تخطى إلى المحتوى

تفسير الآية 11 من سورة يونس 2024

  • بواسطة
{ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون}
الونشريس
إعراب الآية :
"استعجالهم" مفعول مطلق، الجار "بالخير" متعلق بحال من "استعجالهم"، جملة "فنذر" معطوفة على جملة مقدرة مستأنفة؛ أي: ولكننا نمهلهم فنذر، والجار "في طغيانهم" متعلق بـ "يعمهون"، وجملة "يعمهون" حال من الواو في "يرجون".
الونشريس
الألفاظ المشتركة في الآية الكريمة :
عجل
– العجلة: طلب الشيء وتحريه قبل أوانه، وهو من مقتضى الشهوة، فلذلك صارت مذمومة في عامة القرآن حتى قيل: (العجلة من الشيطان) (عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التأني من الله، والعجلة من الشيطان، وما أحد أكثر معاذير من الله، وما من شيء أحب إلى الله من الحمد). أخرجه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الترمذي بلفظ: (الأناة من الله، والعجلة من الشيطان) وقال: حسن غريب. انظر: عارضة الأحوذي 8/172؛ ومجمع الزوائد 8/22؛ وكشف الخفاء 1/195). قال تعالى: (سأريكم آياتي فلا تستعجلون( [الأنبياء/37]، (ولا تعجل بالقرآن( [طه/114]، (وما أعجلك عن قومك( [طه/83]، (وعجلت إليك( [طه/84]، فذكر أن عجلته – وإن كانت مذمومة – فالذي دعا إليها أمر محمود، وهو طلب رضا الله تعالى. قال تعالى: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه( [النحل/1]، (ويستعجلونك بالسيئة( [الرعد/6]، (لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة( [النمل/46]، (ويستعجلونك بالعذاب( [الحج/47]، (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير( [يونس/11]، (خلق الإنسان من عجل( [الأنبياء/37]، قال بعضهم: من حمإ (قال اليزيدي: روي عن ابن عباس أنه قال: العجل: الطين، وأنشدوا هذا البيت:النبع في الصخرة الصماء منبته * والنخل منبته في السهل والعجلانظر: غريب القرآن وتفسيره ص 254)، وليس بشيء بل تنبيه على أنه لا يتعرى من ذلك، وأن ذلك أحد الأخلاق التي ركب عليها، وعلى ذلك قال: (وكان الإنسان عجولا( [الإسراء/11]، وقوله: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد( [الإسراء/18]، أي: الأعراض الدنيوية، وهبنا ما نشاء لمن نريد أن نعطيه ذلك. (عجل لنا قطنا( [ص/16]، (فعجل لكم هذه( [الفتح/20]، والعجالة: ما يعجل أكله كاللهنة (في المجمل: ويقال: عجلت القوم كما يقال: لهنتهم. انظر: المجمل 3/649)، وقد عجلتهم ولهنتهم، والعجلة: الإداوة الصغيرة التي يعجل بها عند الحاجة، والعجلة: خشبة معترضة على نعامة البئر، وما يحمل على الثيران، وذلك لسرعة مرها. والعجل: ولد البقرة لتصور عجلتها التي تعدم منه إذا صار ثورا. قال: (عجلا جسدا( [الأعراف/148]، وبقرة معجل: لها عجل.
قضى
– القضاء: فصل الأمر قولا كان ذلك أو فعلا، وكل واحد منهما على وجهين: إلهي، وبشري. فمن القول الإلهي قوله تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه( [الإسراء/23] أي: أمر بذلك، وقال: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب( [الإسراء/4] فهذا قضاء بالإعلام والفصل في الحكم، أي: أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما، وعلى هذا: (وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع( [الحجر/66]، ومن الفعل الإلهي قوله: (والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء( [غافر/20]، وقوله: (فقضاهن سبع سموات في يومين( [فصلت/12] إشارة إلى إيجاده الإبداعي والفراغ منه نحو: (بديع السموات والأرض( [البقرة/117]، وقوله: (ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم( [الشورى/14] أي: لفصل، ومن القول البشري نحو: قضى الحاكم بكذا، فإن حكم الحاكم يكون بالقول، ومن الفعل البشري: (فإذا قضيتم مناسككم( [البقرة/200]، (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم( [الحج/29]، وقال تعالى: (قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي( [القصص/28]، وقال: (فلما قضى زيد منها وطرا( [الأحزاب/37]، وقال: (ثم اقضوا إلي ولا تنظرون( [يونس/71] أي: افرغوا من أمركم، وقوله: (فاقض ما أنت قاض( [طه/72]، (إنما تقضي هذه الحياة الدنيا( [طه/72]، وقول الشاعر:- 369 – قضيت