اولا البحث ده منقول من كتاب الفقه الميسر للمعمة ام تميم تلميدة الشيخ مصطفى العدوي
قالت المعلمة :
مبحث هام في حكم النقاب في الاسلام
للعلماء من السلف والخلف وائمة الفق والحديث قولان مشهوران لا ثالث لهما ولم يقل بغيرهما الا قلة من اصحاب البدع والاهواء فلا يجوز ان نطلق على من يقول النقاب بدعة اة عادة انه من اهل العلم
القول الاول : ان النقاب فرض وحجة هدا اصحاب هدا القول تفسير اية الحجاب (.يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ).. بان الحجاب هو غطاء البدن كله بما فيه الوجه وكدا حديث (المرأة عورة) وغير دلك من الادلة وستأتي وهدا مدهب حبر الامة ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما وائمة التفسير كالطبري والقرطبي والبغوي وابن الجوزي والسعدي والشنقيطي وشيخ الاسلام وغيرهم
الثاني : ان النقاب مستحب وحجتهم تفسير ايات الحجاب بستر البدن كله ويستثى من الوجه والكفان واحاديث ضعفها اهل المعرفة بالحديث وهدا هو الظاهر من مدهب الشافعي وابي حنيفة وابن حزم
اولا ادلة القائلين بوجوب النقاب :
اية 59 الاحزاب
قال امام المفسرين ابو جعفر الطبري في جامع البيان ( 12/56) :
يقول تعالى دكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (.يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ) لايتشيهن بالاماء في لباسهن ادا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق ادا علم انهن حرائر بادى من قول ثم اختلف اهل التاويل في صفة الادناء الدي امر الله به … وساق اقوال كل فريق .
جاء في تفسير ابن كثير (597/3)
روي عن ابن عباس : أمر الله نساء المؤمنين ادا خرجن من بيوتهن في حاجة ان يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلاليب ويبدين عينا واحدة وقال محمد بن سيرين :سالت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن َّ) فغطى وجهه ورأسه وابرز عينه اليسرى
قال يحي بن سلام القيرواني (738/2) :
والجلباب :الرداء تقنع به وتغطي به شق وجهها الايمن وتغطي عينها اليمنى وانفها
قال البغوي في تفسيره(376/6)
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيّ …جَلابِيبِهِنَّ) جمع جلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار وقال ابن عباس وابوعبيدة: أمر نساء المؤمنين ان يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلاليب الا عينا واحدة ليعلم انهن حرائر
قال ابو بكر ابن العربي المالكي في احكام القران (1589/3) :
اختلف الناس في الجلباب على الفاظ متقاربة عمادها : انه الثوب الدي يستر به البدن لكنهم نوعوه ههنا فقد قيل انه الرداء وقيل انه القناع , قوله تعالى : ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ ) قيل تغطي به رأسها فوق الخمار وقيل تغطي به وجهها حتى لا يظهر منها الا عينها اليسرى والدي أوقعهم في تنويعه : انهم رأوا الستر والحجاب مما تقدم بيانه واستقرت معرفته وجاءت هد الزيادة ذَلِكَ عليه واقترنت به القرينة التي بعده وهي مما تبينه وهو قوله تعالى ذَلِكَ (أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ) والظاهر : ان دلك يسلب المعرفة عند كثرة الاستتار فدل على انه اراد تمييزهن على الاماء اللاتي يمشين حاسرات او بقناع مفرد يعترضهن الرجال فيتكشفن ويكلمنهن فادا تجلببت وتسترت كان دلك حجابا بينها وبين المعترض بالكلام والاعتماد بالادية
وفي زاد الميسر (422/6)
قال ابن الجوزي بعد ان دكر الاية :سبب نزولها ان الفساق كانوا يؤدون النساء ادا خرجن بالليل فادا رأووا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا هده حرة وادا رأوها بغير قناع قالوا أمة فأدوها فنزلت هده الاية , قاله السدي
وقوله تعالى ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن )
قال بن قتيبة : يلبسن الاردية، وقال غيره يغطين رؤوسهن ووجوههن ليعلم انهن حرائر ( ذَلِكَ أَدْنَى ) أي احرى واقرب (أَنْ يُعْرَفْنَ) أنهن حرائر(فَلا يُؤْذَيْنَ)
قال العلامة السعدي في تيسير الكريم المنان (247/6)
هده الاية التي تسمى ايه الحجاب , فامر الله نبيه ان يامر النساء عموما ويبدأ بزوجاته وبناته لأنهن اكد من غيرهن ولان الآمر لغيره ينبغي ان يبدأ بأهله قبل غيرهم كما قال تعالى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) التحريم 7
ان ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن َّ) وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه أي يغطين بها وجوههن وصدورهن .
