بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد،
فإن الله تعالى هو غافر الذنب وقابل التوب، وهو الذي وعد المستغفرين بجزيل الثواب، وجعلهم بواسطة الاستغفار في مأمنٍ من العذاب، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلزوم الاستغفار، وبشرنا أن فيه ذهابًا للأحزان والأكدار.
وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عباده المستغفرين في كتابه الكريم، وبخاصة المستغفرين بالأسحار، ووعدهم بالمغفرة والرحمة، والفوز بالجنان، والنجاة من النار.
ففي الاستغفار مَحْوٌ للذنوب، ودَفْعٌ للكروب، وإزالةٌ للهموم والغموم، وبواسطته تَحِلُّ البركة، ويتحقق به الأمان من الله عز وجل، والاستغفار يَجْلب لأصحابه الرزق والمدد بالأموال والبنين، والغيث من السماء، ويكون سببًا في زيادة الإيمان لديهم.
وفي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الكثير من النصوص التي تؤكد ما سبق، ومنها قوله تبارك وتعالى على لسان سيدنا نوح عليه السلام: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) } [سورة نوح: 10-12].
وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح يروى عنه، بأنه كان يستغفر في اليوم الواحد أكثر من سبعين مرة، وثبت عنه أيضًا في أحاديث أخرى أنه كان يستغفر في اليوم مئة مرة، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من المداومين على الاستغفار، وكان يأمر بالمداومة عليه ولزومه، لما فيه من الخير والبركة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا » [صححه الألباني].
قَدَّر الله تعالى للبشر أن يكونوا خطائين، فلا بد لهؤلاء البشر من أن يقعوا في الذنوب، وكل هذا لحكمةٍ بالغةٍ من الله عز وجل، فإذا ارتكب العبد ذنبًا ما، ومن ثم قام بالاستغفار منه، فإن في استغفاره هذا تقويةً للصلة بينه وبين وربه، فيزيد العبد بهذا الاستغفار تضرعًا وتوسلًا لله، فالاستغفار يُحَقِّق شطرًا من العبودية لله عز وجل، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: « والذي نفسي بيده لو لم تُذْنِبُوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم » [رواه مسلم].
وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث العظيم الذي يُعْرَف بحديث (سيد الاستغفار)، حيث قال عليه الصلاة والسلام: « سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ومن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يُمْسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يُصْبح فهو من أهل الجنة. » [رواه البخاري].
ونسأل الله أن يجعلنا من المداومين على الاستغفار، وأن يغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، إنّه غفور رحيم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
ونسأل الله أن يجعلنا من المداومين على الاستغفار، وأن يغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، إنّه غفور رحيم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.