علامات المهدي المنتظر من السنة النبوية المطهرة
ظهور المصلح المهدي،واحد من أعظم أحداث التاريخ البشري الكبرى،لذلك أخبر الرسول الكريم محمد(ص)امته و أطلعها على ما أطلعه الله سبحانه عليه من عالم الغيب،من ظهور مصلح عظيم .
فلقد وجه الرسول الهادي(ص)امته و أمرها بالإيمان به و اتباعه عند ظهوره،كمصلح يعمل بكتاب الله و السنة النبوية المطهرة،و يقود البشرية إلى شاطىء الهدى و السلام،محطما أصنام الجاهلية و قيمها و أفكارها و حضارتها المدمرة.
و لكي تتقرب الفكرة الغيبية هذه إلى الأذهان و تتهيأ النفوس إلى تقبلها،حدد الرسول(ص)علامات الظهور،و فصلها الأئمة من أهل البيت(ع)،و لفتوا الأنظار إليها.
و مما ينبغي الاشارة إليه هنا،هو أن ما ورد في كتب التاريخ و الرواية من أخبار تتحدث عن المهدي(ع)و علامات ظهوره قد دس فيها الكثير من الأكاذيب و الأساطير.
لذا ينبغي تنقيح هذه الروايات و غربلتها و تحقيقها،لتظهر الحقيقة ناصعة،كما أخبر عنها الهادي محمد(ص)،و فصلها الأئمة الهداة(ع).
إن الروايات النبوية لتشير إلى ظهور نوعين من العلامات،علامات اجتماعيةو علامات طبيعية كونية.
و إن من أبرزها،العلامات و الإمارات الاجتماعية المشيرة إلى ظهور المهدي(ع)،و هي تردي الحضارة و الحياة البشرية في مهاوي الجاهلية،و وصولها إلى المراحل التي كانت تصل إليها في العصور التي تسبق ظهور نبي مصلح.
فعندما تنحدر البشرية في مستنقع الجاهلية،و تطغى الأفكار و العقائد و النظم و الأعراف و الأخلاق و العلاقات الجاهلية في الحياة البشرية،و يتردى الوضع الاقتصادي و الأمني،و ينتشر الخوف و القلق و الحروب،و الظلم و الجور،تكون الانسانية بحاجة إلى مصلح عظيم يغير مجرى التاريخ،و يحدث الانقلاب الشامل وفق منهاج النبوة و دعوتها التوحيدية الرائدة.
و كما تشير الروايات أيضا،أن من علامات ظهور المهدي(ع)،وصول البشرية إلى حالة راقية من التقدم العلمي و الصناعي،و نضج العقل البشري.
و تثبت الروايات علامة اخرى،و هي ولادة القاعدة و الأنصار و الحركة الإجتماعية و السياسية و العسكرية،التي توطىء للمهدي(ع)و تهيىء لظهوره.
و هكذا تتركز العلامات الإجتماعية في:
1ـانتشار الظلم و الجور.
2ـالتسلط الجاهلي،و ظهور الحياة الجاهلية بعقائدها و أخلاقيتها و حضارتها.
3ـالتقدم العلمي الهائل.
4ـالحروب و الفتن المدمرة،و غياب الأمن و السلام.
5ـظهور الكذابين و الدجالين،المدعين للاصلاح.
6ـالغلاء و التدهور الاقتصادي.
7ـظهور الموطئين و المهيئين،من حركات و قيادات و دعوات إصلاحية،و استغاثة للتخلص من الجاهلية المدعومة بقوى المادة و العدوان.
روى الصدوق في كتابه(من لا يحضره الفقيه)،أن الأصبغ بن نباتة،روى عنأمير المؤمنين،علي بن أبي طالب قوله:«يظهر في آخر الزمان و اقتراب الساعة،و هو شر الأزمنة،نسوة كاشفات عاريات،متبرجات،من الدين خارجات،داخلات في الفتن،مائلات إلى الشهوات،مسرعات إلى اللذات،مستحلات للمحرمات،في جهنم خالدات» (1) .
