الآيات 1 ـ 3
( الرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ * رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)
الر : الحروف فى بدايات السور كما سبق التوضيح
هذا القرآن وما به من عبر و عظات وإنذار يعبر عن قدرات وعظمة الخالق لمن أراد أن ينجو من عذاب الله
سيندم الكفار عن عدم إيمانهم ويتمنوا لو كانوا أسلموا وما تعرضوا لغضب وعقاب الله
فاتركهم يخوضوا فيما يخوضون فيه وتشغلهم آمالهم الواهية عن ذكر الله واتباع الحق
فسوف يعلمون الحق عندما يأتيهم العذاب .
الآيات 4 ـ 5
(وَمَاأَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ * مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ)
لم يهلك الله من أهل قرية إلا بعد قيام الحجة عليهم وإنتهاء أجلهم
فلا تؤخر عند موعد هلاكها ولا تتقدم عن موعدها الذى حدده الله لها
وهذا كان تنبيه لأهل مكة تحذيرا لهم من الإصرار على الكفر
وكذلك لكل أمة ظالمة .
الحجر : هى ديار ثمود
الآيات 6 ـ 9
( وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
وهؤلاء الكفار يتعنتون ويقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك مجنون أن تطلب منا اتباعك
ويقولون هات لنا الملائكة لنراها إذا كنت صادقا فيما تزعم
فيقول لهم الله جل جلاله : ما ننزل الملائكة إلا بالحق : لا ننزل الملائكة إلا للرسالة أو لتعذيب أمة
ولو نزلوا فلن تروهم فطبيعتهم غير طبيعة البشر
إن الله هو الذى أنزل القرآن وهو حافظا له من أى تغيير أو تبديل .
( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ * كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ)
يقول الله تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم :
لا تحزن فقد سلك المشركون من قبل فى الأمم السابقة نفس ما فعله كفار قريش من تكذيب وإجرام وشرك
فكلما أرسلنا رسول فإن المشركين يستهزئون به
وهكذا سلك الإجرام هذا فى سلوك المكذبين
فهم لا يؤمنون ، وقد علم ما فعله الله من إهلاك المكذبين ونصر المؤمنين دائما .
الآيات 14 ، 15
( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ )
يوضح الله أن الكفار متعنتون فى كفرهم معاندون فيقول :
لو فتحنا لهم بابا فى السماء ليصعدوا فيها لكذبوا وقالوا إنما نحن مسحورون وشبه علينا .
الآيات 16 ـ 20
( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ * والأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ )
البروج : هى مجموعات من النجوم تتجاور بعضها وتكون أشكالا معينة منها ماهو بشكل الميزان ومنها بشكل الدب ومنها بشكل الدلو … وهكذا
فيقول سبحانه عن خلقه للسماء والنجوم :
هذه النجوم والكواكب خلقها الله فى السماء الدنيا القريبة من الأرض لتكون زينة للأرض ، وعلامات يهتدى بها الإنسان على الأرض ، وإضاءة لها بالشمس والقمر ، كما خلق الشهب ليحرق بها الشياطين الذين يحاولون تطرق السمع لأخبار السماء ، فقد كانوا يحاولون سمع صوت القلم وهو يكتب الأقدار فى اللوح المحفوظ ثم يخبرون أوليائهم من الدجالين ويكذبون على ما سمعوا ليخبروا به الناس ويخدعوهم
فمن حاول ذلك يتبعه شهاب ليحرقه
والشهاب عبارة عن جزء صغير جدا من أحجار السماء عندما يدخل جو الأرض والغلاف الغازى يصطدم به ويشتعل . وبذلك حفظ الله السموات والأرض من أضرار الشياطين .
ومد الله الأرض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ومهدها للناس ليعيشوا عليها ويتنقلون ويسعون لطلب الرزق.
وجعل فى الأرض الأرزاق من نباتات وحيوانات وأسماك وغيرها مما لم يصنع الإنسان لنفسه وإنما صنعها الله ، وجعل كل شئ فيها بقدر موزون معلوم .
ولإيضاح معنى التوازن نضرب مثلا :
الإتزان البيئى
وهذا .. علم البيئة الذى يحدثنا عن الإتزان البيئى
فكل شئ على سطح الأرض فى حالة توازن بيئى وهذا لفظ علمى بحت ورد فى القرآن الكريم ويعبر عن اتزان كلا من الأحياء من نبات وحيوان وغير أحياء كالغازات والمعادن والضوء وكل شئ من قبيل ذلك .
