صورة قديمة لمنزل بورلي المسكون
منزل راعي الأبرشية في بورلي (Borley Rectory ) هو منزل متوسط الحجم كان يستعمل لسكن راعي الأبرشية و عائلته و قد تم تشييده عام 1863 في بقعة من الأرض كانت يقوم عليها في السابق بناء أخر اندثر منذ زمن بعيد , و المنزل يقع بالقرب من كنيسة قديمة أنشئت في القرن الثالث عشر و تعتبر من ابرز معالم بلدة بورلي الصغيرة الواقعة في مقاطعة ايسكس الانكليزية , و تتألف البلدة الضاربة في القدم من عدة بيوت ريفية تفصل بينها مساحات خضراء واسعة و تنتشر في محيطها أطلال بعض القصور المهجورة و الأديرة القديمة التي تعود الى حقبة العصور الوسطى , الحياة في البلدة هادئة و رتيبة حالها في ذلك حال اغلب البلدات النائية و المنعزلة في الريف الانكليزي و ربما كان الشيء الوحيد الذي يكسر هذا الروتين في بلدة بورلي هو حكايات الأشباح و الأماكن المسكونة الغامضة التي ترويها العجائز في ليالي الشتاء الباردة و إحدى أشهر تلك الحكايات تتحدث عن قصة قديمة و مأساوية وقعت في البلدة منذ قرون و هي تدور حول احد رجال الدين الذي كان يعيش يوما ما في البلدة و ربطته علاقة حب مع إحدى الراهبات التي كانت تقيم في دير قديم يبعد سبعة أميال عن البلدة , و لأن علاقة من هذا النوع كانت تعتبر آثمة و مرفوضة في ذلك الزمان لذلك قرر العاشقان الفرار من البلدة بعد أن ذاع سر علاقتهما و خافا ان يتم معاقبتهما و قد حاول بعض أصدقاء القس تهريبهم ليلا بواسطة عربة تجرها الخيول لكن لسوء الحظ القي القبض على الجميع فحكم على القس بالموت شنقا و على أصدقائه الذين حاولوا تهريبه بقطع أعناقهم بالسيف , أما الراهبة فقد واجهت العقوبة الأشد إذ دفنوها و هي حية في جدار الدير , و منذ ذلك الزمان حدثت عدة أمور غريبة و غامضة , من حين لأخر كان بعض السكان يقسمون على أنهم شاهدوا شبح راهبة تتجول مسرعة في أرجاء البلدة , في حين زعم البعض أنهم شاهدوا عربة تجرها الخيول تسير بسرعة جنونية في الطرقات و يقودها شخصان قطعت رؤوسهم!.
إحدى مناطق البلدة التي امن السكان بشدة على انها مسكونة كانت البقعة التي بني عليها منزل راعي الأبرشية , فرغم تحذيره من قبل العديد من أهالي البلدة , أصر هنري بول راعي الأبرشية الجديد على ان قصص الأشباح في المنطقة ليست سوى خرافات لا أساس لها من الصحة , و سرعان ما انتقل للسكن في المنزل بمجرد ان انتهت أعمال البناء تصحبه عائلته الكبيرة المكونة من زوجته و أطفاله الأربعة عشر , و لم تمض على العائلة سوى أيام معدودة حتى بدئت بعض الأمور الغريبة تحدث داخل المنزل , كان أفراد العائلة يسمعون صوت خطوات مجهولة لشخص ما يتحرك على السلم صعودا و نزولا و رغم أنهم فتشوا جميع أرجاء المنزل إلا أنهم لم يعثروا على مصدر الصوت , و أحيانا كانت أجراس اليد المستعملة لمناداة الخدم ترن ليلا بدون أن يحركها احد , و في بعض الليالي كان أفراد العائلة يسمعون صوت أشخاص مجهولين يتهامسون بكلمات غير مفهومة في مكان ما من المنزل , لكن اغرب الحوادث على الإطلاق هي تلك التي وقعت في غروب احد الأيام و شاهدته أربعة من بنات العائلة, فبينما كن جالسات في الحديقة ظهر لهن فجأة شبح امرأة ترتدي ملابس راهبة و تقف على مسافة منهن تحت الأشجار , كانت تحدق إليهن و بدا وجهها شاحبا و باهتا بصورة مخيفة و كانت نظراتها باردة و غير مريحة , و عندما حاولت إحدى البنات التحدث إليها و الاقتراب منها اختفت فجأة و تبددت دون ان تترك أي اثر خلفها.
