الغيبوبة هي حالة من اللاوعي تستمر لفترات طويلة. خلال الغيبوبة، يكون الشخص غير قادر على الاستجابة لبيئته المحيطة به. ويكون الشخص خلالها على قيد الحياة، ويبدو وكأنه نائماً. ومع ذلك، خلافاً لما يحدث خلال النوم العميق، لا يمكن إيقاظ الشخص الراقد في الغيبوبة بأي نوع من المحفزات أو المؤثرات الخارجية، بما في ذلك الألم.
ما أسباب الإصابة بالغيبوبة؟
تحدث الغيبوبة بسبب التعرض لإصابة في المخ. قد تكون هذه الإصابة نتيجة ارتفاع ضغط الدم، نزيف المخ، فقدان ونقص الأكسجين أو تراكم السموم. ويمكن أن تكون الإصابة مؤقتة وقابلة للعلاج، كما يمكن أن تكون دائمة.
وتجدر الإشارة إلى أن 50% من حالات الغيبوبة تعود إلى صدمات أو رضوح الرأس أو حدوث اضطرابات في دورة المخ الدموية. وتشمل المشاكل التي قد تؤدي إلى الإصابة بالغيبوبة:
– الصدمات/ الرضوح: يمكن أن تسبب إصابات الرأس تورم أو نزيف المخ. عند تضخم وتورم المخ نتيجة التعرض لصدمة أو ضربة، ويضغط سائل المخ على الجمجمة. وهذا التورم قد يؤدي في النهاية إلى ضغط المخ على جذع الدماغ، الأمر الذي قد يدمر (نظام التنشيط الشبكي)، وهو جزء في المخ مسئول عن الاستيقاظ والوعي.
– التورم: يمكن أن يصاب الإنسان بتورم في أنسجة المخ. ففي بعض الأحيان، يؤدي نقص الأكسجين، وعدم توازن (الكهرل) المحلول الكهربائي أو الهرمونات إلى الإصابة بالتورم.
– النزيف: يمكن أن يسبب النزيف الذي يحدث في طبقات المخ الإصابة بالغيبوبة نتيجة التورم، والضغط على الجانب المصاب من المخ. هذا الضغط يتسبب في إزاحة المخ، مما يؤدي إلى تلف جذع المخ ونظام التنشيط الشبكي. ويعتبر ارتفاع ضغط الدم، تمدد الأوعية الدموية الدماغية والأورام من أسباب الإصابة بنزيف المخ.
– السكتة الدماغية: عندما لا يكون هناك تدفق للدم إلى جزء كبير من جذع الدماغ، أو الإصابة بفقدان الدم المصحوب بالتورم، يمكن أن يصاب المريض بالغيبوبة.
– سكر الدم: يمكن أن يصاب الأشخاص المصابون بالسكرى بالغيبوبة عندما تظل مستويات السكر في الدم عالية للغاية. هذه الحالة المرضية يطلق عليها اسم فرط السكر في الدم. وتجدر الإشارة إلى أن فرط سكر الدم أو نقص مستوى السكر بالدم، كلاهما قد يؤدي إلى الإصابة بالغيبوبة. هذا النوع من الغيبوبة ينتهي بمجرد تصحيح وتعديل مستوى السكر في الدم.
– الحرمان من الأكسجين: يعتبر الأكسجين أساسياً لوظائف المخ. وعند الإصابة بتوقف القلب، ينقطع تدفق الدم والأكسجين فجأة عن المخ، وهي حالة تعرف باسم نقص الأكسجة أو نقص الأكسجين. بعد إنعاش القلب والرئة، يتعرض الناجون من توقف القلب للإصابة بالغيبوبة. كما قد يحدث نقص للأكسجين، في حالات الغرق أو الاختناق.
– العدوى: قد تسبب عدوى والتهابات الجهاز العصبي المركزي مثل التهاب السحايا أو التهاب الدماغ الدخول في غيبوبة.
– السموم: المواد الموجودة في الجسم بشكل طبيعي قد تتراكم لمستويات سامة، إذا فشل الجسم في التخلص منها بشكل صحيح. مثال على ذلك، الأمونيا بسبب أمراض الكبد، ثاني أكسيد الكربون بسبب أزمات الربو الحادة، أو اليوريا الناتجة عن الإصابة بالفشل الكلوي، حيث يمكن لهذه المواد أن تتراكم في الجسم حتى تصل إلى مستويات سامة. كما أن تناول المخدرات والعقاقير والكحول بكميات كبيرة قد يؤدي إلى تعطيل وظائف الخلايا العصبية في المخ.
– نوبات الصرع: نادراً ما قد تتسبب إحدى نوبات الصرع في الإصابة بالغيبوبة. لكن نوبات الصرع المستمرة والتي يطلق عليها اسم الحالة الصرعية، يمكن أن تسبب الإصابة بالغيبوبة. حيث أن نوبات الصرع المتكررة، تمنع المخ من التعافي خلال الفترة ما بين النوبات. هذا الأمر قد يسبب الغيبوبة وفقدان الوعي لفترات طويلة.