قال الامام العز بن عبد السلام في تفسيره (590/2) :
الجلباب : الرداء او القناع او كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها وادناؤه : أن تشد به رأسها وتلقيه فوق خمارها حتى لا ترى ثغرة نحرها أو تغطى به وجهها حتى لا تظهر الا عينها اليسرى
قال القرطبي في تفسيره (243/14) :
لما كانت عادة العربيات التبدل وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الاماء وكان دلك داعية الى نظر الرجال اليهن وتشعب الفكرة فيهن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم ان يأمرهن بارخاء الجلاليب عليهن ادا أردن الخورج الى حوائجهن
قال الشنقيطي في اضواء البيان (243/6) :
فقد قال غير واحد من اهل العلم :ان معنى ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن ) أنهن يسترن بها جميع وجوههن ولا يظهر منهن شئ الا عين واحدة تبصر بها ، وممن قال به ابن مسعود وابن عباس وعبيدة السلماني وغيرهم فان قيل لفظ الاية الكريمة وهو قوله تعالى( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن) لا يستلزم معناه ستر الوجه لغة ولم يرد نص من كتاب ولا سنة ولا اجماع على استلزامه ، وبهدا يسقط الاستدلال بالايه على وجوب ستر الوجه .
فالجواب : ان في الايه الكريمة قرينة واضحة على ان قوله تعالى فيها ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن) يدخل في معناه ستر وجوههن بادناء جلابيبهن عليها والقرينة المدكورة هي قوله تعالى (قُلْ لِأَزْوَاجِكَ) ووجوب احتجاب ازواجه وسترهن وجوههن لا نزاع فيه بين المسلمين فدكر الازواج مع البنات ونساء المؤمنين يدل على وجوب ستر الوجوه بادناء الجلاليب كما ترى
والعجب كل العجب ممن يدعي من المنتسبين للعلم انه لم يرد في الكتاب ولا السنة مايدل على ستر المرأة وجهها عن الاجانب مع ان الصحابيات فعن دلك ممتثلات امر الله في كتابه ايمانا بتنزيله.
الدليل الثاني :
قول الله تعالى : وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) )
الاحزاب :53
جاء في الجامع القران لأحكام القرطبي (218/14) :
وفي هده الاية دليل على أن الله تعالى أدن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها ، ويدخل في دلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته اصول الريعة من أن المرأة كلها عورة .
وفي أضواء البيان (248/6) : قال الشنقيطي : واعلم انه مع دلالة الران على احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب ، قد دلت على دلك ايضا احاديث نبوية ، فمن دلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما وغيرهما من حديث عقبة بن عامر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( اياكم والدخول على النساء )) فقال رجل من الانصار يارسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : ((الحمو الموت )) .. فهدا الحديث الصحيح صرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالتحدير من الدخول على النساء فهو دليل واضح على منع الدخول عليهن وسؤالهن متاعا الا من راء
حجاب ، لأن من سألها متاعا لا من وراء حجاب فقد دخل عليها ……… وتعبيره عن الدخول القريب على زوجه قريبه باسم الموت دليل صحيح نبوي على قوله تعالى : ( فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) عام في كل النساء
الدليل الثالث:
أقوال الفقهاء ،فمنهم من قال بوجوب النقاب ومنهم من قال باستحبابه ، والكل مجمع على وجوب تغطية الوجه عند الفتنة وهذا مذهب الائمة الاربعة مع اختلافهم في حكم النقاب .
أقوال الفقهاء في المسألة :
جاء في الدر المختار بهامش حاشية بن عابدين الحنفي (3/188-189) :
قال الحصفكي : يعزر المولى عبده والزوج زوجته على تركها الزينة الشرعية مع قدرتها عليها وتركها غسل الجنابة أو على الخروج من المنزل بغير حق , او كشف وجهها لغير محرم
وفي الدر المختار (1 /272) :
قال وتمتنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال ,لا لانه عورة بل لخوف الفتنة …
قال بن عابدين في حاشيته عند هذه العبارة : والمعنى تمنع من الكشف لخوف ان يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة , لانه مع الكشف قد يقع النظر اليها بشهوة أهـ باختصار
قال المرغياني الحنفي في فتح القدير (2/405) :
عند كلامه عن احرام المرأة في الحج : وتكشف وجهها لقوله صلى الله عليه وسلم (احرام المرأة في وجهها ), قال العلامة المحقق ابن الهمام : تعليقا على هذه العبارة ولا شك في ثبوته موقوفا , وحديث عائشة رضي الله عنها اخرجه ابو داود وابن ماجة , قالت ((كان الركبان يمرون ونحن مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم )محرمات , فاذا حاذونا سدلت احدانا جلبابخا من رأسها على وجهها , فاذا جاوزنا كشفناه))
قالوا والمستحب ان تسدل على وجهها شيئا وتجافيه … الى ان قال :ودلت المسألة على ان المرأة منهية عن ابداء وجهها للاجانب بلا ضرورة وكذا دل الحديث عليه.