في عام 1892 توفى راعي الأبرشية هنري بول فتولى ابنه منصبه و استمر بالسكن مع زوجته في المنزل و استمرت كذلك الأمور الغامضة و الغريبة تحدث من حين لأخر حتى عام 1927 حيث توفى هنري بول الابن و أصبح المنزل خاليا لعدة أشهر , ثم تولى منصب راعي الأبرشية رجل دين جديد يدعى إيريك سميث و انتقل للسكن في المنزل مع زوجته و ابنته الوحيدة , و سرعان ما أخذت تتكشف لهم الأبعاد المخيفة لمحل سكنهم الجديد , ففي احد الأيام كانت السيدة سميث تنظف خزنة ملابس قديمة داخل المنزل عندما عثرت داخلها على كيس ورقي يحتوي على جمجمة بشرية تعود لامرأة شابة , و لم تمض مدة طويلة على هذا الحادث حتى بدئت تتكرر نفس الأمور الغريبة التي واجهتها عائلة القس السابق , خطوات مجهولة على السلالم و أصوات هامسة مبهمة إضافة إلى طرق غامض على الأبواب و النوافذ , و في إحدى الليالي زعمت السيدة سميث أنها شاهدت شبح عربة سوداء تجرها الخيول متوقفة أمام المنزل و يقودها سائق مقطوعة عنقه! كل هذه الأحداث الغامضة و المخيفة دفعت العائلة للاتصال بجريدة الديلي ميرر من اجل إجراء و نشر تحقيق عن المنزل على أمل ان يقرأه احد المتخصصين بطرد الأشباح فيساعدهم في التخلص منها , و قد أرسلت الجريدة احد صحفييها عام 1929 لرؤية المنزل و قام بكتابة عدة مقالات عنه أدت إلى جذب اهتمام الكثير الناس , و احد هؤلاء الذين أثارت المقالات فضولهم بشدة هو هاري بريس المتخصص في قضايا الروحانيات و ما وراء الطبيعة و الذي سرعان ما توجه لزيارة المنزل و اخذ يبحث في تاريخه و في طبيعة الأمور الغريبة التي تحدث داخله.
يبدو ان إيريك سميث و زوجته قد ضاقا ذرعا بالأشباح التي شاطرتهم سكنهم لعدة سنوات لذلك انتقلوا الى سكن ثاني في أواخر عام 1929 و أصبح منزل موبرلي خاليا مرة أخرى حتى عام 1930 حيث سكنه رجل الدين ليونيل فويستير و زوجته ماريانا , و ما ان تجاوز الزوجان عتبة المنزل حتى أخذت الأحداث الغريبة داخله تأخذ بعدا جديدا فأصبحت لسبب ما أكثر حدة و شراسة و بدء أفراد العائلة و أحيانا ضيوفهم يتعرضون للحبس داخل الغرف حيث تقفل عليهم الأبواب فجأة و تضيع المفاتيح و بدئت بعض قطع الأثاث تختفي و أخرى تتحرك من تلقاء نفسها و النوافذ تتعرض للكسر و في الليل كانت أصوات غريبة و مخيفة تتردد في جنبات المنزل , و كان أكثر الأشخاص تعرضا للحوادث هي الزوجة ماريانا حيث زعمت عدة مرات أن يدا خفية أسقطتها من فراشها و أنها تعرضت للرمي بالحجارة و القناني الفارغة كما بدئت فجأة تظهر كتابات و خربشات غريبة على جدران المنزل تطلب مساعدتها , و مع تزايد هذه الحوادث ازداد اهتمام الناس بما يجري داخل المنزل و أخذت اغلب الجرائد تكتب التحقيقات المطولة عنه و أصبح أشخاص مهتمون بالروحانيات من أمثال هنري بريس من زواره الدائمين , و كان السيد بريس يعتقد و يؤمن بشدة بأن المنزل تسكنه عدة أشباح و ان احدها هو شبح راهبة تم قتلها في هذه البقعة من الأرض.
