.
في قوله صل الله عليه وسلم:
(البذاذة من الإيمان)
دليل على أن التقشف والاقتصاد في الأمور، والإعراض عن البذخ، وهجر السرف والتجافي عن الترفه، من صفات عباد الله الصالحين..
لأن الانغماس في الشهوات، مع الاهتمام بمطالب الجسم، والشراهة في تناول اللذائذ، والتكالب على المتع الزائلة، دليل على فقر النفس من الإيمان، وقحطها من القيم، وإفلاسها من عمار الباطن..
وإلا فإن من عرف تفاهة الدنيا، وحقارة الفانية، وانصرام الأعمار، وتلمح العواقب، انصرف إلى حياة القلوب..
من عبادة وذكر وتأمل.. وأعطى العقل حقه من العلم والتفكر.. وهذب روحه بالأخلاق الشريفة، والآداب السامية..
فشغله ذلك خسة الطبع في السعي وراء الشواغل الجسمانية والمطالب الحيوانية..
ولا يعني هذا إهمال الجسم والإزراء بالنفس في ملبس أو مظهر..
لكن المطلوب اقتصاد في نفقة، وتقشف مع نظافة، واعتدال في المطالب..
حتى لا تسقط النفس في الحياة البهيمية؛ حياة اللهو واللعب والغفلة والإعراض
((أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا))
يتبع
السلام عليكم ورحمة الله
أحبائي في الله هذا ما توصلت إليه في هذا الحديث حديث ( البذاذة من الإيمان ) قد رواه جماعة من الصحابة :
أبي أمامة , وكعب بن مالك , وعميرة بنت جبير ( أم معبد ) , ورواه أيضاً عبد الله بن أبي أمامة ( مرسلاً )
( الحديث الأول )
حديث أبي أمامة (البلوى الأنصارى الحارثى اسمه إياس و قيل عبد الله بن ثعلبة و قيل ثعلبة بن عبد الله ) انظر تهذيب الكمال .
وله ثلاث طرق …
( الطريق الأولى )
عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البذاذة من الإيمان .
أخرجه أحمد في مسنده – (ج 5 / ص 456) قال :
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زهير ، يعني ابن محمد – عن صالح ، يعني ابن كيسان .
وأخرجه ابن ماجه في سننه – (ج 3 / ص 398) قال :
حدثنا كثير بن عبيد الحمصي حدثنا أيوب بن سويد عن أسامة بن زيد .
وأخرجه محمد بن هارون الروياني في مسنده (ج 2 / ص 314) قال :
حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا زهير بن محمد عن صالح بن كيسان
وأخرجه الطبراني في الكبير – (ج 1 / ص 271) قال :
حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السرح المصري ويحيى بن أيوب العلاف ، قالا : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا عبد الله بن المنيب قال أخبرني أبي ( المنيب بن عبد الله ) .
وأخرجه أيضاً في (ج 1 / ص 272) قال :
حدثنا محمد بن معاذ الحلبي ، حدثنا عبد الله بن رجاء أنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام حدثني صالح بن كيسان .
وأخرجه الحاكم في المستدرك – (ج 1 / ص 16) قال :
أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا عبد الرحمن وهو ابن مهدي ، حدثنا زهير بن محمد عن صالح بن أبي صالح .
وأخرجه محمد بن سلامة القضاعي في مسنده ( الشهاب ) (ج 1 / ص 125) قال : أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر التجيبي أبنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا زهير بن محمد عن صالح بن كيسان .
وأخرجه أحمد في كتاب ( الزهد / ج 1 / ص 7) قال :
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا زهير يعني ابن محمد عن صالح يعني ابن كيسان .
