ﺗﻤﺜّﻞ
ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ
ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ
ﺍﻟﻌﻄﺮﺓ
ﺃﺣﺪ
ﺍﻟﻜﻨﻮﺯ
ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ
ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﺠﺐ
ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ
ﻣﻨﻬﺎ،
ﻭﺗﺰﺩﺍﺩ
ﺃﻫﻤﻴﺔ
ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻨﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﺭﺟﻼً ﻋﺎﺩﻳًّﺎ، ﺑﻞ
ﺇﻧﻬﺎ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻭُﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻨﺬ ﺁﺩﻡ
ﻭﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ .
ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞِّ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺃﻓﻀﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ؛
ﻓﻬﻲ ﺗﺪﺭﺱ ﺳﻴﺮﺓ ﺭﺟﻞ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﺭﺟﻞ ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﻘﺪ ﻭﺻﻔﻪ
ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺑﻘﻮﻟﻪ : } ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠَﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ { ]ﺍﻟﻘﻠﻢ : [4 . ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ
ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﺃﻫﻢ؛ ﻷﻥ
ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻵﻥ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ؛ ﺗﺄﺧﺮ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ
ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺃﺧﻼﻗﻲ .
ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﻞ ﻣﻌﻘﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ، ﺑَﻴْﺪَ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ
ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺮﻳﻦ ﻣﻬﻤﻴﻦ : ﻳﻘﻴﻦ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﺩﻭﺭ
ﻋﻤﻠﻲ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﺎ؛ ﻓﺎﻟﻴﻘﻴﻦ ﺃﻥ ﻧﻮﻗﻦ ﻓﻲ ﻛﻼﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﻘﺪ ﺑﺸَّﺮ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺍﻟﺨﻨﺪﻕ ﺑﻔﺘﻮﺡ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﻓﺎﺭﺱ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺃﻻَّ
ﻧﻌﺘﻤﺪ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩًﺍ ﻛُﻠﻴًّﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، ﺭﻏﻢ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ، ﻓﺎﻷﺣﺰﺍﺏ
ﻗﺪ ﺍﻋﺘﻤﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺤﻮﺍ، ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﺩﻭﺭ
ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺇﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : }ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺧَﻴْﺮَ ﺃُﻣَّﺔٍ ﺃُﺧْﺮِﺟَﺖْ ﻟِﻠﻨَّﺎﺱِ { ] ﺁﻝ
ﻋﻤﺮﺍﻥ : [110 .
ﻋﺸﻨﺎ ﻃﻮﻳﻼً ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﻛﻠﻬﺎ ﺑﺎﺀﺕ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﻣﺜﻞ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻧﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻣﺘﻨﺎﺳﻴﻦ ﺳﻴﺮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ
ﻭﺃﺻﻮﻟﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺍﺭﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﺑﺨﻼﻓﺎﺗﻬﺎ ﻭﺩﻭﻟﻬﺎ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻨﺎﺩﻱ ﺑﺎﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﻛﻞ ﻭﻗﻌﺔ ﻭﻓﻌﻠﺔ
ﻭﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻨﺎﺩﻱ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ
ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ؛ ﻓﻬﻲ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻜﺮﺭ ﻳﻮﻣًﺎ ﺑﻌﺪ
ﻳﻮﻡ، ﻧﺪﺭﺱ ﻏﺰﻭﺓ ﺃُﺣﺪ ﻭﺑﺪﺭ ﻭﺍﻟﺨﻨﺪﻕ؛ ﻷﻥ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﺣﺪﺛًﺎ ﻣﺸﺎﺑﻬًﺎ
ﻭﻫﻮ ﺣﺮﺏ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 1973 ﻡ، ﻭﻫﻮ – ﻻ ﺷﻚ – ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ
ﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻭﻗﻌﺖ ﻭﺣﺘﻰ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ .
ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
ﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻧﺪﺭﺱ ﺳﻴﺮﺓ ﺭﺟﻞ ﻋﺎﺩﻱ ﻳﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﺃﻭ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ
ﻋﻈﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ، ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺪﺭﺱ ﺳﻴﺮﺓ ﺭﺟﻞ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﺭﺟﻞ
ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﺬ ﺧﻠﻖ ﺁﺩﻡ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﺃﻋﻈﻢ ﺭﺟﻞ ﻋﻠﻰ
ﺍﻹﻃﻼﻕ .
ﻓﻌﺎﺩﺓً ﻣﺎ ﻳﺘﻔﻮﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﻭﻳﺘﺄﺧﺮﻭﻥ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺁﺧﺮ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺗﻔﻮﻕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﻣﻄﻠﻘًﺎ؛ ﺗﻔﻮﻕ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ، ﻓﻲ
ﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻪ، ﻓﻲ ﺷﺠﺎﻋﺘﻪ، ﻓﻲ ﻛﺮﻣﻪ، ﻓﻲ ﺣﻠﻤﻪ، ﻓﻲ ﺯﻫﺪﻩ، ﻓﻲ
ﺗﻮﺍﺿﻌﻪ، ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺘﻪ، ﻓﻲ ﺫﻛﺎﺋﻪ، ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ . ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺪﺭﺱ ﺳﻴﺮﺓ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺎﻃﺒﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ : }ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ{ ]ﺍﻟﻘﻠﻢ :
[4 .
ﻓﺄﻱ ﺧُﻠُﻖٍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ i ﺑﺄﻧﻪ ﺧﻠﻖ
ﻋﻈﻴﻢ!
