السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة ليست كباقي القصص, هي قصة فتاة شابة أتتها الدنيا راغمة ، عاشت بين ثنايا الترف و الثراء والأزياء، ترفل في ثياب النعيم وتحت هالات من أضواء الشهرة … حازت على كل ماتتمناه أي فتاة ..
فهل كانت سعيدة ؟ ولماذا ؟
فتعالوا بنا أحبتي نستمع لأختنا مصممة الأزياء سارة بكر وهي تروي قصتها ..
تقول الأستاذة سارة
نشأت في بيئة أسرية محبة أب متعلم وأم أمية كثيرة التعبد وتلاوة القرآن لا شيء يضايقها اكثرمن تهاوني في الطاعات من صلاة وصيام وكانت تلح علينا بالحجاب فوضعت إشارب بسيط على رأسي إرضاء لأمي ،لكني لم ألبث أن تخليت عنه وبكل بساطة،فلم أُعود عليه واجهل أهميته وفرضيته ، لذلك لم تكن لدي قناعة بلبسه تعبدا !!
كانت دعوات أمي لنا بالهداية تلازمنا صبح مساء، كنت أتضايق كثيرا من تلك الدعوة وأقول في نفسي "أنا أصلي وأصوم ايش شايفتني " !!
كنت فتاة محبة للسفر للحرية والانطلاق وروح المغامرة
وامتلك قدرا عاليا من الثقة في النفس والطموح اللا متناهي ..
في المرحلة الثانوية عرضت على فرصة الالتحاق بأحد المعاهد المختلطة في الخارج لدراسة اللغة الانجليزية وكم كانت سعادتي وفرحي بذلك الخبر فقدا عوض ما أفتقده في بلدي من حرية مطلقة دون حدود ودون حسيب أو رقيب.,.
سافرت للدراسة وسكنت عند عائلة كما هو متعارف، قبل بدأ الدراسة أخذنا المعهد في رحلة إلى أماكن عدة في المدينة ، كنت متحمسة جدا لتلك الرحلة ولكن سرعان ما اجتاحني شعور قوي بالخوف والوحشة وعدم الارتياح ، والتقزز والنفور مما شاهدت من مظاهر لا أخلاقية ،التي لم أعهدها في محيطي وبيئتي ، فأثرت العودة إلى منزل العائلة التي اسكن معها على إكمال الرحلة !!
كنت أتضايق كثيرا وانأ أشاهد أم العائلة وهي تحتسي الخمر أمامنا !!
بعد إتمامي للمرحلة الثانوية ذهبت لأحد الدول العربية لأبدأ مرحلة جديدة من حياتي وأكمل دراستي الجامعية ، لم يكن المحيط الذي اخترته لدراستي الجامعية يختلف كثيرا عن محيط دراستي للغة الانكليزية ، ففساد الأخلاق و مظاهر التحرر متفشية في ذلك المجتمع وبدى التأثر واضح في تبدل حال بعض صديقاتي .. ولكني كنت جادة في دراستي ولي هدف محدد فلم أتلوث بأي عبث أو فساد واعتقد إن ابتهالات والدتي كانت تحوم حولي تحفظني من كل شروسوء..
بعد عام من الدراسة لم استطع الاندماج في ذلك المجتمع ففضلت العودة للوطن لإكمال دراستي..
عدت لبلدي وأكملت دراستي الجامعية وتزوجت ثم توجهت بصحبة زوجي لأمريكا التي كانت تعني لي "بلاد الأحلام البعيدة "
قضيت فيها أربعة أعوام من الحرية التامة والتنقل بين الولايات لجلب بضاعة لمحل صغير أنشأته في منزلي ..
كنت أسافر كثيرا لوحدي لحضور دورات ومعارض للأزياء أقود سيارتي واذهب كيفما أشاء ومع من أشاء إلا إن كل ذلك لم يمنحني ما أريد … !!
كان الملل والضجر يخنقني واستشعرت سخف تلك الحضارة وتفاهتها وحقارتها.. !!
كنت أحس بفراغ عظيم في حياتي لم يملأ واني افتقد لشيء هام لم أجده بعد !! (كنت أصلي فروضي الخمسة وأصوم ولم انقطع يوما عنها )كانت تراودني بعض الخواطر السريعة وصحوة ضمير لاتتجاوز الدقائق لأعود كما كنت .. وفي أحداها استوقفني منظر مجموعة من اليهوديات بلباس محتشم وبدون زينة عكس ما كنت عليه تماما من تبرج فقلت في نفسي..
إن كانت اليهوديات يحترموا دينهم فـ ليش نحنا ما نحترم ديننا
ليش ما احترم ديني ونفسي ؟!وكالعادة سرعان ماتلاشت تلك الكلمات من مخيلتي ولم يبقى لها أي اثر !!
عدت من أمريكا وافتتحت أول محل خاص بي للأزياء وكانت طبيعة عملي تتطلب كثرة السفر والترحال ..
كنت حين أرى النساء المتحجبات الحجاب الشرعي الكامل في الخارج أقول "لبش مبهذله نفسها وليش جايه هنا وهيا راح تتغطا"
تمرست في مهنة التصميم التي عشقتها وبلغت شهرتي الآفاق وقمت بعدة عروض للأزياء كان اولها في بيروت ..
