السؤال:
أنا امرأة واعية وودودة وبسيطة وشخصية سهلة الوصول إليها ، وما أنا إلا ربة منزل ، وبالكاد لي قليل من الأصدقاء ، وأعرف جيراني بطريقة المناسبة والحسنة ، لست امرأة انطوائية ولكن المجتمع الشرق أوسطي يجبر الشخص أن يبقى بعيداً عن كل جيرانه ، حتى لو أنني أردت أن أكون شخصية ودودة ومتعاونة فمن الممكن أن يُساء فهم تصرفاتي . كيف يمكنني اتباعالشريعة في العناية بالجيران وكيفية التعامل والحدود بيننا وإلى أي حد يكون التعامل ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نحمد الله على ما حباك به من محاسن الأخلاق ، وجميل الأوصاف ، وبصفة عامة: لا نرى فيما ذكرت لنا عن نفسك وأوصافك ما يستحق التغيير ، أو يطلب الانتقال عنه ، لكن فقط نشير هنا إلى مراعاة أن يضاف إلى ذلك كله : إعطاء كل ذي حقه الذي ورد به الشرع .
فاعلمي أيتها السائلة الكريمة أن حقوق الجيران تختلف تبعاً لصفتهم وحالهم وهم في الجملة على أربعة مراتب : فالجار المسلم من ذوي القرابة منهم له ثلاثة حقوق ، لجواره وإسلامه وقرابته ، والجار المسلم منهم غير القريب له حقان ، لجواره وإسلامه ، والجار الكافر القريب له حقّان ، لجواره وقرابته ، والجار الكافر غير القريب له حق واحد ، لجواره ، ولذا فينبغي الاهتمام بهذا الأمر ليُعطى كل ذي حق حقَّه ، وكلما كان حق الجار أكثر كان الاهتمام به أكبر .
لا يخفى علينا ما يحدث بين الجيران من حوادث ومشكلات ، لكن يجب أن تعلمي – أختنا السائلة – أن هذا ليس سببه ذات الجيرة بل هو بسبب الخلطة الزائدة عن حدِّها بين الجيران ، وبسبب عدم مراعاة الأحكام الشرعية في طبيعة العلاقة بين الجيران ، فالإكثار من زيارات واللقاءات بين الجيران يذيب كثيراً من حواجز الحشمة ويُفقد كثيراً من جوانب المروءة ؛ مما يتسبب ذلك في حدوث مشكلات يكون نتيجتها التقاطع والتدابر إن لم يكن ما هو أعظم من ذلك ، ومثله ما يكون بين الجيران من عدم مراعاة الأحكام الشرعية في العلاقة بينهم فتجد المرأة – مثلاً – تبوح بأسرار بيتها لجارتها ، وتجد جارة لا تتورع عن كشف مفاتنها في الزيارات المختلطة بين الجيران مما يتسبب في وقوعهم في المعاصي ويحدث جرَّاء ذلك كثيراً من المشكلات التي تؤدي إلى البغض والكراهية إن لم يكن إلى ما هو أعظم من ذلك بكثير .
الذي نوصيك به – أختنا السائلة – أمور :
1. لا تسيئي الظن ابتداء في جيرانك فليس الناس كلهم سواء في سلوكهم ومعاملتهم للآخرين . واعلمي أن الجار الغريب قد يكون أنفع لك من القريب البعيد ، فمن احتاج شيئاً أو أصابه كرب فأقرب من يلجأ إليه هو جاره .
3. لا نعلم في الشرع أن من حق الجار على الجار زيارته والاختلاط به في بيته ، فليس الأمر كما ظننتِ أن حق جيرانك عليك وجوب زيارتهم ، بل هو أمر جائز مباح إن شئتِ فعلتِه وإن شئتِ تركتِه ، وسيأتي فيما بعد أن حقوق الجار ليس منها زيارته والاختلاط به من حيث كونه جاراً ، بخلاف ما إذا مرض مثلاً فيكون له حق عليك في عيادته ، أو إذا مات أحد أفراد أسرتهم أن تعزيهم .