وأخرجه المروزي في ( تعظيم قدر الصلاة ) (ج 1 / ص 466) قال :
حدثنا محمد بن يحيى ثنا ابن أبي مريم أنا عبدالله بن المنيب قال أخبرني أبي ( المنيب بن عبد الله )
وأخرجه أيضاً في (ج 1 / ص 468) قال :
حدثنا محمد بن يحيى أنا أبو حذيفة أنا زهير عن صالح بن كيسان .
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ج 4 / ص 190) قال :
حدثنا عمر بن الخطاب ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا عبد الله بن المنيب حدثني أبي .
وأخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة (ج 1 / ص 362) قال :
حدثني أبي ، حدثنا عبدالرحمن بن مهدي ، حدثنا زهير بن محمد عن صالح يعني ابن كيسان
ورواه أيضاً في (ج 6 / ص 275) قال :
أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو جعفر الرزاز نا عبد الرحمن بن محمد بن منصور نا عبد الرحمن بن مهدي وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أحمد بن جعفر القطيعي نا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي نا عبد الرحمن نا زهير بن محمد عن صالح بن أبي صالح .
قلت : خمستهم ( صالح بن كيسان , وأسامة بن زيد , و المنيب بن عبد الله , وصالح بن أبي صالح) كلهم عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:البذاذة من الإيمان.
( الطريق الثانية )
عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أمامة قال ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تسمعون الا تسمعون إن البذاذة من الإيمان إن البذاذة من الإيمان .
أخرجه أبو داود في سننه (ج 4 / ص 75) قال :
حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي امامة .
وأخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (ج 1 / ص 465) قال :
حدثنا أبو علي البسطامي ثنا أبو النعمان ثنا حماد بن سلمة ثنا محمد بن إسحاق عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف .
وأيضاً في (ج 1 / ص 463) قال :
حدثنا البسطامي حدثنا عبدالله بن حمران قال ثنا عبدالحميد بن جعفر عن عبدالله بن ثعلبة أنه أتى أبا عبدالرحمن بن كعب بن مالك قال فسلمت عليه فقال من هذا قلت عبدالله بن ثعلبة ( فذكره )
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (ج 5 / ص 227) قال :
أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود ثنا بن نفيل ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق .
وأخرجه الهيثمي (ج 2 / ص 605) مسند الحارث قال :
حدثنا محمد بن عمر ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن عبد الله بن ثعلبة (عبد الله بن أبي أمامة ) أن أبا عبد الرحمن ( عبد الله ) بن كعب بن مالك قال قد شهدت أو ، قال : سمعت أباك يحدث بحديث سمعه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قد سمعت حديثا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قلت لا أدري قال قد سمعت حديثا له قد ، حدثناه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قلت وما هو ، قال : سمعت أباك يحدث أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن البذاذة من الإيمان .
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير(ج 1 / ص 272) قال :
حدثنا الحسين بن السميدع الأنطاكي ، حدثنا محمد بن المبارك الصوري ، حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عبد الله بن عبيد الله بن حكيم بن حزام أن أبا المنيب بن أبي أمامة أخبره أنه لقي عبد الله بن كعب بن مالك حدثني أبوك قال كنا في مجلس نتذاكر فيه الدنيا فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : البذاذة من الإيمان ثلاث مرات .
قلت : كلاهما ( عبد الله بن أبي أمامة , وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ) عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
( الطريق الثالثة )
عن محمود ابن لبيد عن أبي أمامة الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البذاذة من الإيمان .
أخرجه ابن أبي الدنيا (ج 22 / ص 170) قال :
حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا عبد الله بن المنيب بن عبد الله بن أبي أمامة الأنصاري عن أبيه عن محمود ابن لبيد عن أبي أمامة الأنصاري ( فذكره )
( الحديث الثاني )
حديث كعب بن مالك .
عن محمد بن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعلموا يا هؤلاء أن البذاذة من الإيمان .
وأخرجه محمد بن يحيى العدني في كتابه
( الإيمان ج 1 / ص 112) قال
( باب البذاذة من الإيمان ) ثم قال :
أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب بن مالك عن أبيه أو عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعلموا يا هؤلاء أن البذاذة من الإيمان .
