لعالمنا دورة تشمل الليل والنهار، مدتها أربع وعشرون ساعة.وتتوافق أجسامنا بيولوجياً مع هذا التوقيت.ففي وقت متأخر من الليل،وفي ساعات الصباح الأولى،تبلغ درجة حرارة الجسم عادة أدنى مستوى لها سواء أكان الفرد نائماً أم مستيقظا،ويكون النشاط العقلي فى أدنى مستوياته،ثم تتزايد مرة أخرى مع قدوم الفجر لتبلغ قمتها في حوالي منتصف اليوم.والنوم جزء ضروري من هذا التوافق البيولوجي،فهو ذلك الوقت ((الطبيعي)) من الليل الذي تبلغ فيه كل النشاطات أدنى نقطة لها فى دورتها.
النوم نوعان
فى أثناء فترة نومنا يستمر المخ فى إرسال الموجات الكهربائية التى يمكن قياسها ودراستها ومقارنتها بجهاز رسم المخ الكهربائي.وتوضح الملاحظات العادية أن الفرد يقضي بعضاً من وقت نومه فى ((نوم عميق))،وبعضه في ((نوم خفيف)) تتحرك خلاله عيناه المغمضتان بسرعة،وتتحرك عضلات وجهه،ويبدو جسم الإنسان فى هذه المرحلة غير مستقر،ويكون من السهل نسبياً إيقاظه من النوم.إن الإنسان عندما يستسلم للنوم يكاد يمر دائماً في أول الأمر بمرحلة النوم العميق حيث يبدو مسترخياً جداً وهادئاً ولا يتحرك إلا أحياناً،كأن يتقلب من جنب إلى جنب.وبعد نحو(9)دقائق،يتغير نشاط دماغه،وتبدأ عيناه بالتحرك السريع،وتتحرك قسمات وجهه،ويدخل فى مرحلة النوم الخفيف التي تحدث فيها الأحلام عادة.وفيما بعد وطوال فترة النوم،يظل ينتقل من نوم عميق إلى نوم خفيف وبالعكس.وإذا ما تم إيقاظ الإنسان من نومه من دون إرادته،فإنه حالما يعود إلى النوم من جديد،يستغرق فى النوم الخفيف فترات طوال وكأنه يحاول تعويض شئ أفتقده.
احتياجات متفاوتة للنوم
مع أن كل الناس يحتاجون إلى النوم،فإن بعضهم يحتاج إليه أكثر من بعضهم الآخر.وساعات النوم التى يحتاج إليها الطفل أطول من تلك التي يحتاج إليها الشخص الأكبر سناً.إنه لأمر صعب جداً أن نحاول تحديد ساعات النوم الفعلية التى من المحتمل أن يحتاج إليها طفل عمره ثلاثة أشهر،أو شخص عمره ثلاثون عاماً،أو سبعون عاماً.والسبب فى ذلك هو التفاوت الفردي بين البشر.فالأرقام التى ترد فى الكتب هى عادة متوسط عدد ساعات نامتها مجموعة كبيرة من الناس فى أعمار معينة.إن الرقم المتوسط لطفل عمره ثلاثة أشهر،مثلاً،قد يكون ثماني عشرة ساعة فى كل أربع وعشرين ساعة.أما إذا سمحت الأم لهذه المعلومة بأن تجعلها تعتقد أن طفلها يجب أن ينام كل هذا الوقت يومياً،فإنها قد تقلق اذا ما نام مدة أقل في أحد الأيام،وهو قلق غير مبرر،لأن كل طفل أو شخص راشد يجب أن يعطي الفرصة ليأخذ أكبر قسط من النوم يحتاج إليه ومن دون أن يحاول أحد أن يفرض عليه ذلك.أما اضطرابات النوم عند الطفل،فتلك حالات أخرى لها أعراضها الواضحة والثابتة نسبياً لديه،مما يستدعي عندها قلق الأم وسعيها الى معالجة هذه الاضطرابات.
اضطرابات النوم عند الأطفال
تتخذ مشكلات النوم عند الأطفال مظاهر متعددة،منها:الأرق،والتكلم أثناء النوم،والتقلب والرفس طوال الليل،ويستيقظ الطفل من دون ان يأخذ كفايته من النوم،فيعاني سرعة الانفعال والتهيج والقلق الواضح وشدة التوتر مع صعوبة التركيز وكثرة البكاء،وكذلك الاستيقاظ المستمر أثناء الليل،والتبول أثناء النوم،والكوابيس،والصر على الأسنان بشدة.