الى اليمين صورة ماريانا فويستير و الى اليسار صورة ملتقطة في حديقة المنزل و يظهر داخل الدائرة الحمراء شكل ابيض لو دققت النظر فيه جيدا لرأيت راهبة بملابس بيضاء
في عام 1937 تركت عائلة فويستير منزل موبرلي فأستغل هاري بريس الفرصة و اقنع الجهة المالكة للبيت بمنحه مدة سنة كاملة ليجري تحقيقاته حول الأشباح التي تسكنه ثم قام بنشر إعلان في جريدة التايمز طلب فيه متطوعين للإقامة في مخيم قرب المنزل لغرض مراقبة الأشباح و سرعان ما تقدم المئات للمشاركة في هذا المخيم الا ان هاري بريس اختار منهم أربعين شخصا فقط , و بدء المتطوعين بمراقبة المكان على مدار الساعة مزودين بنواظير و كاميرات و قد تمكنوا فعلا من التقاط بعض الصور الغريبة تظهر فيها أشكال و أجسام غامضة تتجول داخل المنزل و حوله , ثم جاءت المفاجأة الكبرى عندما أعلن بريس ان إحدى المتطوعات و تدعى هيلين استطاعت التواصل روحيا مع شبحين من أشباح منزل موبرلي , كان الشبح الاول يعود لامرأة شابة ادعت ان اسمها هو ماري ليري و زعمت أنها كانت راهبة فرنسية تركت الدير و تزوجت من رجل انكليزي ثري و انتقلت للعيش معه في انكلترا و انه قتلها في عام 1667 و أخفى جثتها تحت قصره , و قد أثبتت السجلات التاريخية القديمة بأن شخصا ثريا اسمه هنري ويلدكراف كان حقا يسكن قصرا فخما في القرن السابع عشر في نفس البقعة التي بني عليها فيما بعد منزل موبرلي الا ان السجلات خلت من أي ذكر لأسم المرأة الشبح , و قد امن هنري بريس بأن هذا الشبح هو نفسه الذي رآه العديد من سكان البلدة و شاهدته أربعة من بنات هنري بول في حديقة المنزل و اعتقد انه للتخلص من شبح الراهبة يجب العثور على بقايا جثتها و دفنها في قبر حقيقي حسب المراسيم و الطقوس الدينية المتبعة , و لمدة الخمسة أشهر اللاحقة استمرت الاتصالات الروحانية عن طريق هيلين مع شبح الراهبة , لكن فجأة في ليلة 27 آذار / مارس 1938 ظهرت روح أخرى غاضبة , كانت الروح الجديدة تعود لرجل بدا في مزاج سيء و قال بأنه سيحرق المنزل في تلك الليلة من اجل أن تظهر عظام الراهبة المقتولة تحته , لكن المنزل لم يحترق تلك الليلة و إنما بعد سنة كاملة بالضبط أي في ليلة 27 آذار / مارس 1939 فعندما كان المالك الجديد للمنزل يحاول إفراغ بعض الصناديق سقط أرضا احد المصابيح النفطية فانتشرت النيران في أرجاء المنزل بسرعة و التهمته , و جاءت المفاجأة الكبرى عندما خمدت النيران حيث تمكن هنري بريس من العثور تحت خرائب المنزل المحروق على عظام بشرية قديمة تعود لفتاة شابة!.
