تخطى إلى المحتوى

رواية الفصل التاسع والعاشر 2024

الفصل التاسع

كانت كريمة تجلس في سيارتها الصغيرة و عقلها محموم لا يكف من الدوران الذي مركزه الوحيد ابنتها منى، كانت غائبة في ملكوت آخر عندما بدت لها منى قادمة، غاية في البساطة و الجمال بحجابها و زيها الجديد، ملاك صغير يمشي على الأرض، ركبت منى إلى جانب والدتها
كريمة: كيف كان يومك منى؟؟
منى: جيد جدا، كان يجب أن أرتدي هذا الحجاب منذ مدة، لن تتخيلي مدى سعادة زميلاتي بي في الفصل.
ابتسمت كريمة في ارتياح و داعبت خد ابنتها بكفها قبل أن تشغل السيارة و تنطلق.
ترجلت كريمة و منى من السيارة عند وصولهما.
منى: ماما اصعدي أنت، أنا سأذهب لأشتري علب المشروبات الغازية و أكياس الشيپس، ستأتي صديقاتي الليلة، أحلام ستحضر لنا آخر جزء في تواي لايت، سنراه معا
ابتسمت كريمة في طيبة و قالت:
كريمة: معك ما يكفي من المال؟
منى: مازال معي مصروفي، لن أتأخر.
صعدت كريمة إلى البيت بينما أخذت منى تمشي في الحي متهادية و هي تعرف بأن أكثر من شاب هنا يذوب فيها، أخذت ما تحتاج إليه و عادت إلى العمارة و هي محملة بالأكياس، ضغطت زر المصعد و وقفت تنتظر و هي تدندن أغنية راقصة في سرها، انفتح باب المصعد فأحست بيد غليظة تدفعها إلي الداخل و تبعها صاحب اليد
منى: وليد؟؟؟
كان وليد في حالة يرثى لها، ذقن رمادية و هالات سوداء تحيط بعينيه و هندام مبعثر، رشقها وليد بنظرة قاتلة اخترقت أحشاءها، ابتلعت مني ريقها و هي تجهز نفسها لمعركة دامية
منى: ماذا تريد؟؟
ضرب وليد جدار المصعد و جاءت ضربته محادية لرأس منى و قال بصوت جليدي
وليد: بل أنت ماذا تريدين؟؟ و أي لعبة تلعبين؟؟
انكمشت منى في ركن المصعد و قد عرفت بأنه لا فائدة ترجى من الإنكار، بدأ الخوف يتسلل إلى قلبها و قالت بصوت مرتعش
منى: ماذا تريد مني؟ عن ماذا تتحدث؟؟
تنهد وليد بعنف و هو يمرر أصابعه للمرة الألف في شعره الناعم و قال و هو يصر على أسنانه
وليد: إسمعي يا فتاة، هذه البراءة لا تخدعني، أنا واثق بأنك وراء كل ما حدث
منى: و ما الذي حدث؟؟
تنهد وليد من جديد ثم قال بصوت نافذ الصبر
وليد: يبدو أن الطرق المتحضرة لا تنفع معك
ما إن أتم عبارته حتى هوى براحته على لوحة أزرار المصعد الذي اهتز بهما و توقف بين طابقين، نظر إليها وليد و قد بدأت ترتعش من الخوف و سقطت الأكياس التي تحملها على الأرض و قالت بصوت مرتعش
منى: أنا فعلت ذلك يا وليد، بعثت رسالة قصيرة من هاتفك إلى هاتفي عندما أوصلتموني بالأمس، دخلت مع سلمى و تركت الهاتف أمامي ففعلت ما فعلت
منع وليد نفسه بشدة من ضربها و قال بغضب مستطير
وليد: و ماذا فعلنا لك؟ هل تعلمين إلى أين أوصلنا عبثك هذا؟ سلمى تريد الطلاق، نفسيتها مدمرة، ماذا فعلت لك أنا؟ ماذا فعلت لك سلمى؟هل أنا مذنب لأنني احترمتك و عاملتك كشقيقة لي؟ هل كنت ستسعدين لو أنني قللت من احترامك أو تحرشت بك؟ و سلمى؟ سلمى التي تحبك بصدق؟ ماذا فعلت كي تستحق منك كل هذا الأذى؟ كم عمرك؟ 16 أم 17 سنة؟؟ من أين لك بكل هذا الخبث و الحقد؟؟
عجزت منى عن الكلام و هذا السيل المتدفق من الإتهامات ينهال عليها، كان عقلها يدور بسرعة خيالية، لا بد لها من مخرج، نظرت إلى وليد نظرة باكية و قالت بصوتها المتهدج الذي تجيد استعماله
منى: آسفة جدا، سأصلح الوضع، سأخبرها بأنني أخطأت قراءة الرقم، ثق بي، سأصلح غلطتي، سأتحمل المسؤولية كاملة.
استدار وليد إلي أزرار المصعد يعالجها بسرعة، تحرك بهما المصعد فتنفست منى الصعداء، انفتح الباب فخرجا، كان باب شقة منى موصدا بينما باب شقة سلمى موارب، أشار لها وليد كي تدخل عند سلمى لتصحح الخطأ
دخلت منى و أغلقت الباب وراءها و يديها ترتعشان غضبا، كانت تسمع صوت نحيب سلمى القادم من غرفة النوم، وقفت أمام باب الغرفة، و جرت بعنف طرف حجابها ليتبعثر شكله و مدت يدها لتمزق بحركة صامتة ياقة قميصها، كانت خصلات من شعرها الكثيف و الناعم تتسلل ثائرة من تحت الحجاب المبعثر، تنفست منى بعمق ثم دخلت عند سلمى.
خرجت منى بعد عشر دقائق و هي تمسك ياقة قميصها بقبضتها كي تخفي تمزقها، نظرت إلى وليد الذا كان يجلس كئيبا علي الدرج
منى: كل شيء على ما يرام، ادخل إليها
نهض وليد من مكانه بسرعة و جرى إلى الداخل بينما هزت منى لتفيها في استهتار و هي تقول لنفسها "هذا درس بسيط، كي تتعلم في المرة القادمة كيف تكلم منى" مشت إلى جانب المصعد لتحمل أكياسها و تفتح علبة مياه غازية لتشربها في تلذذ، فتحت باب شقتها و دلفت إلي الداخل و قد عادت تدندن لحنها الراقص من جديد

