كتاب قوة التحكم في الذات ( للكاتب والمحاضر العالمي د. ابراهيم الفقّي )
يقول عنه مؤلّفه "وقد أمضيت أكثر من 20 سنة أبحث عن المسلك في تغيير البرمجة السلبية الى أخرى ايجابية ، وكانت نتيجة ابحاثي ودراساتي وسفرياتي هي هذا الكتاب .
بسم الله الرحمن الرحيم
((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))
المقدمة
عندما كان عمره شهران وقع الفيل الأبيض في فخ الصيادين في افريقيا وبيع في الأسواق لرجل ثري يملك حديقة حيوانات متكاملة. وبدأ المالك على الفور في إرسال الفيل إلى بيته الجديد في حديقة الحيوان ، وأطلق عليه اسم نيلسون. وعندما وصل المالك مع نيلسون إلى المكان الجديد، قام عمال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل نيلسون بسلسلة حديدية قوية ، وفي نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة كبيرة مصنوعة من الحديد الصلب ، ووضعوا نيلسون في مكان بعيد في الحديقة. شعر نيلسون بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية ، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر، ولكنه كلّما حاول ان يتحرك ويشد السلسلة الحديدية كانت الأوجاع تزداد عليه ، فما كان منه بعد عدة محاولات إلا اأن يتعب وينام. وفي اليوم التالي يستيقظ ويفعل نفس الشيء لمحاولة تخليص نفسه ، ولكن بلا جدوى حتى يتعب ويتألم وينام … ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله قرر نيلسون أن يتقبل الواقع ، ولم يحاول تخليص نفسه مرة أخرى ، وبذلك استطاع المالك الثري أن يبرمج الفيل نيلسون تماما .
وفي إحدى الليالي عندما كان نيلسون نائما ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة لكرة صغيرة مصنوعة من الخشب مما كان من الممكن أن تكون فرصة لنيلسون لتخليص نفسه ، ولكن الذي حدث كان هو العكس تماما . فقد تبرمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل وتسبب له الآلام والجراح ، وكان مالك حديقة الحيوانات يعلم تماما أن الفيل نيلسون قوي للغاية ، ولكنه كان قد تبرمج تماما بعدم قدرته وعدم استخدام قوته الذاتية .
وفي يوم زار الحديقة فتى صغير مع والدته وسأل المالك "هل يمكنك ياسيدي أن تشرح لي كيف أن هذا الفيل القوي لا يحاول تخليص نفسه من الكرة الخشبية ؟" فرد الرجل " بالطبع انت تعلم يابني ان الفيل نيلسون قوي جدا يستطيع تخليص نفسه في أي وقت ، وأنا ايضا أعرف هذا ، ولكن والمهم هو أن الفيل لا يعلم ذلك ولا يعرف مدى قدرته الذاتية ".
ما هي رسالة هذه القصة ؟
معظم الناس تتبرمج منذ الصغر على ان يتصرفون بطريقة معينة ، ويتكلمون بطريقة معينة ، ويعتقدون باعتقادات معينة ، ويشعرون بأحاسيس سلبية من أسباب معينة ، ويشعرون بالتعاسة لأسباب معينة ، واستمروا في حياتهم بنفس التصرفات تماما مثل الفيل نيلسون … واصبحوا سجناء في برمجتهم السلبية واعتقاداتهم السلبية التي تحد من حصولهم على ما يستحقون في الحياة . فنجد نسب الطلاق تزداد في الأرتفاع والشركات تغلق أبوابها ، والأصدقاء يتخاصمون وترتفع نسبة الأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية والقرحة والصداع المزمنوزالأزمات القلبية …
كل هذا سببه واحد وهو البرمجة السلبية . ولكن هذا الوضع من الممكن تغييره وتحويله إلى مصلحتنا … فانت وأنا وكل إنسان على هذه الإرض نستطيع تغيير هذه البرمجة واستبدالها بأخرى تساعدنا على العيش بسعادة وتؤهلنا إلى تحقيق اهدافنا . ولكن هذا التغيير يجب أن يبدأ بالخطوة الأولى وهو أن تقرر التغيير … فقرارك هذا الذي سيضيء لك الطريق إلى حياة أفضل ، وكما قال الله سبحانه وتعالى(( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم )).
ويجب عليك أن تعلم أن أي تغيير في حياتك يحدث اولا في داخلك … في الطريقة التي تفكر بها والتي ستسبب لك ثورة ذهنية كبيرة قد تجعل من حياتك سعادة أو تعاسة .
وقد أمضيت أكثر من 20 سنة أبحث عن المسلك في تغيير البرمجة السلبية الى أخرى ايجابية ، وكانت نتيجة ابحاثي ودراساتي وسفرياتي هي هذا الكتاب .
فهذا الكتاب ليس فقط للقراءة ولكن لكي يستخدم … فعندما تضع المعلومات الموجودة في هذا الكتاب في الفعل ستجد أن حياتك تحولت من سجن السلبيات والشعور والأحاسيس السلبية إلى حرية الإيجابيات والسعادة والنجاح .
فهيا نبدأ رحلتنا في قوة التحكم في الذات
(1) التحدث مع الذات
" القاتل الصامت "
مثل (أحب عملي جيدا"
انا انسان ممتاز
كل يوم وفي كل شيء حياتي تتحسن من أحسن الى أحسن
أنا صبور جدا" وذاكرتي ممتازه )
*انت اليوم حيث اوصلتك افكارك وستكون غدا حيث تأخذك افكارك *• جيمس آلان
هل تسمع احيانا صوتا يأتيك من داخلك كما لوكان هناك شخصا يتحدث إليك ؟
هل حدث أنك أردت الاستيقاظ مبكرا حتى تنهي تقريرا أو تقوم بعمل شيئا مهما وسمعت صوتين من داخلك … احدهما يحثك على النهوظ والآخر يشجعك على ان تظل راقدا في سريرك مع الدفء والراحة ؟ … ترى أي الصوتين كان الفائز ؟
هل تذكر في مرة كان من المفروض أن تذهب لمزاولة تمرينك الرياضي ولكنك سمعت صوتا يناديك من داخلك ويحثك على البقاء في المنزل ومشاهدة التلفزيون والتهام قطعة مغرية من الحلويات ؟
دعني اسألك … هل احيانا تتحدث مع نفسك ؟
كلنا كائنات تتكلم وتفكر وهذا لن يتوقف طالما نحن احياء …
هل تتحدث الى نفسك بصوت مرتفع ؟
تخيل انك كنت في مناقشة حادة مع رئيسك وكنت تقول في نفسك " هذا شخص غبي وأنا اكرهه " … أو تخيل لو أن شخصا ركز نظره عليك بينما أنت تتحدث مع نفسك بصوت مرتفع ؟… قطعا ذلك الشخص سيظن انك غير متزن عقليا !!!
ربما تكون قد مررت بتجربة سلبية سببت لك إحساسا سيئا ومن وقت لآخر تسمع صوتا يذكرك بتلك التجربة ويعيد عليك نفس الإحساس السيء .
أو ما رأيك في تجربة لم تحدث بعد ؟… فبالرغم أن هذه التجربة من الممكن أن تحدث في المستقبل فقط إلاّ إنك تفكر فيها وتشعر مقدما بالضيق من نتائجها المنتظرة قائلا في نفسك " لماذا انتظر حتى أمر التجربة ؟ … أعتقد أنه من الأفضل أن أشعر بالهموم من الآن "!!
دعني اسألك
لو أن رئيسك في العمل طلب منك في بداية الأسبوع مقابلته في مكتبه يوم الخميس الساعة التاسعة صباحا ، فماذا سيخطر في بالك ؟
طبعا ستسأل نفسك العديد من الأسئلة مثل :
" لماذا يريد مقابلتي ؟"… " ما هو الخطأ الذي ارتكبته ؟ " … "
هل سيقوم بفصلي من العمل ؟ " …
وتتوقع بالتالي كل السلبيات ، أليس كذلك ؟ …
ولكن في نفس الوقت هل من الممكن أن يدور في خاطرك بدلا من كل هذه السلبيات ، تكهنات مثل :
ترى كم ستكون العلاوة التي سيمنحني إياها ؟؟ ا
شك طبعا أن يدور هذا في تفكيرك ، بل إنك من الممكن أن تعود إلى بيتك بعد نهاية العمل وتقص على زوجتك أنباء هذا الطلب المفاجئ من رئيسك في العمل وبالتالي يسبب ذلك لكما المضايقات . ترى ماذا سيكون شعورك في بداية الأسبوع ؟
هل انت معنويا مرتفع أم منخفض ؟ …
وماذا عن اليوم التالي ؟ …
واليوم الذي يليه ؟ …
قطعا ستكون معنوياتك منخفضة أليس كذلك ؟
وأخيرا يأتي يوم الخميس وانت تنتظر أحدى المصائب وتفاجأ بأن رئيسك يقابلك بأبتسامة عريضة قائلا " كل عام وانت بخير أردت أن أكون أول المهنئين بعيد ميلادك اليوم "!! …
وهكذا حملت كل الهموم والأحاسيس السلبية مقدما وبدون أي سبب .
في كتابه " كيف توقف القلق والأحاسيس السلبية " قال ديل كارنيجي " أن اكثر من 93% من الأحداث التي نعتقد أنها ستسبب في الأحساسات السلبية لن تحدث أبدا ، و7% أو أقل لا يمكن التحكم فيها مثل الجو أو الموت مثلا " .
كطبيعة البشر نحن كثيرا ما نتحدث إلى أنفسنا ونتوقع السلبيات ، وقد أجرت إحدى الجامعات في كاليفورنيا دراسة على التحدث مع الذات عام 1983 وتوصلت الى أن اكثر من 80% من الذي نقوله لأنفسنا يكون سلبيا ويعمل ضد مصلحتنا ولك أن تتخيل مدى تأثير هذا الكم الهائل من السلبيات … والآن أريد أن اكلفك بعمل شيئا بسيطا وهو كلما انهمكت في التفكير فعليك أن تتوقف وتدون النقاط التي كنت تفكر فيها وستندهش من الكم الهائل من الطاقة الضائعة في القلق والسلبيات التي اثقلت بها ذهنك .
وهناك مفاجأة اخرى حيث أن البحث لم يصل الى تلك النتائج فقط بل توصل أيضا إلى أن هذا القلق يتسبب في اكثر من 75% من الأمراض بما في ذلك ضغط الدم والقرحة والنوبات القلبية ، أي أنك بكامل إرادتك تتحدث إلى نفسك وتفكر بطريقة سلبية وايضا تصاب بالمرض ولا تحتاج لأي مساعدة من أحد لأنجاز كل ذلك .
قال د. وين داير في كتابة " الحكمة في حياتنا اليومية " " ما يفكر فيه الناس ويتحدثون عنه يتزايد ويصبح افعالا " … ترى ما الذي يتسبب في أن تتحدث مع ذاتك ؟ … وكيف يمكنك أن تتحكم في ذلك ؟ … وكيف تجعل هذا التحدث يعمل لمصلحتك بدلا من ان يعمل ضدك ؟ … هذا هو موضوعنا الآن.
يتبع …
المصدر الأول : الوالدين
هل تذكر إنه قد قيل لك من قبل عبارات مثل : أنت كسلان ، ألا يمكنك أبدا عمل أي شيء كما يجب ، أنت غير منظم ، أنت تشبه فلانا في الكسل والغباء .
أو أنك مثل الأغلبية فعندى لك مفاجأة حيث أن د. تشاد هليمستر قال في كتابه " ما ذا تقول عندما تحدث نفسك " … إنه في خلال ال 18 سنة الأولى من عمرنا وعلى أفتراض نشأتنا وسط عائلة إيجابية إلى حد معقول فإنك قد قيل لك أكثر من 148000 مرة (لا) ، أو (لا تعمل ذلك ) … تخيل 148000 مرة ، وستصل دهشتك إلى ذروتها عندما تعلم إنه في نفس الفترة كان عدد الرسائل الإيجابية التي وصلتنا تبعا للدكتور هليمستتر لا تتجاوز 400 مرة . وهذا بالطبع يعني أن آباءنا وأمهاتنا لم يكونوا على دراية بأي طريقة أخرى أفضل لأنهم كانوا قد نشأوا وتبرمجوا على نفس المنوال بواسطة آبائهم ، وبالتالي قاموا بتربيتنا بنفس الطريقة وقاموا ببرمجتنا سلبيا بدون قصد ، ولكن مع الحب .
وفي كتابهما خط الحياة قال د.تاد جيمس وويات ووتسمول " عندما نبلغ السابعة من عمرنا يكون أكثر من 90% من قيمنا قد تخزنت في عقولنا ، وعندما نبلغ سن الواحدة والعشرين تكون جميع قيمنا قد اكتملت واستقرت في عقولنا " … وبهذه الطريقة نكون قد نشأنا مبرمجين إما سلبيا أو إيجابيا .