قال الزرقاني في شرح الموطأ(2/196) :
روى مالك في الموطأ: عن هشام عن عروة عن فاطمة بنت المنذر انها قالت : كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت ابي الصديق
قال الزرقاني : لأنه لايجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس , بل يجب ان علمت او ظنت الفتنة بها , او ينظر لها بقصد لذة
قال الخطابي في مواهب الجليل (1/499) : واعلم انه ان خشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين , قاله القاضي عبد الوهاب ونقله عنه الشيخ احمد زروق في شرح الرسالة وهو ظاهر التوضيح , هذا مايجب عليها .
جاء في شرح المنهج (1/411) : وعورة حرة غير وجه وكفين … قال الشيخ سليمان الجمل : غير وجه وكفين : وهذه عورتها في الصلاة , واما عورتها عند النساء المسلمات مطلقا وعند الرجال المحارم فما بين السرة والركبة , وأما عند الرجال الاجانب فجميع البدن
جاء في نهاية المحتاج الى شرح المنهاج (3/333) قال العلامة الرملي الشهير بالشافعي الصغير في معرض كلامه عن لبس المرأة المحرمة : وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبا متجافيا عنه بنحو خشبة وان لم يحتج لذلك لحر و فتنة ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعين طريقا لدفع نظر محرم وقد كتب الشبراملسي في حاشيته عليه :قوله ولا يبعد جواز الستر أي : بل ينبغي وجوبه ولا ينافيه التعبير بالجواز ،لانه جواز بعد منع فيصدق بالواجب
جاء في زاد المسير لابن الجوزي : ( 6/31 )
قال الامام أحمد بن حنبل : كل شئ من – أي من المرأة الحرة- عورة حتى الظفر .
قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في الفروع (1/601-602) :
قال أحمد : ولا تبدي زينتها الا لمن في الاية ونقل ابو طالب ظفرها عورة فاذا خرجت فلا تبين شيئا ولا خفها ، فانه يصف القدم ، وأحب الي ان تجعل لكل منهما زرا عند يدها
اختار القاضي قول من قال : المراد بـ (( ما ظهر منها )) من الزينة : الثياب ، لقول ابن مسعود وغيره ، لاقول من فسرها ببعض الحلي او ببعضها ، فانها الخفية قال : وقد نص عليه أحمد فقال : الزينة الظاهرة الثياب وكل شئ منها عورة حتى الظفر
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (12110-111)
تنازع الفقهاء في النظر الى المرأة الاجنبية فقيل : يجوز النظر لغير شهوة الى وجهها ويديها ، وهو مذهب ابي حنيفة والشافعي وقول في مذهب ابي احمد .
وقيل لا يجوز وهو ظاهر مذهب احمد ، فان كل شئ منها عورة حتى ظفرها وهو قول مالك …. الى ان قال : فلما امر الله الا ي’سألن الا من وراء حجاب وامر ازواجه وبناته ونساء المؤمنين ان يدنين عليهن من جلابيبهن والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء … كان الوجه اليدان من الزينة التي امرت الا تظرها للاجانب ، فما بقى يحل للاجانب النظر اليه الا الثياب
الدليل الرابع من السنة
عن ابي الاحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( (المرأة عورة فاذا خرجت استشرفها الشيطان ))
_ عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت يرحم الله نساء المهاجرات الأ’ول لما انزل الله : ((وليضربن بخمورهن على جيوبهن )) شققن مروطهن فاختمرت بها ))
قال الحافظ في الفتح (8/347) :
قولها ((فاختمرن بها)) اي غطين وجوههن ، وصفة ذلك ان تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الايمن على العتاق الايسر وهو التقنع . انتهى .
– عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت ابي كر رضي الله عنها قالت : (( كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشط قبل ذلك في الاحرام ))
-وقد اخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة حديث الافك وفيه انها قالت ((…. وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد انسان نائم فعرفني حين رآني وكان قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي …))
ثانيا ادلة القائلين بجواز كشف الوجه والرد عليها
الدليل الاول : تفسيرهم للجلباب بانه كساء يغطي البدن كله ويستثنى الوجه والكفين ، وقد تقدم رد أئمة التفسير في معنى الجلباب
الدليل الثاني : قوله تعالى (( ولا يبدين زينتهن الا ماظهر منها )) قالوا : (( الا ماظهر )) الوجه والكفان
قال العلامة الشنقيطي في اضواء البيان (5515) : قول من قال معنى (( ولا يبدين زينتهن الا ماظهر منها )) أن المرد بالزينة الوجه والكفان مثلا : توجد في الاية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول ، وهي ان الزينة في لغة العرب هي ماتتزين به المرأة مما هو خارج عن اصل خلقتها : كالحلي والحلل
فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر ولا يجوز الحمل عليه الا بدليل يجب الرجوع اليه ،وبه تعلم ان قول من قال :الزينة الظاهرة الوجه والكفان ، خلاف معنى لفظ الاية وذلك قرينة على عدم صحة هذا القول ، فلا يجوز الحمل عليه الا بدليل منصف يجب الرجول اليه
الدليل الثالث : احاديث منها ما ضعفه اهل المعرفة بالحديث ومنها ما لايصح الاستدلال به على جواز كشف الوجه والكفين
-عن خالد بن دريك عن عائشة رضي الله عنها ان اسماء بنت ابي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (( يا أسماء ان المرأة اذا بلغت المحيض لم تصلح ان يرى منها الا هذا و هذا ، وأشار الى وجهه وكفيه))
الرد: قال ابو داود : هذا مرسل ، خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها
قال المنذري : في اسناده سعيد بن بشير ابو عبد الرحمن النصري نزيل دمشق مولى بني نصر وقد تكلم فيه غير واحد
هذا حديث ضعيف جدا وذلك لامور
1- ما أشار اليه ابو داود وجمع اهل العلم ان خالد بن دريك لم يدرك عائشة ، فالسند مقطوع
2- قتادة مدلس وقد عنعن
3- سعيد بن بشير ضعيف وخاصة في قتادة
4- الوليد – وهو ابن مسلم – وهو مدلس وقد عنعن فضلا عن هذا كله فان هذا محتمل ان يكون قبل الحجاب او بعده فلا حجة فيه بحال
الدليل الرابع : حديث الفضل بن عباس
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال كان الفضل رديف النبي فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر اليه وتنظر اليه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل الى الشق الاخر فقالت ان فريضة الله ادركت ابي شيخا كبير لا يثبت على راحة ، أفأحج عنه ؟ قال : (( نعم))
من المعلوم ان هذه الفصة كانت في حجة الوداع ودليل ذلك رواية الامام احمد و فيها : عن ابن عباس ان امراة من خثعم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع والفضل بن عباس ردفه فقالت ان فريضة الله ادركت ابي شيخا كبير لا يستطيع ان يستمسك على راحلة فهل ترى ان احج عنه فقال : ((نعم ))
قالوا الحديث يدل على جواز كشف الوجه
الرد : من المعلوم ان المعلوم ان المرأة المحرمة لا تلبس النقاب ولا القفازين ودليل ذلك حديث عبد الله بن عمر وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ((… ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ))وبناء على ذلك يسقط الاستدلال بهذا الحديث على جواز كشف الوجه و الكفين .