( الحديث الثالث )
حديث عميرة بنت جبير ( أم معبد )
أخرجه الحميدي (ج 1 / ص 173) قال :
حدثنا سفيان ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب عن عمه أو عن أمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعلمن يا هؤلاء إن البذاذة من الإيمان .
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ج 6 / ص 437) قال :
حدثنا يعقوب بن حميد ، حدثنا ابن عيينة ، عن محمد بن إسحاق ، عن معبد بن كعب بن مالك ، عن أمه أو عن عمته ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا هؤلاء إن البذاذة من الإيمان .
( الحديث الرابع )
رواه عبد الله بن أبي أمامة ( مرسلاً ) .
أخرجه محمد بن هارون الروياني في مسنده (ج 2 / ص 315) قال :
حدثنا أحمد بن يوسف ، حدثنا أبو عبيد ، حدثنا يزيد عن محمد بن عمرو عن عبد الله عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : البذاذة من الإيمان .
وأخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (ج 1 / ص 469) قال :
حدثنا محمد بن يحيى أنا يزيد بن هارون أنا محمد بن عمرو قال سمعت عبدالله بن أبي أمامة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البذاذة من الإيمان .
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (ج 5 / ص 155) قال :
أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي ثنا أحمد بن حنبل ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زهير بن محمد العنبري عن صالح يعني بن كيسان أن عبد الله بن أبي أمية أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البذاذة من الإيمان ثلاثا .
وأخرجه محمد بن عمرو بن البختري في ( مجموع مصنفاته ج 1 / ص 277) قال :
حدثنا عبد الرحمن : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زهير ، عن صالح بن كيسان ، عن عبد الله بن أبي أمامة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم البذاذة من الإيمان ، البذاذة من الإيمان ، البذاذة من الإيمان .
=========================
الحديث الأول : حديث (عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه )
عبد الله بن أبي أمامة هو (عبد الله بن ثعلبة الأنصارى )
ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات " ، و قال : كنيته أبو رملة
قال البخاري في التاريخ الكبير [ جزء 5 – صفحة 45 ]
عبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري عن أبيه روى عنه ابنه المنيب الحارثي المديني .
وقال الحافظ في التقريب : [ جزء 1 – صفحة 296 ]
عبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري الحارثي المدني يقال كنيته أبو رملة صدوق .
وقال المزي في تهذيب الكمال [ جزء 14 – صفحة 311 ]
عبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري الحارثي البلوي المدني والد المنيب بن عبد الله
روى عن أبيه أبي أمامة ق وقيل عن عبد الله بن كعب بن مالك
روى عنه أسامة بن زيد الليثي ق وصالح بن كيسان وبن ابنه عبد الله بن المنيب بن عبد الله بن أبي أمامة ومحمد بن إسحاق د ومحمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ ومحمود بن لبيد الأنصاري وابنه المنيب بن عبد الله بن أبي أمامة ذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال كنيته أبو رملة روى له أبو داود وبن ماجة حديثا واحدا
وقال الذهبي في الكاشف [ جزء 1 – صفحة 539 ]
عبد الله بن أبي أمامة الأنصاري عن أبيه وغيره وعنه صالح بن كيسان وابن إسحاق وثق .
قلت : وقد اختلف على ( عبد الله بن أبي أمامة ) في هذا الحديث .
فرواه صالح بن كيسان عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه .
كما عند المروزي ( 488) , والحاكم في المستدرك (ج 1 / ص 16) وأحمد في مسنده – (ج 5 / ص 456) ,والروياني في مسنده (ج 2 / ص 314) , والطبراني في (ج 1 / ص 272) , والقضاعي في مسنده ( الشهاب ) (ج 1 / ص 125) , وأحمد في كتاب ( الزهد / ج 1 / ص 7) , والبيهقي في شعب الإيمان (ج 6 / ص 275) .