المصدر الثاني : المدرسة
إذا عدت بذاكرتك إلى مرحلة التلمذة ، فربما قد تكون مررت بأحد المواقف التي صعب فيها عليك إحدى النقاط كان المدرس قد قام بشرحها ، وعندما سألت بعض الأسئلة التوضيحية كان رد المدرس " ألا يمكنك فهم أي شيء أبدا ؟" وطبعا قام بقية التلاميذ بالسخرية من هذا الموقف … فالمدرسة هي المصدر الرئيسي الثاني للبرمجة الذاتية ، وقد يكون ذلك ايجابيا أو سلبيا .
المصدر الثالث : الأصدقاء
يؤثر الأصدقاء على بعضهم البعض بطريقة جوهرية حيث أنهم من الممكن أن يتناقلوا عادات سلبية مثل التدخين وشرب الخمر وتعاطي المخدرات والهروب من المدرسة … الخ وفي الواقع فإن أغلب المدخنين كانوا قد انجذبوا الى التدخين بتأثير من أشخاص آخرين وذلك عندما كانت تتراوح أعمارهم 8-15 سنة وهو العمر الذي يطلق عليه علماء النفس فترة الإقتداء بالآخرين … وهي الفترة التي يبدأ فيها الأطفال تقليد سلوك الآخرين .
المصدر الرابع : الإعلام
أجريت دراسة عن الشباب في امريكا وكيف يقضون أوقاتهم تبين من نتيجتها أن الشباب في سن النمو يقضون حوالي 39 ساعة اسبوعيا في مشاهدة التليفزيون ، وإذا رأى الطفل أن المطرب أو الممثل المفضل لديه تصرف بطريقة معينة فإنه سيقوم بتقليده حتى ولو كان هذا السلوك سلوك سلبيا والمثال على ذلك إن أحدى المغنيات الشهيرات عالميا ظهرت في أحدى حفلاتها ترتدي رداءا يكشف جزءا من بطنها … فهل تعرف ماذا حدث ؟ في نفس الأسبوع كانت اكثر من 50 ألف فتاة ترتدي مثل هذا الرداء .
المصدر الخامس : أنت نفسك
بالإضافة إلى المصادر الأربعة السابقة ، فإنك تضيف إليهم برمجة ذاتية نابعة منك أنت … ففي إحدى محاضراتي عن السيادة الكاملة على الذات قالت لي إحدى الحاضرات أن ابويها كانا غير راغبين فيها ولم يعبروا أبدا عن حبهم لها وشعرت بأنها منبوذة من الجميع ووجدت نفسها وحيدة ، فبدت في ممارسة إحدى العادات السيئة وهي تناول الطعام بنهم وشراهة وقالت إن الطعام كان ملذتها ومهربها في نفس الوقت ، ولكن هذه المتعة تسببت في زيادة فظيعة في وزنها وكانت قد بلغت في ذلك الوقت 35 سنة وما زالت تشعر بأنها وحيدة فحضرت تلك المحاضرة على أمل إيجاد مخرج من مشكلتها .
فمن الممكن للبرمجة الذاتية والتحدث مع النفس أن تجعل منك إنسانا سعيدا ناجحا يحقق أحلامه أو تعيسا وحيدا يائسا من الحياة وفي ذلك يقول د. هلمستتر "أن ما تضعه في ذهنك سواءا كان سلبيا أو إيجابيا ستجنيه في النهاية ".
ننتقل الان إلى التحدث عن المستويات الثلاثة الرئيسية للتحدث مع الذات :
المستوى الأول وهو ما أطلق عليه "" ألإرهابي الداخلي "
الإرهابي الداخلي هو أخطر مستويات التحدث مع الذات فإنه من الممكن أن يجعلك فاقد الأمل ويشعرك بعدم الكفاءة ويضع أمامك الحواجز التي تمنعك من تحقيق أهدافك … فالإرهابي الداخلي يبعث إشارات سلبية مثل : أنا خجول ، أنا ضعيف ، أنا ذاكرتي ضعيفة جدا ، أنا لا أستطيع إنقاص وزني لقد حاولت ولم أنجح ، أنا لا أستطيع أن أتوقف عن التدخين لقد حاولت كثيرا ولكني فشلت ، أنا لا أستطيع الأستيقاظ مبكرا ، أنا لا استطيع أن أتحدث أمام الجمهور ، أنا شكلي غير جذاب . يقوم الناس بإرسال إشارات سلبية للعقل الباطن ويرددونها باستمرا إلى أن تصبح جزءا من اعتقاداتهم القوية وبالتالي تؤثر على تصرفاتهم وأحاسيسهم الخاصة بهم وبالعالم حولهم .
المستوى الثاني هو كلمة " ولكن " السلبية
هذا المستوى من التحدث إلى الذات أفضل من المستوى الأول … فالإنسان يقول أنه يرغب في التغيير ويضيف كلمة " لكن " … وللأسف فإن هذه الكلمة تمحو الإشارات الإيجابية التي سبقتها … مثل : أريد انقاص وزني ولكني لا أستطيع ، أريد التوقف عن التدخين ولكن أخشى من زيادة وزني نتيجة لذلك ، أريد أن استيقظ مبكرا ولكن لا أحب ذلك .
والآن إذا قلت لك أنك ممتاز " ولكن " فما الذي سيدور في ذهنك ؟ … بالتأكيد أفكار سيئة حيث أن كلمة " ولكن " تمحي دائما كل ما جاء قبلها وعلى ذلك فالرسالة التي سيحتفظ بها العقل الباطن هي " أنا لا أستطيع " … فكلمة " ولكن " يستعملها الناس للتهرب من اتخاذ أي قرار فعال … فوراء كلمة " ولكن " وكلمة "أنا لا أستطيع" يوجد خوف يمنع الشخص من الوصول إلى هدفه .
المستوى الثالث والأخير هو التقبل الا يجابي
هذا المستوى من التحدث مع الذات هو أقوى المستويات بمراحل كما أنه يكون مصدرا للقوة وعلامة على الثقة بالتفس والتقدير الشخصي السليم والأمثلة على التقبل الإيجابي تتضح من الآتي : أنا استطيع أن أمتنع عن التدخين ، أنا أستطيع أن أحقق أهدافي ، أنا أقوى وعندي مقدرة كبيرة ، أنا إنسان ممتاز ، أنا عندي ذاكرة قوية .
كل هذه الرسائل الإيجابية تدعم خطواتنا بالحماس ، والثقة اتجاه أهدافنا الى أن نحققها .
بعد أن تحدثنا عن المصادر الخمسة الرئيسية للبرمجة الشخصية والمستويات الثلاثة للتحدث مع الذات نتكلم الآن عن الأنواع الثلاثة للتحدث مع الذات
أول انواع التحدث مع الذات هو الفكر
هذا النوع من التحدث ذو قوة شديدة ، ومن الممكن أن يؤدي إلى نتائج خطيرة فمثلا إذا فكرت في شخص لا تحبه وتذكرت أحد المواقف التي كان ذلك الشخص طرفا فيها واستمعت إلى ما تقوله لنفسك فلاحظ الإحساس الذي سوف تشعر به … فهذا النوع من التحدث مع الذات من الممكن أن يؤدي إلى الأكتئاب ويؤثر تأثيرا" سلبيا" على الصحة البدنية ، ومن الممكن أن يحرمك من المتعة في جميع مجالات الحياة وفي ذلك كتب " فرانك أوتلو " :
*راقب أفكارك لأنها ستصبح أفعال *
*راقب أفعالك لأنها ستصبح عادات *
*راقب عاداتك لأنها ستصبح طباع *
* راقب طباعك لأنها ستحدد مصيرك *
ثاني انواع التحدث مع الذات هو الحوار مع النفس
هل حدث أن دخلت في جدال مع شخص وبعد أن تركك هذا الشخص دار في ذهنك شريط الجدال مرة أخرى ؟ … في هذه الحالة ستكون قد قمت بالدورين وكأن عندك ندائين داخليين أحدهما يمثلك والثاني يمثل الشخص الآخر وأخذت في أعادة شريط الجدال عدة مرات مع أضافة عبارات كنت تتمنى أن تقولها وقت الجدال الأصلي مثل : " في المرة القادمة تنبه جيدا مع من تتعامل " … ويكون الرد " أسف " …وتقوم أنت بالرد على ذلك قائلا " الأسف غير كاف " وتظل على هذا المنوال إلى أن تفقد صوابك . هذا النوع من التحدث مع الذات يولد أحاسيس قوية سلبية .
ثالث أنواع التحدث مع الذات هو التعبير بصراحة والجهر بالقول
وهذا النوع يأخذ شكلين :
الشكل الأول التحدث مع النفس بصوت مرتفع :
هل حدث أن رأيت شخصا يتحدث إلى نفسه بصوت مرتفع أثناء سيره ؟ … كنت إحدى المرات أتجول في بهو أحد الفنادق فوجدت شخصا يتحدث إلى نفسه بصوت مرتفع ويلوح بيديه وبمجرد أن رآني أنظر إليه توقف وسار بعيدا !! إن ما يحدث في هذه الحالة هو أن يكون الشخص تحت ضغط غير عادي فيلجأ لا شعوريا للتنفيس عن نفسه بهذه الطريقة ، ولكنها تؤدي إلى أضرار صحية منها رفع ضغط الدم كما أنها تقوم بتوليد طاقة سلبية ضخمة .
الشكل الثاني يكون على هيئة محادثة توحي بعدم الكفاءة :
لتوضيح ذلك إليك هذا المثال : كان محددا لي أن ألقى محاضرة في فندق الملكة اليزا بيث في مونتريال ، وفي إحدى طرقات الفندق سمعت إحدى السيدات تقول للأخرى " أنا عندي خوف رهيب من التحدث أمام الجمهور ، أنا لا أعرف كيف يستطيع الناس القيام بذلك . كيف يقفون أمام الجمهور ويكونوا عرضه للسخرية " … وردت عليها السيدة الأخرى " أنت على حق تماما فأنا لن أتكلم أبدا أمام الجمهور " !!
وإذا حللنا هذا الموقف نجد أن السيدة الأولى قالت عن نفسها أشياء سلبية ووضعت نفسها في فخ هي التي صنعته ، وليس هذا فقط بل أنها أثرت على زميلتها وشجعتها أن تشعر بنفس الإحساس … فالبرمجة الذاتية بهذه الطريقة هي التي تحتوي على تكرار العبارات السلبية للنفس بالإضافة إلى تقبل هذه العبارات من الآخرين وهي على ذلك ضارة للغاية وتسبب أحاسيس هدامة تقلل من أداء ادوارك في جميع مجالات الحياة .
وقد يحدث أن نمر بهذه الأنواع الثلاثة من التحدث مع الذات يوميا عن طريق برمجة وإعادة برمجة عقلنا بإشارات سلبية للغاية فتستقر وترسخ بعمق في العقل الباطن وتصبح عادات ، وفي هذا الخصوص قال العالم الألماني جوته " أشر الأضرار التي ممكن أن تصيب الإنسان هو ظنه السيء بنفسه " . وهناك حديث شريف يقول " لا يحقرن أحدكم نفسه ".
لحسن الحظ فأنت وأنا وأي شخص في استطاعتنا التصرف تجاه التحدث مع الذات الذي يتسبب في البرمجة الذاتية ، وفي استطاعتنا تغيير أي برمجة سلبية لإحلال برمجة أخرى جديدة إيجابية تزودنا بالقوة ، والسبب في ذلك بسيط وهو أننا نتحكم في أفكارنا فنحن المالكون لعقولنا وعلى ذلك فيمكننا أن نغير فيها تبعا لرغباتنا . وقد قال ارتست هولمز في كتابه النظريات الأساسية لعلم العقل " أفكاري تتحكم في خيراتي ، وفي استطاعتي توجيه أفكاري " … وفي كتابها العودة للحب قالت ماريان ويليامسون " في استطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا ومستقبلنا بإعادة برمجة حاضرنا " … وفي علم البرمجة اللغوية العصبية هناك مبدأ يقول " أنا مسئول عن عقلي إذا" أنا مسئول عن نتائج أفعالي " .
من حقك كما أنه في استطاعتك أن تفكر بالطريقة التي تريدها أنت وأيضا في الشيء الذي ترغبه ، لا يوجد هناك من يستطيع أن يوجه أفكارك … أفكارك تحت سيطرتك أنت وحدك ، ومن الممكن ببساطة توجيه التحدث مع الذات إلى الأتجاه السليم مما يحول حياتك إلى تجارب مليئة بالنجاح والسعادة .
وفي كتابهما تجرأ لتكسب قال جاك كانفليد ومارك فينسن " نحن جميعا متساوون في إننا نملك 18 مليون خلية عقلية كل ما يلزمها هو التوجيه ".
قبل أن تنتقل إلى الخطة التي عن طريقها يمكنك تغيير النداءات السلبية الى أخرى إيجابية ذات فعالية دعني أشرح لك كيف يعمل العقل الحاضر والعقل الباطن سويا .