الدليل الخامس : المرأ’ التي أرادت ان تهب نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم
عن سهل بن سعد : (( أن امرأة جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله جئت لاهب لك نفسي ، فنظر اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد اليها النظر وصوبه ثم طأطأ رأسه …))
الرد : نظر الرجل للمرأة يود ان يتزوجها جائز عند جمهور العلماء
قال الحافظ في الفتح (988) :
قال الجمهور : لا بأس أن ينظر الى غير وجهها وكفيها . انتهى كلام الحافظ
وبهذا يسقط الاستدلال بهذا الحديث أيضا على جواز كشف الوجه والكفين مطلقا
تعقيب وترجيح : والذي تطمئن له النفس ويشرح الصدر بعد عرض هذه الاقوال والمذاهب قول من ذهب الى وجوب النقاب لقوة الادلة من الكتاب والسنة وابن مسعود وأئمة التفسير وهو مذهب أحمد وطائفة من الشافعية وطائفة من الحنفية وشيخ الاسلام وغيرهم وكذا ضعف أدلة القائلين بجواز كشف كما بينا ذلك
قالت المعلمة :
مبحث هام في حكم النقاب في الاسلام
للعلماء من السلف والخلف وائمة الفق والحديث قولان مشهوران لا ثالث لهما ولم يقل بغيرهما الا قلة من اصحاب البدع والاهواء فلا يجوز ان نطلق على من يقول النقاب بدعة اة عادة انه من اهل العلم
القول الاول : ان النقاب فرض وحجة هدا اصحاب هدا القول تفسير اية الحجاب (.يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ).. بان الحجاب هو غطاء البدن كله بما فيه الوجه وكدا حديث (المرأة عورة) وغير دلك من الادلة وستأتي وهدا مدهب حبر الامة ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما وائمة التفسير كالطبري والقرطبي والبغوي وابن الجوزي والسعدي والشنقيطي وشيخ الاسلام وغيرهم
الثاني : ان النقاب مستحب وحجتهم تفسير ايات الحجاب بستر البدن كله ويستثى من الوجه والكفان واحاديث ضعفها اهل المعرفة بالحديث وهدا هو الظاهر من مدهب الشافعي وابي حنيفة وابن حزم
اولا ادلة القائلين بوجوب النقاب :
اية 59 الاحزاب
قال امام المفسرين ابو جعفر الطبري في جامع البيان ( 12/56) :
يقول تعالى دكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (.يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ) لايتشيهن بالاماء في لباسهن ادا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق ادا علم انهن حرائر بادى من قول ثم اختلف اهل التاويل في صفة الادناء الدي امر الله به … وساق اقوال كل فريق .
جاء في تفسير ابن كثير (597/3)
روي عن ابن عباس : أمر الله نساء المؤمنين ادا خرجن من بيوتهن في حاجة ان يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلاليب ويبدين عينا واحدة وقال محمد بن سيرين :سالت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن َّ) فغطى وجهه ورأسه وابرز عينه اليسرى
قال يحي بن سلام القيرواني (738/2) :
والجلباب :الرداء تقنع به وتغطي به شق وجهها الايمن وتغطي عينها اليمنى وانفها
قال البغوي في تفسيره(376/6)
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيّ …جَلابِيبِهِنَّ) جمع جلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار وقال ابن عباس وابوعبيدة: أمر نساء المؤمنين ان يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلاليب الا عينا واحدة ليعلم انهن حرائر
قال ابو بكر ابن العربي المالكي في احكام القران (1589/3) :
اختلف الناس في الجلباب على الفاظ متقاربة عمادها : انه الثوب الدي يستر به البدن لكنهم نوعوه ههنا فقد قيل انه الرداء وقيل انه القناع , قوله تعالى : ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ ) قيل تغطي به رأسها فوق الخمار وقيل تغطي به وجهها حتى لا يظهر منها الا عينها اليسرى والدي أوقعهم في تنويعه : انهم رأوا الستر والحجاب مما تقدم بيانه واستقرت معرفته وجاءت هد الزيادة ذَلِكَ عليه واقترنت به القرينة التي بعده وهي مما تبينه وهو قوله تعالى ذَلِكَ (أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ) والظاهر : ان دلك يسلب المعرفة عند كثرة الاستتار فدل على انه اراد تمييزهن على الاماء اللاتي يمشين حاسرات او بقناع مفرد يعترضهن الرجال فيتكشفن ويكلمنهن فادا تجلببت وتسترت كان دلك حجابا بينها وبين المعترض بالكلام والاعتماد بالادية
وفي زاد الميسر (422/6)
قال ابن الجوزي بعد ان دكر الاية :سبب نزولها ان الفساق كانوا يؤدون النساء ادا خرجن بالليل فادا رأووا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا هده حرة وادا رأوها بغير قناع قالوا أمة فأدوها فنزلت هده الاية , قاله السدي
وقوله تعالى ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن )
قال بن قتيبة : يلبسن الاردية، وقال غيره يغطين رؤوسهن ووجوههن ليعلم انهن حرائر ( ذَلِكَ أَدْنَى ) أي احرى واقرب (أَنْ يُعْرَفْنَ) أنهن حرائر(فَلا يُؤْذَيْنَ)
قال العلامة السعدي في تيسير الكريم المنان (247/6)
هده الاية التي تسمى ايه الحجاب , فامر الله نبيه ان يامر النساء عموما ويبدأ بزوجاته وبناته لأنهن اكد من غيرهن ولان الآمر لغيره ينبغي ان يبدأ بأهله قبل غيرهم كما قال تعالى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) التحريم 7
ان ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن َّ) وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه أي يغطين بها وجوههن وصدورهن .
