ودلت على وجوده آياته ومخلوقاته , وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له ,
وسع كل شيء رحمة وعلما , وقهر كل مخلوق عِدًّة وحكماً ,
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله , أفضل العباد إيماناً وأعظمهم بِراً وإحسانا وبعد :
رجب شهر الله الحرام
إن الأشهر الحرم أربعة، وهي
( ذو الحجة، ذو القعدة، محرم، رجب ).
وتُضاعف فيها الحسنةُ كما تُضاعف السيئةُ.
وكانت الأشهر الحرم معظمة في شريعة إبراهيم عليه السلام واستمر ذلك باقياً،
فكان العرب قبل الإسلام يعظمونها، ويحرمون القتال فيها .
ثم بقيت لهذه الأشهر حرمتها في الإسلام ونُهي المسلمون عن انتهاكها.
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾
التوبة: 36
قال قتادة:
في قول الله تعالى: (فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنْفُسَكُمْ)
إن الظلم في الأشهر الحُرُم أعظم خطيئةٍ ووِزْرًا من الظلم فيما سواها
وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا،
ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء.
وقال: " إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رُسلا ومن الناس رُسلا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجدَ، واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهرَ الحرمَ، واصطفى من الأيام يومَ الجمعةِ، واصطفى من الليالي ليلةَ القدرِ فعَظِّموا ما عظَّم الله ".
وقال القرطبي رحمه الله:
لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب،
لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة،
وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء،
كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام
في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام،
ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام
ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال.
العبادة في الأشهر الحرم
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في استحباب وتخصيص الأشهر الحرم بالصيام ،
وروي النهي عن تخصيص رجب بالصوم دون سائر الشهور،
فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب،
ولكن هذا لا يصح لضعف الرواية. وقد ورد عن بعض السلف مشروعية صيام الأشهر الحرم كلها،
منهم الحسن البصري وأبو إسحاق السبيعي،
وقال الثوري: "الأشهر الحرم أحب إلي أن أصوم فيها . وهذا لمن يصوم الدهر كما نص على ذلك أحمد رحمه الله.
من بدع شهر رجب:
لقد تعود الناس في هذا الشهر بتخصيصه ببعض الطقوس والعبادات عن سائر الشهور منها:
إلا أن تكون عادة العبد صيام النوافل التي يأتي بها في سائر الأيام
من يوم الأثنين والخميس وصيام الثلاثة أيام من نصف كل شهر أو صيام يوم وإفطار آخر.
والعمرة مشروعة في سائر الشهور وكل ما ورد من فضل للعمرة فضلها في شهر رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" عمرة في رمضان تعدل حجة " وفي لفظ "
عمرة في رمضان تعدل حجة معي " رواه مسلم.
كما يفعل ذلك الجٌهَّال من
(الصوفية القبوريين أفراخ الشيعة المنحرفين)
بصلاة تسمى " الرغائب "
والحديث الذي ورد فيها عن أنس رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم من الموضوعات. قال:
"ما من أحد يصوم يوم الخميس (أول خميس من رجب)
ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة
يعني ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة ،
يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة و(إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ) ثلاث مرات،
و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) اثنتي عشرة مرة ،
يفصل بين كل ركعتين بتسليمة ،
فإذا فرغ من صلاته صلى عليّ سبعين،
فيقول في سجوده سبعين مرة: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)
، ثم يرفع رأسه ويقول سبعين مرة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم
، إنك أنت العزيز الأعظم ، ثم يسجد الثانية
فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى ،
ثم يسأل (الله تعالى) حاجته ، فإنها تقضى"
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده ، ما من عبد ولا أَمَة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر ، وعدد الرمل ، ووزن الجبال ، وورق الأشجار ، ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار" موضوع في الإحياء.
إن إراقة الدماء من أعظم القربات إلى رب الأرض والسماوات،
بل إن الدم ليقع عند الله عز وجل قبل إن يقع على الأرض
والغرض من الذبح ليس اللحم ولا الشحم ولكن التقوى.
قال تعالى:
( لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ )
الحج:37
ولكن التخصيص بالذبح في رجب دون غيره من الشهور فيه تشبيه
بأهل الجاهلية بذبحهم في هذا الوقت بما يسمى ( العتيرة )
وقد اختلف أهل العلم في حكمها على قولين.
"ليس في الإسلام عتيرة، إنما كانت العتيرة في الجاهلية ، كان أحدهم يصوم ويعتر"
فمن السّنة أنّ كلّ أهل بيت يذبحون ذبيحة في رجب,
و هذه سُنّة مهجورة .
اعتاد الناس في سائر البلدان على الاحتفال في ليلة السابع والعشرين من رجب بليلة الإسراء والمعراج، والذي لا خلاف فيه بأن الإسراء والمعراج بالنبي المختار صلى الله عليه وسلم من الآيات المعجزات.
قال تعالى:
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الأَقْصَى، الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )
الإسراء:1.
" لم يقم دليل معلوم لا على شهرها ، ولا على عشرها ، ولا على عينها ، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ، ليس فيها ما يقطع به ".
الخلاصة:
كما يجري على باقي الشهور بعدم تخصيصه بعبادة معينة أو زيادة
في أي نوع من العبادات إلا بنص وأنَّ كل ما ورد في فضائل رجب
من أحاديث أو عبادة إما موضوعة أو ضعيفة لا تقوم مقام الاحتجاج بها.
" لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه ،
ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه..
حديث صحيح يصلح للحجة،
وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، "
انتهى كلام الحافظ
الحرام بالتقرب إلى الله عز وجل بالمحافظة على الفروض والزيادة
في التطوع والنوافل، والبعد عن المعاصي والأوزار والآثام، والتوبة
والنوبة والأوبة إلى الله الرحيم الرحمن، في حدود الشرع والدليل
والبعد عن التكلف والبدع المُحدثَة والعادات المتبعة السيئة .
وهذا من تقوى القلوب والتقرب إلى علام الغيوب الذي بعلمه لا
يغيب عنه عَملنا ولا ما يَدور في فِكرنا وماتُخفي صُدورنا.
(وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)
الحج:23
وللمزيد
أحداث إسلامية في شهر رجب
حكم تخصيص العمرة في شهر رجب وحكم البدع للشيخ ابن عثيمين
عــتيرة رجب " الــرجيبة " والقول فيها
°•.♥°•. دمتـــم بحفظ الرحمـــن .. تقبلــوا إحتــرامى وتقديــرى °•.♥.•°
°•.♥°•. أختــــــكم فى الله .. همسه برئيه °•.♥.•°