إذا اعتبرنا أن العقل الحاضر هو معد برامج الكمبيوتر وأن العقل الباطن هو عقل الكمبيوتر فإن معد البرامج يجمع المعلومات من الخارج ويغذي بها عقل الكمبيوتر ، فمثلا" لو أن معد البرامج يغذي الكمبيوتر بالرسائل التالية في برنامجه :
أنا خجول … أنا لا أستطيع الأمتناع عن التدخين ، أنا أشعر بالضيق ، أنا عصبي المزاج ، أنا لا أستطيع مزاولة الألعاب الرياضية . فإذا دخل هذا البرنامج إلى الكمبيوتر فإن الذي سيظهر على شاشة الكمبيوتر بالضبط هو " أنا خجول ولا أستطيع الأمتناع عن التدخين …الخ " فوظيفة العقل الحاضر هو تجميع المعلومات وإرسالها إلى العقل الباطن ليغذيه بها ، وهذا الأخير لا يعقل الأشياء فهو ببساطة يخزن المعلومات ويقوم بتكرارها فيما بعد لا أكثر ولا أقل ، فلو حدث أن رسالة ما تبرمجت لمدة طويلة ولمرات عديدة فإنها سترسخ وتستقر في مستوى عميق من العقل الباطن ولا يمكن تغييرها ، ولكن من الممكن استبدالها ببرمجة أخرى سليمة .
الآن إذا طلبت منك ألاّ تفكر في كلب أبيض ، هل يمكنك أن تقوم بذلك ؟
وإذا طلبت منك ألاّ تفكر في حصان أسود ، هل يمكنك أن تقوم بذلك ؟
بالطبع " لا " فأنت غالبا قمت بالتفكير في كلب أبيض معين أو حصان أسود معين . وإذا قمنا بتحليل ما حدث نجد أن العقل الباطن قام بإلغاء كلمة " لا" واحتفظ بعبارة " فكر في كلب أبيض " ، ونفس الشيء يحدث عندما يسألك شخص ما عن أحوالك ويكون ردك " لا بأس " لذلك لو سألت أحد الأشخاص عن أحواله وكان رده " لا بأس " فقل له " اتمنى ذلك حظا سعيدا " !!
العقل الباطن يحتفظ فقط بالرسائل الإيجابية التي تدل على الوقت الحاضر بعكس إنك إذا قلت لنفسك " أنا سأكون بخير " فإن رسالتك لن يكون لها التأثير القوي ، فيجب أن تكون رسالتك دائما في الحاضر وليس فيما بعد … وإليك بعض الأمثلة على الرسائل الإيجابية الفعالة :
" أنا قوي ، أنا سعيد ، أنا هادئ الأعصاب ، أنا عندي ذاكرة قوية ".
والآن إليك القواعد الخمس لبرمجة عقلك الباطن :
1-يجب ان تكون رسالتك واضحة ومحددة
2- يجب أن تكون رسالتك إيجابية
3- يجب أن تدل رسالتك على الوقت الحاضر .
4- يجب أن يصاحب رسالتك الإحساس القوي بمضمونها حتى يقبلها العقل الباطن ويبرمجها .
5- يجب أن تكرر الرسالة عدة مرات إلى أن تتبرمج تماما" .
والآن إليك هذه الخطة حتى يكون تحدثك مع الذات ذو قوة إيجابية :
1- دوّن على الأقل خمس رسائل ذاتية سلبية كان لها تأثير عليك مثل : أنا إنسان خجول ، أنا لا أستطيع الأمتناع عن التدخين ، أنا ذاكرتي ضعيفة ، أنا لا أستطيع الكلام أمام الجمهور ، أنا عصبي المزاج . والآن مزق الورقة التي دونت عليها هذه الرسائل السلبية والق بها بعيدا .
2- دون خمس رسائل ذاتية إيجابية تعطيك قوة وابدأ دائما بكلمة "أنا" مثل: " أنا أستطيع الأمتناع عن التدخين " … " أنا أحب التحدث إلى الناس " … " أنا ذاكرتي قوية " … " أنا انسان ممتاز" … " أنا نشيط
3-دون رسالتك الإيجابية في مفكرة صغيرة واحتفظ بها معك دائما .
4- والآن خذ نفسا عميقا واقرأ الرسالات واحدة تلو الأخرى إلى أن تستوعبهم جيدا .
5- ابدأ مرة أخرى بأول رسالة وخذ نفسا عميقا وأطرد أي توتر داخل جسمك . اقرأ الرسالة الأولى عشر مرات بإحساس قوي ، أغمض عينيك وتخيل نفسك بشكلك الجديد ثم افتح عينيك .
6- ابتدأ من اليوم إحذر ماذا تقول لنفسك وإحذر ما الذي تقوله للآخرين وإحذر ما الذي يقوله الآخرون لك . لو لاحظت أي رسالة سلبية قم بالغائها بأن تقول " الغي " وقم بأستبدالها برسالة اخرى إيجابية .
تأكد أن عندك القوة وأنك تستطيع أن تكون وتستطيع أن تملك وتستطيع القيام بعمل ما تريده وذلك بمجرد أن تحدد بالضبط ما الذي تريده وأن تتحرك في هذا الإتجاه بكل ما تملك من قوة وقد قال في ذلك جيم رون مؤلف كتاب السعادة الدائمة " التكرار أساس المهارات الدائمة " … لذلك عليك بأن تثق فيما تقوله ، وأن تكرر دائما لنفسك الرسالات الإيجابية فأنت سيد عقلك وقبطان سفينتك … أنت تتحكم في حياتك وتستطيع تحويل حياتك إلى تجربة من السعادة والصحة والنجاح بلا حدود .
وتذكر دائما :
عش كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك ، عش بالإيمان ، عش بالأمل ، عش بالحب ، عش بالكفاح وقدر قيمة الحياة .
يتبع …
" هذه آخر كلماتي لك ، لا تخف من الحياة ، آمن بأن الحياة تستحق أن تعيشها ، وسوف يساعدك ايمانك على تحقيق الواقع "
د. وليام جيمس
تحدث العالم النفساني الأمريكي ابراهام ماسلو عن رجل كان مصرّا" في اعتقاده على أنه جثة بالرغم من جهود طبيبه النفسي لعلاجه ، وفجأة خطر في ذهن طبيبه سؤالا ذكيا … فقال له الطبيب " هل من المعقول أن تنزف الدماء من الجثة ؟ " فرد عليه المريض قائلا " ما هذا الذي تقوله يادكتور ، طبعا" الجثث لا تنزف الدماء " وعلى الفور قام الطبيب بوخز إصبع المريض فخرجت منه نقطة من الدماء ، وبدت الدهشة والاستغراب على وجه المريض وصاح قائلا" " الآن فقط اقتنعت أنه من الممكن أن تنزف الدماء من الجثث " .
ماذا تعني هذه القصة ؟ … هذا الرجل كان يعتقد أنه جثة هامدة ، وكان يرفض كل أنواع العلاج حتى تغير اعتقاده إلى أنه من الممكن أن تنزف الدماء من أي جثة ، وبالتالي فمن الممكن علاجها ، وعلى ذلك تقبل هو أن يضع نفسه تحت العلاج .
لا يتطلب الاعتقاد أن يكون الشيء حقيقة فعلا ، ولكن كل ما يتطلبه هو الأاعتقاد بأنه حقيقة . والاعتقاد هو الأساس الذي نبني عليه كل افعالنا وهو أهم خطوة في طريق النجاح . وفي ذلك هناك حكمة تقول " لكي ننجح فلا بد أولا أن نؤمن بأننا نستطيع النجاح " … وقد قال الكاتب الأمريكي نابليون هيل " ما يدركه ويؤمن به عقل الإنسان يمكنه أن يحققه " .
وإليك قصة ذلك المريض الذي لم تنجح معه أي طريقة في العلاج حتى لجأ طبيبه إلى فكرة بسيطة وهي أنه قال للمريض أن هناك دواء أكتشف حديثا من الممكن أن ينجح في علاجه في اقل من 24 ساعة ، وبكل حماس طلب المريض الحصول على هذا الدواء المدهش ، فأعطاه الطبيب قرصين وأكد له أنه في أقل من 24 ساعة سيكون قد شفي تماما" وقد حدث فعلا أن المريض زالت شكواه وشفى في اليوم التالي وشكر الطبيب على المعجزة … الآن هل تعرف ما هو هذا الدواء المعجزة ؟ … قرصين من الاسبرين !! وقد شفي المريض فقط بقوة اعتقاده .
وقد حدث أن كنت في دالاس في امريكا لإلقاء محاضرة عن مدى قوة تأثير الاعتقاد وكيف يكون اعتقاد الشخص هو السبب الرئيسي للنجاح والصحة الكاملة والسعادة أو الفشل والمرض والتعاسة . وبعد المحاضرة تجمع بعض الموجودين وقال أحدهم وكان رجلا في الثلاثينات من عمره أن ما ذكرته في المحاضرة هو صحيح للغاية حيث ان جدته البالغة من العمر 73 سنة تخاف جدا" من ركوب المصاعد حيث إنها مرت بتجربة سيئة عندما كانت في الثامنة من عمرها حين تعطل بها المصعد وظلت محبوسة لأكثر من ساعة كانت طوالها تصرخ وتبكي ومنذ ذلك اليوم وهي تخاف جدا من استعمال المصاعد وتتفادى ركوبها حتى لوكان ذلك يعني أنها ستصعد 500 درجة على قدميها .
وقال لي شخص آخر في آواخر الأربعينات من عمره أنه يخاف جدا من الكلاب حيث ان كلبا قد هجم عليه عندما كان في الخامسة من عمره وعقره مرتين في رجله واضطر للذهاب فورا للمستشفى للعلاج ، ومنذ ذلك اليوم لا يمكن أن يتواجد في أي مكان به كلب . وذكرت لي أحدى السيدات أنها تكره القطط وتقوم بعمل أي شيء لتفاديهم حتى اذا كان ذلك يعني انها لا تقوم بزيارة الأصدقاء والأقارب الذين يقتنون القطط وهي تعلم جيدا أن خوفها هذا وكراهيتها للقطط يؤثر عليها وعلى أطفالها الذين يتمنون ان يكون لديهم قطة . وقال لي شاب رابع أنه كان ان يعتقد أن سيكون بدينا جدا مثل والده وقد سبب له هذا الأعتقاد بعض الأمراض والمتاعب النفسية والجسدية ، فمنذ عشر سنوات قرر ان يتصرف ايجابيا في هذا الموضوع فلجأ إلى أحد الأطباء المتخصصون وفي خلال سنة من العلاج استطاع ان يقضي على ذلك الأعتقاد السلبي الذي كان من الممكن أن يدمر حياته .
وكما أنه من الممكن أن يكون الأعتقاد سببا في الفشل والحد من تصرفاتنا في الحياة ، يمكنه ايضا ان يكون سببا رئيسيا للنجاح وتحقيق أهدافنا في الحياة والمثال على ذلك ان توماس أديسون أجرى 9999 تجربة قبل نجاحه في أختراع المصباح الكهربائي بعد أن ضحك عليه الناس . ومع ذلك لم يتوقف عن محاولاته الفاشلة قائلا" أنه لم ييأس حيث أن كل خطوة فاشلة يستبعدها تجعله يتقدم للأمام . وأيضا مثال والت ديزني الذي ذهب إلى زوجته ومعه رسما كاريكاتيريا لفأر صغير قائلا لها " نحن سنجني ثروة كبيرة من وراء هذا الفأر " وكانت زوجته أول من قال له " أتمنى أن لا تكون قد قلت مثل هذا الكلام لأي شخص آخر !!" ، ولكن اعتقاد ديزني في النجاح جعله يستمر في أحلامه مقتنعا أنه سيبتكر شخصية ميكي ماوس ومدينة ديزني ، وفي طريقه لتحقيق أحلامه واجه العديد من العقبات وأفلس أكثر من مرّة ولكن بقوة أعتقاده استطاع أن يحقق النجاح حيث تعتبر مدينة ديزني الآن عملا" فنيا" رائعا" يجذب خيال الأطفال وايضا" الكبار .
في كتابه " الأعتقاد" قال الكاتب الأمريكي روبرت ديلنز " يمثل الاعتقاد أكبر إطار للسلوك ، وعندما يكون الاعتقاد قويا ستكون تصرفاتنا متماشية مع هذا الاعتقاد " .
وقد قال د. ريتشارد باندلر أحد مؤسسي البرمجة اللغوية العصبية " أن للاعتقادات قوة كبيرة فإذا استطعت أن تغير أعتقادات أي شخص فإنك من الممكن أن تجعله يفعل أي شيء " .
وفي كتابه " عشر قوانين طبيعية للوقت المثمر وتنظيم الحياة " قال هيرام سميث " لكل اعتقاد مجموعة قوانين مبرمجة في مستوى عميق في العقل الباطن ، وعلى أساس هذه القوانين يتصرف الأنسان " .
