تخطى إلى المحتوى

تفسير سورة القلم 2024

تفسير سورة القلم

بسم الله الرحمن الرحيـــــــم

الآيات 1 ـ 7

(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ *مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ *وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ *وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ *فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ *بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ *إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )

ن : من الحروف فى بداية السور
وقيل اسم القلم للكتابة ويقصد التعلم
وقيل الحوت على تيار البحر المسجور المحيط بالسماوات والذى ينزل يوم القيامة على صورة مطر لإحياء الموتى
وقيل أنه الحوت الذى يكون زيت كبده أول طعام أهل الجنة

القلم وهو القلم للكتابة
ويقال أنه القلم الذى كتب الأقدار
وهو تنبيه إلى فضل الله فى خلقه ما أنعم به على الإنسان من المقدرة على التعليم والتعلم

وما يسطرون : وما يكتبون

ويقسم الله بما سبق لمحمد أنه ليس بمجنون كما وصفه الكفار فيقول

والذى خلق الأقدار للخلائق من قبل أن يخلق السموات والأرضين إنك على حق وإن لك أجرا بما سببوه لك من أذى وهذا الأجر غير مقطوع

فسوف يعلمون وتعلم من منكم الذى هو مفتون ومجنون

فالله يعلم الضال ويعلم المهتدى

الآيات 8 ـ 16

(فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ *وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ *وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ *هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ *مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ *عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ *أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ *إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ *سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ )

فلا تطع يا محمد المكذبين
تمنوا لو ترخص لهم عبادة آلهتهم فيرخصون لأنفسهم عبادة آلهتهم وتترك ما أنت عليه

ولا تطيع كل كاذب يحلف بأيمانه الكاذبة وهو ضعيف مكابر

( هماز ) مغتاب ( مشاء بنميم ) يمشى بين الناس بالنميمة
( منّاع للخير ) يمنع الخير ( معتد ) يتجاوز الحد المشروع ( أثيم ) يأتى المحرمات

( عتل ) فظ غليظ ( زنيم ) لئيم فحّاش

مقابل ما أنعمنا عليه من مال وأولاد فهو يكذب بالقرآن ويقول إنه أساطير وقصص القدماء.
( سنسمهعلى الخرطوم ) فسوف تكون له سمة وعلامة على وجهه وسواد يوم القيامة

الآيات 17 ـ 21

(إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ *وَلا يَسْتَثْنُونَ *فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ *فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ* فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ(
يضرب الله مثلا لكفار قريش فيما أهدى لهم الله من الرحمة والنعيم وهو بعثة محمدا صلى الله عليه وسلم ولكنهم قابلوا ذلك بالجحود تماما مثل هؤلاء الأخوة الذين مات أبوهم وورثوا عنه جنة وبستان عظيم فأقسموا فيما بينهم أن يجمعوا ثمارها ليلا ولا يعلم فقير بها ولا يعطون منها مسكين

فعاقبهم الله بأن أرسل عليها آفة من السماء ( طائف من ربك ) فأهلكها وأصبحت ( كالصريم ) كالليل الأسود وهشيما يابسا وذلك وهم نائمون

وعند الصباح نادى بعضهم بعضا ليذهبوا للحصاد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا ترى ماذا سيجدون ؟ وما سيكون حالهم عندما يجدون أنها تدمرت ؟
هذا ما سنعرفه لاحقا فى الآيات المقبلة إن شاء الله

الآيات 21 ـ 29

( أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ *فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ *أَن لّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ *وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ *فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ *بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ *قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ *قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ)

ولما كان الصبح نادوا على بعض ليذهبوا بستانهم
وقالوا لو كنتم تصرون على ما اتفقتم عليه هيا بنا
ومضوا إلى بستانهم وهم يتحدثون بصوت خافت
لا تمكنوا أحد فقيرا اليوم على دخول جنتكم
واستمروا على قوتهم فى القرار والغيظ
فلما وصلوا رأوا ما أصابها من دمار
قالوا لا بل نحن أخطأنا الطريق ليست هذه جنتنا
وتراجعوا فقالوا لا بل هى ولكن لا نصيب لنا فيها
قال الأخ الأوسط فى الرأى والخير : لقد قلت لكم سبحوا الله واشكروه على ما أعطاكم
فقالوا نحن ظلمنا أنفسنا وندموا على ما فعلوا حيث لا ينفع الندم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم يبدأ اللوم والحسرة فى الآيات القادمة

