الحرب دون انجازه .
8- وصلت الى تركيا ايضا البعثات الجيولوجيه والتي اهتمت بالبحث عن موارد طبيعيه داخل الارض , ونجحت هذه الفرق بالعثور على البترول في منطقة الموصل ونالوا من السلطان امتياز استخراجه , حالت الحرب العالميه دون استخراجه .
9- المظاهر عشية الحرب العالميه الاولى :
بدى التقارب الالماني –التركي على خير وجه , واحسن حال , عشية الحرب العالميه الاولى , ففي الاثناء كانت تدرب الجيش العثماني وتعلمه شؤونه. بعثه مكونه من 42 ضابط على راسهم الجنرال ليمان قون ساندروس .
وفي اليوم الثاني من اي سنة 1914 يوم نشوب الحرب , عقدت تركيا والمانيا معاهدة للتحالف وميثاقا عسكريا وكان كلاهما سويا. و في11 تموز سمح الباب العالي بدخول باخرتين المانيتين " غوين " " وبريسلاف " بدخول الدردنيل والاتجاه الى المياه الاقليميه التركيه هربا من الاسطول البريطاني الذي كان يطاردهما , وكانت تشكيله بحريه بريطانيه قد رفض لها السماح بالتمتع بنفس الحقوق .
ان هذه الحوادث التي تكللت اخيرا باعلان تركيا الانضمام الى دول المركز , لعلامه قاطعه على ماهية التدخل الالماني في الامبراطوريه العثمانيه.
حفر قناة السويس
إن فكرة حفر قناة السويس قديمه ترجع ايامها الى الفراعنه فقد قاموا بحفر قناة تربط بين البحر المتوسط والاحمر بواسطة نهر النيل وقد تجددت الفكره بعدها ايام المسلمين . ومره اخرى حاول نابليون ان يقوم باخراج الفكره لحيز التنفيذ الا ان فشله العسكري والظروف الطيبوغرافيه حالت دون ربط البحرين.
ومنذ عهد محمد على كانت كل من فرنسا وانجلترا تتسابقان على الفوز بالسيطره على المواصلات المصريه لتربط مصير التجاره المصريه بالتجاره في بلادها ولتسيطر على طريق التجاره بين الشرق والغرب , وكانت فرنسا ترغب في شق قناة السويس وعارضت انجلترا ذلك فارادت مد خط جديد بين الاسكندريه والسويس , وقد عرض المشروعان على محمد علي غير انه رفضها لانه لم يرغب في تحويل مصر لنقطة صراع وانه يريد ان يحفر القناه بوسائله وقواه الذاتيه دون تدخل اجنبي وان القناه اذا ما تم حفرها فسوف تتمتع بالحياد المطلق .
لقد تخوف محمد على من مشروع القناه لانها ستحول الانظار الى مصر فيزداد الصراع بين الدول الاجنبيه على مصر وهذا ما حدث فعلا دب صراع بين فرنسا وبريطانيا الذي حسم باحتلال بريطانيا لمصر عام 1882.
بقيت مصر في عهد عباس وسعيد سرحا للتنافس الانكليزي الفرنسي فقد كان الاول ميالا للانجليز والثاني ميالا للفرنسيين وقد استطاعت بريطانيا بفضل نفوذها على عباس لن تحصل منه على امتياز سكة حديد الاسكندريه – السويس . كما استطاعت فرنسا في عهد سعيد باشا بالحصول على امتياز حفر قناة السويس عام 1854 بوساطة صديق سعيد باشا المهندس فردنيان ديلبس وقد بدئ تنفيذ المشروع منذ عام 1859. وقد تحملت مصر اكبر قسط من نفقاته.
اسباب موافقة سعيد على اعطاء فرنسا امتياز حفر قناة السويس كانت:
1) صلته وصداقته للمهندس الفرنسي فردنيان دلسبي الذي كان الوساطه بين فرنسا والخديوي.
2) المصالح الشخصيه والنزاعات العائليه بين افراد العائله الحاكمه وخاصه اختلافه مع عباس فكانت موافقت سعيد باشا رد فعل على معارضة عباس اعطاء فرنسا امتياز حفر قناة السويس.
3) تفضيل فرنسا على بريطانيا فقد كان سعيد ميالا لفرنسا وسياستها اتجاه مصر , ورافضا لسياسة بريطانيا المرغزبه من قبل عباس.
شروط الامتياز:
1) التزام مصري بتقديم 20 الف عامل .
2) مدة الامتياز 99 عام وبعدها تسلم الشركه الى مصر .
3) للشركه حق في شق قناة للمياه العذبه من النيل الى السويس.
4) للشركه الحق في استخراج المناجم والمحاجر .
5) تحدد الشركه رسوم المرور في القناه وتحصل الحكومه المصريه على 10 % من صافي الارباح.
6) لا يحق لحكومة مصر اقامة مباني على ضفتي القناه .
7) امتلاك الشركه ارضا عرضها كيلومتر على جانب القناتين على طولهما.
لقد كان مشروع القناة عبئا ثقيلا على المصريين وقد حاولت انجلترى منع انجاز المشروع وادعت عدم قابلية للتنفيذ الا ان المشروع خرج لحيز التنفيذ واستخدم فيه الاف العمال بالسخره.
خلف سعيد باشا الخديوي اسماعيل عام 1863- 1879 فحاول تعديل شروط امتياز قناة السويس . فاخفق في الوصول الى نتيجه تخدم المصلحه المصريه لكنه حصل من السلطان على شروط وراثة العرش وحق مصر في زيادة قواتها البريه والبحريه دون تحديد.
اندفع اسماعيل في تقوية الجيش وتسليحه وزيادة عدده والتوسع في التعليم وقيام نهضه عمرانيه وتطبق كل هذه المشروعات والمنشأت اموالا ضخمه اقترضها من الاجانب , وبدا التدخل الاجنبي في شؤون مصر الداخليه ويعد الخدوي اسماعيل المسؤول عن الديون المصريه . فالى جانب المشاريع اقام الحفلات وانشا القصور كذلك اقام افتتاح قناة السويس عام 1869م.