والآن نشرح الأشكال الخمسة الأساسية للاعتقاد والتي تؤثر على تصرفاتنا :
(1) أول اشكال الأعتقاد هو الأعتقاد الخاص بالذات :
وهذا هو اقوى أنواع الأعتقادات ، فكيفية اعتقادك في نفسك يمكنها أن تزيد من قوتك وتساعدك في التقدم للأمام لبلوغ أهدافك أو تكون مدمرة وتبعدك عن أهدافك وتمنعك من إحداث أي تغيير … ومثال على ذلك بطل الملاكمة الأمريكي محمد علي الذي كان يردد دائما" " أنا أعظم ملاكم ، أنا أعظم ملاكم " فبسبب قوة اعتقاده في نفسه وفي إمكانياته أستطاع أن يصل إلى درجة الأمتياز وأصبح من أعظم الملاكمين في عصره ، وقد سأل مرة في حديث تلفزيوني عن الشيء الذي يمكنه أن يصنع بطلا" عظيم ؟ وكان رده " لكي تكون بطلا" يجب أولا" أن تؤمن وتعتقد أنك الأحسن ، وإذا لم تكن بطلا يجب أولا أن تؤمن وتعتقد أنك الأحسن ، وإذا لم تكن الأحسن تظاهر وتصرف كأنك الأحسن " … وبأختصار فقد أراد محمد علي أن يجعلنا نفهم أنه من الواجب أن يكون عندنا اعتقادا قويا في أنفسنا وفيما نريد أن نكونه .
وإليك بعض الأمثلة للأعتقادات السلبية عن الذات :
· أنا لا أساوي شيئا" .
· أنا لا أستحق النجاح .
· إذا أصبحت غنيا" سأكون وحيدا" وسأفقد كل أصدقائي .
· لو أمتنعت عن التدخين سيزيد وزني .
· أنا لا أستطيع قيادة السيارة على الطريق السريع لأنه خطر .
· كلّما قمت بتجربة أي شيء جديد لا أنجح ، أنا فاشل .
والآن إليك بعض الأمثلة التي تدل على الأعتقادات القوية عن الذات * انا قوي وأتمتع بصحة ممتازة .
*أنا أثق في نفسي وفي قدرتي على النجاح .
* أنا أب ، أم ، زوج ، زوجة ، أبن ، أبنه ، أخت ، أخ ممتاز .
الاعتقادات عن الذات لها قوة شديدة زإذا ما قمت بتغييرها فإنك ستصبح شخصا مختلفا" تماماط وستغير حياتك كلية .
(2) ثاني أشكال الاعتقاد هو الاعتقاد فيما تعنيه الأشياء :
هذا النوع من الاعتقاد يمثل ما تعنيه الأشياء بالنسبة لنا وتدل على حالة الشيء وكونه ذو أهمية أو غير ذي أهمية بالنسبة لنا . وكمثال فقد حدث أن كنت مرّة في لويزيانا ألقي محاضرة عن فلسفة النجاح وكعادتي دائما" أردت أن اسأل الحاضرين عمّا اذا كان أحدهم عنده اعتقادات سلبية عن ذاته يشعر إنها تحدّ من قدراته ويجب أن يتخلص منها … فخرجت من بين الصفوف شابة تملأ عينيها الدموع واقتربت مني وقالت " أنا لا أستطيع أن أثق في أي رجل ، لقد جرحت ثلاث مرات فقررت ألاّ يكون في حياتي أي رجل حتى لا أصدم مرة أخرى ، وفي نفس الوقت أشعر بوحدة فظيعة " … وأردت أولا" أن أوقف تفكيرها السلبي فورا" زأن أجعلها تكفّ عن البكاء ، فسألتها " هل ذهبت في أي رحلى ألى الصين ؟ " فأندهشت من السؤال وتوقفت عن البكاء وقالت "لا " … فطلبت منها أن تكمل قصتها بخصوص عدم ثقتها في الرجال ، ولمّا أخذت في البكاء مرة أخر سألتها " هل تعتقدي أن الناس في الصين يبكون مثلما نبكي نحن ، أم أنهم يقومون بعمل حركات بوجوههم وتخرج الدموع من أذانهم ؟ " وطبعا" بدأت في الضحك … فطلبت منها مرة أخر أن تستكمل قصتها حيث أنني بهذه الطريقة كنت قد نجحت في أن أجعلها تتوقف عن البكاء وتبدأ في الضحك فسألتها عمّا تعنيه العلاقة بين الرجل والمرأة بالنسبة لها … فلردت قائلة " إنه الحب " … فسألتها عمّا تحتاج إليه حتى تشعر بأنها محبوبة … فقالت " الثقة " فإذا لم أثق في رجل فلا أستطيع أن أحبه " … وسألتها عمّا اذا كانت تحب ركوب قطار الملاهي " رولر كوستر " الذي يرتفع في الهواء ثم يهبط بسرعة مجنونة … فقالت " طبعا" أحبه ، فهذا من هواياتي المفضلة ، وقد كنت في الملاهي في الأسبوع الماضي وقد ركبت هذا القطار مرّتين " … فسألتها عمّا اذا كان ركوب هذا القطار يشكّل خطرا" عليها حيث إنه من الممكن أن يحدث عطلا" فيه ويتسبب في حادثة من الممكن أن تكون السبب في وفاتها … فقالت طبعا" هذا وارد " … فسألتها " كيف تقومي بعمل شيء ما وأنت تعلمين جيدا" إنه من الممكن أن يتسبب في موتك " ولكنها لم ترد هذه المرّة … فسألتها عمّا إذا كان من الممكن أن تصاب بالسكتة القلبية أثناء ما كانت في الهواء والقطار يغيّر اتجاهاته فجأة متحركا" بسرعة كبيرة … فردت " طبعا" هذا محتمل " … فسألتها " ومع ذلك قمت بركوب القطار ، أليس كذلك ؟ " … فقالت " نعم " … فقلت لها وكيف هذا ؟ … فردت قائلة بأنها تثق في نفسها وإنها تستطيع ركوب القطار وهي متأكدة وواثقة في القائمين بإدارة الملاهي بالرغم من أنها لم تكن متأكدة من سلامة القطار وصلاحيته للركوب … فسألتها " والآن بالنسبة للرجال ؟ " … فردت قائلة " أعتقد إنني من الممكن أن اثق في نفسي " … فقلت لها " ولكن من الممكن أن تتعرّضي لجرح آخر " … فقالت أخيرا" " هذا لا يهمّ ، فأنني سأمر بتجارب أكثر وسألتقي في أحد اليام بالشخص الذي من الممكن أن يشاركني حياتي " .
وبناء على هذا المثال فإنك أذا غيّرت معي الاعتقاد في شيء فإنه يمكنك تغيير الاعتقاد نفسه وبالتالي سيأخذ اعتقادك شكلا" مختلفا" تماما" .
(3) ثالث أشكال الاعتقاد هو الأعتقاد في الأسباب :
هذا الاعتقاد يتناول الدافع الذي وراء أي موقف وما يسببه .
من الممكن أن تشمل الاعتقادات السلبية ما يلي :
· لو أصبحت غنيا" فمن الممكن أن يتسبب ذلك في أن افقد عائلتي .
· التدخين يسبب لي الأسترخاء .
· مكيف الهواء يسبب لي الأصابة بالبرد .
· أنا عصبي بسبب الطريقة التي نشأت عليها .
· وإليك هذا المثال … لي صديق يملك مطعما" في مونتريال لتقديم الوجبات الخفيفة ، وكان صديقي هذا يدخن بشراهة ويتناول الكثير من القهوة ويعمل على الأقل لمدة 12 ساعة يوميا" طوال الأسبوع بدون أي توقف أو اجازات . وفي أحد اليام واثناء تأدية عمله كعادته ، واثناء تناوله للقدح العاشر من القهوة وانهماكه في التدخين ، وهو يعمل تحت الضغط الشديد وقع مغشيا" عليه ونقلته سيارة الأسعاف فورا" ألى أقرب مستشفى ، واكتشف الطبيب المعالج أن صديقي قد أصيب بجلطة في المخ وأجريت له على الفور عملية جراحية ، وتم إنقاذ حياته بمعجزة ، وعلى الرغم من نجاح العملية فقد تسببت الجلطة بأصابته بالشلل في الجانب الأيسر ، وعندما تحسنت حالته واصبحت الزيارة مسموحا" بها ، قمت بزيارته وقال لي والدموع تملأ عينيه " هل رأيت ما حدث لي ؟ " … فقلت له " نعم " … ثم قال لي أنه قد توقف نهائيا" عن التدخين وتناول القهوة بتعليمات صارمة من الطبيب وإلاّ فأنه من الممكن أن يكون السبب في موته .
· والآن نشرح الذي حدث بالضبط في حالة صديقي ، فهو كان على دراية تامّة بأن تدخين ثلاث علب من السجائر مع شرب 15 – 20 قدحا" من القهوة في اليوم بدون إجازات على الأطلاق مع العمل المستمرّ تحت الضغط الشديد هو وصفة ممتازة للأنتحار ، وطالما كانت صحته – في اعتقاده – على ما يرام ولم يكن يشعر بالتدهور الداخلي فقد ظل مستمرّا" على طريقته هذه في الحياة ، وفجأة بعد حدوث المأساة تغير اعتقاده في الأسباب تماما" … فبدلا" من اعتقاده أن التدخين يسبب له الراحة بدأ يعتقد أن التدخين من الممكن أن يسبب له الموت ، وهذا اللاعتقاد الجديد جعله يأخذ خطواتإ ايجابية تجاه أسلوب حياة صحية جديدة ، وبعد أن تحسنت صحته بنسبة 80% قام بقضاء عطلة مع عائلته في المكسيك وبدأ يتمتع بالحياة .
يتبع …
فالذي حدث لك في الماضي سواء كان سلبيا" أو إيجابيا" مدك بحصيلة من التجارب تثير وتنبه الأشكال الثلاثة السابقة من الاعتقاد وتؤثر على سلوكك وتتحكم في تصرفاتك في المستقبل ، ولتوضيح ذلك أذكر مثال صديق لي كان قد قضى كل حياته المهنية في مجال الفنادق ما بين الدراسة والعمل والسفر إلى أن حقق هدفه وأصبح مديرا عاما لأحد الفنادق الكبيرة ، وكان يعتقد أن الأمور كانت تسير بالنسبة له على ما يرام إلى أن فصل من عمله في عام 1986 وانقضت ستة أشهر إلى أن تغلب على ألم هذه التجربة ، وبعد ذلك وجد عملا آخر كمدير أيضا في أحد الفنادق وبمجرد أن أستعاد ثقته بنفسه وفي إمكانياته فصل من العمل مرة أخرى ، وأصبح منهارا وروحه المعنوية وتقديره لنفسه في الحضيض ، وأمتنع عن مقابلة أي شخص حتى أقرب الأصدقاء إليه لمدة طويلة ، إلى أن وجد عملا كمستشار لأحد الشركات التي تقوم بإدارة سلسلة من المطاعم ، ولكنه بعد مدة قصيرة فصل مرة أخرى من عمله فقرر أن يترك مجال العمل في الفنادق والمطاعم نهائيا وفكر في أن يبدأ في عمله الشخصي وبالاستعانة بمدخراته قام بشراء محطة بنزين وتقبل مشروعه الجديد الصغير بارتياح وارتفعت روحه المعنوية واستعاد ثقته بنفسه وقرر الاّ يعمل أبدا لحساب الغير .
وإذا أردنا تحليل هذه التجربة لنرى كيف أن ما حدث له قد أثر على الثلاث أنواع الأخرى من الاعتقاد سنجد الآتي :
*اعتقاده في الأسباب : أصبح اعتقاده في الأسباب أن العمل في الفنادق سيسبب له الآلام والأضرار لأنه سيفصل من العمل .
* اعتقاده في المعاني : أصبح اعتقاده أن العمل في مجال الفنادق والمطاعم يعني الأمل .
*اعتقاده في الذات : أصبح اعتقاده أنه لم يعد كفؤا في هذا المجال .
اعتقادك عن الماضي سيؤثر على حاضرك ومستقبلك وسيكون السبب في أن تتحرك في أتجاه معين أو أن تبتعد تماما عن هذا الاتجاه نتيجة للخيرات التي مررت بها في الماضي .
(5)خامس أشكال الاعتقاد هو الاعتقاد في المستقبل :
يكون المستقبل عند بعض الناس مشرقا بمعنى وجود فرصا أكثر في الحياة ومستوى أفضل ماديا … ويكون المستقبل عند البعض الآخر مظلما مع احتمالات ضئيلة جدا للفرص .
