ربما تتوقع أن تكون كلمة ” مجانين ” هنا المقصود بها المبالغة .. أو كونهم ” مهووسين ” أو Geeks أثروا فى تاريخ البشرية .. أو لديهم مثلاً عادات وتقاليد غريبة كعادة العُظماء والمخترعين والعلماء والمبتكرين..
الحقيقة اننا هنا نستعرض 10 شخصيات مشهورة جداً فى التاريخ الإنساني ، ولكنهم كانوا ” يعانون من إضطرابات نفسية حادة ” بالفعل .. وليس مجرد كناية عن غرابة الأطوار أو العبقرية !
وعلى الرغم أن التاريخ البشري ملئ بالمجانين الذين وصلوا إلى حُكم البلاد وكتابة الشعر والقصص ، واختراع نظريات علمية وفلسفية وموسيقية .. إلا أن لدينا 10 شخصيات تاريخية شديدة التأثير والشهرة ، تجعلهم فى المقدمة !
لو كُنت تعتقد أن العُقلاء الأسوياء هم الذين أثروا على أحداث التاريخ بمفردهم ، وأنهم بنوا الحضارة التى نعيش أقصى امتداداتها حالياً .. فأنت مُخطئ..
بعد هذا المقال ، ستغيّر رأيك تماماً
ملك فرنسا تشارلز السادس
على الرغم من العظمة والخُيلاء التى تبدو عليه صورته المرسومة ، إلا أن التاريخ يُشير أن الحقيقة كانت عكس ذلك تماماً !
الملك تشارلز السادس ملك فرنسا كان يُطلق عليه قومه اسم : تشارلز المجنون … ومع ذلك ، فقد حكَم فرنسا فترة طويلة جداً ( منذ العام 1380 إلى 1441 ) .. اي حوالي 42 عاماً !
( مجنون وحكم بلاده لمدة 42 عاماً ؟.. هل يذكرك هذا بأمر شبيه فى احدي بلادنا العربية ؟! )
الرجل كان طبيعياً للغاية فى بداية حُكمه ، ولكن بعد مرور عدة سنوات بدأت أعراض نفسية عنيفة فى الظهور عليه بأشكال مُختلفة ، مثل نسيانه الكامل لإسمه .. ونسيانه تماماً أنه ملك فرنسا.. ولم يعد يتعرف على زوجته أو أولاده على الإطلاق ، ويعتبرهم غرباء عنه لم يسبق أن رآهم أبداً !
وفي العام 1405 أصيب بحالة غريبة برفضه الكامل أن يستحم أو يغير ملابسه لمدة 5 شهور متواصلة ! .. وبدأ يتبنى نظريات غريبة ، مثل اعتقاده أن جسده مصنوع من الزجاج !
وعلى الرغم من غرابة هذا الاعتقاد ، إلا أن الطب النفسي الحديث أثبت بالفعل أن بعض المرضى النفسيين يعانون من نفس الفكرة ، ويعتقدون أن أجسادهم مصنوعة من الزجاج ، ومن الممكن أن تتهشم فى أي لحظة !
لذلك ، كان تشارلز السادس يرفض تماماً أن يحاول اي أحد مجرد الإقتراب منه ولمسه .. ودائماً ما كان يرتدي ” درعاً ” حديدياً فى كافة تحركاته ، حتى لا يتهشم جسده الزجاجي !
أبراهام لينكولن
هو الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الامريكية ، وأحد أشهر وأكفأ رؤساها على الإطلاق.
وعلى الرغم من إنجازاته ، إلا أن الرئيس لينكولن كان معروفاً عنه ميله إلى ” الإكتئاب الحاد المُزمن ” .. من الطبيعي أن يشعر أي شخص بالحزن من فترة إلى أخرى ، ولكن لينكولن كان معروفاً عنه احساسه الدائم بالإكتئاب الحاد.. حتى أن بعض المؤرخين لسيرته ذكر أن فكر فى الإنتحار عدة مرات..