لعقود طويلة بعد احتراق و اختفاء منزل موبرلي احتدم جدل واسع حول حقيقة و طبيعة الأحداث التي جرت داخله , فظهر فريق من المؤيدين المؤمنين بأن المنزل كان مسكونا حقا بالأشباح و هذا الفريق استند في ادعاءاته إلى شهادة العديد من ساكني المنزل السابقين و كذلك الى قصص سكان بلدة موبرلي إضافة إلى بعض صور الشبح المزعومة و غيرها من الأدلة كالكتابات او الخربشات التي كانت تظهر بصورة غامضة على جدران المنزل.
اما فريق المكذبين و المشككين بالقصة فقالوا ان اغلب الأحداث التي جرت داخل المنزل تعود بالأساس الى تخيلات و أوهام بسبب طبيعة المنزل المنعزلة و كذلك بسبب التصورات المسبقة التي تختلج في نفوس ساكنيه و سببها القصص التي سمعوها عن المنزل و لذلك فأنهم يفسرون كل حركة او صوت داخله او في محيطه على انها تعود للأشباح فعلى سبيل المثال الأصوات الغامضة التي كانت تصدر منه هي على الأرجح صادرة عن الأخشاب القديمة و المتهالكة التي استعملت في بناء المنزل , كما يؤمن فريق المشككين بأن الكثير من الشهادات حول المنزل تمت فبركتها على يد هاري بريس الذي وصفوه بالدجال الذي استغل أحداث المنزل ليجني الشهرة و المال فالسيدة سميث التي سكنت المنزل عام 1927 قالت في تحقيق صحفي ان الأصوات و الكتابات على الجدران و الأحجار التي كانت تقذف على المنزل كانت تزداد عندما يتواجد هنري بريس و تكاد تختفي تماما مع رحيله , ثم جاءت ضربة أخرى اعتبرها البعض قاصمة لقصة الأشباح و ذلك عندما ادعت إذاعة البي بي سي البريطانية بأنها حصلت على اعتراف من السيدة ماريانا فويستير التي سكنت المنزل عدة سنوات حتى عام 1937 زعمت فيه بأنها فبركت اغلب الأحداث الغامضة في منزل موبرلي و ذلك للتغطية على علاقة جنسية سرية جمعتها مع احد الجيران و انها قامت باستغلال قضية الأشباح لخداع زوجها و إخافته (المسكين تعرض عدة مرات لجروح بسبب ضربات قوية سببتها حجارة و أشياء أخرى كانت ترمى عليه أثناء سيره ليلا و كان المغفل يعتقد ان الأشباح هي التي ترجمه بها .. الله على دهاء و كيد النساء!).
رغم الاعتراف المزعوم للسيدة ماريانا إلا أن ذلك لا يعطي تفسيرا مقنعا للأمور الغريبة التي حدثت داخل المنزل مع عدة عوائل سكنته على مدى ستة و سبعون عاما فلا يعقل ان يكون جميع هؤلاء الأشخاص كاذبون خصوصا و ان الأحداث الغريبة بدئت تقع داخل المنزل قبل ان تنتقل السيدة فويستير إليه بأكثر من سبعين عاما , كما ان لغز احتراق المنزل بصورة غامضة و العظام البشرية التي وجدت تحت خرائبه ظلت بلا حل او تفسير حتى يومنا هذا فهل يعقل ان يكون هاري بريس قد فبرك الحريق و دس العظام تحت خرائب المنزل ليدعي فيما بعد بأنه وجدها هناك , جميع هذه الأسئلة بقيت بدون جواب و ربما لن يعثر على جواب لها أبدا خاصة بعد احتراق المنزل و اختفاء أثاره تماما , لكن الشيء المؤكد في هذه القصة هي أن أشباحه ستبقى تلهب خيال العديد من الناس و ستظل أحداثه الغريبة تمد الكثير من أفلام الرعب المشهورة بمادة دسمة لجذب المشاهدين و بث الخوف في قلوبهم.