قال الامام العز بن عبد السلام في تفسيره (590/2) :
الجلباب : الرداء او القناع او كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها وادناؤه : أن تشد به رأسها وتلقيه فوق خمارها حتى لا ترى ثغرة نحرها أو تغطى به وجهها حتى لا تظهر الا عينها اليسرى
قال القرطبي في تفسيره (243/14) :
لما كانت عادة العربيات التبدل وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الاماء وكان دلك داعية الى نظر الرجال اليهن وتشعب الفكرة فيهن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم ان يأمرهن بارخاء الجلاليب عليهن ادا أردن الخورج الى حوائجهن
قال الشنقيطي في اضواء البيان (243/6) :
فقد قال غير واحد من اهل العلم :ان معنى ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن ) أنهن يسترن بها جميع وجوههن ولا يظهر منهن شئ الا عين واحدة تبصر بها ، وممن قال به ابن مسعود وابن عباس وعبيدة السلماني وغيرهم فان قيل لفظ الاية الكريمة وهو قوله تعالى( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن) لا يستلزم معناه ستر الوجه لغة ولم يرد نص من كتاب ولا سنة ولا اجماع على استلزامه ، وبهدا يسقط الاستدلال بالايه على وجوب ستر الوجه .
فالجواب : ان في الايه الكريمة قرينة واضحة على ان قوله تعالى فيها ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن) يدخل في معناه ستر وجوههن بادناء جلابيبهن عليها والقرينة المدكورة هي قوله تعالى (قُلْ لِأَزْوَاجِكَ) ووجوب احتجاب ازواجه وسترهن وجوههن لا نزاع فيه بين المسلمين فدكر الازواج مع البنات ونساء المؤمنين يدل على وجوب ستر الوجوه بادناء الجلاليب كما ترى
والعجب كل العجب ممن يدعي من المنتسبين للعلم انه لم يرد في الكتاب ولا السنة مايدل على ستر المرأة وجهها عن الاجانب مع ان الصحابيات فعن دلك ممتثلات امر الله في كتابه ايمانا بتنزيله.
الدليل الثاني :
قول الله تعالى : وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) )
الاحزاب :53
جاء في الجامع القران لأحكام القرطبي (218/14) :
وفي هده الاية دليل على أن الله تعالى أدن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها ، ويدخل في دلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته اصول الريعة من أن المرأة كلها عورة .
وفي أضواء البيان (248/6) : قال الشنقيطي : واعلم انه مع دلالة الران على احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب ، قد دلت على دلك ايضا احاديث نبوية ، فمن دلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما وغيرهما من حديث عقبة بن عامر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( اياكم والدخول على النساء )) فقال رجل من الانصار يارسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : ((الحمو الموت )) .. فهدا الحديث الصحيح صرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالتحدير من الدخول على النساء فهو دليل واضح على منع الدخول عليهن وسؤالهن متاعا الا من راء
حجاب ، لأن من سألها متاعا لا من وراء حجاب فقد دخل عليها ……… وتعبيره عن الدخول القريب على زوجه قريبه باسم الموت دليل صحيح نبوي على قوله تعالى : ( فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) عام في كل النساء
الدليل الثالث:
أقوال الفقهاء ،فمنهم من قال بوجوب النقاب ومنهم من قال باستحبابه ، والكل مجمع على وجوب تغطية الوجه عند الفتنة وهذا مذهب الائمة الاربعة مع اختلافهم في حكم النقاب .
أقوال الفقهاء في المسألة :
جاء في الدر المختار بهامش حاشية بن عابدين الحنفي (3/188-189) :
قال الحصفكي : يعزر المولى عبده والزوج زوجته على تركها الزينة الشرعية مع قدرتها عليها وتركها غسل الجنابة أو على الخروج من المنزل بغير حق , او كشف وجهها لغير محرم
وفي الدر المختار (1 /272) :
قال وتمتنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال ,لا لانه عورة بل لخوف الفتنة …
قال بن عابدين في حاشيته عند هذه العبارة : والمعنى تمنع من الكشف لخوف ان يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة , لانه مع الكشف قد يقع النظر اليها بشهوة أهـ باختصار
قال المرغياني الحنفي في فتح القدير (2/405) :
عند كلامه عن احرام المرأة في الحج : وتكشف وجهها لقوله صلى الله عليه وسلم (احرام المرأة في وجهها ), قال العلامة المحقق ابن الهمام : تعليقا على هذه العبارة ولا شك في ثبوته موقوفا , وحديث عائشة رضي الله عنها اخرجه ابو داود وابن ماجة , قالت ((كان الركبان يمرون ونحن مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم )محرمات , فاذا حاذونا سدلت احدانا جلبابخا من رأسها على وجهها , فاذا جاوزنا كشفناه))
قالوا والمستحب ان تسدل على وجهها شيئا وتجافيه … الى ان قال :ودلت المسألة على ان المرأة منهية عن ابداء وجهها للاجانب بلا ضرورة وكذا دل الحديث عليه.