وذكر أيضاً بعض المؤرخين انه كان يبكي فجأة بدون سابق إنذار .. ثم يُطلق بعض النكات المرحة بعد بكاءه حتى ” يوازن الحزن ” الذي يشعر به ! .. والمعروف عنه أنه كان كثير العمل والجهد حتى لا يُعطى لنفسه الفرصة للشعور بالإكتئاب ، وكان شديد الإيمان بالنواحي الدينية والقدرية والانسانية ، التى كانت تخفف عنه شعوره الدائم بالحزن والأسى والإكتئاب الغير مُبرر !
فينسينت فان غوخ
من المستحيل ألا تكون قد سمعت عن فان غوخ .. الفنان الرسام الهولندي الشهير ، الذي بلغ جنونه المُطبق أنه قام بقطع إحدى أذنيه بنفسه ، وحاول الإنتحار عدة مرات ، إلى أن وُفق لذلك فى النهاية ، ومات مُنتحراً بالفعل !
الرسام الهولندي العبقري كان يُعانى من نوبات صرعية عنيفة نتيجة مشاكل فى المخ سببها إدمانه البالغ للمشروبات الكحولية والمخدرات .. وكان يحمل حماساً شديداً ” غير طبيعي ” للرسم من ناحية ، وللدين من ناحية اخرى !.. حتى أنه كان ينهى لوحاته الصعبة والمعقدة بسرعة كبيرة ، ثم يدخل فى فترة طويلة من الإكتئاب .. مما جعل كل النظريات العلمية تؤكد أنه كان يُعانى من إضطرابات نفسية ثُنائية..
مالا يعلمه الكثيرون عن فان غوخ انه كان كاتباً غزير الإنتاج أيضاً – بشكل مُثير للريبة – .. مما جعل بعض المتخصصين النفسيين يؤكدون أن فان غوخ كان يُعانى من مرض نفسي مُرتبط بالحالات الصرعية ، يجعله يشعر برغبة هائلة فى الكتابة والتدوين !
باختصار .. الرجل كان مليئاً بالامراض النفسية التى حوّلته إلى عبقرى حقيقي فى نظر الجميع ..
بعد أن مات مُنتحراً طبعاً !
تينيسي ويليامز
كاتب مسرحي امريكي شهير ، نال جوائز عديدة على اعماله العالمية الشهيرة.. وُلد فى أسرة لها سجل حافل بالامراض النفسية ، فضلاً عن إدمانه الشديد للكحوليات والمخدرات..
زاد من حدة معاناته النفسية هو موت حبيبته ، وقبل ذلك وفاة أخته التى كانت مُصابة بمرض الشيزوفرانيا خلال عمليه جراحية .. مما أدى إلى الإلقاء به فى غياهب الظلام والامراض النفسية والإكتئاب ، وكان دائماً يخاف الإصابة بالجنون مثل أخته ..
خوفه الدائم أن يُصاب بالجنون مثل أخته ، جعله يُجن بالفعل ويعانى من اضطرابات نفسية بالغة حتى وفاته !
لودفيغ فان بيتهوفن
لا أحد لا يعرف الملحن والموسيقى العالمي بيتهوفن ، حتى ولو لم يكن من هواة الموسيقى .. هذا الاسم أصبح شهيراً جداً في التاريخ الإنساني للمهتمين بالموسيقى أو الغير مُهتمين..
بيتهوفن كان عبقرياً حقيقياً عانى قهراً طويلاً وتعذيباً شديداً من والده ، وكان هذا هو السبب فى أنه فقد حاسة السمع فى مراحل متقدمة من حياته ..
مثله مثل أي عبقرى آخر – غالباً – ، كان بيتهوفن يُعانى من اضطرابات نفسية عنيفة ، جعلت الإبداع والطاقة والتركيز والروعة التى يُنتجها فى الموسيقى ، يُقابلها اكتئاب حاد ووحدة وظلامية وحزن دائم ..
وكالعادة ، كان الرائع بيتهوفن يُعالج من هذه الامراض بتعاطي المخدرات والكحول .. التى كانت تُزيد من أعراضها فى الواقع ، ولا تُقلل منها كما كان شائعا في ذلك الوقت !