فمثلا كمية الأكسجين وغاز ثانى أكسيد الكربون وغاز النيتروجين فى الهواء الجوى لها نسب معلومة ، إذ يتكون الهواء الجوى من حوالى 21 % أكسجين ، و 3., % ثانى أكسيد الكربون ، 87 % من حجمه نيتروجين ، 1 % غازات أخرى
وتظل هذه النسب ثابتة فى الظروف العادية بسبب التوازن الدقيق الذى وضعه الخالق سبحانه وتعالى فى خلق الكون بين عمليتى تنفس الكائنات الحية وعملية البناء الضوئى فى النبات ، ففى عملية التنفس يستهلك غاز الأكسجين ويستبدل بغاز ثانى أكسيد الكربون ، وهذه الزيادة فى نسبة الغاز الأخير يستهلك فى عملية البناء الضوئى فى النبات لتعوض المفقود من غاز الأكسجين ويصنع عن طريق ذلك غذاء النبات فى مصنعه الورقة ، وهكذا يصبح الغازين فى إتزان و تكامل .
( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ * وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ )
يقول الله تعالى عن ذاته الشريفة أنه مالك كل شئ وعنده خزائن كل شئ ولكن ينزل منها بمقدار كما يريد ويشاء لحكمة بالغة ورحمة بعباده
وأنه يرسل الرياح تلقح بعضها البعض فيسقط المطر ، ويسقيكم الله المطر عذبا تشربوه وتسقون الزروع والحيوانات ولكنكم لا يمكنكم تخزينه وإنما يسلكه الله ينابيع وعيون ويقوم هو بتخزينه وحفظه .
وكذلك تسبب الرياح تلقيح النباتات فتنبت
وإن الله هو الذى خلق الأحياء من موت أى من عدم ، ثم يميت الأحياء ثم يحيهم مرة أخرى ، وله ميراث كل شئ
ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين: وسبحانه يعلم الأول منهم والآخر ـ ويعلم من هو حى ومن سيأت إلى يوم القيامة
ثم يجمع الناس جميعا إليه يوم القيامة
فهو حكيم فى أفعاله عليم بكل شئ خيرا وشرا .
الآيات 26 ، 27
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ )
يخبر الله عن كيفية خلقه الإنسان والجان فيقول :
لقد خلقنا الإنسان من الطين المنتن ( وهو التراب بعد أن يبلل بالماء ويترك لينتن ثم يجف ثم يصير فخارا )
وخلق الجان قبل الإنسان من طرف اللهب وهو أحسن النار .
الآيات 28 ـ 38
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ *فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ *فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ *إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ *قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ *قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ *قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ *وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ *قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ *قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ )
قال الله للملائكة :
إنى خلقت وصورت من الطين المبلل بالماء بشرا ، فإذا نفخت الروح فى آدم وقام رجلا فاسجدوا له ( والسجود هنا ليس سجود عبادة وإنما إنحناءة التحية )
فلما نفخ الله فى آدم الروح وصار رجلا ، سجد الملائكة كلهم طاعة لله
ولكن نظر إبليس نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم ورأى نفسه أشرف من آدم ، فامتنع عن السجود حسدا له .
هذا القياس من إبليس كان فاسد الأعتبار فإن الطين أنفع وخير من النار حيث الطين فيه الرزانة والأناة والنوم أما النار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق
ثم آدم شرفه الله بأربعة تشريفات
1 ـ خلقه بيده الكريمة
2 ـ نفخ فيه من روحه
3 ـ أمر الملائكة بالسجود له
4 ـ علمه الأسماء
وهنا كان عدم تنفيذ إبليس الأمر من الله كان من الكفر لأنه رد الأمر على ربه وامتنع استكبارا وليس عجزا
ــ غضب الله عليه وقال له :
ما الذى منعك من طاعتى بالسجود لآدم
ــ قال إبليس : إنى لا أسجد لبشر خلقته من الطين وأنا أفضل منه خلقتنى من النار ــ ــ فقال له الله عز وجل : أخرج من رحمتى وجنتى وسماه إبليس ( أى خارج عن الطاعة وخارج من رحمة ربه )
ــ وإنك رجيم … أى مرجوم بغضب الله واللعنات فى النار إلى يوم القيامة
ــ قال : رب اتركنى لا أموت حتى يوم القيامة
ــ قال الله له : لك ما سألت وأنت متروك حتى يوم القيامة فى وقت يعلمه الله .
( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ *إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ )
قال الشيطان :
رب كما فتنتنى بهذا المخلوق فسوف أغويه وأزين له الظلم والمعصية فى الأرض كلهم
إلا من كان مخلصا منهم فى عبادتك وطاعتك
وهذا عهد مستقيم اتخذته على نفسى ما دمت حيا لن أحيد عنه.