قال الزرقاني في شرح الموطأ(2/196) :
روى مالك في الموطأ: عن هشام عن عروة عن فاطمة بنت المنذر انها قالت : كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت ابي الصديق
قال الزرقاني : لأنه لايجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس , بل يجب ان علمت او ظنت الفتنة بها , او ينظر لها بقصد لذة
قال الخطابي في مواهب الجليل (1/499) : واعلم انه ان خشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين , قاله القاضي عبد الوهاب ونقله عنه الشيخ احمد زروق في شرح الرسالة وهو ظاهر التوضيح , هذا مايجب عليها .
جاء في شرح المنهج (1/411) : وعورة حرة غير وجه وكفين … قال الشيخ سليمان الجمل : غير وجه وكفين : وهذه عورتها في الصلاة , واما عورتها عند النساء المسلمات مطلقا وعند الرجال المحارم فما بين السرة والركبة , وأما عند الرجال الاجانب فجميع البدن
جاء في نهاية المحتاج الى شرح المنهاج (3/333) قال العلامة الرملي الشهير بالشافعي الصغير في معرض كلامه عن لبس المرأة المحرمة : وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبا متجافيا عنه بنحو خشبة وان لم يحتج لذلك لحر و فتنة ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعين طريقا لدفع نظر محرم وقد كتب الشبراملسي في حاشيته عليه :قوله ولا يبعد جواز الستر أي : بل ينبغي وجوبه ولا ينافيه التعبير بالجواز ،لانه جواز بعد منع فيصدق بالواجب
جاء في زاد المسير لابن الجوزي : ( 6/31 )
قال الامام أحمد بن حنبل : كل شئ من – أي من المرأة الحرة- عورة حتى الظفر .
قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في الفروع (1/601-602) :
قال أحمد : ولا تبدي زينتها الا لمن في الاية ونقل ابو طالب ظفرها عورة فاذا خرجت فلا تبين شيئا ولا خفها ، فانه يصف القدم ، وأحب الي ان تجعل لكل منهما زرا عند يدها
اختار القاضي قول من قال : المراد بـ (( ما ظهر منها )) من الزينة : الثياب ، لقول ابن مسعود وغيره ، لاقول من فسرها ببعض الحلي او ببعضها ، فانها الخفية قال : وقد نص عليه أحمد فقال : الزينة الظاهرة الثياب وكل شئ منها عورة حتى الظفر
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (12110-111)
تنازع الفقهاء في النظر الى المرأة الاجنبية فقيل : يجوز النظر لغير شهوة الى وجهها ويديها ، وهو مذهب ابي حنيفة والشافعي وقول في مذهب ابي احمد .
وقيل لا يجوز وهو ظاهر مذهب احمد ، فان كل شئ منها عورة حتى ظفرها وهو قول مالك …. الى ان قال : فلما امر الله الا ي’سألن الا من وراء حجاب وامر ازواجه وبناته ونساء المؤمنين ان يدنين عليهن من جلابيبهن والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء … كان الوجه اليدان من الزينة التي امرت الا تظرها للاجانب ، فما بقى يحل للاجانب النظر اليه الا الثياب
الدليل الرابع من السنة
عن ابي الاحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( (المرأة عورة فاذا خرجت استشرفها الشيطان ))
_ عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت يرحم الله نساء المهاجرات الأ’ول لما انزل الله : ((وليضربن بخمورهن على جيوبهن )) شققن مروطهن فاختمرت بها ))
قال الحافظ في الفتح (8/347) :
قولها ((فاختمرن بها)) اي غطين وجوههن ، وصفة ذلك ان تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الايمن على العتاق الايسر وهو التقنع . انتهى .
– عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت ابي كر رضي الله عنها قالت : (( كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمتشط قبل ذلك في الاحرام ))
-وقد اخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة حديث الافك وفيه انها قالت ((…. وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد انسان نائم فعرفني حين رآني وكان قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي …))
ثانيا ادلة القائلين بجواز كشف الوجه والرد عليها
الدليل الاول : تفسيرهم للجلباب بانه كساء يغطي البدن كله ويستثنى الوجه والكفين ، وقد تقدم رد أئمة التفسير في معنى الجلباب
الدليل الثاني : قوله تعالى (( ولا يبدين زينتهن الا ماظهر منها )) قالوا : (( الا ماظهر )) الوجه والكفان
قال العلامة الشنقيطي في اضواء البيان (5515) : قول من قال معنى (( ولا يبدين زينتهن الا ماظهر منها )) أن المرد بالزينة الوجه والكفان مثلا : توجد في الاية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول ، وهي ان الزينة في لغة العرب هي ماتتزين به المرأة مما هو خارج عن اصل خلقتها : كالحلي والحلل
فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر ولا يجوز الحمل عليه الا بدليل يجب الرجوع اليه ،وبه تعلم ان قول من قال :الزينة الظاهرة الوجه والكفان ، خلاف معنى لفظ الاية وذلك قرينة على عدم صحة هذا القول ، فلا يجوز الحمل عليه الا بدليل منصف يجب الرجول اليه
الدليل الثالث : احاديث منها ما ضعفه اهل المعرفة بالحديث ومنها ما لايصح الاستدلال به على جواز كشف الوجه والكفين
-عن خالد بن دريك عن عائشة رضي الله عنها ان اسماء بنت ابي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (( يا أسماء ان المرأة اذا بلغت المحيض لم تصلح ان يرى منها الا هذا و هذا ، وأشار الى وجهه وكفيه))
الرد: قال ابو داود : هذا مرسل ، خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها
قال المنذري : في اسناده سعيد بن بشير ابو عبد الرحمن النصري نزيل دمشق مولى بني نصر وقد تكلم فيه غير واحد
هذا حديث ضعيف جدا وذلك لامور
1- ما أشار اليه ابو داود وجمع اهل العلم ان خالد بن دريك لم يدرك عائشة ، فالسند مقطوع
2- قتادة مدلس وقد عنعن
3- سعيد بن بشير ضعيف وخاصة في قتادة
4- الوليد – وهو ابن مسلم – وهو مدلس وقد عنعن فضلا عن هذا كله فان هذا محتمل ان يكون قبل الحجاب او بعده فلا حجة فيه بحال
الدليل الرابع : حديث الفضل بن عباس
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال كان الفضل رديف النبي فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر اليه وتنظر اليه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل الى الشق الاخر فقالت ان فريضة الله ادركت ابي شيخا كبير لا يثبت على راحة ، أفأحج عنه ؟ قال : (( نعم))
من المعلوم ان هذه الفصة كانت في حجة الوداع ودليل ذلك رواية الامام احمد و فيها : عن ابن عباس ان امراة من خثعم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع والفضل بن عباس ردفه فقالت ان فريضة الله ادركت ابي شيخا كبير لا يستطيع ان يستمسك على راحلة فهل ترى ان احج عنه فقال : ((نعم ))
قالوا الحديث يدل على جواز كشف الوجه
الرد : من المعلوم ان المعلوم ان المرأة المحرمة لا تلبس النقاب ولا القفازين ودليل ذلك حديث عبد الله بن عمر وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ((… ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ))وبناء على ذلك يسقط الاستدلال بهذا الحديث على جواز كشف الوجه و الكفين .
الدليل الخامس : المرأ’ التي أرادت ان تهب نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم
عن سهل بن سعد : (( أن امرأة جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله جئت لاهب لك نفسي ، فنظر اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد اليها النظر وصوبه ثم طأطأ رأسه …))
الرد : نظر الرجل للمرأة يود ان يتزوجها جائز عند جمهور العلماء
قال الحافظ في الفتح (988) :
قال الجمهور : لا بأس أن ينظر الى غير وجهها وكفيها . انتهى كلام الحافظ
وبهذا يسقط الاستدلال بهذا الحديث أيضا على جواز كشف الوجه والكفين مطلقا
تعقيب وترجيح : والذي تطمئن له النفس ويشرح الصدر بعد عرض هذه الاقوال والمذاهب قول من ذهب الى وجوب النقاب لقوة الادلة من الكتاب والسنة وابن مسعود وأئمة التفسير وهو مذهب أحمد وطائفة من الشافعية وطائفة من الحنفية وشيخ الاسلام وغيرهم وكذا ضعف أدلة القائلين بجواز كشف كما بينا ذلك
جزاكي الله خيرا
جزاكم الله خيرا