إدغار آلان بو
كاتب الرعب الأشهر على الإطلاق ، المعروف بكتاباته السوداوية ، وعوالمه الرهيبة التى نقلها من عقله إلى الورق !
إدغار آلان بو كان معروفاً باهتمامه الشديد بعلم النفس ، وانعكس ذلك على كتاباته حيث كان شغوفاً للغاية فى إظهار الشخصيات المُضطربة نفسياً والتى تُعانى من جنون مُطبق مخيف .. ولكن ، هل كان هو نفسه مجنوناً ، وانعكست شخصيته على كتاباته ؟!
كل الوقائع كانت تقول نعم .. وبُعنف !
بو كان يُعاني من إضطرابات نفسية عنيفة ، وكان يُدمن – مثل كل السابقين – الخمر بطريقة مُبالغ فيها ، فضلاً عن أن موت حبيبته الذي كان بمثابة الضربة القاصمة له فى حياته الكئيبة .. فتوفي بعدها بعامين ، دون أن يُعرف سبب الوفاة تحديداً حتى يومنا هذا !
……يتبع
في سن التاسعة عشرة من عمره ، أصبح المراهق هوارد هيوز مليارديراً يمتلك عدة بلايين من الدولارات ، ورثها من أملاك أبيه الذي كان يمتلك شركة عملاقة للمواد البترولية ..
هوارد هيوز الشاب الوسيم الملياردير كان مُولعاً بالطيران بشكل مُبالغ فيه .. وعمل فى إنتاج الأفلام ، ويعتبر واحداً من أنجح الشخصيات فى الولايات المتحدة وأكثرهم اناقة شهرة..
ولكن أسوأ إنسان تقابله فى حياتك ، إذا تعلق الامر بالجراثيم !
الرجل الثري الوسيم كان يحمل خوفاً هائلاً من الجراثيم ، جعلته بمرور السنين يُدمن تعاطي بعض أنواع المُخدرات ، في محاولة للتغلب على أعراض الفوبيا التى يحملها من الجراثيم إلى حد الجنون .. هذه الفوبيا جعلت لديه نوع متقدم من مرض الوسواس القهري ، الذي جعله يشك فى أي أحد يقترب منه ، مهما كان !
لذلك ، الرجل كان مُعتاداً على طرد أطقم الخدمة لديه بشكل سريع ، باعتبار أنهم جميعاً اوغاد مُتآمرون عليه ، ويُقدمون له الطعام دون أن يغسلوا أيديهم جيداً ويعقمونها بشكل كاف من الجراثيم !
الرجل وصل إلى مرحلة من الجنون المُطبق ، جعلته يتعوّد النوم عارياً فى الظلام لأن ذلك يحميه من الجراثيم كما كان يقول ! .. كما كان يرتدي جوارب خاصة غريبة الشكل ، يظن انها تقيه من مخاطر الجسيمات الدقيقة الغير مرئية !
البروفيسور جون ناش
بالتأكيد أنت تعرف هذا البروفسور العظيم ، الذي مثّل دوره الممثل الامريكي المُبدع راسل كرو فى فيلم ” A Beautiful Mind “ – العقل الجميل – ، والذي حاز فيه جائزة الاوسكار لأفضل ممثل..
بروفسور جون ناش ، عالم عبقري فى الرياضيات حصل على جائزة نوبل فى الإقتصاد عام 1994 ، بعد أن طوّر نظريته الخاصة عن الإتزان ، سماها نظرية ناش للإتزان..
إذا كُنت قد شاهدت الفيلم ، فأنت تعرف طبعاً أن الرجل كان يُعانى من حالة متقدمة من الشيزوفرانيا أو ” الفصام ” ، تجعله دائماً يسمع أصوات غير حقيقية ، ويرى شخصيات وهمية.. وتم حجزه اكثر من مرة فى مستشفيات ومصحات نفسية ، وخضع للعلاج بصدمات كهربائية وأنهار من الادوية..