لو سمحتى اطمسى الصورة
منزل راعي الأبرشية في بورلي (Borley Rectory ) هو منزل متوسط الحجم كان يستعمل لسكن راعي الأبرشية و عائلته و قد تم تشييده عام 1863 في بقعة من الأرض كانت يقوم عليها في السابق بناء أخر اندثر منذ زمن بعيد , و المنزل يقع بالقرب من كنيسة قديمة أنشئت في القرن الثالث عشر و تعتبر من ابرز معالم بلدة بورلي الصغيرة الواقعة في مقاطعة ايسكس الانكليزية , و تتألف البلدة الضاربة في القدم من عدة بيوت ريفية تفصل بينها مساحات خضراء واسعة و تنتشر في محيطها أطلال بعض القصور المهجورة و الأديرة القديمة التي تعود الى حقبة العصور الوسطى , الحياة في البلدة هادئة و رتيبة حالها في ذلك حال اغلب البلدات النائية و المنعزلة في الريف الانكليزي و ربما كان الشيء الوحيد الذي يكسر هذا الروتين في بلدة بورلي هو حكايات الأشباح و الأماكن المسكونة الغامضة التي ترويها العجائز في ليالي الشتاء الباردة و إحدى أشهر تلك الحكايات تتحدث عن قصة قديمة و مأساوية وقعت في البلدة منذ قرون و هي تدور حول احد رجال الدين الذي كان يعيش يوما ما في البلدة و ربطته علاقة حب مع إحدى الراهبات التي كانت تقيم في دير قديم يبعد سبعة أميال عن البلدة , و لأن علاقة من هذا النوع كانت تعتبر آثمة و مرفوضة في ذلك الزمان لذلك قرر العاشقان الفرار من البلدة بعد أن ذاع سر علاقتهما و خافا ان يتم معاقبتهما و قد حاول بعض أصدقاء القس تهريبهم ليلا بواسطة عربة تجرها الخيول لكن لسوء الحظ القي القبض على الجميع فحكم على القس بالموت شنقا و على أصدقائه الذين حاولوا تهريبه بقطع أعناقهم بالسيف , أما الراهبة فقد واجهت العقوبة الأشد إذ دفنوها و هي حية في جدار الدير , و منذ ذلك الزمان حدثت عدة أمور غريبة و غامضة , من حين لأخر كان بعض السكان يقسمون على أنهم شاهدوا شبح راهبة تتجول مسرعة في أرجاء البلدة , في حين زعم البعض أنهم شاهدوا عربة تجرها الخيول تسير بسرعة جنونية في الطرقات و يقودها شخصان قطعت رؤوسهم!.
إحدى مناطق البلدة التي امن السكان بشدة على انها مسكونة كانت البقعة التي بني عليها منزل راعي الأبرشية , فرغم تحذيره من قبل العديد من أهالي البلدة , أصر هنري بول راعي الأبرشية الجديد على ان قصص الأشباح في المنطقة ليست سوى خرافات لا أساس لها من الصحة , و سرعان ما انتقل للسكن في المنزل بمجرد ان انتهت أعمال البناء تصحبه عائلته الكبيرة المكونة من زوجته و أطفاله الأربعة عشر , و لم تمض على العائلة سوى أيام معدودة حتى بدئت بعض الأمور الغريبة تحدث داخل المنزل , كان أفراد العائلة يسمعون صوت خطوات مجهولة لشخص ما يتحرك على السلم صعودا و نزولا و رغم أنهم فتشوا جميع أرجاء المنزل إلا أنهم لم يعثروا على مصدر الصوت , و أحيانا كانت أجراس اليد المستعملة لمناداة الخدم ترن ليلا بدون أن يحركها احد , و في بعض الليالي كان أفراد العائلة يسمعون صوت أشخاص مجهولين يتهامسون بكلمات غير مفهومة في مكان ما من المنزل , لكن اغرب الحوادث على الإطلاق هي تلك التي وقعت في غروب احد الأيام و شاهدته أربعة من بنات العائلة, فبينما كن جالسات في الحديقة ظهر لهن فجأة شبح امرأة ترتدي ملابس راهبة و تقف على مسافة منهن تحت الأشجار , كانت تحدق إليهن و بدا وجهها شاحبا و باهتا بصورة مخيفة و كانت نظراتها باردة و غير مريحة , و عندما حاولت إحدى البنات التحدث إليها و الاقتراب منها اختفت فجأة و تبددت دون ان تترك أي اثر خلفها.
