والدتي معتدة لوفاة زوجها، وهي تقيم الآن في المنزل الذي وصلها الخبر فيه (منزلنا)، ولكن الوالدة تعاني من مرض الاكتئاب النفسي قبل وفاة والدي؛ بسبب حادث مروري لأخي؛ ومن ثم زاد المرض بعد وفاة والدي. وتحس الوالدة بخوف من البيت، واكتئاب منه. فهل يجوز إخراجها لاستكمال ما تبقى لها من العدة في منزل جدي القريب من منزلنا، مع العلم أنها ضرورة لتحسن حالتها الصحية النفسية؟ ولكم تحياتي وجزاكم الله خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أنه يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها، أن تعتد في بيت الزوجية، ولا تخرج عنه إلا لعذر؛ لما جاء عن الفريعة بنت مالك: أن زوجها خرج في طلب أعبد له، فقتلوه. قالت: فسألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أن أرجع إلى أهلي; فإن زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه، ولا نفقة, فقال: «نعم». فلما كنت في الحجرة ناداني, فقال: «امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله». قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. أخرجه أحمد, وأصحاب السنن, وصححه الترمذي والذهلي, وغيرهم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب جمهور الفقهاء من السلف والخلف، ولا سيما أصحاب المذاهب الأربعة، إلى أنه يجب على المعتدة من وفاة أن تلزم بيت الزوجية الذي كانت تسكنه عندما بلغها نعي زوجها، سواء كان هذا البيت ملكا لزوجها، أو معارا له، أو مستأجرا. ولا فرق في ذلك بين الحضرية والبدوية، والحائل والحامل… وذهب جابر بن زيد، والحسن البصري، وعطاء من التابعين إلى أنها تعتد حيث شاءت. وروي ذلك عن علي، وابن عباس، وجابر، وعائشة رضي الله عنهم .اهـ.
لكن إن كانت المرأة تتأذى بالمقام في البيت بسبب مرضها النفسي، فحينئذ يظهر أنه يجوز لها الانتقال، وقد ذكر الفقهاء أن الأذى الشديد بالمقام يبيح الانتقال.
جاء في تحفة المحتاج : (وتنتقل) جوازا (من المسكن لخوف) على نفسها، أو نحو ولدها، أو مال ولو لغيرها كوديعة وإن قل، أو اختصاص كذلك فيما يظهر (من) نحو (هدم أو غرق) أو سارق (أو) لخوف (على نفسها) ما دامت فيه من ريبة للضرورة. وظاهر أنه يجب الانتقال حيث ظنت فتنة؛ كخوف على نحو بضع، ومن ذلك أن ينتجع قوم البدوية وتخشى من التخلف كما يأتي (أو تأذت بالجيران) أذى شديدا أي لا يحتمل عادة فيما يظهر .اهـ.
فإن كانت حالة والدتك على ما وصفت، فإنه يجوز لها الانتقال، ولا حرج عليها في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
نورتيني ♥