كذلك الرشوات والهدايا الى غير ذالك , وبلغ مجموع الديون 98 مليون . منها 39 مليون للاعمال الاعامه كالجسور وسكك الحديد والمصانع وغيرها في حين ان ميزانية مصر 10,5 مليون .
عمد الخديوي اسماعيل الى ارهاق مصر بالضرائب لسداد الديون ورهن معظم موارد الدوله لدى الاجانب وكذلك املاكه الخاصه مما اتاح لهم السيطره على الاقتصاد المصري .
وعندما بلغت الضائقه الماليه حدها عام 1875 قام اسماعيل بطرح حصة مصر من اسهم القناه للبيع بثمن بخس ( اقل من مليون جنيه) وترتب على ذلك ان اصبحت انجلترا التي اشترت الاسهم هي صاحبة الكلمه العليا في شؤون القناه.
ومع ذلك فلم تحل المشكله الماليه وتزعزعت ثقة البنوك الاوروبيه بالحكومه المصريه فاضطر الخديوي ان يقبل بانشاء صندوق الدين الذي تقوم على ادارته لجنه ثنائيه فرنسيه انجليزيه مهمتها مراقبة مالية البلاد وايستيفاء الديون .
هي مظهر من مظاهر التدخل الاجنبي في الشؤون الماليه لمصر .اقيمت بحجة دراسة احوال مصر الماليه . قدمت اللجنه تقريرا مفصلا جاء فيه:
1- تحويل الديون لدين واحد يسدد على مدى خمسين عما بفائدة 7% .
2- انشاء اداره لمراقبة مالية مصر.
3- اخضاع مصر لمشوره اقتصاديه والاداره الماليه.
4- فرض على الخدوي احترام قرارات ادارة المراقبه ولا تعقد قروضا الا بمشورتها.
كان قبول الخديوي اعترافا منه بشرعية التدخل الاجنبي وقد اصبحت الجان الثنائيه تتدخل في تعيين الوزراء او عزلهم مع تعيين الموظفين الاجانب برواتب ضخمه وفرض الدولتان انجلترا وفرنسا ان يكون لها اسهام في الوزاره المصريه , فشكل نوبار باشا وزاره مخططه عام 1878م كان من بين اعضائها وزير انكليزي للماليه واخر فرنسي للاشغال.
ان الوزاره لم تستطع اصلاح حالة البلاد الماليه فاحالت 25 ضابط على التقاعد وحدث صدام بينهم وبين نوبار باشا وناظر الماليه , مما دفع اسماعيل الى اقالة الوزاره وتكليف ابنه توفيق تاليف وزاره جديده بقي فيها الوزيران الاجنبيان وبقيت لها سلطتها السابقه في رفض كل قرار تصدره الوزاره ولا يوافقان عليه وانتهى بالوزير الانكليزي ان اصدر قرار ماليا بافلاس الحكومه المصريه وعدم قدرتها على تسديد ديونها.
اصبح الاقتصاد المصري خاضعا باكمله للنفوذ الاجنبي فتضررت اقتصاديات الدوله وقيدت ايدي اسماعيل ولم يعد بامكانه التحرك لانقاذ الاقتصاد المصري المتدهور .
ونجحت بريطانيا في تحقيق غايتها المركزيه بان اقنعت الدوله الاوروبيه ان مصاريف الخديوي هي السبب المركزي للتدهور الاقتصادي .
ظهرت في مصر حركات متمثله بجنود وضباط مطالبين بحقوقهم ومتذمرين من سياسة التمييز في تقاضي المرتبات ودفع المستحقات والترقيات وفراغ خزينة الدوله ولم ينجح الخديوي اسماعيل في تسوية الامور رغم تعيينه وزاراء
يتبـــــــع
(1876 – 1908)
من هو السلطان عبد الحميد ؟ وكيف وصل الى الحكم ؟
ولد السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1842 م في استنبول . يعتبر السلطان عبد الحميد الثاني من اشهر سلاطين العثمانيين , ومن اطولهم خلافة ( 32سنة) . تسلم الحكم سنة 1876 بعد نجاح العثمانيين الجدد في عزل اخيه السلطان مراد الخامس . وساعده في الوصول الى السلطة مدحت باشا احد المصلحين المعروفين في الدولة , الذي عين صدرا اعظم فيما بعد .
حيث كان وضع الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر سيئا جدا حيث اعلنت الدولة العثمانية افلاسها بعد ان وصلت ديونها الى (200 مليون جنيه استرليني ) كذالك استمرت محاولات اعدائها من الخارج السيطرة عليها , واستمرت ايضا المشاكل الداخلية من ثورات ( مثل محاولة تمرد فاشلة دبرها علي سعاوي ضد السلطان بهدف إرجاع السلطان مراد الى العرش ) وقلاقل ومحاولات انقلاب وتمرد في هذه الظروف ظهرت مجموعة من الطلاب العثمانيين ( اصبحوا ضباط أتراك وموظفين ومثقفين احرار) الذين تعلموا في الجامعات الاوروبية وتاثروا من الحضارة الاوروبية وطمعوا في نقل ما رات اعينهم الى الدولة العثمانية اطلقوا على انفسهم اسم " العثمانيين الجدد" فلما رجعوا الى بلادهم بداوا يدعون الى ادخال اصلاحات على النهج الاوروبي وازدادت قوتهم عارضوا حكم عبد العزيز المستبد ووزرائه . حتى استطاعوا في سنة 1876 عزل السلطان عبد العزيز وتعيين مراد الخامس مكانه وبعد 3 اشهر قاموا بعزله " كان مريضا نفسيا" بعد ذلك بدا العثمانيين الجدد يفاوضون عبد الحميد وكان زعيم العثمانيين الجدد مدحت باشا الذي اشترط على عبد الحميد شروطا اذا وافق عليها السلطان عبد الحميد يعين سلطانا للدولة العثمانية تسمى هذه الشروط لعداد دستورا. وافق السلطان عبد الحميد على هذه الشروط فعين في سنة 1876 سلطانا على الدولة العثمانية وبعد سنة قام بالغاء الدستور وعزل مدحت باشا الذي عين صدرا اعظم ( رئيس الوزراء ) , وقام بتجميع جميع السلطات بين يديه .