وإليك هذا المثال … كنت مدعوا مرة لإلقاء محاضرة وذلك في إحدى الجامعات . وبعد المحاضرة جاني مجموعة من الشباب والفتيات وقالوا أن كل ما ذكرته كان ممتازا" ولكن على الورق فقط ولا يمكن تطبيقه في واقع الحياة … وسألتهم عن السبب الذي جعلهم يعتقدون ذلك … فرد أحد الشبان قائلا أن معظم الذين تخرجوا مازالوا بدون عمل وأن نفس الشيء سيحدث لهم أي أن المستقبل يبدو مظلما" … فسألته " هل تعرف أحدا" من المتخرجين الذين وجدوا عملا" على الفور بعد تخرجهم ؟ " … وبع تردد بسيط قال " نعم … ولكن بنسبة بسيطة وكان الحظ حليفهم لكن أحدا غيرهم لم يجد عملا" … وكان ردي عليه هو أن أعطيه نبذة عمّا مررت به شخصيا" بعد سفري إلى كندا في عام 1978 ، فإن كل من قابلتهم في البداية كانوا بدون عمل وقالوا إنهم على ذلك الحال لمدة طويلة ونصحوني بالعودة إلى بلدي لأنني لن أجد عملا" ، وكان أمامي خيارين إما أن أقتنع بما يقولون وتهبط عزيمتي وأفقد الأمل أو أن أنزل فعليا" إلى سوق العمل وأقوم بحملة بحث إلى أن أجد عملا" مناسبا" … وقررت العمل بالرأي الثاني وفي أقل من 48 ساعة كان عندي عرضين للعمل وبدأت سلم الكفاح كغاسل أطباق وفي أقل من ثمان سنوات أصبحت مديرا" عاما" لأحد الفنادق الكبيرة ، وقلت لهم " انتم أيضا" عندكم الأختيار فإما أن تكونوا دائمي الشكوى من المستقبل وعدم وجود الفرص أو أن تقوموا بالتركيز على الذين يجدون العمل والوسيلة لتحقيق أحلامهم … فماذا تختارون ؟ … وردوا علي بوجوه متفائلة " سنبحث عن عمل ، ولكن إذا لم نجد العمل المناسب فماذا نفعل ؟" … وكان ردي عليهم أن يحاولوا مرة ثانية وثالثة إلى أن يحققوا أهدافهم . وبعد ثلاثة أشهر من هذا اللقاء اتصل بي أحد الشبان وقال لي " اشكرك جدا على نصيحتك ، فقد وجدت عملا" بعد التخرج مباشرة " .
والآن إليك هذه الأمثلة التي توضح كيف أن الاعتقادات يمكنها أن تعمل لصالحك كما يمكنها أيضا" أن تعمل ضدك :
اعتقادات عن التدخين غالبا" ما ستكون :
• عن المعنى : السجائر تجعلني هادئا" .
• عن الأسباب : لو توقفت عن التدخين سيزيد وزني .
• عن الذات : أنا مدخن وأتمتع بالتدخين .
• عن الماضي : كان والدي مدخنا" وعاش 85 عاما" بدون مشاكل صحية .
• عن المستقبل : أنا لا أستطيع أن أتخيل نفسي بدون سجاير وسأظل أدخن طوال عمري .
ولكن إذا حدث أن أصيب نفس هذا المدخن بمرض خطير من جراء التدخين ، ولكنه ما زال على
قيد الحياة لحسن حظه فمن الممكن أن تتغير أعتقاداته كما يلي :
• عن المعنى : السجائر تعني الألم والموت .
• عن الأسباب : إذا قمت بالتدخين سأموت .
• عن الذات : أنا شخص غير مدخن .
• عن الماضي : أنا أعرف كثير من الناس قد ماتوا بأمراض خطيرة بسبب التدخين ، ولكن والدي كان محظوظا" .
• عن المستقبل : لن أعود إلى التدخين مرة أخرى .
يعمل نظام الأعتقاد بأكمله وبكل أشكاله مع بعضه البعض ، وإذا قمت بتغيير أي اعتقاد فسيمكنك تغيير باقي الأعتقادات وتصبح أكثر سعادة وأحسن صحة . وقد كتب د. جيمس ماكوديل في كتابه فهم السلوك الإنساني " الاعتقادات التي تقبلناها تتداخل باستمرار مع تجاربنا وتكون النتيجة إمّا الصحة أو المرض " .
والآن بعد هذه الفكرة الكافية عن ما هو الاعتقاد وأسبابه وكيف أن الاعتقاد السلبي يحد من قدراتك على النجاح وكيف أن الاعتقاد الإيجابي يمكنه أن يزيد من قوتك ويساعدك على أن تعيش أحلامك …
أقدم لك خطة ويمكنها أن تساعدك على تحويل الاعتقادات السلبية إلى أخرى إيجابية :
أحرص على أن تكون بمفردك في مكان هادئ لا يزعجك فيه أحد لمدة 30 دقيقة على الأقل ، ولنجاح هذه الخطة يلزمك إتباع خطواتها بالترتيب وأن تكون مندمجا" مع أحساسك في كل خطوة .
أولا" : الاعتقاد السلبي :
1- دوّن اعتقاد سلبي يحدّ من قدراتك ويحول بينك وبين استخدام إمكانياتك الحقيقية .
2- دوّن خمس أشياء سلبية تحث لك بسبب هذا الاعتقاد .
3- أغمض عينيك وتخيل إنك قد انتقلت لمدة عام في المستقبل وأنت ما زلت باعتقادك السلبي … لاحظ الألم الذي يسببه لك هذا الأعتقاد واشعر به ولاحظ كيف أنه يحدّ من حياتك الشخصية وحياتك العملية والصحية والعائلية .
4- استمر في السير في خط إطارك الزمني وتخيل إنك قد وصلت إلى خمس سنوات في المستقبل ، وما زال معك نفس الاعتقاد السلبي … لاحظ الألم واشعر به ولاحظ كيف أن هذا الاعتقاد يقيد تقدمك واشعر تماما" باحساساتك في ذلك الوقت … قم بربط كل هذه الأحاسيس بذلك الألم .
5- أستمر في السير في خط إطارك الزمني لمدة عشر سنوات في المستقبل وأنت تحمل نفس هذا الأعتقاد السلبي معك … لاحظ الألم واشعر به ولاحظ كيف ان هذا الاعتقاد السلبي يقيدك ويسبب لك الكثير من الألم .
6- ارجع إلى الوقت الحالي وأفتح عينيك وتنفس بعمق ثلاث مرات .
ثانيا" : الاعتقاد المرغوب فيه :
1- دوّن اعتقاد إيجابي ترغب فيه .
2- دوّن خمس فوائد للأعتقاد الجديد ، واشعر بالبهجة التي ستحصل عليها من هذا الإعتقاد الإيجابي .
3- أغمض عينيك وتخيل إنك قد انتقلت عاما" في المستقبل باعتقادك الجديد .
4- أشعر ببهجته ولاحظ الفوائد التي حصلت عليها بسبب الاعتقاد الجديد فيما يتعلّق بحياتك الشخصية والعملية والصحية والعائلية .
5- أستمر في السير في خط إطارك الزمني لمدة خمس سنوات في المستقبل وأشعر بالسعادة التي ستحصل عليها ولاحظ فوائد اعتقادك الجديد .
6- إستمر أكثر في سيرك في خط إطارك الزمني لمدة عشر سنوات … اشعر بالبهجة نسري في كل بدنك ولاحظ كيف أن حياتك ستتحسّن بهذا الاعتقاد القوي الجديد .
7- عد للحاظر … أفتح عينيك … تنفس بعمق ثلاث مرّات .
ثالثا" : عملية تغيير الاعتقاد نفسها :
1- دوّن على الأقل خمسة مصادر يمكنها أن تساعدك على إحداث التغيير والاحتفاظ باعتقادك الجديد مثل : ماهي إمكانياتك وقدراتك ، من يمكنه أن يساعدك في القيام بالتغيير … الخ .
2- دوّن على الأقل خمس مشاكل من الممكن أن تواجهك وأنت تقوم بالتغيير .
3- دوّن على الأقل ثلاثة حلول لكل مشكلة .
4- أغمض عينيك وتخيل نفسك في المستقبل باعتقادك الجديد ، لاحظ سلوكك والاحساسات التي تشعر بها … أفتح عينيك .
5- تنفس بعمق وردد خمس مرات " أنا قادر على التغيير " … " أنا واثق في نفسي وفي قدرتي على النجاح " .
6- الفعل : إبدأ فورا" ، وقم بالنفيذ الآن … ابتداءا" من اليوم قم ببناء ثقتك في نفسك وفي قدراتك … ثق أنه يمكنك تغيير أي اعتقاد سلبي وإبداله بآخر إيجابي يزيد من قوتك … ثق إنك تستطيع تغيير أي ضعف وتحويله إلى قوة … ثق في أنه يمكنك أن تكون وتملك وتعمل أي شيء ترغب فيه .
وكما قال د. روبرت شولر في كتابه القوة الإيجابية " يمكنك أن تعمل فقط ما تعتقد إنك تستطيع عمله … يمكنك أن تكون فقط من تعتقد إنك تكونه … يمكنك أن تحصل فقط على ما تعتقد أنك قادرا" على الحصول عليه … ويتوقف كل ذلك على ما تعتقده " .
وتذكر دائما" أن عندك حياة واحدة تعيشها فأجعلها رائعة .
عش كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك ،
عش بالإيمان ، عش بالأمل ،
عش بالحب ، عش بالكفاح ،
وقدر قيمة الحياة .
يتبع …
(3) طريقة النظر للأحداث
" أساس الأمتياز "
" أي حقيقة تواجهنا ليست لها نفس الأهمية كأهمية تصرّفنا تجاهها ، لأن هذه الأخيرة هي التي تحد نجاحنا أو فشلنا "
نورمان فينسن بيل
ذهب أحد مديري الإنشاءات إلى موقع من المواقع حيث كان العمّال يقومون بتشييد أحد المباني الضخمة في فرنسا وأقترب من أحد العمال وسأله " ماذا تفعل ؟ " … فرد عليه العامل بطريقة عصبية وقال " أقوم بتكسير الأحجار الصلبة بهذه الآلات البدائية ، وأقوم بترتيبها كما قال لي رئيس العمال ، وأتصبّب عرقا" في هذا الحرّ الشديد ، وهذا عمل متعب للغاية ويسبب لي الضيق من الحياة بأكملها " . وتركه مدير الإنشاءات وذهب إلى عامل آخر وسأله نفس السؤال ، وكان رد العامل الثاني " أنا أقوم بتشكيل هذه الأحجار إلى قطع يمكن استعمالها ، وبعد ذلك تجميع الأحجار حسب تخطيطات المهندس المعماري وهو عمل متعب ، وأحياناط يصيبني الملل منه ، ولكني أكسب منه قوت عيشي أنا وزوجتي وأولادي ، وهذا عندي أفضل من أن أظل بدون عمل " . وذهب مدير الإنشاءات إلى عامل ثالث وسأله أيضا" عمّا يعمله فرد عليه قائلا" وهو يشير إلى أعلى " ألا ترى بنفسك إني أقوم ببناء ناطحة سحاب " .
من هذه الإجابات نرى أن العمال الثلاثة رغم إنهم كانوا يقومون بنفس العمل إلاّ أن نظرتهم تجاهه كانت مختلفة تماما" .
ومثلما قال كليمنت ستون وهو أحد الاقتصاديون الأمريكيون " هناك اختلافات بسيطة وأخر كبيرة بين الناس ، فالاختلافات البسيطة هي النظره تجاه الأشياء أمّا الأختلافات الكبيرة فهي كونها سلبية أو إيجابية " .
والآن دعني اسألك بعض الأسئلة :
• هل يحب الناس أن يكونوا حولك ؟
• هل تثق في الناس بنفس الدرجة التي تحب أن يثقوا هم فيك بها ؟
• هل تحكم على الآخرين بسرعة ؟
• هل تتحمل مسؤلية اخطاءك ؟ أو أنك تلوم الآخرين ؟
• هل لديك القدرة على الأبتسام بسهولة ؟
• هل لديك القدرة على المزاح وعلى تقبله ؟
• إن إجاباتك على هذه الأسئلة ستحدد نظرتك تجاه الأشياء .
ولكن ما هو تعريف النظرة تجاه الأشياء ؟ … وما هو مصدرها ؟ … وهل من الممكن تغييرها ؟
للإجابة على السؤال الأول … فإنه طبقا" لرأي د. شاد هلمستتر مؤلف كتاب " الحل عن طريق التحدث للنفس " " النظر تجاه الأشياء هي عبارة عن وجهة النظر التي من خلالها نرى الحياة ، وهي عبارة عن طريقة تفكير وتصرّف وإحساس ".
كان مدربي في لعبة تنس الطاولة دائما" يقول لي " ستكون حياتك انعكاس لنظرتك تجاه الأشياء ، فإذا كانت نظرتك تجاه البطولة ضعيفة فستكون ضعيفا" ، وإذا أخترت أن تكون نظرتك قوية ستكون بطلا" قويا" ". وفي الواقع فإن ما قاله كان صحيحا" وكانت نظرتي قوية وحافظت على بطولة مصر لسنوات عديدة ، وإذا درست تاريخ معظم الأشخاص الذين حققوا نجاحا" كبيرا" في الحياة ستجد أن العامل المشترك بينهم هو أن نظرتهم تجاه الأشياء كانت ممتازه ، ولم يركزوا على الفشل ، ولكن على النجاح ، ولم يبحثوا عن ألأسباب ولكن عن الحلول ، وقد قال لي أحد الذين اتخذهم مثلا" أعلى لي " إن نظرتك الإيجابية تجاه الأشياء هي جواز مرورك إلى مستقبل أفضل ، وهي ليست الغاية ولكنّها طريقة للحياة ".
