تخطى إلى المحتوى

الإيمان بالله ورسوله أساس الهداية والفلاح 2024

الإيمان بالله ورسوله أساس الهداية والفلاح

يقول تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *… * وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 21-25].

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه الآيات الكريمة تتناول قضية توحيد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وهو ما يطلق عليه علماء أصول الدين توحيد الألوهية ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾ [البقرة: 21].

وعلل هذا الأمر بخمس علل أو موجبات لتوحيد الله عز وجل بالعبادة.
أولى هذه العلل: لأنه الخالق.

والخلق: الإيجاد من العدم.

إن أعظم نعمة على الإنسان نعمة الخلق والإيجاد، فالعدم ليس شيئاً ولا يمكن أن يكون العدم متصفاً بشيء.

وليس هذا الخلق والإيجاد للمخاطبين وحدهم، بل الخلق والإيجاد للجنس البشري على هذا الكوكب الأرضي.

إن الغاية من خلق المخلوقات: لتؤدي وظيفة في هذه الحياة ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].

والعلة الثانية: الداعية إلى عبادة الله وحده لا شريك له. ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا ﴾ [البقرة: 22].
إن خلق الأرض بهذه الكيفية، وجعلها ممهدة موطأة الأكناف، قدَّر فيها في باطنها وعلى ظهرها وفي غلافها الجوي، وفي مدارها الفضائي، وفي دورانها حول نفسها لتتلقى ساحاتها الضياء من الشمس والنور من القمر، وفي دورانها الفلكي حول الشمس لتتنوع فصول السنة كل ذلك بتقدير العزيز العليم لتكون الأرض السكن والمنزل الوفير الأثير، والفراش الممهد.

إنها نعمة عظيمة لم يكن للإنسان دور في خلقها ولا في وضع الخصائص والأقوات فيها، إنها نعم ربانية تحيط بالإنسان، ومقابل ذلك كلِّف بالاعتراف لواهبها بالشكر والامتنان والتوجه إليه بالعبادة ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [يس: 37 – 40].

وثالثة العلل والأسباب: ﴿ وَالسَّمَاءَ بِنَاءً ﴾ [البقرة: 22]:
في الدلالة اللغوية يطلق لفظ السماء على كل ما علاك.

فسقف البيت سماء والغيوم والسحب سماء، والقبة الزرقاء التي هي الغلاف الجوي للأرض سماء.

أما مصطلح السماء في القرآن فله دلالته: فالسماء بناء محكم ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ [الذاريات: 47].

والسماء سقف محفوظ: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]

والسماوات طباق:
﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ﴾ [الملك: 3]، ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ [نوح: 13 – 16]، ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [فصلت: 11-12].

والسماوات لها أهلها وسكانها والله قادر على جمع سكان الأرض والسماء إذا شاء. ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 29].

هذا البناء المحكم المحيط بالأرض، المحفوظ بقدرة الله تعالى من السقوط عليها أو الزوال عنها ألا يستحق خالقه ومدبّر أمره إفراده بالشكر والعبادة.

رابع الأسباب والعلل:﴿ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾ [البقرة: 22]:
الماء هو الحياة كما أخبر سبحانه وتعالى ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30].
ونسبة ما تغطيه المياه من سطح الكرة الأرضية 71%.
والدورة المائية على الكرة الأرضية وفي أجوائها سبب انتظام حياة الناس. من الذي نظم هذه السنن وهذه النسب؟، إنه الخالق الرازق المدبر ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ﴾[الفرقان: 48- 49].

وخامس الأسباب الموجبة لعبادة الله تعالى وتوحيده: ﴿ فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ [البقرة: 22]:
هذه الأرض مسكن الإنسان من عناصر تربتها خلق، ومن انتاجها يتغذى ومن هوائها يتنفس ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى * مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾ [طه: 53 – 55].

إذا كانت الحكمة البشرية تقتضي:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم الونشريس
طالما استعبد الإنسان إحسان الونشريس

فالإنسان عبد الإحسان.

أفهذا المحسن إلى الإنسان: خلقاً وإيجاداً، ورعاية ورزقاً، ووهبه عقلاً وعلماً، وأرشده تربية وتهذيباً، وأحاطه بحفظه وعنايته ألا يستحق منه الشكر والعبادة.