الفصل العاشر

كانت منى مضطجعة في سريرها عندما اقتحمت عليها أحلام و إيمان الغرفة و جرتا الغطاء ليرغمنها على التيقظ
أحلام: لم يكن هذا اتفاقنا، كيف تنامين و نحن قد اتفقنا على السهرة معا?
إيمان: هيا انهضي
نهضت منى متثاقلة ثم اكتشفت بأن هبة غير موجودة
منى: أين هبة؟؟
هزت أحلام كتفيها و أجابت في لامبالاة
أحلام: لن تأت، تعاني من صداع أرقدها منذ عودتها من الثانوية
كورت منى شفتيها في غضب و قالت
منى: صداع؟؟ ما هذا العذر المستهلك؟ لماذا لا تريد المجيء؟
نظرت إليها إيمان نظرة مباشرة و قالت
إيمان: اسألي نفسك منى
منى: و ماذا فعلت لها أنا؟؟
نظرت إليها إيمان و أحلام نظرة طويلة واضحة المعنى فأردفت منى بارتباك
منى: لقد ساعدتها على التخلص من الحيرة المزمنة التي كانت تعاني منها
أحلام: بل انت دمرت الخيط الوحيد الذي كان يمكنه أن يصلها بوسيم المجمع الإقتصادي
عقدت منى حاجبيها في غضب و صرخت في وجه صديقتيها
منى: لا تقولا الآن بأنكما معها، لقد كنتما تضحكان ملء شدقيكما عندما رأيتما ملامحها و الكارت يتمزق أمام عينيها
إيمان: أنا ضحكت ساعتها، لكنني الآن أرثي لحالها
أحلام: و أنا اشعر بالذنب
مطت منى شفتها السفلى في اشمئزاز و هي تقول
منى: الرجل أصلا ليس فرصة لا تعوض، ستلتقي غيره و تنسى، ثم إنه أبعد ما يكون عن الوسامة
رفعت أحلام حاجبها الأيسر و ابتسامة ساخرة ترتسم على ملامحها
أحلام: منى؟؟؟؟!!!! أبعد ما يكون عن الوسامة؟؟؟ الرجل جميل كإله إغريقي هههههه
ضحكت إيمان و أحلام معا بينما نهضت منى لتشعل حاسوبها و تشغل قرص دي.ڤي.دي الذي أحضرته أحلام و هي تقول بلهجة واثقة
منى: أراهنكن على أنها ستنسى و غدا ستأتي و ذاكرتها ممسوحة و لن تذكره مجددا
إيمان: سنرى
جلست الفتيات يتفرجن على الفيلم، كان جسم منى حاضرا معهن بينما عقلها غائب عند سلمى و وليد و ما قد يكون جرى بينهما بعد خروجها، تذكرت ملامح سلمى المصعوقة عندما دخلت عليها و حكت لها أن زوجها تحرش بها في المصعد و هددها بالضرب و تشويه سمعتها أمام والدتها إن هي فتحت فاها، ما تزال تذكر صدمتها و دموعها المتحجرة و توسلها إليها بأن لا تخبر كريمة، أقسمت لها سلمى بأغلظ الأيمان بأنها ستتصرف مع زوجها و لن تدعه يتعرض لها مرة أخرى، كانت سلمى مرعوبة من كريمة و ما قد تفعله إن علمت بالذي حدث، قد تخبر الشرطة و تدخل وليد إلى السجن، غريبات هن النساء، ها هي سلمى واثقة بأن زوجها يخونها و مع ذلك تخاف عليه و لا تريد له أن يدخل السجن، لن تكون أبدا مثل أولئك النساء الخنوعات، اللواتي يغفرن للرجال زلاتهم و يلتمسن لهم الأعذار، الرجل الذي سيكون لها، ستجعله يعبدها بعد الإله