نعم … إن النظرة تجاه الأشياء هي غاية في الأهمّية ، وهي الأختلاف الذي يؤدي إلى التباين في النتائج ، وهي مفتاح للسعادة ، وهي الوصفة السرّية وراء نجاح القادة والعظماء .
وقد قال غاندي "إن الشيء الوحيد الذي يميز بين شخص وآخر هو النظرة السليمة تجاه الأشياء ".
وإذا تناولنا الحديث عن مصدر نظرتنا تجاه الأشياء فإنه طبقا" لرأي د. جيمس ماكونيل مؤلف كتاب فهم سلوك الإنسان " تنبع نظرتنا تجاه الأشياء من اعتقاداتنا".
إذا تمعّنت في هذا القول فستجد إنك إذا كنت مقتنعا" بعملك فكيف ستكون نظرتك تجاهه ؟ … وإذا كان العكس صحيحا" فكيف ستكون نظرتك له ؟ … إنّ نظرتنا تجاه الأشياء هي أساسا" نتيجة اعتقاداتنا وهذا ينقلنا للإجابة عن السؤال الثالث وهو هل من الممكن تغيير نظرتنا تجاه الأشياء ؟ … والإجابة هي " نعم " . وكما قال دنيس واتلي مؤلف كتاب سيكولوجية الفوز " إن نظرتك تجاه الأشياء هي من أختيارك أنت ".
يمكنك أنت أن تقرّر أن تبتسم … يمكنك أنت أن تقرّر أن تشكر الناس … يمكنك أنت أن تقرّر أن تقوم بالعطاء ومساعدة الآخرين … يمكنك أنت أن تكون أكثر تفهّما" وتسامحا" .
فعلا" … إن النظرة للأشياء هي أختيار ، وهذا الأختيار نقوم به أنت وأنا ، ولدينا القدرة على تغييره ولكن فقط عندما نقرّر أن نحرّر أنفسنا من سيطرة الذات .
وقد قال ألبرت أينشتين " تقدّر القيمة الحقيقية للإنسان بدرجة حرّيته من سيطرة ذاته ".
وقالت ماريان ويليامسن مؤلفة كتاب " قوّة الإنسان " " إنّ أعظم أداة لتغيير العالم هي قدرتنا على تغيير نظرة تجاهه ".
وحتى يكون لدينا نظرة سليمة تجاه الأشياء يجب علينا أن نتفادى السلبيات الخمس التالية :
1- اللوم :
كثيرا" ما نسمع الناس يتلاومون . في مقرّ العمل أسمع الأشخاص يلومون آباءهم أو رؤساءهم في العمل وحتى القدر وسوء الحظ لم يسلم من لومهم ،. وبعض الناس يلقون اللوم على حالة الطقس لتبرير شعورهم وإحساسهم . وللأسف فإنّ لوم الآخرين يحدّ من تصرّفاتك ويمنعك من أستخدام إمكانياتك الحقيقية . أنا شخصيا" كنت دائما" ما ألوم غيري فقد كنت ألوم والدي لقسوته علي في الصغر ، وكنت ألوم أساتذتي على عدم أستيعابي للدروس ، وكنت ألوم أصدقائي لعدم أتصالهم بي ، وكنت ألوم رئيسي على عدم تشجيعي في العمل . وكنت ألوم أولادي على إزعاجهم لي في منتصف الليل ، وفوق كل ذلك كنت ألوم الحظ الذي أوجدني وسط كل هذه الدوّامة .
وفي أحد الأيام بينما كنت أقود سيارتي كنت أنصت إلى شريط لأحد المحاضرين العالميين يتحدث عن فن الألتزام ، واستوقفتني جملة قال فيه " عندما تلوم الآخرين في الظروف والمواقف فإنك بذلك تعطيهم القوة لقهرك ، فيجب عليك أن تتوقف عن لوم الآخرين وأن تتحمّل مسئولية حياتك " … وكانت لي هذه العبارة بمثابة المنبّه الذي أيقضني ممّا كنت فيه … ومنذ تلك اللحظة بدأت أبحث عن الطرق التي أستطيع بها تحسين ظروف حياتي بدلا" من إلقاء اللوم على نفسي أو على الآخرين . وأنت أيضا" يمكنك اتخاذ هذا الأسلوب وبذلك تكون أقرب إلى طبيعتنا الحقيقية حيث إنك إذا كنت لوّاما" جيدا" فإنك ستتمادى في ذلك وتصبح لوّاما" ممتازا" … فاترك هذه الطريقة ، وعليك بتسلّم الأمور والبحث عن الطرق التي عن طريقها يمكنك تحسين ظروف حياتك وستندهش للدرجة التي ستكون عليها من راحة البال .
2- المقارنة :
نحن نميل عادة لمقارنة أنفسنا بالآخرين ، ونكون دائما" الخاسرين في تلك المقارنات حيث أن المقارنة تقوم على الأشياء التي نفتقدها وتكون عند الآخرين … فإذا كان لدي مثلا" سيارة صغيرة فإنني سأنظر إلى مالكي السيارات الفخمة وسأشعر بالضيق لعدم أمتلاكي لسيارة على نفس المستوى … وعملية المقارنة ليست في صالحنا لأنها تبنى على الشيء الذي لا نتمكّن منه والذي يكون الآخرون متميّزون عنّا فيه … فبالطبع سنخسر المقارنة ونشعر بالضيق . وإذا كان لا بد من المقارنة فقم بها ، ولكن عليك أن تقارن بين حالتك الآن وحالتك التي من الممكن أن تكون عليها في المستقبل … وعليك أن تسأل نفسك عن الطريقة التي يمكنك بها تحسين ظروف حياتك ، وعليك بالتركيز على قدرتك الشخصية وتطويرها ، وتذكر أن كل شخص يمتاز عن الآخرين ولو بشيء واحد على الأقل ، فبدلا" من المقارنة ابدأ بتحسين ظروف حياتك .
3- العيشة مع الماضي :
إذا كنت تعيش مع الماضي فهذا ما ستكون عليه حياتك تماما" في الحاضر والمستقبل … فالعيشة مع الماضي هي سببا" أساسيا" للفشل حيث أن الماضي قد انتهى إلى الأبد ويمكننا فقط أن نتعلّم منه ونستفيد من المعرفة التي اكتسبناها ومن الدروس التي مرّت بنا ، وذلك بهدف تحسين ظروف حياتنا . وقد قال جون جريندر أحدث مؤسسي البرمجة اللغوية العصبية " لا يتساوى الماضي مع المستقبل " … وهذه حقيقة فعلا" فالمهم أن يكون عندك القوة لإطلاق سراح الماضي والعيشة في الحاضر بكلّ معانيه .
4- النقد :
لا يمكنني أن أنسى تلك الفترة التي كنت فيها مديرا" لإحدى الإدارات بالفنادق ، فقد كان من المفروض أن أحضر اجتماعات سنوية ، وكنت دائم القلق من هذه الأجتماعات لأن رئيسي في العمل كان شغله الشاغل هو لوم ونقد الجميع على أي شيء وكل شيء ، وكانت هذه الأجتماعات عبارة عن كوابيس مؤلمة سواء بالنسبة لي أو الآخرين .
فقبل أن تقوم بتوجيه النقد لأي شخص عليك أن تتوقف لحظة وتتذكر أن نقدك ربما يولّد بينك وبين الآخرين أحاسيس سلبية متبادلة … فقبل أن توجه النقد الى أي شخص عليك أن تتنفّس بعمق وتقوم بالعدّ العكسي من عشرة إلى واحد لإطلاق سراح أي توتّر … وعليك أن تقوم بالتفكير في ثلاث ميزات في هذا الشخص وركّز انتباهك على نقاط القوّة فيه بدلا" من نقاط الضعف ، وكن لطيفا" في معاملته . وقد قال لي أحد أصدقائي وهو يملك شركة متخصّصة في برامج الكمبيوتر إنه يستعمل نظرية ثلاثة إلى واحد ، فلمّا سألته عنها قال " في كل مرّة تنتقد شخصا" ما… عليك أن تقوم بمدحه ثلاث مرّات ". ويقول هوراس " من يعامل الآخرين بلطف يتقدّم كثيرا" ".
5- ظاهرة ال " أنا " :
قامت أحدى شركات التليفون في نيويورك بدراسة لمعرفة أكثر كلمة متداولة في الأحاديث التليفونية ، وتوصّلت هذه الدراسة إلى أنه من بين 6000 مكالمة كان هناك 3990 مكالمة استخدمت فيها مرّات عديدة كلمة " أنا " مثل " أنا نفسي ، أنا شخصيا" … الخ".
وقد حدث أن كانت ممثلة الكوميديا الأمريكية كارول بيرنت منهمكة في الحديث عن نفسها مع أحدى صديقاتها لمدة طويلة ، وفجأة توقفت ونظرت في ساعتها وقالت لصديقتها " أنا أسفة جدا" حيث أني تحدثت عن نفسي لمدة طويلة ، والآن لنتحدث عنك أنت ، ما هو رأيك في أنا ؟!!" … إذا أردت أن يسخر منك الآخرون أو أن يتحاشوا الحديث معك فعليك فقط أن تتحدث دائما" عن نفسك … وتذكّر دائما" أن كل شخص عنده صوت في داخله يقول له " أنا أهم إنسان في العالم بالنسبة لي " … وهناك مثل قديم يقول " حدّث الناس عن نفسك سيستمعون لك ، حدّثهم عن أنفسهم سيحبّونك ". لذلك يجب عليك أن تقلّل من أستعمال كلمة " أنا " وكن كريما" في استعمال كلمة " أنت " .
والآن إليك هذه المبادئ الستة التي ستساعدك لكي تكون نظرتك للأشياء سليمة :
1) ابتسم :
نشر مقالا" بمجلّة "النجاح" الأمريكية تناول علاقة الأطفال بالابتسام ، وذكر فيه أن الأطفال يبتسمون ويضحكون حوالي 400 مرّة في اليوم ، وإذا ما قارنّاهم بالكبار نجد أن الكبار يبتسمون 14 مرّة فقط في اليوم … ولك أن تتصوّر هذا الفارق الشاسع وكأن الناس ينسون الأبتسام كلّما تقدّموا في العمر !! وهذا ينقلنا إلى نقطة طريفة وهي أن الوجه به 80 عضلة ، وعندما نبتسم فنحن نستخدم 14 عضلة فقط منهم ، ولا يؤثّر ذلك على شكل الوجه ولكن إذا ما كان الوجه عبوسا" فإن الناس تستخدم تقريبا" كلّ عضلات الوجه ممّا يسبّب له التجاعيد !!
هل تبتسم بسهولة ؟ … وهل تبتسم كثيرا" ؟
حدث أن سألت أحد الأصدقاء عن رأيه في مقابلة تلفزيونية أجريت لي في أحد المحطّات الكندية … وكان ردّه أن المقابلة كانت جيدة … فطلبت منه ألاّ يجاملني ويقول رأيه بصراحة … فكرّر إجابته بأن المقابلة كانت جيدة … ولمّا أصرّيت على أن استخلص إجابة شافية مفصّلة نظر إلي وقال " إن وجهك ممتاز للمقابلات الإذاعية على الراديو !!… لماذا لا تبتسم أبدا" ؟" … ولمّا ذكرت له إنني قد أبتسمت ، قال لي " في المرّة القادمة عليك بتنبيه وجهك حيث أن الأبتسامة لا تظهر عليه "!!
تظهر الجدّية الشديدة على وجوه بعض الناس الذين تنطبق عليهم الحكمة القائلة " البعد عنهم غنيمة " وقد قال مارك توين الكاتب الأمريكي الشهير " بعض الناس يزيّنون المكان بحضورهم والبعض الآخر بأنصرافهم ".
دعني أسألك … لو كان عندك ألأختيار أن تكون مع شخص يميل إلى الجدّية الشديدة أو مع شخص آخر يتميّز بالأتزان مع الميل للفكاهة والدعابة … فمع من تختار أن تكون ؟
الابتسامة كالعدوى تنتقل للغير بسهولة دون أن تكلّفنا أي شيء وفوائدها عظيمة لدرجة إن أحدى المستشفيات الجامعية في ولاية كاليفورنيا أخذت في تطبيق العلاج لبعض المرضى مستخدمين تأثير الضحك في شفائهم ، وكانت الأفلام الفكاهية والعروض الكوميدية أحد البنود التي كان الأطبّاء ينصحون بها مرضاهم وكانت النتائج مدهشة .