– الاعتلال الدماغي الاستقلابي السام: وهي حالة مرضية حادة تؤدي إلى ضعف وظائف المخ تصاحبها أعراض التشويش أو الهذيان. وعادة ما يشفى المريض من هذه الحالة. وتختلف أسباب الإصابة بالاعتلال الدماغي الاستقلابي السام، وتشمل العدوى، قصور الأعضاء، الأمراض الجهازية وغيرها من الحالات المرضية.
– تأذي الدماغ بسبب نقص الأكسجين: هي حالة مرضية تصيب المخ بسبب نقص الأكسجين الموجود في المخ. حيث يؤدي نقص الأكسجين لبضع دقائق إلى موت خلايا أنسجة المخ. ويمكن أن يصاب الإنسان بتأذي المخ الناتج عن نقص الأكسجين، نتيجة الإصابة بالنوبات القلبية (توقف القلب)، صدمات أو ضربات الرأس، الغرق، جرعات زائدة من العقاقير أو التسمم.
– الحالة الانباتية المستديمة: تعتبر حالة من حالات فقدان الوعي الشديد. يكون خلالها الإنسان غير واعي بما يدور حوله، وغير قادر على الحركة الإرادية. خلال الإصابة بالحالة الانباتية المستديمة، يمكن أن يستيقظ الإنسان مرة أخرى، لكن مع توقف وظائف الجزء العلوي من المخ. ويمكن للشخص المصاب بهذه الحالية المرضية التنفس، بالإضافة إلى استمرار دورته الدموية، ودورات النوم واليقظة.
– متلازمة الحبس: هي حالة عصبية نادرة. يصاب فيها المريض بالشلل التام باستثاء عضلات العين، لكنه لا يزال مستيقظاً ومنتبهاُ وعقله سليم.
– موت المخ/ الموت الدماغي: هي حالة ينتج عنها توقف جميع وظائف المخ بشكل نهائي. ويمكن أن يصاب الإنسان بالموت الدماغي نتيجة ضرر دائم أو على نطاق واسع في المخ.
هل هناك أي علاج فعال للغيبوبة؟
تعتمد العلاجات الخاصة بالغيبوبة على سبب الإصابة. ويجب على الأشخاص ممن هم على مقربة من المريض إعطاء الطبيب أقصى حد ممكن من المعلومات، لمساعدته في تحديد سبب الإصابة بالغيبوبة. كما يعتبر تلقي العناية الطبية العاجلة أمراً حيوياً لعلاج حالات الإصابة بالغيبوبة التي يمكن التعافي منها والعودة مرة أخرى إلى الحياة. على سبيل المثال، إذا كان هناك عدوى أو إصابة تؤثر على المخ، قد يتطلب الأمر تناول المضادات الحيوية. وقد يكون هناك حاجة إلى الجلوكوز في حال الإصابة بصدمة السكرى (نقص السكر بالدم). وقد يقرر الطبيب ضرورة الخضوع لجراحة لتخفيف الضغط على المخ الناتج عن التورم، أو لاستئصال ورم.
بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدوية التي يمكنها أن تخفف التورم. كما أن هناك بعض الأدوية التي يمكن أن تساعد في منع الإصابة بنوبات الصرع إذا لزم الأمر.
بشكل عام، علاج الغيبوبة هو علاج داعم. ويتم علاج والعناية بمرضى الغيبوبة أثناء تواجدهم في وحدة العناية المركزة، وغالباً ما يحتاجون إلى دعم كامل، حتى تتحسن حالتهم الصحية.
ما هي توقعات سير مرض الغيبوبة؟
تختلف توقعات سير مرض الغيبوبة مع كل حالة. ففرص شفاء المريض من المرض تعتمد على سبب الإصابة بالغيبوبة، وهل يمكن تصحيح وإصلاح المشكلة، وفترة البقاء في الغيبوبة. إذا كان يمكن حل المشكلة، عادة ما تعود وظائف الإنسان إلى مستواها الأصلي. في بعض الأحيان، إذا كان المخ قد تضرر بشكل كبير، قد يصاب الشخص بالعجز الدائم أو لا يستعيد وعيه مجدداً.
وتجدر الإشارة إلى أن الغيبوبة الناتجة عن الإصابة بتسمم العقاقير، لديها معدلات أعلى للشفاء، إذا تلقى المريض عناية طبية عاجلة. كما أن الغيبوبة الناتجة عن إصابات الرأس لديها معدلات أعلى في الشفاء، مقارنة بمرضى الغيبوبة الناتجة عن نقص الأكسجين.
من الصعب للغاية توقع متى يمكن لمريض راقد في الغيبوبة أن يتعافى. فكل مريض يختلف عن المرضى الآخرين، لذا من الأفضل استشارة الطبيب حول الأمر. وكما هو متوقع، كلما طالت فترة الغيبوبة، كلما كان سير المرض أسوأ. ومع ذلك، يمكن للعديد من المرضى أن يستيقظوا من الغيبوبة بعد أسابيع كثيرة، إلا أنهم قد يتعرضوا للإصابة بإعاقات كبيرة.