قال الله له :
إن عبادى المخلصين فى طاعتى ليس لك عليهم مقدرة لغوايتهم إلا من تبعك منهم من الغاوين
ولك ولهم جهنم وعذاب النار وهى موعدكم كلكم
إن جهنم لها سبعة أبواب لكل باب جزء مقسوم
……………………………………………………………………………………..
وهذه الأبواب السبعة هى : جهنم ـ لظى ـ الحطمة ـ السعير ـ سقر ـ الجحيم ـ الهاوية
وقيل هم: باب لليهود وباب للنصارى وباب للمجوس وباب لمشركى العرب وباب للمنافقين وباب للصابئين وباب لأهل التوحيد العصاة
الآيات 45 ـ 50
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ *لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ *نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ *وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ )
أما المؤمنين فلهم جنات عدن بها عيون الماء العذب الذى لا يتغير طعمه وأنهار المشارب ، يقال لهم ادخلوها سالمين من الآفات والأذى ومسلما عليكم
وينزع الغل والحقد الذى كان فى نفوس المؤمنين مما وقع عليهم من ظلم فى الدنيا من نفوسهم و تصبح صدورهم صافية ، ويتكئون على سرر متقابلة وجوههم .
لا يمسهم تعب ولا صخب ولا مرض
ولا يخرجون من الجنة أبدا .
قل يا محمد لعبادى المحسنين فى عبادتهم أن الله هو الغفور لكم الرحيم بكم .
وأن عذاب الله للكافرين والظالمين إنما هو عذاب شديد مؤلم .
الآيات 51 ـ 4 6
( وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ * قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * إلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ * فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ * قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ * وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ )
أن سارة زوجة إبراهيم عاقرا وبلغت من العمر التسعون ، فيما لا يمكن أن تلد النساء
وإبراهيم عليه السلام فاق المائة
و كان قوم لوط كافرين فجار ، ابتدعوا الفواحش والشذوذ الجنسى مما لم يكن معروفا من قبل ، وكانوا يأتون الرجال بدلا من النساء
وطغوا بكل معانى الطغيان
أرسل الله لهم ثلاثة من الملائكة ( جبريل وميكائيل وإسرافيل ) فى صورة ثلاث شبان حسنة المظهر، أقوياء
بدأوا بزيارة إبراهيم عليه السلام ، فأمر زوجته بإحضار ( عجل حنيذ ) سمين مشوى ـ فقد كان يعرف عنه الكرم والعطاء دون الأخذ ـ وقدمه لهم
ولكن لم تمتد له أيديهم ليأكلوا ( لا تصل إليه ) ، فخاف أن يكونوا قد أرادوا شرا
ولكنهم عرفوه بأنفسهم أنهم ملائكة وجاؤا ليدمروا قوم لوط لكثرة فسادهم وبشروه بأنه سينجب ولدا من زوجته سارة
فضحكت ضحكة استغراب وهى عجوز وزوجها شيخا كما ضحكت أن قوما يأتيهم العذاب وهم غافلون .
فقالوا لها هل تتعجبين من أن هذا أمر الله الذى إذا قضى أمرا فإنه يقول له كن فيكون
تعجب إبراهيم فرحا وقال إنه لا يقنط من رحمة الله إلا الظالمون الضالون ، فبشروه بأن هذا جزاء صبره وإيمانه ، وأنه سيولد لإسحاق ولد يسمى يعقوب من بعده ومن ذريته الأنبياء .
فالله حميد فى أفعاله ممجد فى صفاته .
وهذا إبن الأخ لإبراهيم
لوط بن هاران
وقد سبق التعريف به
نزح مع عمه ، وأنزله مدينة سدوم
كان أهلها يأتون المنكر فى ناديهم وفعل الفواحش التى ابتدعوها ولم يكن يعرفها من قبل أحد وهى الشذوذ الجنسى
فكانوا يأتون الرجال بدلا من النساء
وكانوا يفعلون جميع الشرور
نهاهم لوط ولكن دون جدوى مع الإيذاء والسخرية منه ومن المؤمنين
ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب:
أرسل الله لهم ثلاثة ملائكة ( جبريل وميكائيل وإسرافيل ) الذين مروا أولا على إبراهيم وبشروه بمولد اسحاق ،
ثم أخبروه بأنهم قد أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط ، وذهبوا إلى لوط وأخبروه خبر السماء وأنهم جاؤا لإهلاك قومه وزوجته ، فقدر الله أنها تكون من الغابرين أى المهلكين الباقين مع قومها .
ولما جاءت الرسل لوطا قالوا له أنهم جاؤا بالعذاب لأهل قريته الذى كانوا يشكون فى وقوعه وأنهم صادقون فيما أخبروه به .