وقد قال إمرسون " عندما يدخل شخصا" سعيدا" إلى الغرفة يكون كما لو أن شمعة اخرى قد اضيئت ، فإذا رسمت إبتسامة جميلة على وجهك فإن النتيجة لن تكون فقط هي ردّ الناس لهذا الأبتسامة إليك ولكنّك أنت أيضا" ستشعر بالسعادة" … وفي كتابه مبدأ السرور قال د. بول بيرسون " نحن نملك ستّ حواس هي البصر ، والسمع ، الحسّ ، التذوق ، الشم ، وخفّة الظل ". وهناك حكمة تقول " أبتسموا لبعضكم … أبتسم لزوجتك … إبتسمي لزوجك … ابتسموا لأطفالكم … وليس المهمّ على من توجّه هذه الأبتسامة ، ولكن الأبتسامة ستنمّي الحب بينكم ".
وصدق الله العظيم حين حذّر رسوله صلّى الله عليه وسلّم (( ولو كنت فظّا" غليظ القلب لانفضّوا من حولك )) … وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم (( ابتسامتك في وجه أخيك صدقة )).
2) خاطب الناس بأسمائهم :
إن اسماءنا الشخصية هي من أجمل ما يمكن أن تسمعه أذاننا فإننا عندما نتذكّر أسم أي شخص ونناديه به فإنّ ذلك لا يجذب أهتمامه فقط ولكن يسعده أيضا" … فإذا قابلت أي شخص تنبّه جيدا" أن تتذكّر أسمه ، وإذا لم تكن متأكدا" قم بالسؤال مرّة أخرى ثم كرّر استعمال أسمه عدّة مرّات ، وستكون مندهشا" للقوة التي ستكسبها عندما تتذكّر أسماء الآخرين وتقوم بأستعمالها .
3) أنصت وأعط فرصة الكلام للآخرين :
قال أحد حكماء الصين " لقد وهبنا الله أذنين وفم واحد فقط حتى نسمع أكثر ونتكلّم أقلّ "… فإذا تحدّث إليك أحد الأشخاص فيجب عليك أن تنصت بأنتباه وذلك ليس فقط بغرض فهم ما يقول ولكن ذلك سيخلق التجاوب الممتاز بينك وبينه . فعندما أصبحت مديرا" عامّا" لأحد الفنادق قال لي أحد المتخصّصين الكبار في هذا المجال " لقد اصبحت مديرا" عامّا" وسيكون عندك العديد من الفرص لكي تسمع كثيرا" وتتكلّم قليلا" ".
وقد كتب توني اليساندرا في كتابه القوّة المحرّكة للإنصات الفعّال " عندما أتكلّم فأنا أعرف مسبقا" المعلومات التي لدي ، وهناك قاعدة واحد لكي تكون متحدثا" لبقا" ، تعلّم كيف تنصت ".
إذا تحدّث إليك أحد فأستعمل هذه الخطة البسيطة :
– أستمع ولا تقاطع المتحدّث .
– استمع بأهتمام .
– قم بتوجيه بعض الأسئلة .
4) تحمّل المسئولية الكاملة لأخطائك :
لو قمنا بتحليل كلمة " المسئولية " سنجد أنها تعني القدرة والتجاوب … أي بمعنى القدرة للتجاوب من اجل التقدّم للأمام ، فإنك عندما تتحمّل مسؤليتك تستخد إمكانياتك وقدراتك حيث أن النجاح بأي المقاييس يتطلّب أن تتحمّل المسئولية … وبالاختصار فإن أحدى الصفات المشتركة بين كلّ الناجحين هي القدرة على تحمّل المسئولية .
وهناك قصّة طريفة عن تحمّل المسؤلية ملخّصها أن أحد الملوك كان يقوم بالتحقيق مع ثلاثة أشخاص متهمين بالسرقة ، وعندما سأل الأول عن سبب قيامه بالسرقة قال " أنا لم أسرق ياجلالة الملك ، لست أنا السارق ، إن رجال الشرطة قد قاموا بالقبض علي بطريق الخطأ ". وعندما سأل المتّهم الثاني عن سبب قيامه بالسرقة قال " لم يكن في نيتي السرقة أبدا" ولكن والدي هو الذي قام بتحريضي على السرقة يامولاي فأنا بريء" . وعندما وجّه الملك نفس السؤال للمتّهم الثالث ردّ عليه قائلا" " أنا معترف ياجلالة الملك بالسرقة ، وأتحمّل كامل المسؤلية ، ولكني كنت مضطرّا" حيث أن والدتي مريضة للغاية ولا أملك أي أموال لعلاجها ولم يكن أمامي أي حلّ آخر … أنا أعلم أنني من المفروض ألاّ أقوم بمثل هذا العمل ، وأنا معترف وقابل بحكمكم علي "
فأخذ الملك في التفكير لمدة دقائق قليلة وأمر الحرّاس بحبس المتهم الأول والثاني لمدة ستة أشهر والعفو عن المتّهم الثالث . فيجب عليك أن تتحمّل المسئولية كاملة بصرف النظر عن النتائج .
5) مجاملة الناس :
قال الفيلسوف الأمريكي مارك توين " أنا أستطيع أن أعيش لمدّة شهرين بتأثير مجاملة لطيفة " … وقال عالم النفس الحديث د. ويليام جيمس " أعمق المبادئ في الإنسان هو تلهّفه على تقدير الآخرين له ". فكلّنا تتملكنا الرغبة لكي نشعر بتقدير الآخرين لنا ، فكن كريما" في المدح وأنتهز كل الفرص الممكنة لمجاملة الآخرين .
6) سامح وأطلق سراح الماضي :
يمكنك أن تسامح ، ولكن تعلّم في نفس الوقت من تجاربك ، وهناك الكثيرون الذين يقولون " سامح وانسى الأساءة " … ويقول الله تعالى (( والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )) صدق الله العظيم .
وإليك هذه القصّة التي تحكي أن أحد الأشخاص قام بزيارة لأحدى حدائق الحيوان فرأى لافتة كتب عليها " خطر لا تقترب من الأسد " ولكنّه تجاهل اللافتة وأدخل يده إلى داخل القفص فقفز الأسد وكاد يلتهم يده ، ولكن لحسن الحظ أحتاجت الأصابة الى اجراء جراحة بسيطة في اليد ، ومع كل هذا كان الشخص مندهشا" وقال في نفسه " لماذا هجم الأسد علي ، فأنا رجل طيب وكنت فقط أريد أن العب معه ،ولا أعتقد إنه كان يتعمّد أن يؤذيني ، لقد سامحته ونسيت ما حدث منه ". وبعد أسبوعين ذهب نفس الشخص مرّة أخرى إلى نفس الحديقة وأدخل يده مرّة أخر الى داخل القفص ، وفي هذه المرّة التهم الأسد ذراعه كلّه ، ونقل هذا الشخص على الفور إلى المستشفى ، وتمّ إنقاذ حياته بمعجزة . وبعد ستة أشهر ذهب مرّة ثانية الى حديقة الحيوان ووقف أمام قفص الأسد وقال له " أنا أعلم إنك لم تكن تقصد أن تؤذيني لقد سامحتك ولكنني في هذه المرّة لن أنسى ".
بالطبع يمكنك أن تسامح أي شخص ، وأن تطلق سراح الماضي والعواطف السلبية المصاحبة له ، ولكن في نفس الوقت يجب أن تتذكر ما استوعبته من الدروس حتى يمكنك مواجهة المواقف المشابهة ، ويمكنك أن تتصرّف بطريقة صحيحة .
يتبع …
1- استيقظ صباحا" وأنت سعيد :
يطلع النهار على البعض فيقول " صباح الخير يادنيا " بينما يقول البعض الآخر "
ما هذا … لماذا حلّ علينا النهار مرة أخرى بهذه السرعة " !!
أحذر من الفكار السلبية التي من الممكن أن تخطر على بالك صباحا" حيث أنها من الممكن أن تبرمج يومك كلّه بالأحاسيس السلبية ، وركز انتباهك على الأشياء الإيجابية ، وابدأ يومك بنظرة سليمة تجاه الأشياء .
2- احتفظ بابتسامة جذّابة على وجهك :
وحتى إذا لم تكن تشعر أنك تريد أن تبتسم فتظاهر بالابتسامة حيث ان العقل الباطن لا يستطيع ان يفرق بين الشيء الحقيقي والشيء غير الحقيقي ، وعلى ذلك فمن الأفضل أن تقرّر اأن تبتسم باستمرار .
3- كن البادئ بالتحية والسلام :
هناك حديث شريف يقول (( وخيرهم الذي يبدأنا بالسلام )) … فلا تنتظر الغير وابدأ أنت .
4- كن منصتا" جيدا" :
أعلم أن هذا ليس دائما" بالأمر السهل ، وربما يحتاج لبعض الوقت حتى تتعود على ذلك، فابدأ من الآن … لا تقاطع أحدا" أثناء حديثه … وعليك بإظهار الأهتمام …وكن منصتا" جيدا" .
5- خاطب الناس بأسمائهم :
أعتقد ان اسماءنا هي اجمل شيء تسمعه آذاننا فخاطب الناس بأسمائهم .
6- تعامل مع كل انسان على أنه أهم شخص في الوجود :
ليس فقط إنك تشعر بالسعادة نتيجة لذلك ، ولكن سيكون لديك عدد أكبر من الأصدقاء يبادلونك نفس الشعور .
7- ابدأ بالمجاملة :
قم كل يوم بمجاملة ثلاثة اشخاص على الأقل .
8- دوّن تواريخ ميلاد المحيطون بك :
بتدوينك لتواريخ ميلاد المحيطون بك يمكنك عمل مفاجأة تدخل السرور على قلوبهم بأن تتصل بهم أو تبعث لهم ببطاقات تهنئة وتتمنى لهم الصحة والسعادة .
9- قم بأعداد المفاجأة لشريك حياتك :
يمكنك تقديم هدية بسيطة أو بعض من الزهور من وقت لآخر ، وربما يمكنك أن تقوم بعمل شيء بعينه ممّا يحوز إعجاب الطرف الآخر ، وستجد أن هناك فرقا" كبيرا" في العلاقة الإيجابية بينكما .
10- ضم من تحبه إلى صدرك :
قالت فيرجينيا ساتير الأخصائية العالمية في حل مشاكل الأسرة " نحن نحتاج إلى 4 ضمات مملوءة بالحب للبقاء ، و8 لصيانة كيان الأسرة ، و12 ضمّة للنمو "… فأبدأ من اليوم بأتباع ذلك يوميا" وستندهش من قوة تأثير النتائج .
11-كن السبب في أن يبتسم أحد كل يوم :
ابعث برسالة شكر لطبيبك أو طبيب اسنانك أو حتى المختص بإصلاح سيارتك .
12- كن دائم العطاء :
وقد حدث أن أحد سائقي اتوبيسات الركّاب في دينفر بأمريكا نظر في وجوه الركاب ، ثم أوقف الأتوبيس ونزل منه ، ثم عاد بعد عدّة دقائق ومعه علبة من الحلوى واعطى كل راكب قطعة منها . ولمّا أجرت معه أحدى الجرائد مقابلة صحفية بخصوص هذا النوع من الكرم والذي كان يبدو غير عاديا" ، قال " أنا لم أقم بعمل شيء كي أجذب أنتباه الصحف ، ولكني رأيت الكآبة على وجوه الركّاب في ذلك اليوم ، فقرّرت أن أقوم بعمل أي شيء يسعدهم ، فأنا اشعر بالسعادة من العطاء ، وما قمت به ليس إلاّ شيئا" بسيطا" في هذا الخصوص ". فكن دائم العطاء .
13- سامح نفسك وسامح الآخرين :
إن الذات السلبية في الإنسان هي التي تغضب وتأخذ بالثاروتعاقب بينما الطبيعة الحقيقية للإنسان هي النقاء وسماحة النفس والصفاء والتسامح مع الآخرين .
14- أستعمل دائما" كلمة " من فضلك " وكلمة " شكرا" :
هذه الكلمات البسيطة تؤدي إلى نتائج مدهشة … فقم بأتباع ذلك وسترى بنفسك ولا بد أن تعرف أن نظرتك تجاه الأشياء هي من أختيارك أنت فقم بهذا الأختيار حتى يكون عندك نظرة سليمة وصحيحة تجاه كل شيء .
من اليوم قم بمعاملة الاخرين بالطريقة التي تحب أن يعاملونك بها .
من اليوم أبتسم للأخرين كما تحب أن يبتسموا لك .
من اليوم أمدح الأخرين كما تحب أن يقوموا هم بمدحك.
من اليوم أنصت للأخرين كما تحب أن ينصتوا لك .
من اليوم ساعد الآخرين كما تحب أن يساعدوك .
بهذه الطريقة ستصل لأعلى مستوى من النجاح ، وستكون في طريقك للسعادة بلا حدود .
وتذكّر دائما" :
عش كل لحظة كأنها آخر لحظة ،
عش بالإيمان ، عش بالأمل،
عش بالحب ، عش بالكفاح ،
وقدّر قيمة الحياه .
