يبلغ طول خليج العقبة من مضيق تيران جنوبا إلى وادي عربه شمالا 160 كم أما عرضه 24 كم. في الجهة الشمالية من الخليج توجد 3 مدن هامة كمدينة حقل في السعودية طابا في مصر والعقبة في الأردن وإيلات في إسرائيل. هذه المدن الثلاث تعتبر مرفأ تجاري استراتيجي هام ومقصدا سياحيا لمن يريد الاستمتاع بجو المنطقة الدافيء.
لا بد من التوجه لمدينة العقبة الواقعة على البحر الأحمر، والتي تبعد عن عمان نحو 350 كيلومترا ويربطها بها طريقان هما الطريق الصحراوي وطريق وادي عربة.
مع بداية 2024 أنشئت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الحرة، بهدف جذب الاستثمارات وتسهيل استقطاب السياح والمقيمين إلى العقبة، التي تعتبر نقطة ربط لعدة دول، الأردن، السعودية، مصر وإسرائيل. ونجحت الجهود في وضع العقبة على خارطة السياحة العالمية، وتمكنت من منافسة أهم المناطق السياحية في الدول المجاورة. وما يميز العقبة انها منطقة مأهولة بالسكان منذ مئات السنين. وتهدف الخطط للمحافظة على مستوى معيشة المجتمع المحلي ورفع مستواهم وإدماجهم في عملية تطوير المشاريع السياحية.
وتشكل العقبة المنفذ الوحيد للأردن، لذلك فالمطلوب تنوع الأنشطة بحيث تشكل الاستثمارات السياحية %50 والخدمات %30 والصناعة %20. وبما أن قطاع الخدمات مرتبط بالسياحة فإن الاستثمارات السياحية المباشرة وغير المباشرة وصلت إلى حدود %75 من مجمل الاستثمارات التي بلغ مجموعها 18 مليار دولار. كما تم توفير جميع السبل للدخول إلى العقبة عبر البر والبحر والجو.
زيارتنا لمدينة العقبة بدأت في «مرسى زايد»، الذي تنفذه شركة المعبر – الاردن، احدى شركات المعبر الدولية للاستثمارات الإماراتية، بكلفة تصل الى 10 مليارات دولار.
ويهدف المشروع إلى تطوير أكثر من ثلاثة ملايين متر مربع من الأراضي لإنشاء مجمعات سكنية من أحياء متكاملة وشقق وأبراج.
كما يشمل المشروع، الذي سيوفر أكثر من 15 ألف فرصة عمل عند اكتماله، أسواقا تجارية ومرافق ترفيهية وفنادق ومنتجعات سياحية ومجمعات للأعمال بواجهة بحرية يبلغ طولها 2 كلم في منطقة المارينا الدائرية والمحاطة بالأبراج السكنية والمرافق السياحية التي تحتوي على ميناء ومراسي لليخوت والقوارب السياحية».
وكانت شركة المعبر الدولية للاستثمارات، التي تتخذ من ابوظبي مقرا لها، أعلنت في 26 فبراير 2024 عن مشروع مرسى زايد، الذي يحمل اسم الرئيس الإماراتي الراحل الشيخ زايد آل نهيان. وكان الأردن أعلن في ابريل 2024 توقيع اتفاق مع شركة «المعبر الدولية» لتطوير موقع ميناء العقبة الحالي بعد نقل الميناء الوحيد في المملكة جنوبا بكلفة تبلغ حوالي خمسة مليارات دولار.
وبموجب الاتفاق سيتم نقل الميناء الى الموقع الجديد في المنطقة الجنوبية من منطقة العقبة الاقتصادية الحرة، وتبلغ مساحة الميناء الرئيسي والمنطقة المحيطة به حوالي 3200 دونم. وسيتم انشاء ميناء يتسع لـ 500 قارب سياحي و3000 غرفة فندقية من فئة الـ 5 نجوم و20 ألف شقة وفيلا، وأول مرحلة من المشروع تنتهي في 2024.
سرايا العقبة
ومن المشاريع الكبيرة والمميزة في مدينة العقبة مشروع سرايا – العقبة الذي تنفذه وتستثمره شركة سعودي أوجيه، وسيضم فنادق من فئة الـ 5 نجوم (5000 غرفة) وفللا ومركز مؤتمرات ومناطق ألعاب مائية وبحيرات اصطناعية وممرات مائية تدخل من البحر مباشرة الى داخل المشروع. حيث إن جميع الفلل ستمر من أمامها القناة المائية، ووفقاً للخطة فإن الافتتاح سيكون في سنة 2024.
ومن المشاريع المميزة في العقبة فندق كمبينسكي، جميع غرفه تطل على البحر. وتابعنا زيارتنا للمناطق السياحية، وكان هدفنا الشاطئ الجنوبي للعقبة وعلى مسافة نحو 10 كيلومترات من حدود المملكة العربية السعودية يطالعك مشروع «تالا باي»
وهو عبارة عن فنادق عالمية وقنوات مائية محيطة بها وفلل وملاعب غولف (يجري تجهيزها)، ويمكن للسائح زيارة طابا المصرية في الجهة المقابلة، حيث إن هناك شركات سياحية تنظم رحلات يومية إلى منتجع طابا وتستغرق الرحلة بالقارب 25 دقيقة. كما يمكن تناول الغداء في وسط خليج العقبة برحلات مخصصة لهذا الغرض وللغوص والاستمتاع بالطبيعة البحرية.
