تخطى إلى المحتوى

وهل يصوم القلب 2024

  • بواسطة

الحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد :
الونشريسالونشريسالونشريس
سألتة : ما الصيام عندك ؟
قال : كف البطن عن الطعام والشراب والفرج عن قضاء الشهوة قلت : هذا أهون الصيام عند السلف

قال : فكف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام

قلت : ونسيت القلب ؟

قال : وهل يصوم القلب ؟
قلت : يصوم أعظم صيام
قال : اشرح لي ذلك _
قلت : صيام القلب بالإعراض عن الهمم الدنيئة والأفكار الدنيوية , وبكفه عما سوى الله بالكلية

قال : وكيف يكون الفطر من هذا الصوم ؟
قلت : يكون بالفكر فيما سوى الله والدار الآخر

وانشغال القلب بالدنيا إلا دنيا تراد للآخرة قال : وهل لذلك أثر من الكتاب والسنة ؟

قلت : قولة تعالى :
( يوم لا ينفع مال ولا بنون ـ إلا من أتى الله بقلب سليم ) ( الشعراء : 88 , 89 ) فعلق النجاة يوم القيامة على سلامة القلوب

إذا سلمت القلوب سلمت الجوارح , واستقامت على طاعة الله واجتنبت معصيته ونواهيه وقال صلى الله علية وسلم :

( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد , وإذا فسدت فسد سائر الجسد , ألا وهي القلب ) ( متفق عليه )

فأساس الصلاح والفساد هو صلاح القلوب وفسادها ولذلك كان إصلاح القلوب وتهذيبها وتطهيرها من أعظم أعمال الطاعة التي غفل

عنها كثير من الناس قال أبو تراب النخشبي : ليس من العبادات شيء أنفع من إصلاح خواطر القلوب .

وقال أحمد بن خضرويه : القلوب أوعية فإذا امتلأت من الحق , أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح و إذا امتلأت من الباطل

أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح .

صــــفة القلــــب الصائــم : والقلب الصائم : قلب متحرر من حب الدنيا والتعلق بشهواتها وملذاتها , طلباً للنعيم الأعلى والراحة الدائمة

قال رابعة: شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله عز وجل , ولو تركوها لجالت في الملكوت , ثم رجعت إليهم بطرائف الفوائد .

والقلب الصائم : قلب مشغول بالفكر في الآخرة , والقدوم على الله عز وجل .

قال حادث بن أسد : بلية العبد تعطيل القلب عن فكرة في الآخرة , حينئذ تحدث الغفلة في القلب .

والقلب الصائم : قلب سالم من الأحقاد والضغائن لا يضمر لأحد من المسلمين غلاً ولا شراً ولا حسداً بل يعفو ويصفح ويغفر ويتسامح , ويحتمل أذى الناس وجهلهم . وقد سئل إبراهيم بن الحسن عن سلامة القلب

فقال : " العزلة ،، والصمت وترك استماع خوض الناس

ولا يعقد القلب على ذنب , ويهب لمن ظلمه حقه " والقلب الصائم : قلب ساكن مخبت متواضع ليس فيه شيء من الكبر والغرور

والعلو في الأرض قال صلى الله علية وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ( رواه مسلم ) .

والقلب الصائم : قلب مخلص لا يريد غير وجه الله , ولا يطلب إلا رضى الله , ولا يلتذ بغير محبة الله وذكره وشكره وحسن عبادته .

قال يحيى بن معاذ : النسك هو العناية بالسرائر وإخراج ما سوى الله عز وجل من القلب .

وقال ضيعم : إن حبه تعالى شغل قلوب محبيه عن التلذذ بمحبة غيره فليس لهم في الدنيا مع حبة لذة تداني محبته , ولا يأملون في الآخرة

من كرامة الثواب أكبر عندهم من النظر إلى وجه محبوبهم .

فأين أصحاب هذه القلوب النقية ؟ .. و أين أرباب تلك الهمم العاليّة ؟ .. ذهبوا ـ والله ـ فهل ترى لهم بقية ؟

عـــــــلاج القلــــــوب : و إذا مرض القلب توجب علاجه ومداوته حتى يعود إلى حال الصحة والقوة وعلاج القلوب يكون بأمور منها :

1 ـ ترك الذنوب : قال صلى الله علية وسلم " إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبة فإن تاب ونزع واستغفرصقُل قلبه وإن زاد زادت

حتى تعلو قلبه , فذلك الران الذي ذكر الله عز وجل ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) المطففين ( رواة الترمذي وقال حسن صحيح )

وقال يحيى بن معاذ سقم الجسد بالأوجاع وسقم القلوب بالذنوب فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب .

رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها .

2 ـ رحمة الخلق : شكا رجل له صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له " امسح رأس اليتيم و أطعم المساكين "( رواة أحمد وحسنه

الألباني ) وفي رواية قال : " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم , وامسح رأسه و أطعمه من طعامك , يلن قلبك

وتدرك حاجتك " ( رواة الطبراني )

3 ـ ذكر الله : قال تعالى ( الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ) الحج 35 وقال رجل للحسن : يا أبا سعيد ! أشكو إليك قسوة في قلبي !

قال : أدْنِه من الذكر

4 ـ الدعاء : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك " ( رواة مسلم )

وكان يقول " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ( رواه الترمذي ) .

5 ـ علاجات متفرقة : سأل رجل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ما دواء قسوة القلب ؟ فأمرته بعيادة المرضى وتشيع الجنائز

وتوقع الموت وشكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار فقال : أدمن الصيام , فإن وجدت قسوة فأطل القيام , فإن وجدت قسوة فأقل الطعام .

وسئل ابن المبارك : ما دواء القلب ؟ فقال : قلة الملاقاة

وقال عبد الله بن خبيق : خلق الله القلوب مساكن للذكر فصارت مساكن للشهوات ولا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج أو شوق

مقلق وقال إبراهيم الخواص : دواء القلوب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع

عند السحر ومجالسة الصالحين .

أعيـــــاد الصائــــمين : قال ابن رجب : " من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا , فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته .

كما قيل :أهل الخصوص من الصوام صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب والعارفون و أهل الأنس صومهم صون القلب عن الأغيار والحجب ..
الونشريس

    بااااارك الله فيكى غاليتى

    اشكرك نورتينى

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.