فرواه صالح بن كيسان عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه ( بإسقاط عبد الله بن كعب )
وتابعه كلاً من : أسامة بن زيد كما عند ابن ماجه (ج 3 / ص 398) , و المنيب بن عبد الله كما عند الطبراني في الكبير(ج 1 / ص 271) ,
وابن أبي عاصم , والمروزي .
وصالح بن أبي صالح عند الحاكم في المستدرك – (ج 1 / ص 16) ,
ورواه أيضاً محمد بن عمرو عن عبد الله بن أبي أمامة كما عند المروزي (489) .
الطريق الثانية : من رواية عبد الله بن أبي أمامة , وأبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أمامة .
أي أدخل بين عبد الله بن أبي أمامة وبين أبيه ( عبد الله بن كعب )فأرجح الروايات ( لولا عبد الحميد بن جعفر ) رواية البسطامي قال : حدثنا عبدالله بن حمران قال ثنا عبدالحميد بن جعفر عن عبدالله بن ثعلبة ( المروزي )
وأما رواية محمد بن إسحاق بن يسار , و محمد بن عمر الواقدي , وعبد العزيز بن عبيد الله .
فأما الأول فهو ( مدلس) وقد رواه من أكثر من وجه فلعله دلسه عمن لم يحفظ .
هكذا قال الشيخ ( كمال السيد سالم )
قلت : وأما الثاني فهو متروك . انظر التهذيب .
والثالث عبد العزيز بن عبيد الله ضعيف الحديث . انظر التهذيب أيضاً .
الطريق الثالثة : عن محمود بن لبيد عن أبي أمامة الأنصاري .
أي بإسقاط ابنه عبد الله بن أبي أمامة .
وهذه من رواية ( المنيب بن أبي أمامة ) وهو مجهول . انظر التهذيب .
( الحديث الثاني ) حديث كعب بن مالك .
وهو من رواية محمد بن إسحاق بن يسار .
فاختلط فيه : فقال عن محمد بن كعب بن مالك عن أبيه أو عن عمهكما محمد بن يحيى العدني في كتابه ( الإيمان ج 1 / ص 112).
وعند الحميدي – (ج 1 / ص 173) قال : عن معبد بن كعب عن عمه أو عن أمه .
وهذا هو الحديث الثالث .
فكما قلنا أن محمد بن إسحاق بن يسار مدلس انظر ترجمته في التهذيب وغيره .
قال البوصيري في اتحاف المهرة (ج 1 / ص 103)
هذا إسناد ضعيف ، لتدليس محمد بن إسحاق .
=================================================
وقد صحح هذا الحديث الحاكم ,وقال الحافظ فيفتح الباري – (ج 10 / ص 368) وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود .
وكذلك الطحاوي في"مشكل الآثار"1 / 478:
حين قال : فكان معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم"البذاذة من الايمان"أي: أنها من سيماء أهل الايمان، إذ معهم الزهد والتواضع وترك التكبر كما كان الانبياء صلوات الله عليهم في مثل ذلك.
ونقل صاحب عون المعبود – (ج 9 / ص 199) قال :
وقال أبو عمر النمري : اختلف في إسناد قوله البذاذة من الإيمان اختلافا سقط معه الاحتجاج به ولا يصح من جهة الإسناد .
وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى .
قلت : ولكي نعرف صحة هذا الحديث من ضعفه لابد أن نعرف سوياً حال ( عبد الله بن أبي أمامة ) وهل يحتج به أم يستشهد به فقط .
قال ابن عبد البر في التمهيد (مجلد24صفحة 12 ):
أختلف في اسناد قوله "البذاذة من الأيمان، اختلافا يسقط معه الإحتجاج به ولا يصح من جهة الإسناد"
والله أعلم.