في عام 1892 توفى راعي الأبرشية هنري بول فتولى ابنه منصبه و استمر بالسكن مع زوجته في المنزل و استمرت كذلك الأمور الغامضة و الغريبة تحدث من حين لأخر حتى عام 1927 حيث توفى هنري بول الابن و أصبح المنزل خاليا لعدة أشهر , ثم تولى منصب راعي الأبرشية رجل دين جديد يدعى إيريك سميث و انتقل للسكن في المنزل مع زوجته و ابنته الوحيدة , و سرعان ما أخذت تتكشف لهم الأبعاد المخيفة لمحل سكنهم الجديد , ففي احد الأيام كانت السيدة سميث تنظف خزنة ملابس قديمة داخل المنزل عندما عثرت داخلها على كيس ورقي يحتوي على جمجمة بشرية تعود لامرأة شابة , و لم تمض مدة طويلة على هذا الحادث حتى بدئت تتكرر نفس الأمور الغريبة التي واجهتها عائلة القس السابق , خطوات مجهولة على السلالم و أصوات هامسة مبهمة إضافة إلى طرق غامض على الأبواب و النوافذ , و في إحدى الليالي زعمت السيدة سميث أنها شاهدت شبح عربة سوداء تجرها الخيول متوقفة أمام المنزل و يقودها سائق مقطوعة عنقه! كل هذه الأحداث الغامضة و المخيفة دفعت العائلة للاتصال بجريدة الديلي ميرر من اجل إجراء و نشر تحقيق عن المنزل على أمل ان يقرأه احد المتخصصين بطرد الأشباح فيساعدهم في التخلص منها , و قد أرسلت الجريدة احد صحفييها عام 1929 لرؤية المنزل و قام بكتابة عدة مقالات عنه أدت إلى جذب اهتمام الكثير الناس , و احد هؤلاء الذين أثارت المقالات فضولهم بشدة هو هاري بريس المتخصص في قضايا الروحانيات و ما وراء الطبيعة و الذي سرعان ما توجه لزيارة المنزل و اخذ يبحث في تاريخه و في طبيعة الأمور الغريبة التي تحدث داخله.
يبدو ان إيريك سميث و زوجته قد ضاقا ذرعا بالأشباح التي شاطرتهم سكنهم لعدة سنوات لذلك انتقلوا الى سكن ثاني في أواخر عام 1929 و أصبح منزل موبرلي خاليا مرة أخرى حتى عام 1930 حيث سكنه رجل الدين ليونيل فويستير و زوجته ماريانا , و ما ان تجاوز الزوجان عتبة المنزل حتى أخذت الأحداث الغريبة داخله تأخذ بعدا جديدا فأصبحت لسبب ما أكثر حدة و شراسة و بدء أفراد العائلة و أحيانا ضيوفهم يتعرضون للحبس داخل الغرف حيث تقفل عليهم الأبواب فجأة و تضيع المفاتيح و بدئت بعض قطع الأثاث تختفي و أخرى تتحرك من تلقاء نفسها و النوافذ تتعرض للكسر و في الليل كانت أصوات غريبة و مخيفة تتردد في جنبات المنزل , و كان أكثر الأشخاص تعرضا للحوادث هي الزوجة ماريانا حيث زعمت عدة مرات أن يدا خفية أسقطتها من فراشها و أنها تعرضت للرمي بالحجارة و القناني الفارغة كما بدئت فجأة تظهر كتابات و خربشات غريبة على جدران المنزل تطلب مساعدتها , و مع تزايد هذه الحوادث ازداد اهتمام الناس بما يجري داخل المنزل و أخذت اغلب الجرائد تكتب التحقيقات المطولة عنه و أصبح أشخاص مهتمون بالروحانيات من أمثال هنري بريس من زواره الدائمين , و كان السيد بريس يعتقد و يؤمن بشدة بأن المنزل تسكنه عدة أشباح و ان احدها هو شبح راهبة تم قتلها في هذه البقعة من الأرض.
