الآيات 1 ـ 3
( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا *وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا )
سبب النزول :
فى سنة 6 هجرية ، صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصول إلى المسجد الحرام لقضاء العمرة
ثم أرادوا الهدنة ( صلح الحديبية ) فأجابهم بالرغم من كره جماعة من المسلمين لذلك
ونحر الرسول الهدى مكان الذى أحصر ورجع
فأنزل الله عز وجل السورة لما كان منه ومنهم
وهذا الصلح يعتبر فتحا لما فيه من مصلحة للمسلمين فقد حدث بسببه خير كثير فآمن الناس واجتمعوا وتحدث المؤمن مع الكافر وانتشر العلم النافع
يقول الله لنبيه إنا فتحنا لك فتحا واضحا ظاهرا
ولقد غفر الله لك ما تقدم وتأخر من ذنبك
ليتم الله عليك نعمته فى الدنيا والآخرة
ويهديك إلى صراط مستقيم بما شرع لك من تعاليم الإسلام
ويرفعك الله درجات وينصرك على أعدائك
الآيات 4 ـ 7
(هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا *لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا *وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا*وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
سبب نزول آية :
قال أنس بن مالك : نزلت على النبىصلى الله عليه وسلم ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) فقال النبىصلى الله عليه وسلم : " لقد أنزلت علىّ الليلة آية أحب إلىّ مما على الأرض " ثم قرأها عليهم
فقالوا : هنيئا مريئا يا نبى الله ، لقد بيّن الله عز وجل ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟
فنزلت الآية ( ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى …. )
يقول تعالى أنه أنزل الطمأنينة فى قلوب المؤمنين ليزداد الإيمان فى قلوبهم
ولو أرسل الله عليهم جنا واحدا من الملائكة لكان أباد الكافرين ولكن قدر الله الهدنة لما لها من فائدة عظيمة
ويبشر المؤمنين والمؤمنات بالجنات بها من كل الخيرات أنهارا خالدين فيها
ويغفر لهم ذنوبهم وهذا هو الفوز العظيم
أما المنافقين والكافرين فلهم العذاب الشديد بما أساؤا من الظن بالله
فأبعدهم من رحمته والله له الحكم والأمر والعزة والقوة والجنود بالسموات والأرض ينتقم من أعدائه .
الآيات 8 ـ 10
( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا *إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )
يقول سبحانه لنبيه إنا أرسلناك شاهدا على أمتك وهم الخلق جميعا
ولتبشر المؤمنين وتنذر الكافرين
ويأمر الناس بأن يؤمنوا بالله وبالرسول ويعظموه ويحترموه ويسبحوا الله أول النهار وآخره
ثم يتابع الحديث لرسوله صلى الله عليه وسلم فيقول : الذين يبايعونك إنما هم يبايعون الله ويعاهدونه على الطاعة
ومن يرتد فهو يرتد على نفسه
والله هو أعظم من عوهد وسيؤجر الثابتين على عهدهم الأجر العظيم
( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا *بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا *وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا *وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )
فى عمرة الحديبية ذهب النبى وأصحابه إلى خيبر يفتحونها
وتخلف بعض الأعراب
يقول الله تعالى :
يعتذر لك بعض الأعراب عن الخروج معك وجلسوا مع أهليهم وأعمالهم وتركوا المسير معك ومع المؤمنين وقالوا تشغلنا أعمالنا وأشغالنا فاستغفر لنا الله
ولكن يعلم الله أن هذا قول منهم ولا يشغلهم شئ وإنما هم يتراجعون عن الجهاد
فقل لهم لو أراد الله بكم شيئا الذى يعلم ضمائركم فلن يقدر أحد على دفعه عنكم
فتخلفكم ناتج عن النفاق وليس الإنشغال وظننتم أن المؤمنون لن يعودوا ديارهم وسيقتلون
ولكنكم قوم هالكين لأنكم ظننتم بالله السوء
ومن لم يخلص لله عمله فسوف يعذبه فى جهنم
فالله يملك السموات والأرض وهو المتصرف فيهما يعذب من شاء ويغفر لمن أراد
الآية 15
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا)
هؤلاء الذين تخلفوا عن الجهاد معكم يريدون أن يخرجوا ليأخذوا من الغنائم التى كسبها المجاهدون من جهادهم وصبرهم
فيأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يمنعهم عقابا لهم
ولا يحق للمتخلفين عن الجهاد المشاركة فى المغانم وهذا حكم الله لأهل الحديبية
ويقولون أنتم تحسدوننا على أن لم نخرج معكم وتريدون أن تمنعونا من الغنائم ولكن الأمر ليس كذلك فهم لا يفقهون
الآيات 16 ـ 17
(قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * ليس عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا)
قل يا محمد للذين تخلفوا عن الحديبية إن الله شرع لكم جهاد قوم ذو بأس شديد وقوة لتقاتلوهم إختبارا لإيمانكم وعليكم الجهاد
فإن أخلصتم الجهاد فى سبيل الله وينصركم الله عليهم بالقتال أو التسليم والدخول فى الإسلام
فإن أطعتم الله ورسوله فى ذلك يغفر لكم ويؤجركم بأجر عظيم
وإن تخلفتم كما فعلتم فى الحديبية يعذبكم عذابا شديدا
ثم يذكر الله لمن الأعذار المقبولة وهم الأعمى والأعرج والمريض