(4) العواطف
" ألوان القوس قزح"
" لا يوجد شيء سواك يجعلك متخوّفا" أو محبا" لأنه لا يوجد شيء يتعداك "
ماريان ويليامسون
كان أحد الشبان شغوفا" بأن يعرف سر السعادة ، فسأل كثيرا" من الناس إلى أن نصحه أحدهم بزيارة قرية معينة في الصين بها رجل حكيم طاعنا" في السن سيدلّه على سرّ السعادة. وبدون إضاعة أي وقت إستقلّ طائرة متوجهة الى الصين حيث كان شديد الحماس للوقوف على سرّ السعادة ولمّا وصل أخيرا" إلى تلك القرية قال في نفسه " الآن سأكتشف السرّ الذي كنت أبحث عنه لمدة طويلة". ووصل إلى بيت الحكيم الصيني وطرق الباب ففتحت له سيدة كبيرة في السن ورحّبت به وأخذته إلى الصالون وطلبت منه الإنتظار. وطال أنتظاره لأكثر من ثلاث ساعات أحسّ فيها بالغضب الشديد من إهمال صاحب البيت له ، وأخيرا" ظهر الرجل الحكيم بمظهره البسيط وملابسه المتواضعة جدا" وجلس بوقار إلى جانب الشاب وسأله وعلى وجهه ابتسامة عمّا اذا كان يرغب في أن يتناول قليلا" من الشاي وكان الشاب في تلك اللحظة على وشك الأنفجار قائلا" في نفسه " لقد تركني هذا الرجل العجوز أكثر من ثلاث ساعات بمفردي وأخيرا" حينما ظهر لم يعطني أي مبرّر لتأخيره ولم يعتذر عن ذلك ، والآن يسألني بكل بساطة عمّا إذا كنت أرغب في تناول الشاي "… وبينما كان الشاب منهمكا" في التفكير في ذلك كان غضبه يزداد حتى سأله مرة أخر بهدوء عمّا إذا كان يريد أن يتناول قليلا" من الشاي … فرد عليه الشاب بعصبية قائلا" " نعم أريد أن اتناول الشاي " … فطلب له كوبا" من الشاي وجلس بهدوء إلى جانبه. ولمّا حضر الشاي سأل الرجل ضيفه " هل تريد أن املأ لك كوبا" من الشاي " … فرد عليه الشاب بالإيجاب … فصب الحكيم الشاي في الكوب إلى أن امتلأ الى آخره وبدأ الشاي يسيل خارج الكوب وما زال هو مستمرّا في صبّ الشاي إلى أن نهظ الشاب واقفا" وانفجر في وجه الرجل الحكيم قائلا" " ألا ترى أن الكوب قد امتلأ الى آخره وأن الشاي قد سال خارجه وملأ المكان؟" … فرد عليه الحكيم وقال بابتسامة هادئة " أنا مسرور لأنك استطعت أن تقوم بالملاحظة أخيرا" " … ثم أردف قائلا" وقد نهظ من مكانه " لقد انتهت المقابلة " … فصرخ الشاب في وجهه قائلا" " ماذ تقول ؟ لقد سافرت كل هذه المسافة وتركتني في أنتظارك اكثر من ثلاث ساعات وملأت كل المكان بالشاي وسال على الأرض، والآن تقول لي أن المقابلة انتهت … هل أنت تمزح معي ؟"… فقال الرجل الحكيم " اسمع يابني ، يجب أن تحضر لي مرّة أخرى عندما يكون كوبك خاليا" … فسأله الشاب عمّا يقصده بذلك ، فرد عليه الحكيم الصيني قائلا" " عندما يكون الكوب مملوءا" بالشاي فلا يمكن أن يستوعب أكثر من ذلك ، وبناء" عليه إذا استمريت في أن تصب أكثر ممّا يمكنه أن يستوعب فإنك ستتلف الكثير من الأشياء حولك ، وهذا ينطبق بالنسبة لك فإنك عندما إستمرّيت في غضبك أصبح كوبك مملوءا" إلى آخره وأخذت تصبّ فيه أكثر إلى أن زاد غضبك واصبحت عصبيا" أكثر من اللازم ، والنتيجة هنا أيضا" عبارة عن خسارة كبيرة".
وبعد ذلك أوصله إلى الباب وقال له " إذا أردت أن تكون سعيدا" يابني فتعلّم كيف تتحكّم في شعورك وتقديراتك ، وتأكد دائما" أن يكون كوبك خاليا" فهذا هو مفتاح السعادة".
تتغيّر الأحاسيس كما يتقلّب الجو ، وهي مثل قطار الملاهي الذي يصعد ويهبط في الهواء ن وتختلف الأحاسيس كألوان القوس قزح. فأنت من الممكن أن يبدأ يومك بالسعادة وتكون منسجما" وتدندن أغانيك المفضّلة وأنت تستعد للخروج وتتأنّق في ملابسك. وأثناء ذهابك لعملك لو ضايقك أي شخص بسيارته اثناء قيادتك فأنت تتركه يمرّ ببساطة وبدون أي انفعال وتذهب على عملك وتبدأ بتحية الجميع وتتمنّى لهم يوما" سعيدا" ، ولم كل هذا ؟… فقط لأنك تشعر بالسعادة .
وفي اليوم التالي تستيقظ متأخرا" في الصباح حيث أنك قد نسيت ضبط ساعة التنبيه للاستيقاظ ، وتدور حول نفسك ويختلط كل شيء أمامك كما لو كان هناك حريق بالمنزل ، وترتدي ما يقابلك من الثياب حتى لو كانت غير منسجمة ، وإذا ضايقك أحد في الطريق تكون في منتهى العصبية ، وتصل إلى عملك وأنت في حالة غليان ، وإذا بادر أحد بتحيّتك متمنيا" لك يوما" سعيدا" فسيكون ردك " أرجوك اتركني وشأني فمن أين ستأتي السعادة ؟" !!
في الواقع فأنه ممكن ان يكون كوبك مملوءا" الى آخره ثم يفرغ ويملأ مرّة أخرى ثم يكون فارغا" ، وهكذا اكثر من مرّة في اليوم. فلو أنك استيقظت في الصباح شاعرا" ان يومك سيكون سعيدا" ، فهل تظن ان كوبك مملوءا" أم فارغا" ؟ … بالطبع فارغا". وأثناء استعدادك للخروج والذهاب إلى عملك أنقطع التيار الكهربائي ، وتوقفت كل الأشياء التي تدور بالكهرباء … فهل تظن عندئذ أن كوبك مملوءا" أم فارغا" ؟… بالطبع أخذ في الأمتلاء. وبعد ذلك ترتدي ثيابك المفضّلة ، وتخرج من المنزل ، وتبدأ في تشغيل السيارة ولكنّها لا تدور… فهل كوبك مملوءا" ام فارغا" ؟… طبعا" امتلأ اكثر. وأخيرا" تدور السيارة وتشعر أن كوبك قد فرغ قليلا" أليس كذلك ؟… وفجأة اثناء قيادتك للسيار تلاحظ ان سيارة الشرطة تطلب منك التوقف ويبلّغك مندوب الشرطة انك قد تعدّيت السرعة المسموح بها ويقوم بتغريمك … فهل تظن ان كوبك مملوءا" أم فارغا" ؟… بالطبع امتلأ اكثر . وأخيرا" تصل إلى العمل متأخرا" ثلاثين دقيقة ، ويطلبك رئيسك لمقابلته في مكتبه ، وتذهب لمقابلته وأنت تشعر أن كوبك مملوءا" للآخر ، ويفاجئك رئيسك بأبتسامة هادئة ويبلّغك ان الترقية التي كنت تنتظرها قد تمّت الموافقة عليها … والآن ما هي أخبار كوبك؟… طبعا" أفرغ ما في جعبته، وتذهب إلى مكتبك وأنت تكاد تطير من الفرح وتتسلّم مكالمة تليفونية من صديق لك يخبرك أن منزلك قد شبّت به النار … طبعا" يمتلأ كوبك الى آخره بسرعة مرّة أخرى .
فكما ترى الأحاسيس دائما" تتقلّب مثل الطقس… فدعني اسألك هل أنت أحد هؤلاء الذين يسمحون للظروف أن تؤثّر على أحاسيسهم ؟… فكّر في ذلك .
كنت ألقي محاضرة عن سيكولوجية القيادة لمجموعة من الشركات ، فقام أحد المديرين وقال " أنا أعرف اسلوبي في القيادة فقد عدت لتوّي من انجلترا بعد أن قضيت اسبوعا" في دراسة القيادة "… فكان ردّي أن هذا كلاما" لا معنى له ، وقمت بتغييير الموضوع. وبعد دقائق قليلة سألته عن أحساسه فقال " طبعا" أشعر بالضيق " … فلمّا سألته عن السبب قال " لقد أهنتني " … فقلت له " هل أنا فعلا" أهنتك أم أنك أنت الذي فهمت ذلك ؟ وهل أنا أمرتك أن تشعر بهذا الأحساس أم أن هذا قرارك أنت ؟" … فكان ردّه " لا أعرف ولكنّي أفضّل اأن أكون بمفردي لفترة " … فقلت له " هل رأيت ما حدث في أقل من دقيقة وبجملة واحدة فقط أستطعت أن اؤثّر على أحاسيسك ، وهذا يعني أن القيادة ليست فقط أسلوبا" ولكنها طريقة متكاملة في الحياة تبدأ بالسيادة على النفس والتحكّم في العواطف وطبعا" في الحالة الذهنية ".
دعني اسألك هذا السؤال … عندما يقوم رئيسك في العمل بتحيتك صباحا" بأبتسامة لطيفة فهل يؤثّر ذلك على إحساسك ؟ … أؤكد لك أن الإجابة ستكون "نعم".
لو قمت بدعوة بعض الأشخاص على العشاء في أحد المطاعم وكان كل شيء على ما يرام وعند وصولك إلى المطعم اكتشفت أن الحجز قد ألغي … فهل سيؤثّر ذلك على أحساسك ؟ … وبعد ذلك أستطاع مدير المطعم أن يدبّر لك مكانا" آخر ، ولكن عامل الخدمة لم يكن على المستوى المطلوب من الذوق فهل سيؤثّر هذا على إحساسك ، ثم يقوم بتقديم طبقك المفضّل ولكنك تكتشف أن به طعما" غريبا" فهل سيؤثّر هذا على إحساسك ؟
كما ترى أن أي شيء يحدث لنا يكون له تأثيرا" على أحاسيسنا … فأنت تتذوق شيئا" ويؤثّر ذلك على أحاسيسك ، وتشم أو ترى أو تسمع أي شيء وأيضا" يؤثّر على احساسك .
في محاضرتي عن" سيادة الذات " أسمع تعليقات مختلفة من الحاضرين مثل :
• من السهل عليك أن تطلب مني أن أشعر بالسعادة لأنك لست في مكاني ولا تعيش مع أسرتي. أو
• لو أني اشتريت سيارة جديد سأشعر بالسعادة. أو
• لو أمتلكت شقّة فسيحة سأشعر بالسعادة. أو
• لو أنني أصبحت مالكا" لعملي الخاص سأشعر بالسعادة .
• وقالت إحدى الحاضرات لو أن زوجي يتوقف عن الشخير أثناء النوم سأشعر بالسعادة !!!
فلكي يشعر كل شخص من هؤلاء الأشخاص بالسعادة فإنّه ينتظر أن يحدث له شيئا" بعينه أي بمعنى آخر أن كل منهم يقول أنه سيكون تعيسا" ولن يشعر بالسعادة إلاّ إذا حصل على ما يريده … أي أنهم يعتقدون أن اقتناءهم لشيء محدّد سيكون هو السبب في شعورهم بالأرتياح والسعادة.
في كتابه " غيّر فكرك لمجرّد التغيير " قال ريتشارد باندلر " يظن بعض الناس أن الشعور بالسعادة هو نتيجة النجاح ، ولكن العكس هو الصحيح حيث أن النجاح هو نتيجة الشعور بالسعادة"…
فهل أنت واحد من هؤلاء الذين ينتظون شيئا" بعينه أو شخصا" محددا" يجعلك تشعر بالارتياح والسعادة ؟ … هل حدث أنك كنت متلهّفا" إلى الحصول على شيء معين ، وبعد حصولك عليه قلت في نفسك " هل هذا هو كلّ ما كنت انتظره ؟ "
لقد كان الفيس بريسلى المغني الأمريكي المشهور يمتلك كل شيء يمكن أن يتمنّاه أي انسان في حياته … فقد كان وجيه في شكله ، وله شهرة عالمية ، وعلى درجة كبيرة من الثراء … ومع ذلك لم يكن في الحقيقة سعيدا" في حياته . والمطربة داليدا كانت تجري دائما" وراء الشهرة … فسافرت إلى فرنسا وحققت هناك النجاح العظيم ، ومع ذلك لم تكن سعيدة . أتعلم اين هما الآن ؟ … لقد ماتا … فقد انهيا حياتهما بالأنتحار لأنهما لم يكن لديهما السيطرة على عواطفهما وأحاسيسهما ، ولم يكونا سعيدين في حياتهما .