عندما نتحدث عن النطق , فإننا نقصد بذلك قيام أعضاء النطق بعملها بالشكل المطلوب , وبالتالي إنتاج كل صوت بشكل طبيعي , وأن أي خلل أو اضطراب في قيام أي عضو من أعضاء النطق يجعلنا نقول إن اضطراباً نطقياً قد نتج عن ذلك
فما هو إذن الاضطراب النطقي ؟
يعرف فيصل الزراد (1990) اضطرابات النطق بأنها "تلك العملية التي يتم من خلالها التركيز على أي خلل في عملية وطريقة النطق , وطرق لفظ الأصوات , وتشكيلها , أو إصدار الأصوات بشكل صحيح"
في حين يعرف فتحي عبد الرحيم (1990) اضطراب النطق بأنه "مشكلة أو صعوبة في إصدار الصوت اللازم للكلام بطريقة صحيحة , وعيوب النطق تحدث في الأصوات الساكنة أو في الأصوات المتحركة , كما أنه يمكن أن يشمل بعض الأصوات أو جميع الأصوات , في أي موضع من الكلمة .
بينما تم تعريف اضطرابات النطق في الطبعة الرابعة من الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقلية الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي DSMIV (1994) بأنه : "فشل في استخدام أصوات الكلام المتوقعة نمائياً والتي تكون مناسبة لعمر الفرد وذكائه ولهجته , ويتضح في إصدار صوتي ردئ أو تلفظ غير مناسب .. ويتألف الاضطراب النطقي من : أخطاء في إصدار الصوت , أو إبدال صوت مكان آخر , أو حذف أصوات مثل الحروف الساكنة التي تقع في آخر الكلمة , و تشويه وتحريف لنطق الكلمة .. الخ , مما يعطى انطباعاً بأنه كلام طفلي" .
وفي نفس سياق التعريفات السابقة فقد عرف عبد العـزيز الشخص (1997) اضطراب النطق بأنه "هو ذلك الاضطراب الذي يحدث نتيجة وجود أخطاء في إخراج أصوات حروف الكلام من مخارجها , وعدم تشكيلها بصورة صحيحة , وتختلف درجات اضطرابات النطق من مجرد اللثغة البسيطة إلى الاضطراب الحاد , حيث يخرج الكلام غير مفهوم نتيجة الحذف , والإبدال , والتشويه , والإضافة ".
وهكذا يمكن تعريف اضطرابات النطق بأنها "خلل في نطق الطفل لبعض الأصوات اللغوية يظهر في واحد أو أكثر من الاضطرابات التالية : إبدال (نطق صوت بدلاً من صوت آخر) , أو حذف (نطق الكلمة ناقصة صوتاً أو أكثر) , أو تحريف وتشويه (نطق الصوت بصورة تشبه الصوت الأصلي غير أنه لا يماثله تماماً) , أو إضافة (وضع صوتاً زائدًا إلى الكلمة) .
أنواع اضطرابات النطق :
تضم اضطرابات النطق ما يلي :
الإبـــدال Substitution
ويحدث فيه استبدال الطفل نطق صوت بصوت آخر , كأن يستبدل الطفل نطق صوت /ر/ بصوت /ل/ , فيقول مثلاً "شجلة" بدلاً من "شجرة" , و" ملكب " بدلا من " مركب " .. ويقع الإبدال مع أصوات أخرى مثل إبدال / ج / بصوت / د / فيقول الطفل : " دردل " بدلاً من " جردل " , و" دابر " بدلا من " جابر " , ويستبدل أيضاً صوت / ك / بصوت / ت / , فيقول " تراسة " بدلاً من " كراسة" , و" ستينة " بدلاً من "سكينة .
وغالباً ما يحدث الإبدال نتيجة تحرك نقطة المخرج إلى الأمام , ويسمى "إبدال أمامي" , أو إلى الخلف. ويسمى "إبدال خلفي" , فعندما ينطق الطفل صوت / د / بدلاً من صوت / ج / فيقول مثلاُ "دوافة" بدلاً من "جوافة" , فهذا يعنى أن لسان الطفل قد تحرك إلى الأمام , فصوت / ج / ينطق من وسط اللسان , أما صوت / د / فينطق من حرفه , وفي هذه الحالة يطلق على ذلك إبدال أمامي . أما إذا كان الطفل ينطق صوت / ء / بدلاً من صوت / ق / , فيقول الطفل " ئمر" بدلاً من " قمر " فهذا يعنى أن مخرج الصوت تحرك من أقصى اللسان إلى أقصى الحلق , وهذا ما يعرف بالإبدال الخلفي .
ولا يتسم الإبدال بالثبات , حيث يبدل الطفل صوتاً بصوت معين في كل مواضع الكلمة , بل إننا قد نجد الطفل مثلاً عند نطق صوت / س / في أول الكلمة قد يستبدله إلى صوت / ث / , فيقول "ثيارة" بدلاً من "سيارة" , وعند نطق صوت / س / في وسط الكلمة يستبدله بصوت / ش / فيقول "شمشية" بدلاً من "شمسية" , بينما إذا أراد نطق صوت / س / في أخر الكلمة فقد يستبدله بصوت / ت / فيقول " موت " بدلاً من " موس " وهكذا .