ومن أطاع الله والرسول له جنات تجرى فيها الأنهار من كل الخيرات
ومن تراجع فهو فى العذاب فى الدنيا والآخرة
الآيات 18 ، 19
( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
كان عدد الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم فى أرض الحديبية تحت شجرة فيها تسمى سمرة 1400 مؤمن والبيعة تسمى بيعة الرضوان
ويخبر الله تعالى فى هذه الآية عن رضاه عن هؤلاء المؤمنين لما علم من صدق فى قلوبهم فأنزل عليهم السكينة والطمأنينة وأثابهم صلحا وفتح خيبر وفتح مكة ثم البلاد الأخرى وجعل لهم العزة والرفعة فى الدنيا والآخرة والغنائم الكثيرة
( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا *وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا *وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا *سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا *وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا )
وعد الله المؤمنين بأن يأخذوا غنائم كثيرة وعجل لهم فتح خيبر وصلح الحديبية
ومنع أعداءهم عنهم فلا ينالوهم بأذى
وهذه من آيات الله ليعتبروا فقد نصرهم بالرغم من قلة عددهم
يهدى المؤمنين إلى صراط مستقيم بسبب طاعتهم لله وللرسول
وفتح وغنائم أخرى لم تكونوا أيها المؤمنين تقدروا عليها فيسرها الله لكم وهو يحيط علما بكل شئ ويقدر على كل شئ
ويبشر المؤمنين أنه لو حاول الكافرين قتالهم فإن جيش الكافرين سيهرب فرارا منهم ولن يجدوا من ينصرهم عليكم
وهذه عادة الله مع خلقه ما تقابل جيش الكفر مع المؤمنين إلا ويغلب المؤمنون لأن الكافرين إنما يحاربون الله ورسوله
ويحق الله الحق ويقضى على الباطل
وهذا هو الله الذى منع أيدى الكفار عن المؤمنين ومنع المؤمنين عن الكافرين فى فتح مكة
وصان الفريقين وجعل بينهما صلحا أسفر عن دخول بعضهم فى الإسلام
وقيل فى سبب نزول هذه الآية ( وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم )
أن قال أنس بن مالك : ( لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة بالسلاح ، من قبل جبل التنعيم يريدون غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم فأٌوخذوا ، فعفا عنهم ونزلت الآية )
الآيات 25 ـ 26
( هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )
الذين صدوا الرسول وأصحابه عن المسجد الحرام ومنعوا أن يصل الهدى ( الذبائح ) إلى محلها فى الحرم هم الكفار حقا من مشركى قريش
لأن من أحصر عن العمرة عليه هدى يصل إلى الكعبة
وبينهم من يكتم إيمانه لا تعرفونهم ولو قاتلتم الكفار ربما قتلتم هؤلاء المؤمنين بينهم ولكان لكم عارا وكان إثما وغرامة أن قتلتم المسلمون بغير علم ولكن الله يرحم من يشاء
لو ( تزيلوا ) تميز الكفار من بين المؤمنون لكان أمركم الله بقتال الكفار قتلا ذريعا
وميزهم الله بأن أخذتهم الحمية عند كتابة نصوص الصلح فرفضوا أن يكتبوا ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ولكن كتبوا ( هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله )
وأنزل الله السكينة على قلب نبيه وقلوب المؤمنين بقول ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) واستكبر عنها المشركون
وكان المسلمون أحق بها وهم أهل لها
والله أعلم بمن يستحق الخير ممن يستحق الشر .
الآيات 27 ـ 28
( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا *هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا )
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى فى المنام أنه دخل مكة ويطوف بالبيت
فلما صده الكفار عن الدخول تعجب الصحابة ، فقال لهم أنه لم يقل أنه دخل فى هذا العام
ثم صدق الله رؤيا الرسول فى العام التالى ودخل مكة وطاف بالبيت غير خائفين منهم قد حلق رأسه ومنهم من قصر
وعلم الله ما لم يعلم المؤمنون من الخير والمصلحة فى منعهم من دخول مكة فى عام الحديبية
فقد جعل لهم خيرا كثيرا فى هذا الفتح
وقد علم أيضا دخول المؤمنين العام التالى مطمئنين كما فى الرؤيا
فالله الذى بعث رسوله بدين الهداية والحق ليجعله للناس كافة وفوق جميع الأديان والله هو ناصر رسوله
الآية 29
(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )
يخبر الله رسوله أنه رسوله بلا شك وأصحابه جعلهم الله أشداء على الكفار رحماء بالمؤمنين
ووصفهم بأنهم يكثرون الصلاة ومخلصون فى عملهم لله يريدون الأجر من الله والرضا
علامات الخشوع والتواضع على وجوههم من كثرة الصلاة والسجود لله
وهذا مثل لهم فى التوراة والإنجيل كأنهم زرع أخضر شد وطال على سيقانه يعجب الزارعين جماله وكذلك كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ليغيظ بهم الكفار
ووعد الله المؤمنين المغفرة والجزاء العظيم فى الدنيا والآخرة
قال صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا أصحابى ، فوالذى نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصفه " .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله تعالى .