مازلنا مع القرآن وتحصيل لذته، وكما أنه لا يصلح لمس جلد المصحف كل يد، فلا يصلح لتلاوة حروفه كل لسان ولا لنيل معانيه كل قلب .. بل لابد أن يكون قلبًا طاهرًا ..
أغلب الناس لا يعرفون عن القلب سوى إنه تلك المضغة الحمراء التي تضخ الدم إلى بقية الأعضاء، وبتوقفه يموت الجسد كله .. وقد يجهلون أن للقلب وظيفة حيوية أخرى باطنة بنفس خطورة، بل أخطر من وظيفته الحيوية الظاهرة ..
1) الصدر .. 2) والقلب .. 3) والفؤاد .. 4) واللُب ..
أما الصدر فهو الجزء الظاهر المواجه للعالم الخارجي .. فهو بالنسبة للقلب كالبياض بالنسبة للعينين، وكالمسجد الحرام بالنسبة للكعبة ..
والصدر هو محل العلم .. كما قال سبحانه وتعالى {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ..} [العنكبوت: 49]
ومن خصائصه: أنه موضع الضيق والانشراح ..
قال تعالى {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]
والصدر إذا انشرح بشيء ضـــاق بضده .. كما قال الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} [الحجر: 97]، وقال على لسان نبيه موسى عليه السلام {وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ} [الشعراء: 13] .. فصدور الأنبياء عليهم السلام تضيق من من كلام الكفر؛ لأن صدورهم تنشرح بكلام الله تعالى.
فهناك من لديه استعداد للكلام عن أي موضوع؛ في الفن أو السياسة أو العلوم أو كرة القدم، ولكن عندما يُذكر الله تعالى يضيق صدره ويطالب بتغيير الموضوع .. وذلك لأن قلبه مريــض، فيضيق عند سماع كلام عن الله تعالى أو الجنة والنار أو القرآن .. يقول الله تعالى {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: 45]
والسبب في مرض هذا القلب: أن صاحبه إذا وقع في معصيةٍ ما، فَرِحَ بها وانشرح لها صدره .. وحينها يتسلل الشيطان من صدره المفتوح إلى قلبه .. وهو الجزء الثاني من القلب ..
فإذا دخل الشيطان إلى القلب ولغ فيه ونجسَّهُ وجلس وتمكَّن، فإذا نزل الذكر على القلب دفع الشيطان الذكر إلى حواشي القلب فلم يؤثر فيه ..
أولاً: اعتقادك أنه لن يطرد الشيطان من القلب إلا الله ..
فالشيطان ملازمٌ لك ليل نهار، ويراك من حيث لا تراه؛ لذلك يعرف نقاط ضعفك وقوتك وكيفية خداعك والإيقاع بك .. ولن تستطيع أن تنجو من كيد الشيطان إلا إذا استعنت بالله تعالى أولاً، قال تعالى {.. وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83]
قال تعالى {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (*) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 200,201]
ثانيًا: كراهية الشيطان وعداوته ..
فابدأ بمحاربة الشيطان واتخذه عدوًا لك، قال تعالى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]
ثالثًا: كثرة ذكر الله ..
فتُكْثِر من ذكر الله في جميع أوقاتك وأحوالك؛ من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقول سبحــــان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول وقوة إلا بالله وغيرها من الأذكار ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء" [رواه مسلم] .. فإذا ذكرت الله عند دخولك البيت، اعتزلك الشيطان ولم يدخل معك .. وجميع ما في البيوت من مشاكل وخلافات سببها وسوسة الشياطين ..
رابعًا: القرآن ..
وليس شيئًا يطرد الشيطان مثل القرآن .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ".. اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة" [رواه مسلم]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة" [رواه مسلم]
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب
وجعلة فى ميزان حساناتك
|
بالتاكيد عن غير قصد
شكرا لك
رحاب