لقب السلطان عبد الحميد بعدة القاب ومنها الدكتاتور , السفاح ,السلطان الاحمر, لكثرة ما سفك من الدماء , وعهده لقب بعهد الاستبداد الحميدي .
لماذا اطلق على السلطان عبد الحميد الثاني بانه مستبد ؟
1. تحديد حرية التعبير عن الراي :
بسبب سوء وضع الدولة العثمانية فقد كان لها اعداء كثيرون في الداخل والخارج ووصلت ديونها الى ان اعلنت افلاسها فكان السلطان عبد الحميد يرى ان الدولة العثمانية لاتحتاج الان الى من يزرع الخلاف ويعارض الخلاف ويعارض النظام فقام بإلغاء بعض الصحف اي راقب المطبوعات ومنع نشر بعض الكتب لكتاب ثوريين عثمانيين مثل : نامق كمال الذي حرر جريدة " مراة " واوروبيين مثل : روسيا ,. فوليتير وغيرهم .
كما حظر استعمال بعض المفردات مثل ثورة , حرية , فوضوية , اضراب , دستور , اغتيال , اشتراكية وغيرها .ورغم شدة هذه المراقبة فقد نجح الاحرار العثمانيون من اعضاء تركيا الفتاة في تسريب كتاباتهم داخل الدولة عن طريق البريد الاجنبي.
2. نشر الجاسوسية ( البوليس السري ) : مخابرات
كانت تحت الاشراف المباشر للسلطان العثماني , ومهمتها تقديم تقارير سرية عن الادارة الحكومية , وقد سمية هذه التقارير ب ( جورنال) واصبحت كلمة جورنالجي مرادفة للجاسوس . وسبب انشائه محاولات الاغتيال العديدة الفاشلة التي تعرض لها السلطان ادى الى انزوائه . ولكنه اهتم بنشر اجهزة المخبارات والبوليس السري حتى يعلم ماذا يخطط اعداء الدولة وخاصة في الداخل . وقد قيل ( انه ما جلس ثلاث في مقهى كان احدهم جاسوسا للسلطان ) .
3.مذبحة الارمن :
حاول الارمن وهم احدى الاقليات المسيحية التي تعيش في الدول العثمانية , حاولوا الاستقلال وقاموا بثورة سنة 1897- 1903 فواجههم ولاة الساطان عبد الحميد وراح ضحيتها الالاف فعرفت بمذبحة الارمن .
4.الغاء الدستور وعزل مدحت باشا والغاء المجلس النيابي (البرلمان ) :
الدستور كان مقتبس عن دستور بلجيكا وفرنسا وانجلترى والولايات المتحدة وصيغ في 119 مادة تضمنت حقوق السلطان الحاكم , وكان الحاكم يتمتع بالحقوق الدستورية , كاي ملك دستوري .
وتاليف المجلس النيابي مكون هيئتين الاعيان والمبعوثان واعتراف الدستور بحرية السكان الشخصية ومساواتهم امام القانون وفي الحقوف والوظائف واعلن عن التعليم الابتدائي الزاميا , واطلقت حرية الصحافة ضمن القانون واقيمت محكمة استئناف عليا ودعا الى ادارة الولايات على اساس الامركزية . راى السلطان عبد الحميد الثاني بهذا الدستور تقيدا لصلاحياته لذلك تخلص من زعماء الاصلاح وعلى راسهم مدحت باشا ( سنة 1877 عندما نشيت الحرب الروسية العثمانية ) .
5. عبد الحميد وحكم الاوتقراطي : تجميع السلطان بين يديه:
نقل السلطان عبد الحميد الثاني جميع سلطات الحكم من الباب العالي الى قصره المشهور ب (يلدز) ومنه بدا بالاشراف على الادارة الحكومية مباشرة , كان هناك رئيس القصر ( مابيانمشيري ) اشرف على الشؤون الادارية المالية ( السلطة التنفيذية للسلطان ) والباشكاتب ومساعده ( كاتي ثاني ) اشرفا على الاتصالات الخارجية للسلطان ودائرة الصحافة والشرطة السرية ( الجاسوسية ) واشرف السلطان على الجيش مباشر عن طريق لجان عسكرية اهمها اللجنة العليا للتفتيش العسكرية .
1. التعليم والثقافة:
أ. تنظيم وترقية شبكة التعليم في مراحلها الثلاث , الابتدائية والثانوية والعليا اقام المدارس رشديه في حواضر 29 ولاية وست متصرفيات وكانت الضريبة الخاصة التي فرضها سنة 1884 لاجل التعليم مكنه من انشلء مدارس ذات 7 صفوف في حواضر الولايات وذات 5 صفوف في حواضر السناجق في شتى انحاء الدولة وابرزها جالاتا سراي انشاها الفرنسيون , وصبغت بالصبغة التركية واصبحت مفضلة لدى الطبقات الحاكمه , ودار الشفقة .
ب. وسع شبكة المدارس العسكرية فافتتحت مدارس كهذه في دمشق وبغداد وادرنة وغيرها .
ج. اعيد تنظيم الملكية ( مدارس لتدريب الموظفين اقيمت سنة 1856 م ) كمركز لتاهيل موظفي الدولة , واضاف الى برامجها مواضيع حديثة , ثم زاد عدد المتخرجين منها .