(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ * وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ)
واتبع أدبارهم : وأن يكون لوطا يمشى وراءهم ليكون أحفظ لهم
ولا يلتفت منكم أحد : وإذا سمعتم الصيحة لا يلتفت أحد واتركوا قومكم فى العذاب
وامضوا حيث تؤمرون : وكانت معهم ملائكة تهديهم إلى الطريق
وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين : وقضى بأن يكون القوم مهلكين فى الصباح
الآيات 67 ـ 72
( وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ * قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ * قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ )
قال لهم لا تفضحونى فى ضيفى ، أليس منكم رجل عاقل يراجعكم عن فعلكم ، خافوا الله ولا تسيؤا بفعلكم .
فرفضوا الزواج حلالا وأصروا على فعلهم المنكر وقالوا أولم ننهاك عن استضافة أحد .
قال لهم لوط : لو أردتم زواجا فبنات قريتنا أحل لكم وأطهر من أن تأتوا الفاحشة ومن منكم متزوج فليأت زوجته ،
قالوا له : لا نرغب فى البنات والنساء وأنت تعلم رغبتنا فى الرجال .
يقول الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون وحياتك يا محمد إنهم يترددون ويلعبون كالسكارى …. وهذا تشريف لمحمد صلى الله عليه وسلم
الآيات 73 ـ 77
( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ * إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ )
وجاء صوت قاصف عند شروق الشمس
ورفعت بلادهم إلى أعلى فى السماء على طرف جناح جبريل عليه السلام ثم قلبها وجعل عاليها سافلها
وأمطرت عليهم السماء حجارة من جهنم
وفى ذلك عبرة للمعتبرين ( المتوسمين )
وأصبحت قريتهم سدوم بحيرة منتنة خبيثة معلمة الطريق واضحة لتكون عبرة للناس
( وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ)
أصحاب الأيكة هم قوم شعيب
والأيكة هى شجرة آيك يلتف حولها أشجار كثيرة متعانقة ، وكانوا ظالمين يقطعون الطريق وينقصوا المكيال ويخسروا الميزان ويعبدون الشجرة من دون الله
فانتقم الله منهم وهم فى طريق ظاهر ليكون عبرة للناس
الآيات 80 ـ 84
( وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )
أصحاب الحجر هم قوم ثمود الذين كذبوا صالحا نبيهم
وقيل المرسلين لأن من كذب برسول واحد فقد كذب بالجميع من الرسل
وجاءتهم الدلائل والمعجزات مثل الناقة التى أخرجها لهم الله كما طلبوا من الصخر الأصم ، فأعرضوا عنها واستمروا على طريقتهم الضالة
وكانوا من قوتهم وأمنهم ينحتون قصورا فى الجبال عبثا بدون حاجة لها
ولما أصروا على التكذيب وذبحوا الناقة جاءهم العذاب بالصيحة فى صباح اليوم الرابع
ولم ينجيهم من العذاب ما كانوا يزرعون ويمنعوا الماء عن الناقة وذبحوها حتى لا تشرب الماء ، ولم تنفعهم أموالهم .
الآيات 85 ـ 86
( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ )
الله خلق السموات والأرض وما بينهما بالحق والعدل وليس عبثا
ويوم القيامة آت لا محالة
فاعفو واصفح عن المشركين واصبر على تكذيبهم وأذاهم حتى يأت الله بأمره وينصرك يا محمد وينصر المؤمنين .
فالله هو الخلاق الذى لا يعجزه شئ وسيأت بالساعة فى يوم يعلمه هو وحده ، وهو يعلم كل شئ فى الأرض والسماء ولا يعجزه جمع الناس مهما تفرقوا أو بليت أجسادهم .
الآيات 87 ـ 88
( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ *وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ )
ولقد أنزلنا عليك فاتحة الكتاب ببركتها وهى سبع آيات والقرآن العظيم ، ( وقيل المقصود بالسبع المثانى سور البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس … وهى السور الطوال فى القرآن )
فلا تنظر للدنيا وزينتها وما متع الله بها كثير من الناس فهى زهرة فانية ذابلة نبتليهم ونختبرهم بها
ولا تحزن على ما يصيبون به أنفسهم من عاقبة تكذيبهم وظلمهم
وألن جانبك للمؤمنين وكن لينا معهم .
الآيات 89 ـ 93
( وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ * كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ * فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وقل لهم يا محمد أنا أنذركم من عذاب الله الأليم لمن كذب وأعرض عن طاعة الله وذكره
كما أنذرنا ( المقتسمين ) الذين تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم
فهؤلاء الذين قالوا عن القرآن أنه سحر أو قصص الأولين ومنهم من آمن ببعض وكفر ببعض
ويقسم الله بذاته العلية أن يسألهم جميعا عما كانوا يعملون وعن لا إله إلا الله ، ويجازيهم بعملهم .