يتبع
عن أبي أمامة قال : ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تسمعون ؟ ألا تسمعون ؟ إن البذاذة من الإيمان ، إن البذاذة من الإيمان " .
رواه أبو داود ( 4161 ) وابن ماجه ( 4108 ) وصححه السيوطي .
وصحَّحه – أيضاً – : الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 10 / 368 ) .
والبذاذة فسَّرها الحافظ بقوله
: والمراد بها هنا ترك الترفه والتنطع في اللباس والتواضع فيه مع القدرةلا بسبب جحد نعمة الله تعالى .انتهى
وقال ابن عبد البر :
فالتزين والتنظف مباح بهذا الحديث وغيره ما لم يكن إسرافاً وتنعماً وتشبهاً بالجبارين ، يدلك على ذلك
قوله صلى الله عليه وسلم "البذاذة من الإيمان " .
وفي الإستذكار لابن عبد البر ( 1 / 329 ، 330 ) – أيضاً – :
وفي ترجيل عائشة لرأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض – دليل على طهارة الحائض وأنه ليس منها شيء نجس غير موضع
الحيض ولذلك قال لها – عليه السلام ( ( إن حيضتك ليست في يدك ) ) حين سألها أن تناوله الخمرة فقالت إني حائض
وفيه ترجيل الشعر وفي ترجيله لشعره – عليه السلام – وسواكه وأخذه من شاربه ونحو ذلك ما يدل على أنه ليس من السنة ولا الشريعة ما
خالف النظافة وحسن الهيئة في اللباس والزينة التي من شكل الرجال – للرجال ومن شكل النساء للنساء .
ويدل على أن قوله عليه السلام ( ( البذاذة من الإيمان
) ) أراد به اطراحالشهوة في الملبس والإسراف فيه الداعي إلى التبختر والبطر
ليصح معاني الآثار ولا تتضاد . انتهى
وكيف الجمع بين استحباب التجمل واستحباب البذاذة؟!
سؤال
كيف يُجمَع بين تجمُّل الرسول-عليه الصلاة والسلام- وبين قوله: "البذاذة من الإيمان"؟.
الجواب
لا تعارض بينهما؛ فالبذاذة لا تعني الرديء أو المتسخ أو الممزق من الثياب، وإنما تعني البعد عن فاخر الثياب، أما نظافتها وحسنها
فمطلوب؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إن الله جميل يجب الجمال" أخرجه مسلم (91) من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه-.
والمشروع هو الاعتدال والتوسُّط.
المجيب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 06/06/1441هـ
يتبع
السؤال :
ما هو الزهد . وكيف يطبقة المسلم الحق في حياته حتى يحبه الله ويحبه الناس على الوجه الصحيح . ونريد أن تبين لنا جملة من الأخطاء التي يظن الناس انها من الزهد وهي ليست من الزهد .. وجزاكم الله خيـراً .
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
وإليك أحسن
الزهد في الدنيا له أصل في الشرع ، وهو غير ما يَفهمه بعض الناس من ترك ما أحلّه الله وأباحه لِعباده ، ولكنه تَرك ما لا ينفع في الدار الآخرة . كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
فليس من الزهد تَرك أكل الطيبات ، ولا لبس الجميل .
فإن سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام – محمد عليه الصلاة والسلام – لم يُعرض عليه طعام أو لباس وتَرَكه تزهّداً ، وهو عليه الصلاة والسلام الأسوة والقدوة .
فلم يكن عليه الصلاة والسلام يتكلّف ضد حاله ، فلا يطلب معدوما ولا يَردّ موجوداً إلا أن يكون لا يَشتهيه أصلا .
ومِن الزهد التوسّط وعدم المبالغة في الملابس والمآكِل والمشارِب .
ولذا جاء الحث على ذلك ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : إن البذاذة من الإيمان . رواه أبو داود وابن ماجه ، وصححه الألباني .
والبذاذة هي التواضع في الملبس .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد
منقوووووووووووووول