الآيات 30 ـ 33

(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ *قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ *عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ *كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )

وأخذ يلوم بعضهم بعضا ، كيف أننا فكرنا وعزمنا على حرمان أى مسكين مما أنعم الله علينا به
وأفيقوا لما صنعوا ، لنا الويل على ما دبرنا واعتدينا
نحن نتوب إلى الله ونأمل من الله أن يعوضنا خيرا منها
وهذا هو العذاب بعينه لمن خالف شرع الله وتقواه وعذاب الآخرة أشد وأشق

وربما الإعتراف بالذنب والرجوع إلى الله فى الدنيا يفيد ويبدل الله السيئات بالحسنات ، ولكن كيف بعذاب يوم القيامة الذى لا تراجع بعده ؟ … نعوذ بالله من فوت أوان التوبة

    الآيات 34 ـ 41

    )إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ *أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ *مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ *أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ *إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ *أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ *سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ *أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ )

    يقول تعالى :
    إن المتقين لهم الأجر العظيم عند الله

    ولا مساواة بين المسلمين والكافرين
    فكيف تظنون ذلك ؟

    فهل عندكم كتاب من السماء يشهد بذلك وينطق بحكم مثل هذا
    أم عندكم مواثيق بهذا ؟
    أم عندكم عهود من الله بأنكم على حق ؟

    قل لهم من المتكفل بذلك منهم ؟
    أم لهم شركاء من الأصنام فلو صدقوا فليأتوا بهم .

    الآيات 42 ـ 47

    (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ *خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ *فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ *وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ *أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ *أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ )

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد فى الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا "
    وقال الصحابة رضوان الله عليهم أن المقصود بالساق هى الشدة والكرب يوم القيامة

    وهؤلاء الذين تكبروا فى الدنيا أذلاء يوم القيامة كلما أراد أحدهم السجود من شدة الخشوع تعود ظهورهم إلى أقفيتهم ، فقد دعاهم الله للسجود فى الدنيا ولكنهم تكبروا وأبوا

    فدعك يا محمد من المكذبين واترك أمرهم لله العزيز المقتدر ، فسوف يستدرجهم الله وهم لا يشعرونويظنون أنهم فى كرامة من الله
    وسوف نؤخرهم ولمن كذب فتدبير الله عظيم

    ( إنالله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته )

    فأنت يا محمد تدعوهم إلى الله بدون أن تطلب منهم أجر يثقل عليهم وكذلك لا يعلمون الغيب كى ينكروا .

    الآيات 48 ـ 52

    (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ *لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ *فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ *وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ *وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ)

    يا محمد اصبر على أذى قومك فالله سيجعل لك العاقبة ، ولا تتفعل مثلما فعل يونس الذى نفر من تكذيب قومه فأكله الحوت
    فلولا أنه تراجع عن ذنبه فى عدم الصبر وأنعم الله عليه بالمغفرة فأخرجه من بطن الحوت لهلك

    وانظر يامحمد أصابك الكفار بالحسد وأذى العين وقالوا عنك مجنون ولكنه قرآن كريم من رب العالمين وتذكرة لمن يعتبر

    أسباب نزول الآيات :

    1 ـ أراد الكفار أن يعينوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أى يصيبوه بأذى العين ) فنظر إليه قوم من قريش فقالوا : ما رأينا مثله ولا مثل حججه
    وكانت العين فى بنى أسد حتى إذا كانت الناقة السمينة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعينها ثم يقول يا جارية خذى المكتل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه البقرة فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر وتباع

    2 ـ كان الرجل من العرب يظل لا يأكل يومين وثلاثة ثم تمر به الغنم فيصيبها بالعين فتسقط ثم يأخذ منها ويأكل

    وأراد الكفار إصابة الرسول ليتخلصوا منه بأذى العين ، فأنزل الله الآيات يخبره
    وأنزل له المعوذتين للشفاء
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    تمت بحمد الله تعالى .

    الونشريس

    الونشريس

    الونشريس

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.