فإذا كان الجاهل يشطح به عقله وتلجئه أوهامه إلى تقديس بعض المخلوقات وتعظيمها وتوجيه العبادة إليها، وهم مخطئون ومؤاخذون لأنهم لم يستخدموا عقولهم في البحث الصحيح وعلى النهج القويم في التدبر والتفكير.

إذا كان هؤلاء يؤاخذون، فكيف بمن أوتي العقل وبُلِّغ عن طريق الأنبياء والرسل أن لهذه المخلوقات خالقاً، ولهذا الكون منظماً ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [فصلت: 37].

إنه من أقبح القبائح وأشد المنكرات أن يعلم الإنسان حقيقة من الحقائق ثم ينكرها، بله أن يعمل على طمسها وإضاعة معالمها.

إن البشر جميعاً يعلمون أن خالقهم غير هذه الجمادات التي يقدسونها، وأنه غير الزعماء الذين يعطونهم الولاء والتعظيم، ويعلمون أن المخلوقات مهما كان شأنها في التأثير على مصالحهم، ليست التي أوجدتهم من العدم وتتولى رعايتهم ورزقهم ثم تُنهي أعمارهم وآجالهم. إذا كانوا يعلمون كل ذلك فلماذا يتخذونهم آلهة من دون الله. أو يشركونهم مع الله في التقديس والتعظيم. ﴿ مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ [الكهف: 51].

فيآأيها العقلاء يآأيها الناس ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22] إنه لا يقبل الشرك، إن مما يغيظ الجبار ان تعبد غير الله وهو الذي خلقك ورزقك…

والقضية الثانية الرئيسة في هذه الآيات الكريمة (قضية النبوة: نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم -):
اقتضت حكمة الخالق الذي خلقكم أيها الناس، وجعل لكم الأرض مهداً، ووضع في هذه الأرض مقومات العيش الهنيء الرغيد، أن يكلفكم بحمل الأمانة التي أشفقت السماوات والأرض والجبال عن حملها ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

هذه الأمانة لا يمكنكم إدراك أبعادها وتفاصيلها إلا ببيان الله سبحانه وتعالى لكم الذي كلفكم بها، وخير وسيلة لهذا البيان، اصطفاء أناس منكم وإرسالهم إليكم ليبلغوكم هذه الآمانة وهذه التكاليف ويبينوا تفاصيلها بالقول وبالتطبيق العملي، فاسمعوا منهم واتخذوهم أسوة وقدوة في التطبيق العملي، وقد جرت سنة الله منذ خلق أباكم آدم على هذه الأرض أن يرسل من أولاده إلى كل أمة وكل شعب أو قوم أو قبيلة من يبلغهم هذه الرسالة ويدعوهم إلى توحيد الله والالتزام بشرائعه. ﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ [فاطر: 24].

وكان خاتم النبيين محمد – صلى الله عليه وسلم – ومصطفاه، ختمت برسالته الرسالات، وبنبوته النبوات.

وجرت سنة الله في جميع الأنبياء أن يزوّد كل نبي بمعجزة خارقة تثبت صدقه وتقيم الحجة على قومه. وعندما أرسل محمد – صلى الله عليه وسلم – نبياً للعالمين وكانت رسالته خاتمة الرسالات، زوِّد بمعجزات تثبت صدقه، وعلى رأس هذه المعجزات الكتاب الذي أنزل عليه فهو المشتمل على رسالته. وفي نفس الوقت هو كتابه المعجز الذي تحدى الإنس والجن على أن يأتوا بمثل سورة منه.

فإن كنتم أيها الناس:
أيها العقلاء أيها المخاطبون، في شك من صدق محمد في نبوته وأنه مرسل من رب العالمين، فهاتوا سورة من مثل سور القرآن الذي أتاكم به ونسبه إلى ربه. واستعينوا لتحقيق ذلك بمن تشاؤون من علمائكم وأهل الرأي فيكم من المفكرين والخطباء والعظماء والزعماء والدهاة، وكل من تلجأون إليه عند نزول الأمور العظام بكم. ولا تقتصروا على الاستعانة بالإنس بل ادعوا من تتوقعون الاستجابة والتلبية والإسراع في نصركم من الشياطين والجن وكل القوى التي تعتقدون فيها، إن المطلب سهل، فأنتم أصحاب المعلقات والقصائد والحوليات والخطب في المحافل وعرف عنكم وبخاصة قبيلة قريش وزعماؤها عرف عنكم الفصاحة والبلاغة.