4. لتكن زيارتك لجيرانكِ – إن حصلت – مقتصدة من غير إفراط ولا تفريط ، ولتكن محكومة بالشرع المطهر ، فلا يكون فيها معصية من غيبة أو نميمة أو سماع لمحرَّم أو مشاهدة له ، بل لتكن في الأمور الشرعية ، أو الدنيوية النافعة المفيدة .
5. وإذا لحقك ضرر من زيارة إحدى الجارات والاختلاط بها فاسعَي لإصلاحها ، فإن تعذر ذلك فلا بأس بترك زيارة تلك الجارة ، ويتعين ذلك عليكِ إذا كانت صاحبة مجاهرة بمنكر ، أو كنتِ تخشين على نفسك الفتنة في علاقتك بها .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – : " فإن لم ينفع هذا التزاور ولم يحصل به الإصلاح للأوضاع وزوال المنكر : شُرع تركه ؛ لعدم الفائدة " انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 25 / 378 ) .
6. واعلمي أن الشرع الحكيم قد أوجب عليك حقوقاً تجاه جيرانك ، فيجب عليك الالتزام بها قدر الوسع والطاقة ، ومن تلك الحقوق :
أ. أن تحسني إليهم وتكرميهم بما تستطيعين قولاً وفعلاً .
عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ) .
رواه البخاري ( 5673 ) ومسلم ( 48) بلفظ ( فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ ) .
ومما يدخل في ذلك :
1. تقديم الطعام لهم .
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ ) .
رواه مسلم ( 2625 ) .
ويدخل في هذا الجار الكافر أيضاً .
عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ " أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُه ُ) " .
رواه الترمذي ( 1943 ) وحسَّنه ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
قال محمد بن علاَّن الصدِّيقي – رحمه الله – : " ففي الحديث : الحض على مكارم الأخلاق والإرشاد لمحاسنها ؛ لما يترتب عليه من المحبة والألفة ، ولما يحصل به من المنفعة ودفع الحاجة والمفسدة ، فقد يتأذى الجار بقتار قدر جاره ، وعياله وصغار ولده ، ولا يقدر على التوصل لذلك ، فتهيج من صغارهم الشهوة ، ويقوم على القائم بهم الألم والكلفة ، وربما كان يتيماً أو أرملة فتكون المشقة أعظم وتشتد منهم الحسرة والألم ، وكل ذلك ليندفع بتشريكهم في شيء من الطبخ ، فلا أقبح من منع هذا اليسير المترتب عليه هذا الضرر الكبير " انتهى من " دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين " ( 2 / 438 ) .
2. إهداؤهم ولو كان شيئاً يسيراً .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ :
( يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ ) .
رواه البخاري ( 2566 ) ومسلم ( 1030 ) .
فِرسن الشاة : حافرها .
قال الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله – : " وقوله ( فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ) على هذا يدخل فيه : إكرام الجار بالألفاظ الحسنة ، إكرام الجار بحفظ الجار في أهله ، حفظ الجار في عرضه ، في الاطلاع على مسكنه ، ويدخل في هذا : حفظ الجار في أداء الحقوق العامة له ، في الجدار الذي بينهما ، أو النوافذ التي تُطِلُّ على الجار ، أو في موقف السيارات – مثلاً – ، أو في اعتداء الأطفال ، أو ما أشبه ذلك ، فيدخل هذا جميعا في إكرام الجار ، ويدخل فيه أيضاً : أن يكرم الجار في المطعم والملبس وأشباه ذلك ، يعني : أنه إذا كان عنده طعام : فإنه يطعم جاره منه " انتهى من " شرح الأربعين النووية " ( شرح الحديث الخامس عشر ) .
