والسر في ذلك هو:هرمون الأستروجين الأنثوي
فهذا الهرمون هو المسؤول عن زيادة الإفرازات المهلبية وتلطيف وترطيب المهبل
وتعتبر واحدة من المشاكل الصحية الشائعة، كما تشير نشرات الباحثين من مايو كلينك، هي جفاف المهبل Vaginal dryness. والنسبة الأعلى هي في منْ بلغن سن اليأس، لكن الحالة ليس بالضرورة تصيب فقط هؤلاء النسوة، بل أي امرأة وفي أي مرحلة من العمر قد تعاني منها.
وتقول الإحصائيات الطبية في الولايات المتحدة أن ما بين 10 إلى 40% من النساء اللواتي بلغن سن اليأس يُعانين من أحد أعراض أو علامات الإصابة بجفاف المهبل. وبالرغم من ذلك فثمة العديد من الوسائل للعناية الشخصية وللمعالجات الطبية، التي تعمل على تقليل الإصابة بجفاف المهبل، وفي تخفيف المعاناة منها.
وحينما لا يحصل ترطيب كاف للمهبل، فإن من غير المُريح عندئذ ممارسة بعض من أنشطة الحياة اليومية. وتتفاوت الأعراض والعلامات المهبلية فيما بين النساء المُصابات بالجفاف المهبلي، كما أن نفس المرأة تختلف حدة المعاناة لديها من الأمر في أحيان دون أخرى. إذْ بالإضافة إلى الشعور بالجفاف، فإن المرأة قد تعاني من الحكة والتهيج المزعج والحُرقة والشعور بالضغط في منطقة المهبل.
كما يصبح اللقاء العاطفي غير ممتع، لأن ممارسة عملية الجماع قد تكون صعبة ومُؤلمة dyspareunia ومصحوبة بقليل من النزيف الدموي. وقد يتكرر التبول أو الشعور بالرغبة المُلحّة فيه وترتفع احتمالات الالتهابات في تلك المنطقة.
حرج يعيق التشخيص:
ومن الإهمال أو العبث محاولات كثير من النساء عدم عرض مشكلتهن هذه على طبيب النساء، لأن ذلك سيزيد من معاناتهن ومعاناة أزواجهن. ويجعلهن يبدون أمام أزواجهن غير متفاعلات، كما هو متوقع أو كما في السابق، مع اللقاء العاطفي الخاص بينهما. وفي بعض الأحوال، كما تشير المصادر الطبية، يترك الأمر آثاراً نفسية سلبية حتى على الزوج من نواحي تفكيره في رغبة الزوجة فيه أو مدى جاذبيته وتأثير فحولته عليها.
ولذا فإنه وبالرغم من الحرج الشديد الذي تواجهه المرأة جراء إفصاحها عن إصابتها بجفاف المهبل، إلا أن من المهم معرفة أسباب إصابتها بهذه الحالة الصحية المزعجة، لأن ذلك مفتاح حل المشكلة ليُسهم في معالجتها والتعامل الطبي والشخصي معها بطريقة سليمة.
ويتطلب الأمر الفحص الإكلينيكي للمهبل، وربما أخذ عينة من إفرازات المهبل إضافة إلى مسحة لخلايا وإفرازات عنق الرحم وكذلك عينة من البول. وذلك كي يتم فحصها إما تحت المجهر أو بوسائل أخرى في المختبرات كالزراعة للميكروبات أو غيرها.
أسباب الجفاف:
صحيح أن اضطرابات هرمونات الأنوثة، كما سيأتي، هي السبب الرئيسي لحصول جفاف المهبل، إلا أن ثمة أيضاً أسبابا أخرى شائعة، وهذه الأسباب قد تُؤدي إلى الإصابة بالمشكلة واستمرارها بدون حل. ولعل من أهمها وأكثرها إثارة لاستغراب العديد من النساء هو تناول أنواع من الأدوية الشائعة الاستخدام، والتي بالانقطاع عن تناولها يزول جفاف المهبل، وتعود المياه ـ كما يُقال ـ إلى مجاريها الطبيعية.
ومن أوضح الأدوية تأثيراً، على لزوجة ورطوبة المهبل، أدوية الحساسية وأدوية نزلات البرد، وأيضاً بعض الأدوية المُضادة للاكتئاب أو أدوية القلب. وكلها تعمل على تقليل إفرازات الأغشية المُخاطية في الجسم، سواءً تلك التي في الأنف أو الجيوب الأنفية أو الحلق أو مجاري التنفس أو العينين، أو أيضاً المهبل.
ونفس الشيء، وبطريقة آلية مرضية أخرى، يحصل لدى المُصابين بأحد الأمراض الناجمة عن الاضطرابات الذاتية لجهاز مناعة الجسم. وهو مرض «متلازمة شوغرنز» Sjogren"s syndrome، الذي من أعراضه جفاف الفم والعينين، وأيضاً المهبل لدى النساء.