أمورا ثم غادرت بعدها(الشطر للشماخ، وعجزه:بوائج في أكمامها لم تفتقوهو من قصيدة له يرثي بها عمر بن الخطاب، ومطلعها:جزى الله خيرا من أمير وباركت * يد الله في ذاك الأديم الممزقوهو في ديوانه ص 449؛ والحماسة 1/453؛ وقيل: هي لجزء بن ضرار أخيه)يحتمل القضاء بالقول والفعل جميعا، ويعبر عن الموت بالقضاء، فيقال: فلان قضى نحبه، كأنه فصل أمره المختص به من دنياه، وقوله: (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر( [الأحزاب/23]. قيل: قضى نذره؛ لأنه كان قد ألزم نفسه أن لا ينكل عن العدى أو يقتل، وقيل: معناه منهم من مات (انظر: أسباب النزول للواحدي ص 202)، وقال تعالى: (ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده( [الأنعام/2] قيل: عني بالأول: أجل الحياة، وبالثاني: أجل البعث، وقال: (يا ليتها كانت القاضية( [الحاقة/27]، وقال: (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك( [الزخرف/77] وذلك كناية عن الموت، وقال: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض( [سبأ/14] وقضى الدين: فصل الأمر فيه برده، والاقتضاء: المطالبة بقضائه، ومنه قولهم: هذا يقضي كذا، وقوله: (لقضي إليهم أجلهم( [يونس/11] أي: فرغ من أجلهم ومدتهم المضروبة للحياة، والقضاء من الله تعالى أخص من القدر؛ لأنه الفصل بين التقدير، فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع، وقد ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المعد للكيل، والقضاء بمنزلة الكيل (انظر: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 9/43 نقلا عن المفردات.وقال بعضهم: القضاء: الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل، والقدر: الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل. انظر: فتح الباري، كتاب الدعوات: التعوذ من جهد البلاء 11/149)، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنهما لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: أتفر من القضاء؟ قال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله (انظر: بصائر ذوي التمييز 4/278، وهذا شطر من حديث طويل أخرجه البخاري في الطاعون، وفيه: (فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله… ) الحديث في فتح الباري 10/179) ؛ تنبيها أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجو أن يدفعه الله، فإذا قضى فلا مدفع له ويشهد لذلك قوله: (وكان أمرا مقضيا( [مريم/21] وقوله: (كان على ربك حتما مقضيا( [مريم/71]، (وقضى الأمر( [البقرة/ 210] أي: فصل تنبيها أنه صار بحيث لا يمكن تلافيه. وقوله: (إذا قضى أمرا( [آل عمران/47]. وكل قول مقطوع به من قولك: هو كذا أو ليس بكذا يقال له: قضية، ومن هذا يقال: قضية صادقة، وقضية كاذبة (هذا اصطلاح أهل المنطق، وعند أهل البلاغة تسمى خبرا. قال الأخضري:ما احتمل الصدق لذاته جرى * بينهم قضية وخبرا)،وإياها عنى من قال: التجربة خطر والقضاء عسر، أي: الحكم بالشيء أنه كذا وليس بكذا أمر صعب، وقال عليه الصلاة والسلام: (علي أقضاكم) (الحديث عن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان، وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي) أخرجه ابن عدي في الضعفاء 6/2097؛ وعزاه صاحب كشف الخفاء لأحمد، وليس عنده: (أقضاهم علي) وانظر: كشف الخفاء 1/108).
الونشريس
تفسير الجلالين :
11 – ونزل لما استعجل المشركون العذاب (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم) أي كاستعجالهم (بالخير لقضي) بالبناء للمفعول وللفاعل (إليهم أجلهم) بالرفع والنصب بأن يهلكهم ولكن يمهلهم (فنذر) نترك (الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون) يترددون متحيرين
الونشريس
تفسير ابن كثير :
يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفا ورحمة كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم أو لأولادهم بالخير والبركة والنماء ولهذا قال " ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم " الآية أي لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك لأهلكهم ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك كما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا محمد بن معمر حدثنا يعقوب بن محمد حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو جزرة عن عبادة بن الوليد حدثنا جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تدعوا على أنفسكم لا تدعوا على أولادكم لا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم " ورواه أبو داود من حديث حاتم بن إسماعيل به . وقال البزار وتفرد به عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري لم يشاركه أحد فيه وهذا كقوله تعالى " ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير " الآية . وقال مجاهد في تفسير هذه الآية " ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير " الآية هو قول الإنسان لولده أو ماله إذا غضب عليه : اللهم لا تبارك فيه والعنه. فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم .
الونشريس
تفسير القرطبي :
قيل : معناه ولو عجل الله للناس العقوبة كما يستعجلون الثواب والخير لماتوا , لأنهم خلقوا في الدنيا خلقا ضعيفا , وليس هم كذا يوم القيامة ; لأنهم يوم القيامة يخلقون للبقاء . وقيل : المعنى لو فعل الله مع الناس في إجابته إلى المكروه مثل ما يريدون فعله معهم في إجابته إلى الخير لأهلكهم ; وهو معنى " لقضي إليهم أجلهم " . وقيل : إنه خاص بالكافر ; أي ولو يجعل الله للكافر العذاب على كفره كما عجل له خير الدنيا من المال والولد لعجل له قضاء أجله ليتعجل عذاب الآخرة ; قال ابن إسحاق . مقاتل : هو قول النضر بن الحارث : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ; فلو عجل لهم هذا لهلكوا . وقال مجاهد : نزلت في الرجل يدعو على نفسه أو ماله أو ولده إذا غضب : اللهم أهلكه , اللهم لا تبارك له فيه والعنه , أو نحو هذا ; فلو استجيب ذلك منه كما يستجاب الخير لقضي إليهم أجلهم . فالآية نزلت ذامة لخلق ذميم هو في بعض الناس يدعون في الخير فيريدون تعجيل الإجابة ثم يحملهم أحيانا سوء الخلق على الدعاء في الشر ; فلو عجل لهم لهلكوا . واختلف في إجابة هذا الدعاء ; فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إني سألت الله عز وجل ألا يستجيب دعاء حبيب على حبيبه ) . وقال شهر بن حوشب : قرأت في بعض الكتب أن الله تعالى يقول للملائكة الموكلين بالعبد : لا تكتبوا على عبدي في حال ضجره شيئا ; لطفا من الله تعالى عليه . قال بعضهم : وقد يستجاب ذلك الدعاء , واحتج بحديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه آخر الكتاب , قال جابر : سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بطن بواط وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني وكان الناضح يعتقبه منا الخمسة والستة والسبعة , فدارت عقبة رجل من الأنصار على ناضح له فأناخه فركب , ثم بعثه فتلدن عليه بعض التلدن ; فقال له : شأ ; لعنك الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من هذا اللاعن بعيره ) ؟ قال : أنا يا رسول الله ; قال : ( انزل عنه فلا تصحبنا بملعون لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم ) . في غير كتاب مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فلعن رجل ناقته فقال : ( أين الذي لعن ناقته ) ؟ فقال الرجل : أنا هذا يا رسول الله ; فقال : ( أخرها عنك فقد أجبت فيها ) ذكره الحليمي في منهاج الدين . " شأ " يروى بالسين والشين , وهو زجر للبعير بمعنى سر . قوله تعالى : " ولو يعجل الله " قال العلماء : التعجيل من الله , والاستعجال من العبد . وقال أبو علي : هما من الله ; وفي الكلام حذف ; أي ولو يعجل الله للناس الشر تعجيلا مثل استعجالهم بالخير , ثم حذف تعجيلا وأقام صفته مقامه , ثم حذف صفته وأقام المضاف إليه مقامه ; هذا مذهب الخليل وسيبويه . وعلى قول الأخفش والفراء كاستعجالهم , ثم حذف الكاف ونصب . قال الفراء : كما تقول ضربت زيدا ضربك , أي كضربك . وقرأ ابن عامر " لقضى إليهم أجلهم " . وهي قراءة حسنة ; لأنه متصل بقوله : " ولو يعجل الله للناس الشر " .

    جزاكى الله خير

    جزانا واياكي حبيبتي

    الونشريس

    جزانا واياكي

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.