الى اليمين صورة ماريانا فويستير و الى اليسار صورة ملتقطة في حديقة المنزل و يظهر داخل الدائرة الحمراء شكل ابيض لو دققت النظر فيه جيدا لرأيت راهبة بملابس بيضاء
في عام 1937 تركت عائلة فويستير منزل موبرلي فأستغل هاري بريس الفرصة و اقنع الجهة المالكة للبيت بمنحه مدة سنة كاملة ليجري تحقيقاته حول الأشباح التي تسكنه ثم قام بنشر إعلان في جريدة التايمز طلب فيه متطوعين للإقامة في مخيم قرب المنزل لغرض مراقبة الأشباح و سرعان ما تقدم المئات للمشاركة في هذا المخيم الا ان هاري بريس اختار منهم أربعين شخصا فقط , و بدء المتطوعين بمراقبة المكان على مدار الساعة مزودين بنواظير و كاميرات و قد تمكنوا فعلا من التقاط بعض الصور الغريبة تظهر فيها أشكال و أجسام غامضة تتجول داخل المنزل و حوله , ثم جاءت المفاجأة الكبرى عندما أعلن بريس ان إحدى المتطوعات و تدعى هيلين استطاعت التواصل روحيا مع شبحين من أشباح منزل موبرلي , كان الشبح الاول يعود لامرأة شابة ادعت ان اسمها هو ماري ليري و زعمت أنها كانت راهبة فرنسية تركت الدير و تزوجت من رجل انكليزي ثري و انتقلت للعيش معه في انكلترا و انه قتلها في عام 1667 و أخفى جثتها تحت قصره , و قد أثبتت السجلات التاريخية القديمة بأن شخصا ثريا اسمه هنري ويلدكراف كان حقا يسكن قصرا فخما في القرن السابع عشر في نفس البقعة التي بني عليها فيما بعد منزل موبرلي الا ان السجلات خلت من أي ذكر لأسم المرأة الشبح , و قد امن هنري بريس بأن هذا الشبح هو نفسه الذي رآه العديد من سكان البلدة و شاهدته أربعة من بنات هنري بول في حديقة المنزل و اعتقد انه للتخلص من شبح الراهبة يجب العثور على بقايا جثتها و دفنها في قبر حقيقي حسب المراسيم و الطقوس الدينية المتبعة , و لمدة الخمسة أشهر اللاحقة استمرت الاتصالات الروحانية عن طريق هيلين مع شبح الراهبة , لكن فجأة في ليلة 27 آذار / مارس 1938 ظهرت روح أخرى غاضبة , كانت الروح الجديدة تعود لرجل بدا في مزاج سيء و قال بأنه سيحرق المنزل في تلك الليلة من اجل أن تظهر عظام الراهبة المقتولة تحته , لكن المنزل لم يحترق تلك الليلة و إنما بعد سنة كاملة بالضبط أي في ليلة 27 آذار / مارس 1939 فعندما كان المالك الجديد للمنزل يحاول إفراغ بعض الصناديق سقط أرضا احد المصابيح النفطية فانتشرت النيران في أرجاء المنزل بسرعة و التهمته , و جاءت المفاجأة الكبرى عندما خمدت النيران حيث تمكن هنري بريس من العثور تحت خرائب المنزل المحروق على عظام بشرية قديمة تعود لفتاة شابة!.
