بسم الله الرحمن الرحيم
من أمتع فروع علم التاريخ , هو تاريخ البلدان ووصفها , وتقرأ بنفسك وصف حواضر الإسلام قديما كقرطبة وبغداد ونيسابور والقاهرة ومراكش وفارس و… الخ
ووقفت على عبارة فى غاية الروعة فى وصف القاهرة لم أقف على وصف لبلد من بلاد المسلمين هو أقوى وأعظم وأمتع وأروع منها قط !!
عاش العلامة القاضي ابن خلدون رحمه الله فى القرن الثامن الهجري , وكانت أقوى الممالك والدول الإسلامية الموجودة وقتها هي دولة المماليك فى مصر والدولة العثمانية بآسيا الوسطى .
وكما هو معلوم ان مصر فى هذا العصر هي قبلة العلماء ومركز الثقافة الإسلامية فى العالم الإسلامي , وكان يهوي اليها كل العلماء من المشرق والمغرب والأندلس والهند , لأنها كانت عاصمة الخلافة العباسية فى القاهرة , وكانت للماليك سطوة وقوة يدافعون عن الإسلام والمسلمين .
وكان ابن خلدون رحمه الله تعالى يتنقل ما بين تونس والمغرب والأندلس والجزائر , حتى قرر الذهاب للقاهرة والقيام برحلة الحج … وكان الناس الذين يأتون من الحج او التجارة , يخبرون عن جمال القاهرة وعظمتها وروعة البناء وكثرة مساجدها ومبانيها , ويتحدثون عن العلماء فيها !!!
يقول القاضي ابن خلدون رحمه الله :
ومازلنا ننتحدث عن هذا البلد "القاهرة" وبعد مداه فى العمران , واتساع الأحوال , ولقد اختلفت عباراتُ من لقيناه من شيوخنا وأصحابنا حاجّهم وتاجرهم فى الحديث عنه ….
ومازلنا ننتحدث عن هذا البلد "القاهرة" وبعد مداه فى العمران , واتساع الأحوال , ولقد اختلفت عباراتُ من لقيناه من شيوخنا وأصحابنا حاجّهم وتاجرهم فى الحديث عنه ….
ثم يأتي الآن أعظم وصف وُصفت به بلد إسلامي فى التاريخ …
يكمل كلامه رحمه الله ويقول : سألت صاحبنا قاضي الجماعة بفاس وكبير العلماء بالمغرب أبا عبد الله المقري مقدمه من الحج سنة أربعين وسبعمائة , فقلت له : كيف هذه القاهرة ؟ , فقال :
من لم يرها , لم يعرف عزّ الإسلام .. !!
الله أكبر , يالها من كلمة , والله لم يكن فى وصف القاهرة فى ذلك الزمن غيرها لكفى .
الله أكبر , كانت مدن الإسلام قديما يظهر فيها عز الإسلام والمسلمين , لكثرة المرتادين الى المساجد وكثرة حلق العلم وكثرة طلبة العلم الملتفين حول العلماء , ولكثرة مساجدها وعمرانها .
ومن هذه العزة ايضا , ما رواه ابن جبير الأندلسي رحمه الله فى رحلته لما دخل القاهرة أيام الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله , ورأى قلعة القاهرة , فقال : "والمتولون لجميع امتهاناته ومؤنته العظيمة كنشر الرخام ونحت الصخور …. العلوج الأسارى من الروم , وعددهم لا يحصى كثرة , ولا سبيل ان يمتهن فى ذلك البنيان أحد سواهم .
وللسلطان – صلاح الدين – أيضا بمواضع أخر بنيان , والأعلاج يخدمونه فيه , ومن يمكن استخدامه من المسلمين فى مثل هذه المنفعة العامة مرفه عن ذلك كله , ولا وظيفة في شيىء من ذلك على أحد " أ.هـ
كان صلاح الدين يسخّر العلوج من اسرى الصليبين فى خدمة المسلمين وبناء سور القاهرة وقلعتها !!
الله أكبر , الآن لا عجب ان نقرأ فى وصف القاهرة ان من لم يرها , لم يعرف عز الإسلام !!
وأكمل لكم الآن وصف القاهرة على لسان ابن خلدون لما دخلها ورأها بنفسه , يقول رحمه الله : " فانتقلت الى القاهرة أول ذي القعدة . فرأيت حاضرة الدنيا وبستان العالم , ومحشر الأمم , ومدرج الذرّ من البشر , وإيوان الإسلام , وكرسي المُلك , تلوح القصور والأواوين فى جوّه , وتزهر الخوانق والمدارس والكواكب بآفاقه , وتضيء البدور والكواكب من علمائه , قد مَثَل بشاطيء النيل نهر الجنة ومدفع مياه السماء , يسقيهم العَلَلَ والنّهل سيحُه , ويجني اليهم الثمرات والخيرات ثجّه , ومررت فى سكك المدينة تغص بزحام المارة , وأسواقها تزخر بالنعم … " . أ.هـ
والله إننا لنشتاق ان نعيش يوما واحدا فى زمان العزة , ونحن نغبط أجدادنا الذين عاشوا هذا الزمن السعيد وربما لم يجل فى خاطرهم ان سيأتي يوم , ويصبح المسلمون فيه أذلاء فى بلادهم , ويتسلط عليهم اليهود والنصارى وغيرهم !!
تُرى , أي مدينة إسلامية الآن يصلح ان نقول فيها : من لم يرها , لم يعرف عزة الإسلام !!
المراجع :
رحلة ابن جبير الأندلسي , دار المعارف , مصر
مقدمة ابن خلدون , تحقيق علي عبد الواحد وافي , الهيئة العامة للكتاب
تاريخ ابن خلدون , دار الفكر , لبنان
رحلة ابن جبير الأندلسي , دار المعارف , مصر
مقدمة ابن خلدون , تحقيق علي عبد الواحد وافي , الهيئة العامة للكتاب
تاريخ ابن خلدون , دار الفكر , لبنان
شكرا حبيبتى
العــــــفو
نورتــــِ
نورتــــِ
الف شكر يا قمر