ولكنه كان عبقرياً بكل ما تحمله الكلمة من معان ، واعتُبر قصة كفاح مُذهلة ، كانت جديرة لعمل فيلم من أضخم أفلام هوليوود ، حقق نجاحاً مُنقطع النظير..
جون ناش تحسّنت حالته تديجياً ، وأصبح يُدرّس فى جامعة برينستون بشكل طبيعي .. على خلاف كل المرضى السابقين ، يبدو انه هو الوحيد الذي نجا من الإنتحار ..
حتى الآن على الأقل
إرنست هيمنغواي
الأديب الأمريكي الكبير الحائز على جائزة نوبل للآداب في العام 1954 ، وأحد أشهر الرواة وكاتبي القصص فى الولايات المتحدة والعالم اجمع..
كان هيمنغواي ضحية دائمة للإكتئاب وإدمان الكحوليات ، ومات مُنتحراً بطلقة رصاص من بندقيته التى كان يحتفظ بها دائماً ويعتز بها جداً .. وهو المصير الذي استمده على مايبدو من مصير والده وأخوه واخته ، الذين ماتوا جميعاً مُنتحرين أيضاً !
والحقيقة أن هيمنغواي كان من أكثر الشخصيات التاريخية غرابة على الإطلاق ..فقد كان يكره شراء ملابس جديدة ، ويرفض تماماً أن يرتدي ملابس داخلية ! .. وكان يرهب استعمال الهاتف جداً ، ويحمل تعويذة فى جيبه دائماً .. وكان لديه ميل رهيب للرحلات والسفر ، وخاض فترة عمل لدى المخابرات الأمريكية سراً ، ولم يعرف أحد ذلك إلا بعد وفاته..
هيمنغواي كان الكاتب الأعلى سعراً فى زمنه على الإطلاق .. وكان من المستحيل أن يكتب كلمة واحدة يوم الاحد تحديداً لسبب مجهول !
السير اسحاق نيوتن
أحد أعظم العقول البشرية على الإطلاق .. وعدّه البعض درة العقل البشري ،
نيوتن كان عبقرية تسير على قدمين ، والمنظّر الأول لقانون الجاذبية وقوانين الحركة ، ومخترع اول تيليسكوب عاكس ، وعشرات الإختراعات والقوانين الأخرى..
أما بالنسبة فيما يُقال عن شخصيته ، فقد كان باختصار وبإجماع المؤرخين يعانى من اضطرابات نفسية عنيفة حوّلته فى نظر الكثيرين إلى مجنون حقيقي !
كان من الصعب جداً الجلوس فترة طويلة معه ، وكان مُتقلب المزاج إلى حد لا يُصدق ، وسريع الإنفعال شديد الغضب ضيّق الأفق .. وكان يتحدث مع نفسه كثيراً بصوت عال ، ويُخاطب أشخاص غير موجودين..
الكثير من الكُتاب والمؤرخين المعاصرين يعتقدون أن نيوتن كان مصاباًَ باضطرابات نفسية حادة ، وأنه كان مصاباً بشيزوفرانيا شبيهة بالتى كان يُعانى منها جون ناش … ولكن لم يكن العلاج النفسي متوفراً وقتها ، فاستمر معه حتى وفاته !
بالتأكيد ليست هذه الشخصيات فقط الذين كانوا يُعانون من اضطرابات نفسية .. لدينا آلاف الأسماء والشخصيات فى كتب التاريخ ، كانوا مصابين بأمراض نفسية مُريعة ، كانت تدفعهم إلى العبقرية أحياناً .. والتدمير أحياناً أخرى !
ولكنهم الأشهر على أية حال .. سواءاً بعبقريتهم أو بجنونهم ، لا فرق هنا !
المؤكد أن مقولة ” الفرق بين العبقرية والجنون شعرة رقيقة “ .. هي مقولة صحيحة أحياناً !
أعتقد أنك توافق عليها تماماً الآن
بارك الله فيك حنونتي