ب. أن تكفِّي الأذى والعدوان عنهم قولاً وفعلاً .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ ) .
رواه البخاري ( 5672 ) ومسلم ( 47 ) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : " وفي هذا دليل على تحريم العدوان على الجار سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل ، أما بالقول : فأن يَسمع منه ما يزعجه ويقلقه كالذين يفتحون الراديو أو التليفزيون أو غيرهما مما يُسمع فيزعج الجيران ؛ فإن هذا لا يحل له ، حتى لو فتحه على " كتاب الله " وهو مما يزعج الجيران بصوته فإنه معتد عليهم ولا يحل له أن يفعل ذلك.
وأما بالفعل : فيكون بإلقاء الكناسة حول بابه ، والتضييق عليه عند مداخل بابه ، أو بالدق أو ما أشبه ذلك مما يضره ، ومن هذا أيضاً : إذا كان له نخلة أو شجرة حول جدار جاره فكان يسقيها حتى يؤذي جاره بهذا السقي فإن ذلك من بوائق الجار فلا يحل له .
إذاً : يحرم على الجار أن يؤذي جاره بأي شيء ، فإن فعل فإنه ليس بمؤمن ، والمعنى : أنه ليس متصفاً بصفات المؤمنين في هذه المسألة التي خالف بها الحق " انتهى من " شرح رياض الصالحين " ( 3 / 178 ) .
هذا ما يناسب المقام من بيان حق الجار عليكِ ، فأدِّ من ذلك ما استطعتِ ، وليس يجب عليك التزاور والاختلاط بهم ، بل قد نصحناك بالاقتصاد في ذلك إن أردتِ حصوله ، وانظري منهم أحسنهم أخلاقاً وأكثرهم استقامة على الشرع ، فقوّيِ علاقتك به ، فنعم الجار من ينفع جاره في دينه ودنياه .
أنا امرأة واعية وودودة وبسيطة وشخصية سهلة الوصول إليها ، وما أنا إلا ربة منزل ، وبالكاد لي قليل من الأصدقاء ، وأعرف جيراني بطريقة المناسبة والحسنة ، لست امرأة انطوائية ولكن المجتمع الشرق أوسطي يجبر الشخص أن يبقى بعيداً عن كل جيرانه ، حتى لو أنني أردت أن أكون شخصية ودودة ومتعاونة فمن الممكن أن يُساء فهم تصرفاتي . كيف يمكنني اتباعالشريعة في العناية بالجيران وكيفية التعامل والحدود بيننا وإلى أي حد يكون التعامل ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نحمد الله على ما حباك به من محاسن الأخلاق ، وجميل الأوصاف ، وبصفة عامة: لا نرى فيما ذكرت لنا عن نفسك وأوصافك ما يستحق التغيير ، أو يطلب الانتقال عنه ، لكن فقط نشير هنا إلى مراعاة أن يضاف إلى ذلك كله : إعطاء كل ذي حقه الذي ورد به الشرع .
فاعلمي أيتها السائلة الكريمة أن حقوق الجيران تختلف تبعاً لصفتهم وحالهم وهم في الجملة على أربعة مراتب : فالجار المسلم من ذوي القرابة منهم له ثلاثة حقوق ، لجواره وإسلامه وقرابته ، والجار المسلم منهم غير القريب له حقان ، لجواره وإسلامه ، والجار الكافر القريب له حقّان ، لجواره وقرابته ، والجار الكافر غير القريب له حق واحد ، لجواره ، ولذا فينبغي الاهتمام بهذا الأمر ليُعطى كل ذي حق حقَّه ، وكلما كان حق الجار أكثر كان الاهتمام به أكبر .