واحة ايلا
يقع في شاطئ العقبة الشمالي في منطقة حدودية مع ايلات وهو استثمار أردني بالكامل والفكرة الأساسية من المشروع هي زيادة نحو 15 كلم من الشواطئ البحرية عن طريق قنوات مائية تدخل من البحر وتتعرج على مختلف أجزاء المشروع الذي يضم فنادق وفللا وملاعب غولف ومناطق ترفيهية، وسيضيف 1200 غرفة على فنادق المدينة. وقد تم الانتهاء من أعمال البنية التحتية ومن المقرر ان ينتهي العمل في المشروع سنة 2024.
مدينة العقبة التي تنافس بقوة اكبر المراكز السياحية في المنطقة، فهي بالإضافة الى مرافقها تقع على بعد ساعة ونصف الساعة بالباص من احدى عجائب الدنيا السبع البارزة (مدينة البتراء الأثرية)، التي أسسها الانباط، وتُعرف بالمدينة الوردية كما تبعد 40 دقيقة من وادي رم. الذي يعد مقصدا أساسيا للسياح ويمكن فيه ممارسة انواع مختلفة من النشاطات كركوب المنطاد في رحلة فوق أرجاء الوادي وتسلق الجبال الوردية الشاهقة برفقة محترفي تسلق واستئجار عربات «الباغي» والقيام برحلة تستغرق ساعات في أنحاء الوادي وهناك أيضا الخيم المخصصة للراحة وتناول الطعام وغير ذلك من النشاطات الممتعة.
وفي العقبة العديد من الآثار مثل القلعة الإسلامية التي يبلغ عمرها 500 سنة. كما تم أخيراً بمساعدة جامعة نورث كارولينا، اكتشاف حفرية لأقدم كنيسة في العالم. وتضم ايضاً محمية المرجان هناك أكثر من 1000 نوع من الاسماك والمرجان ويمكن للسائح الغوص ورؤية الثروة المائية الموجودة وهناك مدارس واختصاصيون يعلمون الغوص ويرافقون الغواص. ولابد من كلمة عن جو العقبة غير الرطب وحرارة مياها التي تتراوح بين 21 و27 درجة على مدار العام
البنية التحتية
هذا التطور الكبير وهذه المشاريع الضخمة واكبتها الحكومة الاردنية لجهة تطوير البنية التحتية، فتم انشاء محطة تكرير مياه البحر بالاضافة الى انشاء مستودعات لري الاشجار المزروعة في مختلف طرقات وساحات المدينة، كما تم الاتفاق مع مصر على زيادة كمية الغاز المستوردة عبر انابيب تقطع قاع البحر لتصل مصر بالأردن. ومن المشاريع التي نفذ القسم الأكبر منها مشروع الدائري الذي يخدم قاصدي الشاطئ الجنوبي للعقبة بحيث يتيح أمامهم الوصول الى المنتجعات المنتشرة في الساحل الجنوبي من دون المرور في قلب المدينة. كما أن العقبة وجدت حلاً لمشكلة تعانيها معظم مدننا العربية، فالشحنات المتجهة الى ميناء العقبة التجاري الذي يُعمل على نقله إلى الجنوب قرب الحدود السعودية، لا تدخل المدينة بل تمر عبر طريق خاص بها من دون احداث زحمة واختناقات مرورية تزعج وتربك القاطنين والزوار.
حوافز لشركات السياحة
علمنا اثناء زيارتنا ان السلطات المعنية تقدم حوافز لاي شركة طيران تهبط في مطار الملك حسين الدولي، منها تقديم خصم %50 على خدمات المناولة الارضية، اضافة الى تقديم دعم مالي لاي مكتب سياحي يقوم بجذب سياح عن طريق المطار ويمكن ان يصل هذا الدعم الى 50 الف يورو سنوياً لكل مكتب يقوم باستقطاب طائرات سياحية الى مطار العقبة.
وتقوم سلطات المطار الذي يطبق سياسة الأجواء المفتوحة والذي يستقبل حاليا رحلة منتظمة واحدة يوميا لـ «الملكية الأردنية» وعدد من الرحلات العارضة «تشارتر» وصلت إلى 1080 رحلة في 2024 معظمها لطائرات أوروبية. تقوم بإجراء محادثات مع شركتي «فلاي دبي» و«العربية» لقيام رحلات مجدولة الى مطار الملك حسين.
براند العقبة
تقوم سلطة منطقة العقبة بتسويق المدينة كـ «براند» خاص بها، وفي سبيل ذلك تم تنفيذ عدد من الإجراءات، فسيارة التاكسي لونها اخضر (صديقة للبيئة) والباص العامل في المدينة جرى تصميمه بشكل ملائم للبيئة وتصدر السلطة مجلات عربية وانكليزية خاصة بالمدينة إضافة إلى موقع انترنت خاص بـ 12 لغة عالمية، وباختصار فان سلطة العقبة لم تترك أداة تسويقية متاحة إلا وطبقتها.
شكراً حبيبتي