لعقود طويلة بعد احتراق و اختفاء منزل موبرلي احتدم جدل واسع حول حقيقة و طبيعة الأحداث التي جرت داخله , فظهر فريق من المؤيدين المؤمنين بأن المنزل كان مسكونا حقا بالأشباح و هذا الفريق استند في ادعاءاته إلى شهادة العديد من ساكني المنزل السابقين و كذلك الى قصص سكان بلدة موبرلي إضافة إلى بعض صور الشبح المزعومة و غيرها من الأدلة كالكتابات او الخربشات التي كانت تظهر بصورة غامضة على جدران المنزل.
اما فريق المكذبين و المشككين بالقصة فقالوا ان اغلب الأحداث التي جرت داخل المنزل تعود بالأساس الى تخيلات و أوهام بسبب طبيعة المنزل المنعزلة و كذلك بسبب التصورات المسبقة التي تختلج في نفوس ساكنيه و سببها القصص التي سمعوها عن المنزل و لذلك فأنهم يفسرون كل حركة او صوت داخله او في محيطه على انها تعود للأشباح فعلى سبيل المثال الأصوات الغامضة التي كانت تصدر منه هي على الأرجح صادرة عن الأخشاب القديمة و المتهالكة التي استعملت في بناء المنزل , كما يؤمن فريق المشككين بأن الكثير من الشهادات حول المنزل تمت فبركتها على يد هاري بريس الذي وصفوه بالدجال الذي استغل أحداث المنزل ليجني الشهرة و المال فالسيدة سميث التي سكنت المنزل عام 1927 قالت في تحقيق صحفي ان الأصوات و الكتابات على الجدران و الأحجار التي كانت تقذف على المنزل كانت تزداد عندما يتواجد هنري بريس و تكاد تختفي تماما مع رحيله , ثم جاءت ضربة أخرى اعتبرها البعض قاصمة لقصة الأشباح و ذلك عندما ادعت إذاعة البي بي سي البريطانية بأنها حصلت على اعتراف من السيدة ماريانا فويستير التي سكنت المنزل عدة سنوات حتى عام 1937 زعمت فيه بأنها فبركت اغلب الأحداث الغامضة في منزل موبرلي و ذلك للتغطية على علاقة جنسية سرية جمعتها مع احد الجيران و انها قامت باستغلال قضية الأشباح لخداع زوجها و إخافته (المسكين تعرض عدة مرات لجروح بسبب ضربات قوية سببتها حجارة و أشياء أخرى كانت ترمى عليه أثناء سيره ليلا و كان المغفل يعتقد ان الأشباح هي التي ترجمه بها .. الله على دهاء و كيد النساء!).
رغم الاعتراف المزعوم للسيدة ماريانا إلا أن ذلك لا يعطي تفسيرا مقنعا للأمور الغريبة التي حدثت داخل المنزل مع عدة عوائل سكنته على مدى ستة و سبعون عاما فلا يعقل ان يكون جميع هؤلاء الأشخاص كاذبون خصوصا و ان الأحداث الغريبة بدئت تقع داخل المنزل قبل ان تنتقل السيدة فويستير إليه بأكثر من سبعين عاما , كما ان لغز احتراق المنزل بصورة غامضة و العظام البشرية التي وجدت تحت خرائبه ظلت بلا حل او تفسير حتى يومنا هذا فهل يعقل ان يكون هاري بريس قد فبرك الحريق و دس العظام تحت خرائب المنزل ليدعي فيما بعد بأنه وجدها هناك , جميع هذه الأسئلة بقيت بدون جواب و ربما لن يعثر على جواب لها أبدا خاصة بعد احتراق المنزل و اختفاء أثاره تماما , لكن الشيء المؤكد في هذه القصة هي أن أشباحه ستبقى تلهب خيال العديد من الناس و ستظل أحداثه الغريبة تمد الكثير من أفلام الرعب المشهورة بمادة دسمة لجذب المشاهدين و بث الخوف في قلوبهم.[/QUOTE]