الحاكم المسلم الحاجب المنصور
فقال احد الموجودين والله لو تنفس صاحب هذا القبر لما ترك فينا واحد على قيد الحياة ولا استقر بنا قرار فغضب الفونسو وقام يسحب سيفه على المتحدث حتى مسكت زوجته ذراعه .
وقالت صدق المتحدث أيفخر مثلنا بالنوم فوق قبره !! والله إن هذا ليزيده شرف حتى بموته لا نستطيع هزيمته والتاريخ يسجل انتصار له وهو ميت قبحا بما صنعنا وهنيئا له النوم تحت عرش الملوك ..
الحاجب المنصور ولد سنه 326 هجري بجنوب الأندلس دخل متطوع في جيش المسلمين وأصبح قائد الشرطة في قرطبة لشجاعته ثم أصبح مستشار لحكام الأندلس لفطنته ثم أمير الأندلس وقائد الجيوش خاض بالجيوش الإسلامية 54 معركة انتصر فيها جميعا ولم تسقط ولم تهزم له راية وطئت أقدامه أراضي لم تطأها أقدام مسلم قط .
اكبر انتصاراته غزوه ‘ ليون ‘ حيث تجمعت القوات الأوربية مع جيوش ليون فقتل معظم قادة هذه الدول وأسر جيوشهم وأمر برفع الأذان للصلاة في هذه المدينة الطاغية كان يجمع غبار ملابسه بعد كل معركة وبعد كل ارض يفتحها ويرفع الأذان فيها ويجمع الغبار في قارورة أوصى أن تدفن القارورة معه لتكون شاهده له عند الله يوم يعرض للحساب ..
كانت بلاد الغرب والفرنجة تكن له العداء الشديد لكثره ما قتل من أسيادهم وقادتهم لقد حاربهم 30 سنه مستمرة قتالا شديدا لا يستريح ابد ولا يدعهم يرتاحون كان ينزل من صهوة الجواد ويمتطي جواد آخر للحرب وكانت أوربا كلها ترتعد منه خوفا وفرقا كبارهم قبل صغارهم حتى كان الأبوين إذا أرادا تخويف الطفل من الخروج ليلا خوفوه بالحاجب المنصور ليذهب الطفل الى فراشه وينام
كان الحاجب المنصور يدعوا الله أن يموت مجاهدا وقد مات كما يتمنى إذ وافته المنية وهو في مسيره لغزو حدود فرنسا حيث كان عمره حين مات 60 سنه قضى منها 30 سنه في الجهاد والفتوحات
ذهب المنصور إلى لقاء ربه وسيبقى اسمه خالدا مع أسماء الإبطال في تاريخ المسلمين وكان في نيته فتح مدن فرنسا الجنوبية من خلال اختراق ( جبال البيرينيه )
لقد استشهد وفي جيبه قارورة تحمل غبار معارك وفتوحات المسلمين استشهد وجسده يحمل جروح المعارك التي خاضها لتشهد عند الله فقد كان كل همه لقاء ربه ومعه ما يشفع له بدخول الجنة .
وصل بجيوشه في الأندلس إلى أماكن لم يفتحها المسلمون من قبل من أيام طارق بن زياد وموسى بن نصير , وبلغت الأندلس في عهده من العزة والمجد والتمكين إلى درجة لم يبلغها حاكم قبله ولا بعده !! ويكفي أن تعلم أن المنصور بن أبى عامر قاد جيوش المسلمين إلى النصر والفتح في زهاء 54 غزوة ومعركة , فلم يهزم في واحدة منها قط !!
قال عنه الفتح بن خاقان في كتابه ( إنه تمرّس ببلاد الشرك أعظم تمرّس ومحا من طواغيتها كل تعجرف وتغطرس وغادرهم صرعى البقاع وتركهم أذل من وتدٍ بقاع ووالى على بلادهم الوقائع وسدّد الى أكبادهم سهام الفجائع وأغصّ بالحِمام أرواحهم ونغّص تلك الآلام بكورهم وروَاحهم )
حتى أنه من كثرة قوى الجيش النظامية عنده أصدر مرسوما عام 388هـ بإعفاء الناس من إجبارهم على الغزو اكتفاء بعدد الجيش المرابط وقرأ الخطباء على الناس ذلك المرسوم وفيه ( بأن من تطوع خيراً فهو خير , ومن خف إليه فمبرور ومأجور ومن تثاقل فمعذور ) فسُرّ لذلك الناس سرورا بالغاً .