و روى المجلسي في(بحار الأنوار عن ثواب الأعمال)،عن أبيه،عن علي،عن أبيه،عن النوفلي،عن السكوني،عن أبي عبد الله(ع)،قال:«قال رسول الله(ص):سيأتي على أمتي زمان تخبث فيه سرائرهم،و تحسن فيه علانيتهم،طمعا في الدنيا،لا يريدون به ما عند الله عز و جل،يكون أمرهم رياء،لا يخالطه خوف،يعمهم الله منه بعقاب،فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجاب لهم» (2) .
و بالاسناد المذكور،قال:قال رسول الله(ص):«سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه،و لا من الاسلام إلا اسمه يسمون به،و هم أبعد الناس منه،مساجدهم عامرة،و هي خراب من الهدى،فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء،منهم خرجت الفتنة،و إليهم تعود» (3) .
و روي عن الإمام الباقر،محمد بن علي(ع)أنه قال:
«لا يخرج المهدي حتى يرقى الظلمة» (4) .
و روي عن علي بن أبي طالب(ع)عن رسول الله(ص):
«إن الإسلام بدأ غريبا،و سيعود غريبا،فطوبى للغرباء،فقيل و من هم يا رسول الله؟قال:الذين يصلحون إذا أفسد الناس،إنه لا وحشة،و لا غربة على مؤمن،و ما من مؤمن يموت في غربة إلا بكت الملائكة رحمة له،حيث قلت بواكيه،و إلا فسح لهفي قبره بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه» (5) .
و أخرج ابن ماجة في سننه/الجزء 2/في أبواب الفتن/فتنة الدجال،عن أبي إمامة الباهلي،قال :«خطبنا رسول الله(ص)،فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال،و حذرناه،فكان من قوله :أنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم،أعظم من فتنة الدجال،و أن الله لم يبعث نبيا إلا حذر امته الدجال،و أنا آخر الأنبياء،و أنتم آخر الامم،و هو خارج فيكم لا محالة» (6) .
و نقل الكليني في روضة الكافي حديثا عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)،يصف المستوى العلمي و الصناعي الذي تصله البشرية:«إن قائمنا إذا قام،مد الله عز و جل لشيعتنا في أسماعهم و أبصارهم حتى لا يكون بينهم و بين القائم بريد،يكلمهم فيسمعون و ينظرون إليه و هو في مكانه» (7) .
و روي عن الإمام الصادق(ع):«إن المؤمن في زمان القائم و هو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب،و كذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي بالمشرق» (8) .
و نستطيع القول أن هاتين الروايتين تشيران إلى تطور وسائل الاتصال التي بلغها العلم الحديث،من صناعة أجهزة نقل الصور و الأصوات،كالتلفزيون و الراديو والأنترنت و أمثالهما.و هاتان العلامتان الماديتان اللتان عرفناهما،بعد تقدم العلوم و المعارف(الرؤية،و السماع من بعيد)لم تكونا معروفتين من قبل،و بذا يمكن اعتبار هاتين الروايتين،بعض الوثائق المادية الدالة على صدق الظهور.و روى الشيخ الطوسي في كتاب(الغيبة)،عن محمد بن مسلم و أبي بصير،أنهما قالا:سمعنا أبا عبد الله(ع)يقول:«لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس،فقلنا إذا ذهب ثلثا الناس،فمن يبقى؟فقال:أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي» (9) .
و أخرج أبو نعيم،عن علي بن أبي طالب(ع)،في كتاب(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان)،قال :«لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث،و يموت ثلث،و يبقى ثلث» (10) .
و كما تتحدث تلك الروايات عن الإمارات الإجتماعية الدالة على ظهور المهدي،فهناك روايات اخرى تتحدث عن العلامات و الإمارات الطبيعية،مثل الخسوف و الكسوف في غير وقته الطبيعي،و التغيير في عالم الفلك و الطبيعة.
و لا بد من الإشارة هنا،إلى أن الروايات التي تحدثت عن ظهور الإمام المهدي،أكدت ظهوره من مكة المكرمة،و أنه يعلن خلافته و قيام دولته بعد نشوب خلافات عن الحكم و يبايع له الناس ما بين الركن و المقام في المسجد الحرام.