
تميزت طقوس الزواج في محافظة السويداء قديماً بطابع خاص استمدته من منهل العادات والتقاليد التي كانت سائدة لتختلف اليوم في أمور كثيرة من ناحية طريقة الخطوبة وانتقاء العروس ومتطلبات العرس والاحتفالات الخاصة به.
وقديما كان أهل الشاب الراغب بالزواج يرسلون إلى أهل الفتاة المراد خطبتها شخصا لمفاتحتهم بالموضوع فإذا قدموا له طبقا من الحلوى وشاركوه في الأكل يعني ذلك موافقتهم المبدئية في الوقت الذي يجب فيه على الأم أو الأخت أو العمة الخاطبة تفحص العروس بطريقة غير مباشرة وتفصح أمامها عن صفات العريس وطباعه.
وقال الباحث الاجتماعي توفيق الصفدي إنه عقب الموافقة يكلف أهل العريس وجهاء بلدهم ليخطبوا البنت ويتم الاتفاق على المهر والمقدم والمؤجل والحلي ثم يدعو والد العروس أقرباءه وأهل العريس أقرباءهم وأصدقاءهم وجيرانهم إلى حفلة الخطوبة التي تقدم فيها الحلوى للمشاركين وطوال هذه الفترة لا يجوز للخاطب أن يخلو بخطيبته وعند زيارته يجب أن يحضر أحد أفراد أسرتها.
واضاف الصفدي ان هناك عقدا خاصا بالأجاويد مازال موجودا ليومنا هذا ويتم قبل موعد الزفاف بأيام في منزل والد العروس بناء على اتفاق الطرفين حيث يتقدم أحد رجال الدين ويكلف رجلا ليكون وكيلا للعروس يسألها عن رضاها في الزواج بينما يفوض رجلا آخر ليكون وكيلا عن العريس وبعد عودة الوكيلين من التشاور يجلسان متقابلين وتتشابك أيديهما اليسارية وتربط اسوارة بإبهاميهما ومقابلهما رجل الدين يسأل ولي الزوجة عن رضاه ثم يفتتح العقد بالقول بمشيئة الله اجتمعنا لإقامة العقد فعلى الحضور ترك ما في أيديهم وبسطها فيتقيد الجميع بقوله ويصغون احتراماً لذلك حيث تقرأ الفاتحة وعدة سور من القرآن الكريم ومع الانتهاء يأتي ذوو العريس وبأيديهم مناسف الحلوى التي يدار بها على الجميع وعندها تصبح العروس من حق عريسها يستطيع زفها إلى بيته في أي وقت يتفق عليه مع اهلها.
واضاف الصفدي تقام للعروس قبل ليلة الزفاف ليلة الحناء فتطلي بهذه المادة التجميلية كفاها وعقد أصابعها وأظافر يديها كما يقام لها عشاءً حيث يولم لها أهلها الطعام لرفيقاتها وهو غالباً المنسف الجبلي المشهور فيما يتوافد الشبان من أهالي البلدة والأقارب إلى بيت العريس قبل موعد الزفاف ليقيموا ما يسمى التعليلة التي تكون قبل موعد الزفاف بيومين أو ثلاثة وتجري فيها الأهازيج والرقصات والدبكات كمقدمة للعرس الأكبر.
واشار الصفدي إلى أن العريس يدعى إلى بيت صديق له لأخذ حمام العرس ثم يعود بصحبة من يكون حاضراً إلى بيته للانطلاق في موكب إلى بيت العروس التي تخرج برفقة أخيها الأكبر اما سيرا على الاقدام اذا كان المنزل قريبا او ينتظرها جواد أصيل لتمتطيه حيث يسير موكب العروس ويتقدمه الرجال الذين يرددون الأغاني التقليدية والجوفيات بينما تغني النسوة أغنيات موجهة لأهل العروس تتضمن عبارات الشكر والامتنان مبيناً أنه كان من المألوف أيضاً الأ تنزل العروس في بيت عريسها مباشرة بل يستضيف موكبها بعض الأقارب والأصدقاء خاصة إذا كانت قادمة من بلدة اخرى.
ولفت الصفدي الى أنه عند الوصول إلى بيت العريس يقف العروسان معاً وتتقدم أخوات وقريبات وأم العريس لينشدن مقطوعات شعرية قصيرة ثم تدخل العروس بيتها وتجلس على مرتبة عالية مع عريسها وينفصل الشباب عن الشابات ويقدمون الأغاني والدبكات على أنغام الشبابة والمجوز وتستمر الافراح الى منتصف الليل حيث يحضر الاهل خميرة العجين ليلصقها العروسان على باب الغرفة المخصصة للزفة كرمز للرباط المقدس بينه.
وفي صباح اليوم التالي للزفاف تتوافد النسوة المتزوجات إلى بيت ام العروس وبيت العريس للتهنئة وفي المساء تقام سهرة فرح محدودة يأتي أهل العروس وأقاربهم من الرجال والنساء إلى منزل ابنتهم حاملين معهم الهدايا فيولم لهم العريس وليمة عندها تستطيع العروس زيارة أهلها حيث تكون الزيارة الأولى برفقة زوجها وأقاربه فيقدم لهم الغداء وبذلك تكون رجِل العروس قد ردت بالعودة إلى بيت أهلها ويسدل الستار على أخر طقوس الزواج.
ويبين الصفدي أنه من التقاليد التي كانت سائدة في طقوس الأعراس بالسويداء سابقاً عملية رفع العمدة التي هي عبارة عن حجر كبير يجب على العريس او أحد أقربائه رفعه كدليل على الرجولة.
يشار إلى أن عادات وتقاليد الأعراس في السويداء اليوم تبدلت فليلة الحناء زالت وحلت مكانها صالونات الحلاقة والتجميل وراحلة العروس أصبحت السيارة بدلاً من الفرس الأصيل وانتهى رفع العمدة والشوباش وتغير لباس العريس من العباءة المقصبة إلى الطقم وربطة العنق وثياب العروس الطويلة والطربوش المرصع بالذهب إلى الإكليل والتاج.