وقد تكون مشكلات النوم المتواصلة أعراضاً لصعوبات عاطفية،مثل ((قلق الانفصال)) عن الأم والأهل،فبالنسبة لكل الأطفال الصغار،يكون وقت النوم هو وقت الانفصال.ويلجأ بعض الأطفال إلى بذل كل جهدهم للحيلولة دون الانفصال عن الأهل عند مجيء وقت النوم.وغالباً ما يكتشف الوالدان أن التغذية تساعد الطفل الصغير على النوم.لكن مع نمو الطفل وتركه مرحلة الرضاعة،ينبغي على الوالدين تشجيع الطفل على النوم بدون اللجوء إلى إطعامه،وإلا سيتعرض الطفل لمشكلات عند مجيء أوقات النوم.ويجب فحص الطفل جيدا قبل تشخيص الحالة كمرض نفسي،إذ أن هناك كثيراً من الأمراض العضوية تسبب الأرق،مثل الاضطرابات المعوية،وصعوبة التنفس،وارتفاع درجة الحرارة،أو الآلام الجسمية المتنوعة.أما أهم الأسباب النفسية التى تسبب الأرق للطفل فهو عدم التوافق بين الوالدين،واستمرار المشاجرات اللفظية والجسدية أو المنافسة مع الاخوة أو الزملاء فى المدرسة،وما يصاحب ذلك من صراعات وقلق شديد.كذلك فان محاولة الوالدين تنشئة الطفل بصورة مثالية خصوصاً فى حالة الطفل الأول للأسرة يسبب له صراعاً مع قدراته الذاتية.ولذا ننصح الأسرة بمحاولة فهم الموضوع الخاص بأرق الطفل وتفسير تأثير الخلافات الأسرية على الطفل مع امتناعهم عن العقاب كوسيلة لإجبار الطفل على النوم.أما عن استخدام المنومات للطفل فيجب أن يكون تحت إشراف اختصاصي نفساني،ليتمكن من تحديد العلاج المناسب مع علاج الأسرة نفسياً فى الوقت نفسه.
إرشادات تساعدك على تنظيم نوم طفلك
*إذا شعر طفلك بالرغبة فى إغفاءة صغيرة فى أثناء النهار،لا تحرميه منها بحجة أن ذلك قد يقلل من ساعات نومه فى أثناء الليل.
*وبالقدر نفسه لا تحاولي إجبار طفلك على النوم قبل أن يكون لديه الاستعداد لذلك.فالطفل مثل الشخص الراشد لا يستطيع أن ينام إطاعة لأمر.وإذا لم يكن الطفل مجهداً،دعيه بجانبك حتى ينعس ثم خذيه إلى غرفة نومه .
*اجعلي من غرفة نومه مكاناً شيقاً.إن غرفة النوم لدى بعض الأسر هى مكان للنوم وحسب،ولا يُبذل أي مجهود لجعلها محببة للطفل، مكاناً يستطيع أن يلعب فيه أو يقضي بعض الوقت قبل أن يستسلم للنوم.
الكوابيس
إن الطفل الذى يصاب بالكابوس،أو يحلم حلماً مخيفا،يصحو من نومه وهو يصرخ أو يبكي.ويعكس الصراخ أو البكاء نوع حلمه،وفي هذه الحالة:
*يجب أن تذهبي إلى الطفل بسرعة لتهدئة خاطره.وإذا لم تذهبي إليه فإن خوفه قد يتراكم. حتى إذا لم يتذكر الحلم كله،فإنه قد يتذكر الفزع الذى أصابه من تجربة الكابوس.وفي أغلب الأحيان يستسلم الطفل للنوم مرة أخرى،وبسرعة لمجرد سماع صوتك أو الشعور بلمستك المطمئنة.
*لا تحاولي أن تطلبي من الطفل أن يقص عليك الحلم الذى أزعجه.فإذا أراد أن يخبرك به،فسيفعل ذلك من تلقاء نفسه.
*إذا حاول الطفل النزول من سريره،حاولي أن تقنعيه بالعدول عن ذلك إنما برفق.وإذا حاول مقاومتك،أو بدا عليه التصرف الهستيري،حاولي أيضاً التصرف برفق.ويمكنك فى هذه الحالة إشعال ضوء الغرفة،وتغيير مساند سريره،وما إلى ذلك من التصرفات التى تشعره بالاطمئنان.
إن الكوابيس ومخاوف الليل تحدث نتيجة للتجارب السلبية التى يعيشها الطفل.وهي لا تكون إلا شعوراً مؤلماً نتج عن تجربة من تلك التجارب.ومن مثل هذه التجارب رؤية الأم وقد أغمي عليها،أو عملية جراحية استوجبت مسك الطفل لإجرائها له.وينطبق الشيء نفسه على ما يشاهده الطفل فى التليفزيون أو القصص التى تحكى له.إنه لا يحلم بكل شيء،ولكنه فقط يحلم بالفزع الذى أحدثته القصة فى نفسه.