ثانياً:
لا يخفى علينا ما يحدث بين الجيران من حوادث ومشكلات ، لكن يجب أن تعلمي – أختنا السائلة – أن هذا ليس سببه ذات الجيرة بل هو بسبب الخلطة الزائدة عن حدِّها بين الجيران ، وبسبب عدم مراعاة الأحكام الشرعية في طبيعة العلاقة بين الجيران ، فالإكثار من زيارات واللقاءات بين الجيران يذيب كثيراً من حواجز الحشمة ويُفقد كثيراً من جوانب المروءة ؛ مما يتسبب ذلك في حدوث مشكلات يكون نتيجتها التقاطع والتدابر إن لم يكن ما هو أعظم من ذلك ، ومثله ما يكون بين الجيران من عدم مراعاة الأحكام الشرعية في العلاقة بينهم فتجد المرأة – مثلاً – تبوح بأسرار بيتها لجارتها ، وتجد جارة لا تتورع عن كشف مفاتنها في الزيارات المختلطة بين الجيران مما يتسبب في وقوعهم في المعاصي ويحدث جرَّاء ذلك كثيراً من المشكلات التي تؤدي إلى البغض والكراهية إن لم يكن إلى ما هو أعظم من ذلك بكثير .
ثالثاً:
الذي نوصيك به – أختنا السائلة – أمور :
1. لا تسيئي الظن ابتداء في جيرانك فليس الناس كلهم سواء في سلوكهم ومعاملتهم للآخرين . واعلمي أن الجار الغريب قد يكون أنفع لك من القريب البعيد ، فمن احتاج شيئاً أو أصابه كرب فأقرب من يلجأ إليه هو جاره .
3. لا نعلم في الشرع أن من حق الجار على الجار زيارته والاختلاط به في بيته ، فليس الأمر كما ظننتِ أن حق جيرانك عليك وجوب زيارتهم ، بل هو أمر جائز مباح إن شئتِ فعلتِه وإن شئتِ تركتِه ، وسيأتي فيما بعد أن حقوق الجار ليس منها زيارته والاختلاط به من حيث كونه جاراً ، بخلاف ما إذا مرض مثلاً فيكون له حق عليك في عيادته ، أو إذا مات أحد أفراد أسرتهم أن تعزيهم .
4. لتكن زيارتك لجيرانكِ – إن حصلت – مقتصدة من غير إفراط ولا تفريط ، ولتكن محكومة بالشرع المطهر ، فلا يكون فيها معصية من غيبة أو نميمة أو سماع لمحرَّم أو مشاهدة له ، بل لتكن في الأمور الشرعية ، أو الدنيوية النافعة المفيدة .
5. وإذا لحقك ضرر من زيارة إحدى الجارات والاختلاط بها فاسعَي لإصلاحها ، فإن تعذر ذلك فلا بأس بترك زيارة تلك الجارة ، ويتعين ذلك عليكِ إذا كانت صاحبة مجاهرة بمنكر ، أو كنتِ تخشين على نفسك الفتنة في علاقتك بها .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – : " فإن لم ينفع هذا التزاور ولم يحصل به الإصلاح للأوضاع وزوال المنكر : شُرع تركه ؛ لعدم الفائدة " انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 25 / 378 ) .
6. واعلمي أن الشرع الحكيم قد أوجب عليك حقوقاً تجاه جيرانك ، فيجب عليك الالتزام بها قدر الوسع والطاقة ، ومن تلك الحقوق :
أ. أن تحسني إليهم وتكرميهم بما تستطيعين قولاً وفعلاً .
عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ) .
رواه البخاري ( 5673 ) ومسلم ( 48) بلفظ ( فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ ) .
ومما يدخل في ذلك :
1. تقديم الطعام لهم .
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ ) .
رواه مسلم ( 2625 ) .
ويدخل في هذا الجار الكافر أيضاً .
عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ " أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُه ُ) " .
