هل أتاكـَ نبأُ الرّسولِ الكَّريمِ؟
إنّه أشرف وأعزُّ وأصدَقُ وَأكْرمُ وَأجلُّ وأنْبَلُ وأجْوَدُ وَأبَرُّ وأحْسَنُ ما خلقَ الله ُ تَعالى ،
بعثه اللهُ رحْمَةً مهداةً
ونِعمَةً معطَاةً
ونُوراً وَضِياءً للبشَريَّةِ جمْعَاء
رَضِيَ الله عَن عليٍّ بن أبي طَالبَ إذْ قالَ : ( كانَ أصْدَقَ النَّاس لهجةً ، وَ أحسن النَّاسِ عشرةً وأوفاهُم ذمَّةً ، وألينهُم عَرِيكَةً ، منْ رآه بديهة هابهُ ومنْ خالطهُ عشرةً أحبَّه .يقولُ نَاعته لمْ أَرَ قبلًهُ ولا بعدَهُ مثْلَهُ )
وبذلك أصبّح حبّه ايمانا
وإتباعهُ دينًا
والإقتدَاءُ بهِ نجاة
ورحمَ الله القَائلَ :
يارب إنَّ ذُنُوبِي في الوَرى عَظُمَت
وَلَيْسَ لي عَمَلٌ في الحَشْر يُنْجيـني
وَقد أتـيتُكَ بالتوحيد يصْحبـُـه
حـبُّ النبيِّ وهذا القَدْر يكْفيـني
ثمّ بعد:
فإنَّ الحديثَ عن الرّسول الأكْرَم ~~ حَديثٌ أطيَبُ من ريِح المسكِـ ، وأوْسعُ من قطعِ الرَّوْض ،،
وسيرته الفذّة الغّراء حَدِيقَة خِصْبةٌ أيْنَما وَقَعَ نَاظِرُكـ على رُكْنٍ منْ أرْكانِهَا أَلْفَى ثَمَرَةً جَنِيَّةً وَزُهورًا بهِيَّةً .
كيفَ لا وَقَدْ حملَت من الدرُوس مايصلح لبناء أمّة وتأسيس شعب ،،
لما زخرت به من المعاني والتوجيهات والاحكام والارشادات .
*
وَإذا لَمْ يَكُن في مَكنُوننَا الآنَ أن نَسْتَوعبَ تِلكَ السّيرَةَ التِي ازدانتْ بِها هَامَة التَّارِيخِ فّذاكَ لا يَمنَعُ أنْ نَلْتَمسَ من نُورهَا قَبَسًا وأن نَسْتَقي منْ مَعِينهَا شَربَةً ،
فمَا لايُدْرَكُ كلُّهُ لايُتْرَكُ بَعْضُه .
*
ولمّا كَانت حياة الحبيب كلها مواقف وعظات تزخر بالنفائس كان لابد ان نقف معها وقفات
فإلَيكَ بَعْضًا من ضُروب حَيَاةِ المُصْطَفى صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّم ورَفيعِ وسَامِي أخلاقِهِ:
أمّا أولى هَذِه الصُّوَر فيَرْوِهَا أنس بنُ مالك إذْ يقُول :بَيْنَما نحْنُ فِي المَسْجِد مَعَ رَسُولِ الله صَلّىَ اللهُ عَلَيْه وسَلّمَ إذْ جَاءَ أعْرَابِي فَقَام يَبُول فِي المَسْجد ،
فَقَال أَصْحَابُ رَسُولِ الله صَلّىَ اللهُ عَلَيْه وسَلّمَ: مَهْ مَهْ قَالَ: قاَلَ رَسُول الله صَلّىَ اللهُ عَلَيْه وسَلّمَ: لاَ تُزرِمُوه دَعُوه .
فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ ثُمَّ إنَّ رَسُول الله صَلّىَ اللهُ عَلَيْه وسَلّمَ دَعَاهُ فَقَالَ لهُ: إنَّ هَذِهِ المَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لشَيءٍ مِنْ هَذَا البَوْل و لا القَذِر ،
إنَّما هِيَ لذِكْر اللهِ عزَّ وَجَل وَالصَلاة وَقراءَة القُرآنِ )
فأمر رَجُلا من القوم فَجَاء بِدَلوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ
فَانظُر – يابَاركَ اللهُ فيك- إلى عظَم رحمَة النَبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم ولينه ورُقيِّ تَعامُلِه مَعَ هَذا الأَعْرابي ،
فَلَم يَكُنْ ليلْعنهُ أو يسبَّه أوْ يأخذهُ بالقوّة، رغم شنيع فعلته ،، بل كان سهلاً سمحاً ليناً رؤوفاً بأمته
فَهُوَ القائل ( إنِّي لَم أبعَث لعَانَا وإنَّما بُعثُّت رَحمَةً ) ،،
( إنَّمَا أنّا رَحْمَةٌ مُهْداة ) .
وأما ثاني هذه الصور والشاهد فيها انس بن مالك رضي الله عنه ،، يقول:
كنت أمشي مع رسول الله وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة ،
قال أنس : فنظرت إلى صفحة عاتق النبي وقد أثرت فيها حاشية الرداء من شدة جبذته ،
ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك ، ثم أمر له بعطاء .
فأي صفح وأي حِلم ذاك يارسول الله
وفوق ذلك يضحك ويبتسم
بلْ
ويأمر له بـ عطاء !
إنّها قمّة العظمة الأخلاقية المحمّدية !
كيف لا وهو القائل لمن طلب الوصاية "لاتغضَب"
*,