د. اقلم السلطان 18 مدرسة ومعهدا عاليا مثل مدرسة المالية , والقانون , والفنون , والتجارة , والهندسة , البيطرة , الشرطة , الجمارك , والطب .
ه. انشاء اول جامعة اسلامية وهي جامعة اسطنبول سنة 1900م , التي شملت اربع كليات هي : كلية العلوم الدينية , كلية العلوم الرياضية , كلية العلوم الطبيعية والادبية .
انتهج السلطان عبد الحميد سياسة الجامعة الاسلامية لكسب تاييد ومناصرة الشعوب الاسلامية له في وجه التجميع المسيحي والنفوذ الصهيوني , وقد استطاع اعداء العثمانيين ان يشوهوا اهداف السلطان عبد الحميد , وان يبرزوا انه بهذه الدعوة يخدع المسلمين ليبقي له نفوذ المطلق والسلطه الاستبداديه .( انظر الكتاب صفحة 1182-184) .
و. انشا متحف الاثار القديمة , المتحف لبعسكري , مكتب بايزيد , مكتبة يلدز وغيرها .
2. مجال الادارة :
أ . حاول السلطان عبد الحميد ان يحقق مركزية القوة في الادارة ( بسبب تدخل ممثلي الدول الكبرى في شؤون الادارة للدولة العثمانية ) , ففي سنة 1887 جعل القسم الجنوبي والاكبر من فلسطين سنجقا مركزه القدس ويرتبط بالاستانة مباشرة .
ب. في سنة 1888 م انشا ولاية جديدة تضم المناطق الساحلية للشام من طرابلس الى عكا ومركزها بيروت .
ج. في سنة 1890 م صارت سوريا مقسمة الى ثلاث ولايات : حلب , دمشق , بيروت , وثلاث متصرفيات متميزة : لبنان , القدس , دير الزور .
3. مجال المالية :
أ. استطاع السلطان عبد الحميد تقليص نسبة الدين على الدولة العثمانية وذلك بالاتفاق مع الدول الكبرى .
ب. تحسين عملية جباية الضرائب .
4. مجال الجيش :
أ. استعان بالخبراء الالمان وعلى راسهم رئيس البعثة الالمانية سنة 1883 وهو
دير غولتز .
ب. اعاد تنظيم القيادة العليا ( اركان حربية ) .
ج. قام بتوسيع نطاق الخدمة العسكرية الالزامية لكل الذكور المسلمين من سن
العشرين فما فوق .
د. الغيت امتيازات العاصمة , بما يختص بالتجنيد والبدل العسكري, مع اعفاء
عن طريق دفع المال .
ه. في سنة 1891 م انشا فرقة من الفرسان الحميدية تالفت من القبائل الكردية
والتركمانية من شرقي الاردن .
5. مجال القضاء والقانون : كانت في عهد التنظيمات .
أ. في سنة 1879 م صدرت اربعة قوانين تناول اثنان منها تنظيم جهاز القضاء
والمحاكم , كما تناول الاثنان الاخران الخطوات القضائية .
ب. انشا ( مكتب حقوق شاهاني ) يشرف على اعداد الموظفين للعمل في
المحاكم النظامية وغيرها من اجل الحصول على موظفين خبيرين في
الشؤون القضائية .
6. مجال المواصلات والاتصال :
أ. اقام السكك الحديدية بين الشام- الحجاز , برلين – بغداد , استعان بالخبرة
وراس المال الاجنبي وخاصة الالماني .
ب. شق الطرق وتعبيد الشوارع .
ج. تطوير البريد والتلغراف .
د. انشا وزارة خاصة للعناية بالشؤون البريدية والتلغرافية .
7. مجال الزراعه :
أ. انشا مزارع نموذجية في مختلف المدن وخاصة في دمشق وحلب من
الولايات العربية .
ب. اسس دائرة منفردة للشؤون الزراعية .
ج. اسس بنكا زراعيا يقوم بتمويل المشاريع الزراعية في الدولة .
8. مجال المطبوعات والصحافة :
أ. ازداد عدد المطابع في عهد السلطان من 54- 99 مطبعة سنو1883 م .
ب. ازداد عدد الصحف التي اصدرت في الدولة العثمانية منها جريدة " ترجمان
حقيقت" , "صباح " , "قدام " وغيرها .
ج. ازدادت عدد الكتب والمؤلفات والترجمات , وعدد الكتب التي طبعت في
عهده 4000 كتاب .
9. موقفه في قضية فلسطين :
لقد رفض السلطان عبد الحميد بقوة السماح باقامة وطن يهودي للصهاينة ب فلسطين , ويروي بنه بعد ان عقد مؤتمر بال بسويسرا سنة 1897 م الذي قرر اقامة وطن لليهود ب فلسطين , ذهب احد قادة التنظيم الصهيوني واسمه ( قره صو ) الى الخليفة عبد الحميد وذكر له ان الحركة الصهيونية مستعدة ان تقدم قرضا للدولة العثمانية قدره (50) مليونا من الجنيهات , وان تقدم هدية لخزنة السلطان الخاصة قدرها 5 ملايين من الجنيهات مقابلف منح اليهود الحق في اقامة وطن قومي لهم ب فلسطين , وكان رد السلطان ان صرخ في حاشيته قائلا : " من ادخل هذا الخنزير ؟ " وطرده من البلاد واصدر امرا بمنع هجرة اليهود الى فلسطين , ويقال ان هذا الصهيوني كان ضمن الذين اعلنوا اقصاء الخليفة من السلطة سنة 1909 م .
10 .اضعاف النفوذ الاجنبي :
سعي السلطان عبد الحميد الى وقف تدخل الدول الاوروبية وعلى راسها بريطانيا وفرنسا , بعد ان قامت بريطانيا بالاستيلاء على قبرص سنة 1878 م واحتلالها لمصر سنة 1882 م , واتهم السلطان بريطانيا بالتحريض وبث بذور القومية والعصبية بين شعوب الامبراطورية العثمانية , وقيام فرنسا بالاستيلاء على تونس سنة 1881م والجزائر سنة 1830 م .
