أكرم الله تعالى هذه الأمة بأن جعلها خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله سبحانه، قال الله تعالى: ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )(آل عمران:110)،
ومن هذا المنطلق راح احكي لكم هالقصة
عجوز مسلم يعيش في مزرعة في جبال شرق كنتاكي مع حفيده الصغير، وفي كل صباح الجد يستيقظ باكرا ويجلس على طاولة المطبخ ويقرأ القران، كان حفيده الصغير يريد أن يصبح مثل جده؛ لهذا كان يحاول تقليده بكل طريقة ممكنة..
في أحد الأيام سأل الحفيد جده قائلاً (جدي! أنا أحاول أن أقرأ القران مثلك؛ لكنني لا أفهم كلماته, والذي أفهمه أنساه بسرعة، وسرعان ما أغلق المصحف، إذًا ما الفائدة من قراءتي للقرآن..؟
أخذ الجد الفحم من السلة ووضعه في المدفأة، وأجاب: (خذ سلة الفحم إلى النهر واحضرها مليئة بالماء..!
قام الولد –مستغربًا- بما اخبر به جده؛ لكن كل الماء تسرب من السلة قبل أن يصل عائدا إلى المنزل..! وهو ما كان يتوقعه..
ضحك الجد، وقال: (يجب عليك أن تكون أسرع في المرة القادمة)، ثم بعثه مرة أخرى إلى النهر مع السلة ليحاول مرة أخرى.في هذه المرة، فركض الولد بشكل أسرع, ولكن مرة أخرى السلة فرغت قبل وصوله المنزل.. وكان يتنفس لاهفًا..
وأخبر جده أنه من المستحيل أن أحمل الماء بهذه السلة, وذهب لحيضر دلوًا بدلاً من السلة..
قال الرجل العجوز: (لا أريد دلوًا من الماء، بل أريد سلة من الماء.. أنت فقط لم تحاول بجهد كاف)..
ثم خرج ليشاهد الولد وهو يحاول مرة أخرى..
في هذه الأثناء.. أدرك الولد أنها مهمة مستحيلة؛ لكنه أراد أن يثبت لجده أنه حتى لو ركض بأسرع ما يستطيع, فإن الماء سوف يتسرب قبل أن يصل عائدًا إلى المنزل..
غمس الولد السلة في النهر وركض بسرعة وبجهد.. ولكنه عندما وصل إلى البيت وجد أن السلة فارغة مرة ثالثة..!
قال متلهفًا: (انظر جدي..! إنها غير مجدية).. (فهل أنت تظن أنها غير مجدية؟)
قال الجد: الآن.. انظر إلى هذه السلة..
نظر الولد إلى السلة فأدرك أن السلة مختلفة..! كانت سلة تنقل الفحم المتسخ القديم والآن أصبحت نظيفة من الداخل والخارج..!
بني، هذا ما يحصل عندما تقرأ القران.. قد لا تفهم شيئًا أو تتذكر أي شيء، ولكن عندما تقرأه.. سوف تتغير داخليا وخارجيا..
فهذا عمل الله في حياتنا..
قال تعالى: {أفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالها}..؟
دعا الله عز وجل عباده إلى التدبر فيما أنزله إليهم من آيات كتابه العزيز:
قال تعالى في آياته المشهودة: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق:36، 37]
قال ابن القيم – رحمه الله -: "الناسُ ثلاثةٌ: رجلٌ قلبُه ميتٌ، فذلك الذي لا قلبَ له، فهذا ليست الآية ذكرى في حقه.
الثاني: رجلٌ له قلب حيٌّ مستعدٌّ، لكنه غير مستمعٍ للآيات المتلُوةِ، التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة، إما لعدم وُرُودها، أو لوصولها إليه وقلبه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب ليس حاضرًا، فهذا أيضًا لا تحصُلُ له الذكرى، مع استعداده ووجود قلبه.
والثالث: رجلٌ حيُّ القلب مستعدٌّ، تُليت عليه الآيات، فأصغى بسمعه، وألقى السمع، وأحضر قلبه، ولم يشغلْه بغير فهم ما يسمعُهُ، فهو شاهدُ القلب، مُلقي السَّمع، فهذا القِسمُ هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة والمشهودة.
فاعلم أن الإنسان قد يكونُ له قلبٌ وقَّادٌ، مليءٌ باستخراج العبر واستنباط الحكم، فهذا قلبه يُوقعه على التذكُّر والاعتبار، فإذا سمع الآيات كانت له نُورًا على نور، وهؤلاء أكملُ خلق الله، وأعظمهم إيمانًا وبصيرةً،
وقد دعا الرسول عليه الصلاة والسلام الأمة إلى التدبر وفهم معاني القرآن، فحين نزل قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190، 191]. قال صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها".
فهذه دعوة من قلب صادق إلى كل مسلم ومسلمة لتدبر آيات الذكر الحكيم وعدم المرور بشكل عادي لأن في ظلاله فقط تسمو وترفع الأمم..
تسلمى يا قمرنا
رووووووووووعة
شكرااا
بارك الله فيك ورعاك
مبرررووك التكريم
|
ربي يحفظك حنونتي
مشكورة