أيقظتها يد أحلام و هي تلكزها في كتفها
منى: ماذا؟؟؟
أحلام: المشروبات الغازية
نهضت منى متبرمة لتحضر المشروبات الغازية لصديقاتها و عادت بسرعة دخلت إلى الغرفة فصمتت أحلام و إيمان فجأة، كما لو أنهما كانتا تتحدثان عنها، مدت إليهما علب المشروبات الغازية و قد احتل الشك كيانها
منى: مابالكن صمتتن عند دخولي؟ هل أستنتج من ذلك أنني كنت موضوع الحديث؟
أحلام: أنت مجنونة، البارانويا ستقتلك منى ههههههههه
ضحكت إيمان و أحلام بينما ظلت منى ترمقهما بشك، عادت الفتيات للتركيز على أحداث الفيلم الذي شارف على الإنتهاء، و عادت منى لشرودها، تتوق لتعرف ما فعلته سلمى و وليد
تمطت أحلام في مقعدها عندما انتهى الفيلم و نظرت إلي منى
أحلام: و كيف حال الخطيب المستقبلي؟؟؟
منى: عن أي خطيب تتحدثين؟؟؟!!!!
نظرت إليها إيمان و أحلام باستنكار و قالت إيمان موضحة
إيمان: الأستاذ لطفي
منى: آه، الأستاذ لطفي، نعم الأستاذ لطفي
أحلام: ألا يتصل بك؟
منى: و هل يبدو لك هو من النوع الذي يضيع الوقت في الإتصالات و الرسائل الغبية؟؟؟ إنه جدي جدا، سيخطبني مباشرة عند نهاية هذه السنة الدراسية
أحست منى بأنها تتورط أكثر في هذه الكذبة، إن الخيال و الأكاذيب تتسرب من فاهها كلما فتحته، ربما يجب عليها أن تغلقه لترتاح و تريح، هزت كتفيها لتنفض عنها هذه الأفكار كعادتها
أحلام: فعلا، هو لا يبدو من النوع الذي يضيع الوقت
نظرت منى بلامبالاة إلى حاسوبها فلفت انتباهها رسالة جديدة في بريدها الإلكتروني
منى: ما هذه الرسالة؟؟
أحلام: افتحيها
فتحت مني الرسالة و قرأتها بصوت عال
"همس الليل، قد أبدو لك غبيا أو تافها، لكنني لست كذلك أبدا، كنت أنت نقطة ضعفي الوحيدة و كنت مستعدا لأن أهبك حياتي لو طلبتها، لكنني لا أغفر لك الإهانة و التلاعب بمشاعري بل و استغلالي و سرقتي، انتظري مني أحلى مفاجأة غدا في الثانوية
الذئب الوحيد
الذي كان يعشقك يوما ما"
تبادلت الفتيات النظرات و كسرت إيمان الصمت المخيم عليهن
إيمان: لا يبدو أنه يمزح
أحلام: هذا يبدو كرسالة تهديدية
منى: ماذا بيد هذا الفتى أن يفعل؟ فليرني ماذا يخبئ لي
ابتسمت ابتسامتها المغرورة قبل أن تضيف بصوت خافت
منى: لا شيء منه أو من سواه سيهزني

    مشكوووووووووووره
    فى انتظارك ياقمر

    شكرا ايفن

    منورين هذا شرف لي ووسام على صدري

    يسلمووووووووووووووووووووووو روايه راائعه

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.