سعي الى توسيع علاقته مع المانيا وحسب قوله : "لنه لم يكن لها نية في اقتطاع اجزاء من املاك الدولة العثمانية"
يتـــــــبع
الاسباب:
1. كبت الحريات والمراقبة الشديدة على المطبوعات .
2. نشر الجاسوسية في كل مكان .
3. تعطيل عمل الدستور .
4. سوء الحالة في وحدات الجيش والمشاة والبحرية ثم عدم ترقية الافراد اذا
تجسسوا على سياسة السلطان عبد الحميد ( القبضة الحديدية ) داخل
الدولة .
5. اصدقائهم وانشاء الجاسوسية في الجيش .
وفي سنة 1907 م استطاعوا السيطرة على احد الفيالق العثمانيين في اليونان , وفي سنة 1908 م قاموا بثورة على السلطان عبد الحميد بما تعرف ب ثورة تركيا الفتاة , اعلن الجيش العثماني الثالث العصيان في سالونيك مطالبهم باعادة العمل بدستور مدحت باشا , استجاب السلطان عبد الحميد فاعلن اعادة العمل بالدستور , والغي الرقابة واطلق سراح جميع المسجونين السياسيين . الا انه سنة 1909 م قام بالغاء الدستور , فعزله اعضاء المجلس الاعيان والمبعوثان , وتم تنصب اخيه محمد رشاد الذي لقب ب محمد الخامس .
اما عبد الحميد فقد نفي مع بعض حريمه وحاشية صغيرة الى سالونيك , ثم اعيد الى اسطنبول حيث وضع تحت الاقامه الجبريه الى ان توفي سنة 1918 م.
اثارها :
(1) البلغار اعلنوا الاستقلال .
(2) النمسا ضمت البوسنة والهرسك .
(3) اليونان ضمت كريت رسميا .
(4) ايطاليا احتلت ليبيا سنة 1911م .
(5) سنة 1912 م ثورة الالبان واستقلوا عن الدولة العثمانية .
(6) حرب البلقان الاولى سنة 1912 م .
(7) حرب البلقان الثانية سنة 1913 م .
اسباب انضمام الدولة العثمانية الى جانب المانيا في الحرب العالميه الاولى
اندلعت الحرب العالميه الاولى سنة 1914 , حيث كانت الدولة العثمانيه في هذه الفتره في يد ثلاثة من زعماء الاتحاد والترقي وهم :-جمال باشا , طلعت باشا , انور باشا , حيث كان هؤلاء الثلاثة يميلون الى المانيا بالاضافه الى تاثرهم بالحضارخه الالمانيه.
لقد لاحظنا ان الدولة العثمانيه خلال الفتره التي سبقت حكم عبد الحميد كانت في تقارب مستمر مع دول الغرب فرنسا وبريطانيا , حيث ان هاتين الدولتين قد دافغتا عن الدولة العثمانية ضد التوسع الروسي , اذ ان روسيا كانت تحاول اقتطاع بعض الاراضي من الدولة العثمانية ساعية بهذه الطريقه الى الوصول الى المياه الدافئه . وذلك من اجل تجارتها وقد حاولت بريطانيا وفرنسا الاصلاح داخل الدولة العثمانيه اذ ان هذه الدولة قد شجعت التنظيمات التي حدثت في الدولة العثمانية في فترة حكم عبد الحميد وعبد العزيز ولكن حين ايقنت هذه الدول ان الاصلاح داخل الدولة العثمانيه بات مستحيل اذ ان الدولة العثمانيه اصبحت ضعيفه . بادرت هذه الدول الى اقتطاع بعض الاراضي من الدولة العثمانية . فقامت بريطانيا باحتلال مصر في سنة 1882 وذلك بحجة انها تريد اعادة النظام الى هذا القطر كما وقامت باحتلال قبرص وقيام فرنسا ايضا باحتلال الجزائر سنة 1830 وتونس سنة 1881 . قد ادى الى شعور الدولة العثمانية ان هذه الدولة بدات في السعي نحو اقتطاع الاراضي منها لذالك قامت الدولة العثمانيه في عهد عبد الحميد في تغيير سياستها التي كانت قائمة من قبل حيث قررت التقرب من المانيا والابتعاد عن دول الغرب فرنسا وبريطانيا . اما اسباب التحالف مع المانيا خلال الحرب العالميه الاولى فيمكن اجمالها فيما يلي:
1- سعي الدولة العثمانية في استعادة الاقاليم التي كانت قد خسرتها مثل
استعادة مصر التي قامت بريطانيا باحتلالها سنة 1882 واستعادة قناة
السويس المهمة جدا واستعادة قبرص ايضا التي احتلتها بريطانيا كما ارادت
استعادة الجزائر وتونس من فرنسا , لذالك قررت الدولة العثمانية التحالف
مع المانيا لانها في هذه الفترة اصبحت دولة قوية بعد وحدتها واعتقد حكام
تركيا الجدد ان المانيا سوف تنتصر بالحرب ولكن تجري الرياح بما
لاتشتهي السفن .
2- التقارب في نوع نظام الحكم بين هاتين الدولتين اذ ان الدولة العثمانية هي
الدولة ذات نظام دكتاتوري وهي امبراطورية ,وكذالك المانيا .
3- مساعي المانيا لمساعدة الدولة العثمانية في كافة المجالات وبالاخص
السياسة والاقتصاد وبالاضافه الى قيام الدولة العثمانية بفتح موانئها امام
المانيا وهكذا نرى ان التحالف بين المانيا وبين الدولة العثمانية قد ادى في
نهاية الامر الى ربط مصير الدولة العثمانية بمصير المانيا وجعل نتيجة
الحرب العالميه الاولى واحدة على البلدين وقد ادى هذا التحالف الى تحالف
بين فرنسا وبريطانيا وروسيا حيث قامت هذه الدول بعقد عدة اتفاقيات من
اجل تقسيم املاك الدولة العثمانية وتقسيم هذه المناطق بينها . مثل اتفاقية
سايكس بيكو والقسطنتينية ولندن .
