والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
جليبيب الصحابي الفقير
أحد المساكين من الصحابة الكرام، ليست له أسرة معروفة، ليس عنده مال، ولا منصب، ولا شيء. يذهب إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – في ثيابه الممزقة، بطنه جائع، ووجهه شاحب، وأعضاؤه هزيلة، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) قال: يا رسول الله، غفر الله لك، ومن يزوجني؟ ثم يلقاه النبي – صلى الله عليه وسلم – ثانية، فيقول له: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) فيقول: يا رسول الله، ومن يزوجني، لا مال ولا جمال.
ويلقى النبي – صلى الله عليه وسلم – جليبيباً مرة ثالثة، فيقول: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) فيقول: يا رسول الله ومن يزوجني، لا مال ولا جمال، فيقول – صلى الله عليه وسلم – له: ((اذهب إلى ذلك البيت من الأنصار، وقل لهم: رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبلغكم السلام، ويقول: زوجوني ابنتكم)).
هذا مرسومٌ من كلام محمد عليه الصلاة والسلام، فذهب جليبيب، فطرق الباب، قال أهل البيت: مَنْ؟ قال: جليبيب، قالوا: ما لنا ولك يا جليبيب، فخرج صاحب البيت قال: ماذا تريد؟ قال: الرسول – صلى الله عليه وسلم – يبلغكم السلام، فارتج البيت فرحاً، ثم قال: ويأمركم أن تزوجوني ابنتكم.
فقال الرجل: أشاور أمها، فشاورها فقالت: لا لعمر الله، لا نزوجه، فسمعت البنت العابدة الناصحة الصالحة، فقالت: أتردَّان على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمره، ادفعوني إليه؛ فإنه لن يضيعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأخبره فقال: ((شأنك بها))، فزوجها جليبيباً فأنشأ النبي – صلى الله عليه وسلم – بيتاً، أساسه على الإيمان والتقوى؛ {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109].
وفي إحدى الغزوات، وقد أفاء الله على نبيه فيها، فقال لأصحابه: ((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: نعم؛ فلاناً، وفلاناً، وفلاناً. ثم قال: ((هل تفقدون من أحد؟)).
قالوا: نعم؛ فلاناً، وفلاناً، وفلاناً. ثم قال: ((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: لا، قالوا: ((لكني أفقد جليبيباً، فاطلبوه))؛ فطُلب في القتلى، فوجوده إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه، فأتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فوقف عليه، فقال: ((قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه))
. فوضعه على ساعديه، ليس له إلا ساعدا النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: فحُفر له، ووضع في قبره وفي المسند أن النبي – صلى الله عليه وسلم – دعا لزوجته، فقال: ((اللهم صبَّ عليها الخير صبّاً، ولا تجعل عيشها كدّاً كدّاً)). قال ثابت: فما كان في الأنصار أيم أنفق منها !! هذا هو جليبيب الصحابي الفقير، يقول له النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((أنت مني وأنا منك!!)).
بارك الله فيكي
|
عليه الصلاة والسلام
|
تسلمي حبيبتي