وكانت له سُنّة وطريقة غريبة في غزواته وهى أن يحمل النصارى بأنفسهم الغنائم الى قرطبة إمعانا في ذلهم وتدميرا لكيدهم وكانت جميع الممالك النصرانية في الشمال تدفع للمسلمين الجزية عن يدٍ وهم صاغرون …
دمّر المنصور بن أبى عامر جميع الممالك النصرانية المتواجدة في شمال الأندلس تدميرا بالغاً كانت غزواته في الممالك النصرانية كالصاعقة والعاصفة المدمرة التى لا تبقى ولا تذر , فكم من قلوع وحصون للنصارى سواها بالتراب , وكم من ملوك وقواد للنصارى هلكوا على يد المنصور بن أبى عامر !!
قال عنه ابن حيان ( وكان متسماً بصحة باطنه , واعترافه بذنبه , وخوفه من ربه , وكثرة جهاده , وإذا ذُكّر بالله ذكر , وإذا خُوّف من عقابه ازدجر … )
وقال عنه ابن خلدون ( أرخص للجند في العطاء وأعلى مراتب العلماء وقمع أهل البدع , وكان ذا عقل ورأى وشجاعة وبصر بالحروب ودين متين .. )
قال ابن سماك العاملى عن هيبة الحاجب المنصور ( انتهت هيبة المنصور بن أبى عامر وضبطه للجند واستخدام ذكور الرجال وقوّام الملك إلى غاية لم يؤتها ملكٌ قبله !! فكانت مواقفهم في الميدان على احتفاله مثلا في الزماته والإطراق , حتى أن الخيل لتتمثل إطراق فرسانها فلا تكثر الصهيل والحمحمة …. !! )
ومن مواقف الحاجب المنصور الشهيرة انه سيّر جيشا جرارا مرعبا تهتز الأرض من تحته لإنقاذ ثلاث نساء مسلمات كانوا أسيرات في سجون دولة نصرانية فلما علم ملك تلك الدولة النصرانية أن الحاجب المنصور سير جيشه أرسل له النسوة الثلاث وهو يعتذر منه أنه لا يعلم أنهن كن أسيرات في سجونه وأرسل له خطاب يعتذر منه ويتأسف ويعده أن لا يتكرر ذلك .
ومن أهم مناقب المنصور
هو عمله على إذلال الممالك النصرانية في الشمال والعمل على تأديبهم المستمر حتى لا يفكروا إلا في طلب ود وجوار المسلمين ومن أجل ذلك أرسل ملك قشتالة " شانجة " ابنته جارية عند المنصور في قرطبة لينال رضاه !!
وعندما جاء إلى قرطبة بعد هزيمته مع المسلمين وأثناء مروره بين صفوف العسكر والجند وأهل الخدمة انخلع قلبه من الرهبة والهيبة حتى ارتعدت فرائصه ودخل مجلس المنصور فما إن وقعت عينه على المنصور بن أبى عامر حتى هوى على الأرض من فرط هيبيته وقبّل قدم المنصور ويده !!
كان كلما غزا المنصور غزوة أخذوا جنوده الرايات فيثبتونها على الأماكن العالية ثم يأخذونها حين يرحلون وفي أحد الغزوات نسى أحد الجنود راية على أعلى التبة بين الحصون والقلاع بعدما فر أهلها وهرب جنود النصارى بين الشعاب والجبال ورحل المسلمين ونسوا تلك الراية , فظل النصارى يرمقون تلك الراية في رعب شديد وهم يظنون أن المسلمين مازالوا هناك , وظلوا على ذلك زمن حتى علموا برجوع المسلمين منذ زمن !! نعم هكذا كانت العزة .. راية واحدة منسية أرعبت جنود النصارى وعاشوا من أجلها في ذعر ورعب وهلع !!
هكذا كان حرصه على دولة المسلمين واهتمامه بشؤونها !!
ومآثر المنصور لا تحصى ومناقبه وأخباره كثيرة ومن أراد الزيادة فليبحث عن سيرته العطرة التي ألهمت كثيرا من شباب الأمة
حكم المنصور بن أبى عامر الأندلس زهاء 27 سنة , وغزا أكثر من 54 غزة لم يهزم في واحدة قط !! كانت كلها عز للإسلام والمسلمين حتى قال عنه ابن الخطيب في كتابه أعمال الإعلام ( وعلى الجملة فكان نسيج وحده في صقعه وقلّ أن يسمع بمثله في غيره … )
أمر أن يدفن رحمه الله مع غبار المعارك التي جاهد فيها حتى تشهد له أمام الله بجهاده وأمر أن يكفن بتلك الأكفان التى كان يحملها معه دائما في المعارك وهى أكفان صنعت من غزل بناته واشتريت من خالص ماله الموروث …
مشكورة حبيبتي