اهم ردود الفعل الانجليزية على موقف الدولة العثمانية في الحرب العالمية:
1- فتح جبهات قتال في الشرق الاوسط مثل جبهة فلسطين وجبهة العراق
1914-1917 .
2- اعلان الحماية على مصر 1914 .
3- مفاوضات مكماهون حسين 1915.
4- اتفاقيات واهمها اتفاقية سايكس –بيكو 1916.
· انهيار الدولةالعثمانية في نهاية الحرب العالميه الاولى سنة 1918 .
· وفرض عقوبات اقليمية وعسكريه واقتصادية على تركيا وذلك حسب
معاهدة سفير 1920 بين الحلفاء وتركيا المهزومه ثم رفض هذه المعاهدة
من قبل الوطنيين الاتراك بزعامة اتاتورك وتعديل هذه الاتفاقية في
اتفاقبة لوزان بعد الحرب الاستقلال التركية .
1- الثروة البترولية : اصبح الشرق الاوسط اهم مناطق البترول في العالم , ففيه اكثر من نصف احتياطي العالم من النفط . وكان ينتج 25% من النفط العالم بعد الحرب العالمية الاولى, من العراق وايران . بما ان النفط ثروة تجارية هائلة فهو من المعادن الحيوية ذات القيمة التجارية والعسكرية .
2- الاهمية الاستراتيجية : كانت الطرق التجارية البحرية في منطقة الشرق الاوسط حتى نهاية الحرب العالمية الاولى اهم طرق المواصلات واسرعها واكثرها في العالم , وقناة السويس هي اقصر الطرق البحرية التي توصل اوروبا بالشرق الاقصى واستراليا قلب الاستعمار البريطاني .وكانت بريطانيا ترغب في احكام السيطرة على القناة تجاريا وعسكريا , واستدعى الامر السيطرة على مصر وفلسطين معا , وكذالك على شواطئ البحر الاحمر حتى المحيط الهندي , كما ان السيطرة على امارات الخليج والعراق تعني التحكم في النفط الثروة المعدنية الهائلة المنتظرة .
3- محاولة بريطانيا ايقاف الزحف الروسي الى الشرق الاوسط : لان روسيا هي الدولة المجاورة للدولة العثمانية ( منطقة الشرق الاوسط ) , وحاولت روسيا التغلغل في تركيا والوصول الى المياه الدافئة عن طريق ضم شبه جزيرة القرم.
4- ضعف العرب وتأخرهم: استغلت بريطانيا جهل العرب وعملت على نهب خيراتبلادهم . وكان تعليقها بالعالم العربي ايضا مرتبط بتعلقها بالهند , وارتبطت مصالح بريطانيا الاستعمارية في الشرق الاوسط والمصالح الاستعمارية في الهند والشرق الاقصى , فحاولت بريطانيا استعمال القوة ضد حركاتهم القومية ودعمت الصهيونية في فلسطين , واشغال العرب بعدوهم الجديد ( اليهود) وابعادهم عن التفكير بالاستعمار البريطاني لبلادهم.
ادار الالمان العمليات العسكرية التركية , ونجح التعاون الالماني التركي في بداية الحرب , وكان خير تعبير له فشل الحلفاء في حملة غاليبول في احتلال المضائق . اما الجبهة الثانية فتحها الروس , في القفقاز ونجحوا في احتلال فارس وباطوم , ولكنها انتهت بالفشل بسبب الثورة فسمحت للاتراك قبيل الحرب بتحقيق نجاح في القفقاز , ولكن جاء متاخر , ولم يدم سوى مدة قصيرة .
اما الجهة الثالثة في العراق , وكان الانجليز قد احتلوا مدينة البصرة في بداية الحرب , ثم تقدمت قواتهم شمالا , الا انها منيت في نهاية عام 1915 م بهزيمة كبيرة على مقربة من كوت العمارة حيث اسرت القوات التركية جيشا بريطانيا بكامله , ولكن البريطانيين حشدوا قوات كبيرة بقيادة الجنرال مود , واحتلوا بغداد في اذار 1917م , وتقدموا شمالا في اتجاه الموصل ولم يتمكنوا من احتلالها حتى توقيع الهدنة في نهاية عام 1918م.وكانت اهم جبهة الجبهة المصرية , اذ حاول الاتراك احتلال مصر . ووصلت قواتهم في شباط 1915م منطقة القناة , ولكنهم فشلوا في احتلالها واضطروا الى الانسحاب الى شبه جزيرة سيناء . ثم عاود الاتراك هجومهم في اتجاه القناة لشغل القوات البريطانية في الدفاع عن القناة , ولكن الحشود البريطانية في منطقة القناة بقيادة الجنرال اللنبي هي التي نجحت في هزيمة الجبش التركي .