كما أن تلك العادة غير الصحية في النظافة الشخصية لدى بعض النساء، وهي شطف أو «دوش» douching غسيل المهبل باستخدام سوائل تحتوي على مواد كيميائية أو طبيعية، وهو ما قد يقضي على ذلك التوازن الكيميائي الحيوي الطبيعي لبيئة المهبل أو يُؤدي إلى حصول التهابات في المهبل، ما يظهر على هيئة جفاف الإفرازات المُرطبة الطبيعية، بكل تبعات ذلك.
نقص هرمون إستروجين:
من وظائف هرمون استروجين Estrogen الأنثوي العمل على إبقاء أنسجة المهبل صحية وسليمة. وعوامل تحقيق تلك المحافظة هي توفير لزوجة وترطيب طبيعي لبيئة المهبل، والإبقاء على درجة من الحموضة للسوائل فيه، والعمل على حفظ مرونة أنسجة المهبل. ومن الضروري التنبه إلى أن هذه العوامل الثلاثة تعمل مجتمعة على حماية المهبل ومجاري البول من أي التهابات ميكروبية.
ولذا حينما تتدنى نسبة الهرمون الأنثوي، يضطرب التوازن في مكونات بيئة المهبل، أي الرطوبة والحموضة. كما تُصبح أنسجة المهبل أقل سُمكاً وأقل مرونة، وبطانته أكثر قابلية للتشقق والتهتك.
وتتدنى نسبة الهرمون الأنثوي في عدة حالات، منها فترات ما حول وبعد بلوغ سن اليأس، وفترات الولادة والإرضاع الطبيعي للطفل، وحينما يُستأصل المبيضان أو تتأثر قدراتهما الهرمونية مع تلقي علاجات السرطان، مثل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو الهرموني، ولدى حصول اضطرابات في جهاز المناعة، وكذلك عند ممارسة التدخين.
العناية و المعالجة:
تعتبر العناية الشخصية بصحة المهبل جزءا من العناية بالجسم. وحال الشعور بالجفاف، فإن من المناسب، ربما لفترات قصيرة التأثير، استخدام المرطبات المائية. مثل جل «كي واي» أو غيره مما هو متوفر في الصيدليات.
وثمة أنواع أطول تأثيراً، قد تصل لبضعة أيام، ومتوفرة أيضاً بالصيدليات. لكن من الضروري التنبه إلى أن الحاجة إلى ما يُرطب المهبل، حينما لا يكون ثمة جفاف مهبلي دائم، مرتبط بتدني مستوى الشعور بالتفاعل مع الشريك أثناء لقاء الجماع. وهو ما قد تُفيد المرطبات الصناعية فيه أحياناً، لكن الأمر يتطلب تفاهماً بين الزوجين.
كما أن من الضروري تنبه المرأة إلى أن استخدام أشياء مثل الدوش المائي الممزوج بالخل أو اللبن أو غيره قد يزيد الأمور تعقيداً في تهييج المهبل. وكذلك الحال مع استخدام كريمات ترطيب البشرة واليدين، أو استخدام الصابون لتنظيف المهبل، أو حتى وصول ماء المغطس الممزوج بأنواع عطرية من الصابون إلى المهبل، أو ما يُسمى Bubble baths.
وعندما تكون حالة الجفاف المهبلي ناجمة عن نقص في هرمون الأنوثة بالجسم، ولا تُفلح طرق العناية الشخصية بصحة المهبل في التخفيف من تأثيرات ذلك على بيئة المهبل السليمة، فإن العلاج المهبلي بهرمون استروجين الأنثوي ربما يساعد في الأمر.
ويتوفر العلاج المهبلي الهرموني في هيئات عدة، منها كريم (بلسم) استروجين، الذي يتم إدخال كمية منه موضعياً إلى المهبل قبل النوم، باستخدام قطعة أنبوبية مُلحقة بعبوة العلاج. وذلك مرتين أو ثلاث أسبوعياً. وثمة حلقة مرنة، كالخاتم، مصنوعة من مادة مشبعة بالهرمون. ويتم إدخالها إما من قبل الطبيب أو المرأة نفسها إلى الجزء العلوي الداخلي من المهبل. ويتم تحلل مادة الحلقة شيئاً فشيئاً، ما يعني توفير هرمون استروجين داخل المهبل ببطء وبكميات قليلة. ويكفي مفعول الحلقة الواحدة لمدة ثلاثة أشهر.
كما يتوفر هرمون استروجين بما يُشبه الحبوب أو التحميلة، ليتم إدخالها إلى المهبل مرتين أسبوعياً لتُؤدي نفس مفعول الطريقتين السابقتين. وحينما تُصاحب أعراض أخرى لحالة بلوغ سن اليأس، مثل الهبات الساخنة، حالة جفاف المهبل، يقترح بعض الأطباء تناول حبوب استروجين المأخوذة عبر الفم أو وضع لصقات معينة مشبعة بهرمون استروجين على الجلد أو أنواع من حلقة المهبل العالية المحتوى من الهرمون.
علي هذه المعلومات الرائعة