رواه الترمذي ( 1943 ) وحسَّنه ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
قال محمد بن علاَّن الصدِّيقي – رحمه الله – : " ففي الحديث : الحض على مكارم الأخلاق والإرشاد لمحاسنها ؛ لما يترتب عليه من المحبة والألفة ، ولما يحصل به من المنفعة ودفع الحاجة والمفسدة ، فقد يتأذى الجار بقتار قدر جاره ، وعياله وصغار ولده ، ولا يقدر على التوصل لذلك ، فتهيج من صغارهم الشهوة ، ويقوم على القائم بهم الألم والكلفة ، وربما كان يتيماً أو أرملة فتكون المشقة أعظم وتشتد منهم الحسرة والألم ، وكل ذلك ليندفع بتشريكهم في شيء من الطبخ ، فلا أقبح من منع هذا اليسير المترتب عليه هذا الضرر الكبير " انتهى من " دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين " ( 2 / 438 ) .
2. إهداؤهم ولو كان شيئاً يسيراً .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ :
( يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ ) .
رواه البخاري ( 2566 ) ومسلم ( 1030 ) .
فِرسن الشاة : حافرها .
قال الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله – : " وقوله ( فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ) على هذا يدخل فيه : إكرام الجار بالألفاظ الحسنة ، إكرام الجار بحفظ الجار في أهله ، حفظ الجار في عرضه ، في الاطلاع على مسكنه ، ويدخل في هذا : حفظ الجار في أداء الحقوق العامة له ، في الجدار الذي بينهما ، أو النوافذ التي تُطِلُّ على الجار ، أو في موقف السيارات – مثلاً – ، أو في اعتداء الأطفال ، أو ما أشبه ذلك ، فيدخل هذا جميعا في إكرام الجار ، ويدخل فيه أيضاً : أن يكرم الجار في المطعم والملبس وأشباه ذلك ، يعني : أنه إذا كان عنده طعام : فإنه يطعم جاره منه " انتهى من " شرح الأربعين النووية " ( شرح الحديث الخامس عشر ) .
ب. أن تكفِّي الأذى والعدوان عنهم قولاً وفعلاً .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ ) .
رواه البخاري ( 5672 ) ومسلم ( 47 ) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : " وفي هذا دليل على تحريم العدوان على الجار سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل ، أما بالقول : فأن يَسمع منه ما يزعجه ويقلقه كالذين يفتحون الراديو أو التليفزيون أو غيرهما مما يُسمع فيزعج الجيران ؛ فإن هذا لا يحل له ، حتى لو فتحه على " كتاب الله " وهو مما يزعج الجيران بصوته فإنه معتد عليهم ولا يحل له أن يفعل ذلك.
وأما بالفعل : فيكون بإلقاء الكناسة حول بابه ، والتضييق عليه عند مداخل بابه ، أو بالدق أو ما أشبه ذلك مما يضره ، ومن هذا أيضاً : إذا كان له نخلة أو شجرة حول جدار جاره فكان يسقيها حتى يؤذي جاره بهذا السقي فإن ذلك من بوائق الجار فلا يحل له .
إذاً : يحرم على الجار أن يؤذي جاره بأي شيء ، فإن فعل فإنه ليس بمؤمن ، والمعنى : أنه ليس متصفاً بصفات المؤمنين في هذه المسألة التي خالف بها الحق " انتهى من " شرح رياض الصالحين " ( 3 / 178 ) .
هذا ما يناسب المقام من بيان حق الجار عليكِ ، فأدِّ من ذلك ما استطعتِ ، وليس يجب عليك التزاور والاختلاط بهم ، بل قد نصحناك بالاقتصاد في ذلك إن أردتِ حصوله ، وانظري منهم أحسنهم أخلاقاً وأكثرهم استقامة على الشرع ، فقوّيِ علاقتك به ، فنعم الجار من ينفع جاره في دينه ودنياه .
بارك الله فيك وجزاك خيرا
جزاكى الله كل خير وجعله الله فى ميزان حسناتك
بارك الله فيكى
يتصفح الموضوع حالياً : 12 (2 عدلات و 10 زائرة)
شكرا