وقد ساندت قوات اللنبي القوات العربية بقيادة فيصل بن الشريف حسين , تلك القوات التي استطاعت بعد ان اعلن العرب الثورة احتلال مكة , والقطاع الساحلي من الحجاز بسرعة , اما المدينة المنورة فقد حاصرها فيصل الا ان الجيش التركي فيها استطاع الصمود , وقد نجحت القوات العربية في عزل القوات التركية في شبه الجزيرة العربية عن القوات الالمانية – التركية في سوريا وفلسطين . وفي تموز 1917 نجح فيصل بمساعدة مستشاره الانجليزي الضابط لورنس من احتلال العقبة . وهكذا شكلت قوات فيصل الجناح الشرقي لقوات اللنبي التي تقدمت في فلسطين والتي استطاعت احتلال القدس في كانون اول سنة 1917 م , ثم ساندتها قوات فرنسية على طول المنطقة السلحلية محتلة صور وصيدا وبيروت وطرابلس . وفي تشرين اول عام 1918 م التقت القوات العربية مع قوات اللنبي في دمشق , ولم يستطع الاتراك الصمود الا على مقربة من حلب . ولكن الامبراطورية العثمانية لم تستطع الاستمرار في القتال واضطرت لتوقيع للتوقيع على الهدنة في 30/10/1918 في مدينة مودرس بجزيرة ليمنوس . وهكذا انهارت الامبراطورية العثمانية التي حكمت الشرق الادنى كله فترة طويلة جدا . وعلى انقاضها نشات الدولة التركية الحديثة والدول العربية الحالية في الشرق الاوسط .
يتبــــــع
هو حسين بن علي محمد بن عبد المعين . , ولد في الاستانة حيث كان ابوه منفيا بها وانتقل معه الى مكة وعمره ثلاث سنوات , فتادب وتثقف ونظم الشعر الملحون , واحبه عمه الشريف عبد الله باشا امير مكة فوجهه في المهمات , فدخل نجدا واحكم صلته بالقبائل ومات ابوه وعمه وألت امارة مكة الى عمه المتاني عون الرفيق فلم يتحمل هذا تدخله في شؤون الامارة , وكانت تابعة للدولة العثمانية فطلب ابعاده من الحجاز , فابعد الى الاستانة ( 1888م ) وجعل فيها من اعضاء مجلس الشورى النواب للدولة العثمانية . وبعد ان توفي عماه عون الرفيق وعبد الاله عين اميرا لمكة ( او شريفا على الحجاز ) سنة 1908 م فعاد اليها وقاد حملة عسير نجدة للاتراك .
وعندما قامت الحرب العالمية الاولى ( 1914 – 1918 ) اتصل الانجليز بالشريف حسين وكاتبوه من مصر بواسطة هنري مكماهون . وقد توجهت مراسلات حسين – مكماهون بقيام الاول باعلان الثورة ضد الاتراك سنة 1916 م وبعد الحرب العالمية الاولى عين ولده الكبير عبد الله اميرا على الاردن وابنه الثاني فيصل ملكا على العراق . وقد حكمت سلالته في العراق حتى سنة 1958 م , وانتهت بقيام ثورة عبد الكريم قاسم . اما الاردن فلا يزال الحكم الهاشمي قائما حتى يومنا هذا.
عندما فشلت انجلترا في اقناع الدولة العثمانية في الانضمام اليها في الحرب او الوقوف على الحياد على الاقل كان رد فعل انجلترى على دخول تركيا الحرب الى جانب دول المركز ان دخلت في مفاوضات جادة مع العرب وكانت هذه المفاوضات على شكل رسائل متبادلة بين الشريف حسين بن علي ( كبير الاشراف وامير مكة والذي ينتمي لبني هاشم ) وبين مكماهون ( المندوب السامي الانجليزي في مصر والذي يمثل الحكومة الانجليزية ) . لقد كانت انجلترى معنية في اجتذاب العرب الى جانبها ضد الاتراك وتشجيعهم على الثورة ضد الاتراك مستغلة كراهية العرب للاتراك بسبب سياسة التتريك والملاحقات والمجازر . ثم ان انجلترا كانت على علم بان الحسين كان يطمع في انشاء دولة عربية كبرى يكون ملكا عليها .
كانت التعهدات من قبل العرب وانجلترا كما ورد في الرسائل المتبادلة فقد التزم العرب بالثورة على الدولة العثمانية والدخول الى جانب انجلترا في الحرب وبالمقابل التزمت انجلترا باسم مكماهون على منح الحرب دولة عربية مستقلة في الاقاليم العربية الاسيوية اي من جبال طوروس شمالا حتى المحيط الهندي جنوبا ومن الحدود العراقية الايرانية شرقا حتى البحر المتوسط والاحمر غربا ولكن مكماهون ابدى بعض التحفظات فيما يتعلق في سوريا الشمالية كمنطقة مرسين واطنه والاسكندرية مدعيا ان هذه المناطق ليست عربية خالصة . كذالك كان لمكماهون بعض التحفظات بالنسبة للاقسام الواقعة غربي دمشق وحمص وحلب مدعيا ان لفرنسا بعض المصالح في هذه الاقسام وبقي الغموض قائما ايضا بالنسبة لفلسطين وقد اجاب الحسين على هذه التحفظات بانه من الممكن التفاهم بعد الحرب بالنسبة للمدن التي يسكنها اكثرية من الاتراك اما بالنسبة للمناطق الساحلية لسوريا فقد اكد الحسين برسائله انها بلاد عربية لايمكن التفريط بها . هكذا نرى ان الحسين ومكماهون لم يتفقا بصورة قاطعة على حدود الدولة العربية المقترحة وبالرغم من ذلك فقد التزم العرب بتعهداتهم وقامت الثورة العربية الكبرى 1916 ولكن انجلترى لم تقف بتعهداتها بل نكثت بما وعدت وعقدت اتفاقية سايكس بيكو السرية سنة ( 1916) والتي تتناقض مع تعهدات مكماهون وفي سنة 1920 وقعت اتفاقية سان ريمو ( التي عدلت اتفاقية سايكس بيكو ) وهذه الاتفاقية ايضا تتناقض مع تعهدات مكماهون للشريف حسين , تتناقض مع الاماني القومية العربية لانها جزات بعض الاقاليم العربية الى مناطق انتداب انجليزية واخرى فرنسية .
