السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع، حتى سأل الرجل عن أهل بيته
رواه ابن حبان
تربية الأولاد في الإسلام
على المربين أن يشمروا على ساعد الجد والعمل، ويعطوا التربية حقها من التلقين والتعويد، والتأديب والتهذيب… فإذا فعلوا ذلك …يكونون قد اضطلعوا بمسؤولياتهم وقاموا بواجباتهم، وبرؤوا ذمتهم أمام الله، ودفعوا بعجلة التقدم التربوي إلى الأمام ورسخوا في المجتمع دعائم الأمن والاستقرار وعندئذ يفرح المؤمنون بالجيل المؤمن، والمجتمع المسلم والأمة الصالحة وما ذلك على الله بعزيز.
ومن ذلك قدوة الثبات على المبدأ، كانت صفة من صفاته عليه الصلاة والسلام، وخلقا أصيلا من أخلاقه صلى الله عليه وسلم ويكفي في هذا المجال أن نذكر موقفه العظيم مع عمه أبى طالب حين ظن عليه الصلاة والسلام أن عمه مُسلمهُ وخاذله، ومنتحلاً عن نصرته وهنا نقف لحظة لنستمع إلى كلمات الحق والإيمان والثبات على المبدأ تتردد على لسان صاحب الرسالة الإسلامية الخالدة لتعلن إلى الدنيا كيف يكون اليقين والثبات وكيف تكون التضحية والفداء، وكيف يجب أن يكون الدعاة إلى الله؟.
( والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه) ثم قام عليه الصلاة والسلام واستعبر باكيا، فلما رأى عمه عزمه الصادق، وثباته الراسخ في المضي في طريق الدعوة غير مكترث بأحد ولا عابئ بإنسان ناداه وقال له: اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبدا.
فأي امتحان للإيمان أكبر من هذا الامتحان. لو لم يكن لنبينا عليه الصلاة والسلام إلا هذا الموقف لكفاه على مدى الزمان وتعاقب الأجيال فخرا وشرفا وخلودا…
هل يستطيع أحد أن يحصي فضائل هذا النبي العظيم؟ وأن يحيط بمزاياه الكريم بعد أن وصفه الله سبحانه [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ] {القلم:4} وميزه بهذه الأسوة الحسنة. فمن الطبيعي أن تنجذب القلوب له، وأن تتأسى النفوس به، وأن يجد الناس شخصية النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الكاملة، والمثل الأعلى في كل الأمور.
[وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ] {التوبة:105}.
روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يُجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتابه، فيدورها كما يدور الحمار برحاه، فتجتمع أهل النار عليه، فيقولون: يا فلان ما شأنك، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولاآتيه، وأنهاكم عن الشر وآتيه.). قال وإني سمعته يقول صلى الله عليه وسلم: مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقارض من نار قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون.
أما الفضيحة المخزية أمام الأشهاد فلما روى أحمد والبيهقي عن منصور بن زازان قال: نُبئت (أُخبرت) أن بعض من يُلقى في النار تتأذى أهل النار بريحه، فيقال له ويلك ما كنت تعمل؟…ما يكفينا ما نحن فيه من الشر حتى ابتلينا بك ونتن ريحك؟ فيقول (كنت عالما فلم أنتفع بعلمي).
فليعلم الآباء والأمهات والمربون جميعا أن التربية بالقدوة الصالحة هي العماد في تقويم اعوجاج الولد، بل هي الأساس في تربيته نحو المكرمات والفضائل والآداب الاجتماعية النبيلة.
قال الرسول صلى الله عليه وسلمآمر المربين بأن يلقنوا أولادهم كلمة لا إله إلا الله ).
قال الرسول صلى الله عليه وسلمآمر المربين بأن يلقنوا أولادهم كلمة لا إله إلا الله ).وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال عليه الصلاة والسلام( افتحوا على صبيانكم أول كلمة لا إله إلا الله).
وقال صلى الله عليه وسلم ( مروا أولادكم بصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع).* و قال صلى الله عليه وسلم ( و أمروا أولادكم بامتثال الأمر ، واجتناب النواهي ، فذلك و قاية لهم و لكم من النار ) * أمر الرسول الله صلى الله عليه وسلم ، المربين بأن يلقنوا أولادهم أحكام الحلال و الحرام ، و محبة نبيهم و آل بيته و أصحابه ، وتلاوة القرآن الكريم .
* روى الطبراني عن علي كرم الله وجهه أنه صلى الله عليه و سلم قال : ( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم و حب آل بيته و تلاوة القرآن ).* ويجب على المربي أن يترك ولده نشيطا بتعليمه الرياضة والحرص على ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل).
* ويجب على المربي أن يجمع أولاده ويقرأ عليهم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة
آل بيته وأصحابه، وشخصيات القادة والعظماء المسلمين في التاريخ ويعلمهم القرآن.وذلك حتى..
1- حتى يتأسى الأولاد بسير الأولين بطولة واجتهادا….
2- حتى يرتبطوا بالتاريخ الإسلامي شعورا ووجدانا….
3- وحتى يرتبطوا بالقرآن الكريم دستورا ومنهاجا…..
فكل هذه الأساليب تنفع الولد في التعويد على الفضائل.
وسائل التربية المؤثرة في الولد هي :
•التربية بالقدوة: يكتسب الولد أفضل الصفات وأكمل الأخلاق.
•التربية بالعادة: يصل الولد في التكوين إلى أفضل النتائج، لأنها تعتمد على وسيلة الملاحظة والملاحقة.
•التربية بالموعظة: يتأثر الولد بالكلمة الهادية والنصيحة الراشدة والقصة الهادفة والحوار المشوق والأسلوب الحكيم والتوجيه المؤثر وبدونها لا يهتز وجدان الولد، ولا يرق قلبه، ولا تتحرك عاطفته، وتكون التربية جافة والأمل في الإصلاح ضعيفا.
•التربية بالملاحظة: تصلح الولد، وتسمو نفسه وتكتمل آدابه وأخلاقه ويصبح لينة صالحة في كيان المجتمع.
•التربية بالمعاتبة: يكف عن أسوء الأخلاق وأقبح الصفات ويكون عنده من الحساسية والشعور. بما يردعه عن الاسترسال في الشهوات والمفاسد والمنكرات.
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال( تقوى الله وحسن الخلق…).
وروى أحمد والحاكم والترمذي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن).
وأيضا ما يقوم به المربي هو:
1– ربط الولد بذكر الله عز وجل.
2- ربط الولد ببيوت الله – أي المساجد – .
واسمع ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم( من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة).ووعد الماشي إليها بالنور التام يوم القيامة، واسمع أخي المربي إلى ما يقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود والترمذي بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة).
أيه المربي حين يرتبط الولد بالعبادة بمفهومها الخاص والعام منذ نشأته، ويعتاد أداءها، والقيام بشروطها منذ نعومة أظافره، وحين يتربى كذلك على طاعة الله، والقيام بحقه والشكر له والتزام منهجه عندئذ، يكون الإنسان المتوازن المستقيم العامل الذي يؤدي كل ذي حق حقه في الحياة والذي يعطي للناس القدوة الصالحة في سلوكه وأخلاقه ومعاملته.
ملخص من كتاب تربية الأولاد في الإسلام لعبد الله ناصح علوان