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﻗﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻓﻘﺎﻝ : } ﻟَﻌَﻤْﺮُﻙَ ﺇِﻧَّﻬُﻢْ ﻟَﻔِﻲ ﺳَﻜْﺮَﺗِﻬِﻢْ
ﻳَﻌْﻤَﻬُﻮﻥَ { ] ﺍﻟﺤﺠﺮ : [72 . ﻓﻬﻮ ﺭﺟﻞ ﺃﻗﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ .
ﻧﺪﺭﺱ ﺳﻴﺮﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻦ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺇﻻ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﻔﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻠﺤﺴﺎﺏ، ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﻟﻦ ﻳﺸﻔﻊ ﺣﺘﻰ ﻷﺗﺒﺎﻋﻪ ﺇﻻ
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﺸﻔﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ .
ﻧﺪﺭﺱ ﺳﻴﺮﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻦ ﻧﺪﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺇﻻ ﺧﻠﻔﻪ، ﻟﻦ ﻧُﺮْﻭﻯ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﺇﻻ ﻣﻦ ﻳﺪﻩ ﻭﻣﻦ ﺣﻮﺿﻪ ﻭﻣﻦ ﻧﻬﺮﻩ .
ﺇﻥ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺳﻴﺮﺗﻪ ﻭﻧﻬﺠﻪ ﻭﺍﺗﺒﻌﻨﺎﻩ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺇﻥ
ﺟﻬﻠﻨﺎ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﺃﻭ ﺧﺎﻟﻔﻨﺎﻩ ﻗﻴﻞ ﻟﻨﺎ : ﺳﺤﻘًﺎ ﺳﺤﻘًﺎ .
ﻧﺤﻦ ﻧﺪﺭﺱ ﺳﻴﺮﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺎﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺤﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻔﺮ،
ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻳُﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﺣﺎﻣﻞ ﻟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﺤﻮﺽ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺩ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ .
ﻧﺪﺭﺱ ﺳﻴﺮﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻓُﺘﺤﺖ ﻟﻪ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻴﺨﺘﺮﻗﻬﺎ ﺑﺠﺴﺪﻩ
ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﻟﻤﺎ ﺻﻌﺪ ﻣﻊ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﻃﺮﻕ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﻤﻠﻚ : ﻣَﻦْ؟ ﻗﺎﻝ : ﺟﺒﺮﻳﻞ . ﻗﺎﻝ : ﻓﻤﻦ
ﻣﻌﻚ؟ ﻗﺎﻝ : ﻣﺤﻤﺪ . ﻗﺎﻝ : ﺃﻭَﺃُﺫِﻥ ﻟﻪ؟ ﻗﺎﻝ : ﻧﻌﻢ . ﻓﻔﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﻟﻴﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﺑﺸﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻫﻮ ﺣﻲ .
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺸﺮ ﻭﻻ ﻣﻠﻚ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ
ﻟﻢ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ .
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺎﻫﺪ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻻ ﺑﻌﻘﻠﻪ ﻓﻘﻂ .
ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﺎﺭﻥ ﻋﻈﻤﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﺑﻮﺫﺍ ﻭﻛﻮﻧﻔﺸﻴﻮﺱ ﻭﻫﺘﻠﺮ
ﻭﻟﻴﻨﻴﻦ ﻭﺳﺘﺎﻟﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ – ﻣﺜﻼً – ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﻭﻥ ﻣﺎﺋﺔ
ﻭﺃﻋﻈﻤﻬﻢ ﻣﺤﻤﺪ " ، ﻭﻳﻔﺮﺡ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﺑﻬﺬ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻇﻨًّﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ
ﺃﻧﺼﻔﻮﻩ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﺃﻧﺼﻔﻮﻩ ﺇﺫ ﻗﺎﺭﻧﻮﻩ ﺑﻬﺆﻻﺀ، ﻧﺤﻦ ﻧﻘﺎﺭﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺑﻨﻮﺡ ﻭﺑﺈﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺑﻤﻮﺳﻰ ﻭﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ،
ﻭﺑﻜﻞ ﺃﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ .
ﻧﻘﺎﺭﻧﻪ ﺃﻳﻀًﺎ ﺑﺎﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ؛ ﺑﻤﻠﻚ ﺍﻷﺭﺯﺍﻕ، ﺑﻤﻠﻚ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﺑﻤﻠﻚ
ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ، ﺑﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺵ، ﺑﻞ ﺑﺠﺒﺮﻳﻞ ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻠﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌًﺎ
.
ﻟﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺳﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﻭﻣﻌﻪ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻟﻢ
ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺭﻭﺡُ ﺍﻟﻘﺪﺱِ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺧﻄﻮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ﻟﻮ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺧﻄﻮﺓ
ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻻﺣﺘﺮﻗﺖ . ﺃﻣﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻘﺪ ﻣﻜﻨّﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺗﻘﺪﻡ
ﻟﻴﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺳﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﻤﺄﻭﻯ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﻛﻠﻤﻪ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﺠﺎﺏ .
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﻋﻈﻴﻢ ﺧﺎﻟﺪ، ﻭﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻈﻤﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﺑﺴﻴﺮﺗﻪ، ﺑﻞ ﻭﺑﻜﻞ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻣﺮﺕ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ
بسم الله الرحمن الرحيم
تسلمي يا قمر
جزاكم الله الجنة