تكللت مراسلات الشريف حسين – مكماهون بالنجاح وكلنت ثمرتها ان اعلن الشريف حسين في الخامس من حزيران سنة 1916 م الثورة على تركيا من خلال بيان اصدره وشرح فيه موقفه كل من تركيا وبريطانيا . وناشد المسلمين جميعا بان يحذوا حذوه , ووصف ثورة العرب على الاتراك بانها واجب ديني قومي وفرصة هياتها الحرب لتحقيق الاستقلال : واتهم حكام تركيا بخروجهم عن الاسلام .
فعطل بذلك الدعوة الى الجهاد التي اذاعتها تركيا في البلاد العربية . ونجحت القوات العربية المتحالفة مع الانجليز في الاستيلاء على معظم المواقع التركية في الحجاز . كما قطعت المواصلات التركية بين شمال بلاد العرب وجنوبها وسدت منافذ البحر الاحمر والمحيط الهندي ووقفت امام التوسع التركي الالماني المتجه نحو الجنوب . واعلن الشريف حسين نفسه ملكا على الحجاز في تشرين الثاني سنة 1916 م .
ثم زحف الجيش العربي الى العقبة بقيادة فيصل بن الحسين تحذوه الاماني في الوحدة العربية المنشودة . وبدخول فيصل الى العقبة اصبح يكون الجناح الايمن لجيش الانجليز القادم من مصر , هذا ولم تف بريطانيا بوعدها للشريف حسين ولكنها حاولت ارضاء بتعيين ابنه البكر عبد الله اميرا على الاردن وابنه فيصل اميرا على العراق .
انطلقت الثورة من الحجاز بقيادة الشريف حسين وابنائه فيصل وعبد الله وقد حصل الجيش العربي الثائر على مساعدات عسكرية واسلحة وتدريبات من بريطانيا وقد اخذ " لورنس العرب " على عاتقة تدريب الجيش العربي الثائر وقد كان هذا الجيش العربي الثائر من الاقاليم العربية الاسيوية ولكن يجب ان نؤكد ان الكثير من العرب حافظوا على ولائهم للدولة العثمانية. استطاع الجيش العربي الثائر الذي انطلق من الحجاز ان يحرر العقبة ثم شرقي الاردن ووصل هذا حتى دمشق مارا بشرقي الاردن . وهكذا فقد العثمانيون , سيطرتهم على الاقاليم العربية بعد حكم دام اربعة قرون .
نتائج الثورة :
أ*) فتحت الطريق امام الشريف حسين واولاده للوصول الى السلطة في بعض البلدان العربية حيث اعترف بالشريف حسين ملكا على الحجاز ( لم يطل حكمه وقد انتزع ال سعود الحكم منه ) . اما فيصل فقد اصبح ملكا على سوريا الا ان فرنسا رفضت ذلك وهزمته في معركة ميسلون وهرب من سوريا وفي مؤتمر القاهرة عين ملكا على العراق اما عبد الله عين على شرقي الاردن .
ب*) تثبت النفوذ البريطاني في الاقطار الغربية وقد ظهر ذلك في معاهدة سان ريمو 1920 م , التي اكدت تجزئة الاقاليم العربية الى مناطق انتداب بريطانية ةفرنسية . ( بريطانيا : حصلت على الانتداب في فلسطين – شرقي الاردن والعراق ) . ( فرنسا : حصلت على الانتداب في سوريا ولبنان ) .
اتفاقية سرية بين فرنسا وانجلترا وروسيا ( الحلفاء ) وقعت الحرب العالمية الاولى وسميت بهذا الاسم نسبة الى سايكس مندوب وزارة الخارجية الانجليزي وبيكو مندوب وزارة خارجية فرنسا وظلت هذه الاتفاقية طي الكتمان حتى اوائل سنة 1918 حيث كشف عن مضمون هذه الاتفاقية من قبل البلاشفة حكام روسيا الجدد ولكن انجلترا انكرت ذلك وادعت انها دعاية بلشفية .
اهم الظروف التي هيات لتوقيع هذه الاتفاقية :
1) دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الاولى الى جانب دول المركز وبالاخص المانيا :
كان انضمام الدولة العثمانية الى جانب المانيا في الحرب العالمية الاولى من اهم ابعاد التقارب العثماني الالماني الذي وصل الى القمة في عهد جمعية الاتحاد والترقي وقد فشلت انجلترا في اقناع حكام تركيا بالوقوف الى جانبها او على الاقل الوقوف على الحياد فكان رد فعل انجلترا ان اتفقت هي وحليفاتها فرنسا وروسيا القيصرية على اعلان الحرب على الدولة العثمانية وتوقيع اتفاقية سايكس بيكو بهدف تقسيم املاك الدولة العثمانية بين الدول الثلاث وذلك بعد القضاء على الرجل المريض . نلاحظ هنا ان انجلترا تخلت عن سياستها تجاه الدولة العثمانية والتي عبر عنها بالمرستون في النصف الاول من القرن التاسع عشر والتي كانت تتخلص بالحفاظ على سلامة الرجل المريض .
2) التقارب الفرنسي الانجليزي الروسي في اوائل القرن العشرين وتكوين معسكر الحلفاء كرد فعل على تكون حلف دول المركز الامر الذي ادى الى تقارب وجهات النظر بين روسيا والعدو التقليدي للرجل المريض وانجلترا بشان تقسيم املاك الرجل المريض .
3) تخوف بريطانيا على مصالحها في الشرق الاوسط خصوصا بعد المحاولات العثمانية المدعومة من جانب المانيا اختراق قناة السويس في بداية الحرب العالمية الاولى فقد قام الجيش العثماني بمحاولتين فاشلتين لاختراق قناة السويس في عام 1915 م .
4) تخوف فرنسا على مصالحها في منطقة الشرق الاوسط وبالاخص في سوريا ولبنان .
تخوفت فرنسا من عقد صفقة انجليزية عربية وذلك بسبب المفاوضات الانجليزية العربية مكماهون حسين , لهذا قامت بالاتفاق مع انجلترا في " سايكس بيكو" للتاكد على مصالحها في سوريا ولبنان.
يتبــــــع