ويعد اضطراب الإبدال من أكثر اضطرابات النطق شيوعاً بين الأطفال , وخاصة حتى سن السادسة , وأحياناً السابعة من العمر .
الحــذف Omission :
وفيه يقوم الطفل بحذف صوت أو أكثر من الكلمة , وعادة ما يقع الحذف في الصوت الأخير من الكلمة , مما يتسبب في عدم فهمها , إلا إذا استخدمت في جملة مفيدة , أو في محتوى لغوى معروف لدى السامع , وقد لا يقتصر الحذف على صوت , إنما قد يمتد لحذف مقطع من الكلمة فيقول الطفل "مام" بدلاً من :حمام" , ويقول "مك" بدلاً من "سمكة" .
وقد يتم الحذف عند توالى صوتين ساكنين في أي موقع من الكلمة دون أن تكون هناك قاعدة حذف ثابتة ومحددة , أي أن الطفل قد يحذف الصوت الساكن الأول , فيقول "مَرّسة" , أو "مدسة" بدلاً من "مدرسة " .
وتسبب عملية الحذف صعوبة في فهم كلام الطفل , ومعرفة الحاجة , أو الفكرة التي يريد التعبير عنها , مما يؤثر على الطفل , ويؤدى إلى ارتباكه وشعوره بعدم القدرة على توصيل أفكاره للآخرين .
وبصورة عامة يتصف الأطفال الذين يعانون من الحذف بما يلي:
(1) أن كلامهم يتميز بعدم النضج أو الكلام الطفلي Childish , وتشير نتائج الدراسات إلى أن الحذف يعد من اضطرابات النطق الحادة , سواء بالنسبة لفهم الكلام أو التشخيص , وكلما زاد الحذف في كلام الطفل صعب فهمه .
(2) غالباً يقل الحذف في كلام الطفل مع تقدمه في السن , ومع ذلك فقد يظهر لدى الكبار ممن يعانون من خلل في أجهزة النطق , أو اضطرابات في الجهاز العصبي , وكذلك الأطفال الذين يعانون من التوتر الشديد , وأولئك الذين يتحدثون بسرعة كبيرة .
(3) غالبا يميل الأطفال إلى حذف بعض أصوات الحروف بمعدل أكبر من الحروف الأخرى , فضلاً عن أن الحذف يحدث غالباً في مواضع معينة من الكلمات , فقد يحذف الأطفال أصوات / ج / , / ش / , / ف / , / ر / , إذا أتت في أول الكلمة أو في آخرها , بينما ينطقها إذا أتت في وسط الكلمة . (عبد العزيز الشخص ، 1997)
التحريف أو التشويه Distortion
وفيه ينطق الطفل الصوت بشكل يقربه من الصوت الأصلي , غير أنه لا يشبهه تماماً , أي ينطق الطفل جميع الأصوات التي ينطقها الأشخاص العاديون , ولكن بصورة غير سليمة المخارج عند مقارنتها باللفظ السليم , حيث يبعد الصوت عن مكان النطق الصحيح , ويستخدم طريقة غير سليمة في عملية إخراج التيار الهوائي لإنتاج ذلك الصوت .
ويحدث التحريف نتيجة لعدة أسباب منها ما يلي :
(1) تأخر الكلام عند الطفل حتى سن الرابعة .
(2) وجود كمية من اللعاب الزائد عن الكمية الطبيعية .
(3) ازدواجية اللغة لدى الصغار أو بسبب طغيان لهجة على أخرى .
(4) تشوه الأسنان سواء بتساقط الأسنان الأمامية أو على جانبي الفك السفلى .
(5) قد ينتج عن مشكلة كلامية , كالسرعة مثلا .
وإلى غير ذلك من الأسباب الأخرى التي قد تساهم في اضطراب التحريف أو التشويه . ومن نماذج التحريف في كلام الطفل :
كثير – تيل صحة – إحة
خلاص – هلاس شارع – آرى
ولتوضيح هذا الاضطراب يمكن وضع اللسان خلف الأسنان الأمامية إلى أعلى دون أن يلمسها , ثم محاولة نطق بعض الكلمات التي تتضمن أصوات /س/ , /ز/ , مثل : ساهر , زاهر , زايد , سهران , سامى .
الإضــافة Addition
وفيه يضيف الطفل صوتاً زائداً إلى الكلمة , مما يجعل كلامه غير واضح وغير مفهوم , ومثل هذه الحالات إذا استمرت مع الطفل أدت إلى صعوبة في النطق , مثال ذلك : سسمكة , ممروحة … وغيرها , أو تكرار مقطع من كلمة أو أكثر : واوا , دادا .
بارك الله فيكى