قبل ايام اصيبت ابنتي الوحيدة بإنفلونزا مصحوبة بسعال شديد انهكت جسمها واعيتنا معها وبلغت حد من التعب والضعف ما لم نألفه من قبل ، والحمد لله على كل حال ، لكن الله بواسع رحمته وفضله منّ عليها خلال اليومين الماضيين ببعض الصحة ونأمل منه ان يتمها عليها بدعواتكم ودعوات المحبين من حولها .
وقد مرت تلك الايام عليّ شخصيا وعلى امها كأصعب ما تكون ، وفي فترات من الفترات حين كانت الطفلة تبث اليّ شكواها بأنها تعبت من المرض ، تلوح امامي امنيات من بينها ان لو كانت المخلوقة المسكينة ولدا وليست بنتا كي يكون تحملها للالم اكثر ، وكنت احدث نفسي بأن ذلك ربما سيكون اثره علينا اقل مما هو عليه الحال ، وان الاوقات العصيبة التي يمر بها الولد رغم شدتها الا انها ستضيف الى صفاته ما ينفعه في ايامه القادمة وسيعزز من فرص الاعتماد عليه في قابل الايام ، على العكس من البنت التي يظهر ضعفها واضحا وهي سليمة ومتعافية ، فما بالك وقد اصابها ما اصابها من اعياء وهزال ، لاشك ان ذلك يؤثر في بدنها ويظهر منها ضعفا اكثر ويثير الشفقة عليها ، الامر الذي يزيد من هم الابوين ويؤذيهما ايما ايذاء ، ولعل ذلك يرفع قيمة هذه البنت ويقربها اليهم اكثر من الولد وبالتالي فإن مصاب العائلة بها يكون اكبر .
لكن ما يفرح حقا ان ثمار هذا الهمّ الكبير لن يذهب سدى ، وتخبرنا الايام التي مضت من عمرنا ان البنت تستذكر هذا الهم وتحسه وتعيشه وتبقى وفيّة لاصحابه وتتحيّن الفرص لرده في كل مرة يحتاج اليها ابواها ، اي انها ترد الفضل اكثر من مرة وليست لمرة واحدة كما نفعل نحن الذكور ، وهذا ما جعل الفرحة بالبنت تتضاعف عند المنصفين ، لانها لا تنسى ابدا ما فعل لها ابواها طيلة حياتها وبوادر هذا الوفاء مرئية و ملموسة ومسموعة من الكثيرين والحمد لله على فضله .
استذكرت هذه المشاعر وانا اقرأ هذه القصة الجميلة التي لا تخلو من حكمة بالغة هي مصداق لشعور اباء سبقونا واخرين سيلحقون بنا .. تقول القصة :
ان زوجين إتفقا على ان لا يفتحا الباب لأي زائر كان في الصباح التالي لعرسهما مهما كان الزائر ، وكما كان متوقعا جاء أهل الزوج يطرقون الباب ، ونظر كل من الزوجين الى بعضهما نظرة تصميم على تنفيذ الإتفاق رغم التماس الاهل ان يفتحوا لهم ، لكن العريسين لم يفتحا الباب فعلا .
و لم يمض إلا قليل حتى جاء من يطرق الباب ثانية ، وكانوا هذه المرة اهل الزوجة ، استمروا بالطرق والمناداة على من في الداخل كي يفتحوا الباب .. فنظر الزوج الى زوجته فإذا بها تذرف الدموع وتقول والله لا يهون علي وقوف أبواي أمام الباب و انا متجاهلة نداءهما لي .. سكت الزوج و أسرها في نفسه ، وهي تسرع لفتح لأبويها الباب.
مضت السنين و منّ الله على العريسين بأربعة أولاد وكانت خامستهم طفلة فرح بها الاب فرحا شديدا ًواحتفل بها وذبح لها الذبائح ، مما استدعى من حوله ان يسألوه متعجبين من فرحه الذي غلب فرحته بأولاده الذكور من قبل
فأجاب الوالد ببساطه : ان هذه هي التي ستفتح لي الباب .
( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً )
قصة رائعه وانتى رائعه