"لايخفاكم مافي تلك العروض من تعري وكشف لعورات العارضات قبل العرض وإثناءه"انتهي عرضي الأول وكان لابد لي أن احيي الحضور مع عارضاتي وقبل ظهوري بدون وعي مني أخذت طرحة ووضعتها على رأسي
وكم هالني كثرة المكالمات التي وصلتني تبارك لي ارتداء الحجاب على الرغم من إن لبسي له كان على سبيل إبراز هويتي لا أكثر ..
كان عرضي التالي في باريس .. فازدادت هالة الأضواء والشهرة حولي .. واستطعت تكوين ثروة طائلة حققت بها كل ما تمنيته من متع الدنيا وزخرفها ومع هذا كله ازداد الشعور الملازم لي بالغربة والوحشة وعدم الرضا وازداد حجم الفجوة بداخلي كان هناك حلقة مفقودة في كل ذلك النعيم !!
أمي هي ملاذي وسلوتي وحضنها الدفيء مكمن لبث مشاعري وأحاسيسي التي لا أجد تفسيرا لها فانا املك كل أسباب السعادة فلماذا هي بعيدة عني ؟؟
مرضت والدتي مرض عضالا و رغم الآلام التي لم تبارحها لم نسمعها إلا حامدة شاكرة راضية بقضاء ربها ومتقبلة لأقداره بكل إيمان وثبات توفيت والدتي رحمها الله تعالى ..
كانت رحمها الله ثقب الإبرة الذي أتنفس منه وبوفاتها ازدادت معاناتي وخوفي وقلقي وضاقت بي دنياي فلم تعد تسعني .
بعد ثلاثة أشهر من وفاتها قررت أن ارتدي الحجاب "أغطي شعري " خوفاً من أن يلحق أمي إثم من تبرجي وعدم إلزامها لي وتربيتي عليه فارتديته وفاء لأمي فقط..
لم يعارض زوجي حجابي وانهالت علي التبريكات وكنت أحس بزهو عجيب وهو يلازمني في كل مكان ، ومنحني جزء من الطمأنينة وقدر ضئيل من السعادة وكان بداية خير عظيم علي ..
في أول أيام شهر رمضان المبارك كنت أتابع برنامج عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم هز أعماقي وكأنما أيقظ شيئاً ساكناً فيها فكنت لأملك إلا أن اذرف الدموع واردد أين إنا عن تلك السيرة العطرة ؟
حرصت على متابعة البرنامج بكل شغف وكان لكل حلقة تأثير أقوى من سابقتها في داخلي حتى اتمم البرنامج ثلاثون حلقة ازدادت معها محبتي ومعرفتي بعظيم شأن الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فتعلقت بسنته فمن أحب محمد أحب سنته وطبقها وأحياها وكنت قدر المستطاع ابتعد عما نهى عنه صلوات ربي وسلامه عليه
بدأت البرامج الدينية تحوز على اهتمامي وإعجابي كان تأثري بها قوي جداً فبدأ زوجي يتذمر مما أنا عليه ويحاول ثنيي للرجوع كما كنت ، كثرت الخلافات بيننا حتى طالبت بالانفصال عنه وكان المقابل جسيم والخسارة عظيمة في مقياس الدنيا الزائلة ، حاول الضغط علي لأعود له فطالب بكامل ثروتي وتصاميمي !!
فقدمتها له بنفس راضية مقابل ديني وسعادتي ولم يبقي لي منها سوى النزر اليسير" من ترك شيء لله عوضه الله خيراً منه" !!
بعد انفصالي وذهاب ثروتي بفترة بسيطة فوجئت باتصال زبائني من جديد فاستطعت تعويض خسارة عام كامل بتصميمين !!
ثم أتيحت لي فرصة العرض في احد اكبر صالات العروض في لبنان فعرضت فيه مجموعة ملابس محتشمة أسميتها "بالخجولة" فاق نجاحه كل العروض السابقة ..
بعد تجربة زواجي السابقة ..
وفقت في زوج ملتزم كان خير معينا لي على الثبات و ارتديت الحجاب الشرعي الكامل " عباءة وغطاء وجه وقفاز" فكنت فيه كالملكة المتوجة على عرشها واشرع لي أبواب من السعادة والفرح والطمأنينة كنت بأمس الحاجة لها وتعلمت منه كثيراً واستفدت من علمه وعمله كثيراً فجزاه الله عني خير الجزاء..
في رحلتي تلك واجهت الكثير من الصعاب وجابهت الكثير من المخذولين الساخرين ولازلت ولكني أقول لهم وبصوت عالي
إليكم عني فلقد جربت حريتكم المزعومة وعشت بهرج دنياكم المقيت وخالطت مجتمعاتكم الزائفة ولم أتجرع إلا الشقاء
إليكم عني فخطانا تختلف ولا يمكن أن تلتقي يوما
إليكم عني فانا من بعتكم وبكامل إرادتي رغبة فيما هو اجل واسمى
إليكم عني فانا في جنة تغمرني السعادة بقربي من خالقي لو ينازعني عليها احد لقاتلته
سأزيل كل عائق في طريقي للوصول لغايتي الكبرى وهدفي الاسمى جنة عرضها السماوات والأرض تجمعني بحبيبي وقدوتي محمد عليه الصلاة والسلام وبوالدي وأحبابي ..
منقول