وأنتم يا معشر أهل الكتاب عرف عنكم التبجج بأنكم علماء الدين وأحبار الكتب والراسخون في علوم اللاهوت، وتزعمون أنكم أهل الثقافة وأرباب الفكر وفرسان القلم. فهلا جئتم بمثل أقصر سورة من القرآن المنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم.

فإن لم تأتوا بمثل أقصر سورة وعجزتم؛ وحتماً إنكم عاجزون الآن وستعجزون في المستقبل ومن ورائكم الأجيال إلى قيام الساعة.

﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88].

وبعد كل ذلك ألا تسلمون أن القضية ليست كلمات وألفاظاً ترصف بجانب بعضها، وإنما هو روح من أمر الله أنزله على قلب محمد لتحيا به النفوس..

﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ… ﴾ [الشورى: 52].

إن العاقل يرتب النتائج على المقدمات، ويربط بين الأسباب والمسببات والجواب على الاستفسار ويتوقع بعد الشرط المشروط..

فإن لم تستطيعوا أن تأتوا بمثل سورة من القرآن، ولم يسعفكم من التجأتم إليهم واستعنتم بهم. ﴿ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [هود: 14].

هو الذي أنزله على محمد – صلى الله عليه وسلم -، فهلا أسلمتم قيادكم لرسوله المرسل وآمنتم به وبالقرآن المنزل عليه.

فيآ أيها العقلاء إن الأمر جد لا هزل فيه، وتكليف ومسؤولية لا تهاون فيها. إن عجزتم عن التحدي، ولم تلقوا مراسم الطاعة والولاء فإن مصيركم إلى النار يوم القيامة إنها نار لا كالنيران التي ترونها في الدنيا، إن النار التي تعهدونها في حياتكم الدنيا نار ضئيلة توقد بالحطب والغاز والطاقة الكهربائية.

أما نار الآخرة فهي سوداء قاتمة أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت، وأوقد عليها ألف سنة أخرى حتى ابيضت، وأوقد عليها ألف سنة ثالثة حتى اسودت. إنها توقد بالناس الكفرة الدين اتخذوا مع الله أنداداً، وكذّبوا أنبياءه، وتوقد بالحجارة التي عظمت وقدِّست من دون الله. إن كل معبود من دون الله رضي بعبادة الناس له، وكل عابد اتخذ آلهة من دون الله هم وقود نيران الجحيم.

فقووا أنفسكم أيها العقلاء من هذه النيران التي تتلمظ وتشهق عندما ترى الكافرين ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ﴾ [الفرقان: 12- 13].

أما إذا آمنتم بالله وحده لا شريك له. وهو مقتضى التفكير السليم، وآمنتم برسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – وبالقرآن المنزل عليه. وهو مقتضى التحدي والعجز الذي أقررتم به. فلكم البشارة بجنات عرضها السماوات والأرض، فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. لكم الخلود الدائم فلا موت، والنعيم الخالد فلا فوت، لكم فيها ما تشتهيه الأنفس من الملذات، من المطعومات والمشروبات.

كلما قدِّم إليهم طبق من المطعومات، أو سلة من الفواكه، والثمار وجدوها متشابهة اللون والمظاهر، مختلفة الطعوم والمذاق.

والزوجات الطاهرات المحببات يتقربن بكل أساليب حسن التبعل لأزواجهن، عرب أتراب، أبكار لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان. إنها الحياة الحقيقية التي تليق بكرامة الإنسان المؤمن التي ينبغي الحرص عليها إنها الحياة الخالدة، فيها الأمن من الموت والفوت.

فاللهم ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193]. اللهم إنا نسألك الدرجات العلى في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

    الونشريس

    بارك الله فيك
    وأثابك ونفع بك

    بارك الله فيك

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.