السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فهذه شبهات أثيرت حول تعدد الزوجات و الرد الشبهة الأولى قوله تعالى:
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِوَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)
(129) النساء.
فقالوا لقد قررت الآية عدم استطاعة الرجال العدل بين النساءونفى استطاعة العدل يفهم من نفى جواز تعدد النساء ويرد على استدلالهم أن المسلممع خضوعه لأمر ربه وحرصه على إقامة العدل قد لا يملك التحكم بعواطفهوميل قلبه إلى زوجة دون زوجة وهو مع هذا مأمور بالحرص على إقامة العدلفى هذه القضية فإن عجز مع حرصه فلا يجوز أن يترك العنان لعواطفه تميل به كل الميل ويؤكد هذا ما ختمت به الآية (وإن تصلحوا وتتقوا)أى سددوا وقاربواواحرصوا على العدل فى كل شىء فإن حصل خلل لا إرادى فإن الله يتجاوز عنه
(فإن الله كان غفورا رحيما) فالذى دلت عليه الآية أنه لايكون عدم القدرة على العدل بين الزوجات فى الحب والجماع خاصة مانعا لكم من التعدد ولكن عليكم بالحرص على إقامة العدل فى كل شىء وقال صاحب منار السبيل (ويجب عليه التسوية بين زوجاته فى المبيت ولا يجب أن يسوى بينهن فى الوطء ودواعيه لأن الداعى إليه الشهوة والمحبة ولا سبيل إلى التسويةوفسر ابن عباس هذه الآية أنها فى الحب والجماع وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعدل الخلق يحب عائشة رضى الله عنه أكثر من غيرها من نسائه وكان يقول بعد أن يقسم بين نسائه فيعدل (اللهم هذا قسمى فيما أملك فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك )ويقصد القلب لأن القلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن
الشبهة الثانية ؛استدلالهمم بقصة على بن أبى طالب رضى الله عنه حين خطب بنت أبى جهل فى حياة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن رسول الله حين استؤذن فى ذلك قال
(فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يحب ابن أبى طالب أن يطلق ابنتى وينكح ابنتهم فإنما ابنتى بضعة منى يريبنى ما رابها ويؤذينى ما آذاها)
ولم يسوقوا لفظ الحديث بتمامه إنما وقفوا على جزءمنه وقالوا هذا رسول الله صلى الله صلي الله عليه وسلم يمنع تعدد الزوجات ويحرمه وقولهم هذا يدل على أحد أمرين نقص فى العلم أو حرص على إظهار شبهتهم إلا أن تمام الحديث بين الصواب فى هذه القصة وهو:
(وإنى لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ولكن والله لا يجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا)
فهذا رسول الله يصرح بلفظ بأنه لا يحرم حلالا ولا يحل حراما فالحكم باقى لم يتغير ولكنه يستنكر أن تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله فى عصمة رجل واحد وهذا الإجتماع بينهما قد يسبب للسيدة فاطمة رضى الله عنها آذى وفتنة فى دينها لوجود بنت عدو الله معها ولذلك لم يوافق الرسول لهذا الأمر.
الشبهة الثالثة: قولهم أن الزواج بامرأتين أو أكثريسبب العداوة والبغضاء بين الزوجات وغالبا ما يرث الأولاد هذا العداء والرد على هذه الشبهة أن ذلك ليس بلازم والذى يجعل البغضاء والكراهية بين الزوجات والأولاد ليس الشرع ولا الحكم بل نحن الأشخاص سواء من الرجال أو المرأة فعندما يتقاسع ويتكاسل الرجل عن واجباته تجاه زوجاته يمكن أن تحدث البغضاء وحين لا تعطى الزوجة حق زوجها يحدث الإختلاف والمشاكل فنحن سبب المشكلة وليس الشرع والدليل على ذلك حديث عائشة رضى الله عنها فى قصة الإفك قالت:
(وكان رسول الله يسأل زينب بنت جحش عن أمرى فقال:يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟ فقالت :يارسول الله أحمى سمعى وبصرى ما علمت إلا خيرا . قالت عائشة وهى التى كانت تسامينى (أى تضاهينى) من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع انظر إلى قول زينب فى حق عائشة فهل ترى من بغضاء أو حقد فإنه يظهرفى قولها العدل والأنصاف والأحاديث التى تدل على الأنصاف والعدل والحب بين أزواج النبى كثيرة ومع ذلك فإن الغيرة التى قد تحصل بين النساء والضرائر شىء طبيعى هذه هى فطرة المرأة وأن معالجة هذا الأمريتوقف على حكمة الزوج وحزمه وقدرته على إدارة شؤون أسرته وعدالته بين زوجاته ومراقبته لله وواقع الناس يكذب هذه الشبهة ففى الناس إخوة أشقاء يعيشون عيشة بؤس وعداء وأخوة لأب يحيون حياة حب وألفة.
الشبهة الرابعة :قولهم إن تعدد الزوجات يكون سببا فى كثرة النسل مما يؤدى إلى العيلة وكثرة البطالة والفقر فى البلاد ويرد الدكتور محمد عبد السلام محمد على هذه الشبهة قائلا:
(إن من المعلوم فى العالم وعلى مر العصور أن كثرة النسل مع حسن التربية من أعظم عوامل قوة الأمة وازدهارها وأوضح الأمثلة على ذلك اليابان والصين والبطالة موجودة فى كثير من الدول العربية مع أن أرضها واسعة ومواردها كثيرة ولو أحسن استغلالها لاستوعبت أضعاف من يعيشون فيها وقد سئل الشيخ بن عثيمين عن حكم الشرع فيمن يقول إن فقر وضعف وتخلف المسلمين فى هذا العصر نتيجةللإنفجار السكانى وكثرة النسل ؟ فأجاب –حفظه الله – بقوله إن رأيه خطأ كبير وذلك لأن الله تعالى هوالذى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وليست العلة كثرة السكان لانه ما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ولكن الله عزوجل يعطى لحكمة ويمنع لحكمة ونصيحتى لمن يعتقد هذه العقيدة أن يتقى الله وأن يعلم أن العالم مهما كثروا فإن الله تعالى لو شاء لبسط لهم الرزق.
(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ )
(27)الشوري.
الشبهة الخامسة: يقولون إن الحياة الزوجية الطبيعية تقتضى بالفطرة أن يختص الزوج بالزوجة والزوجة بالزوج وكما أن الزوج يغار على زوجته فكذلك الزوجة. والرد على هذه الشبهة أولا: إن فطرة الإنسان تدعوه إلى حب التملك فنجد الطفل يحب أن ينفرد بكل شىء ومن هنا تنشأ الغيرة بين الأخوة وتقل أو تزيد تبعا لتصرفات الوالدين والأهل فالعدل ينقص الغيرةوالإسلام حين تعامل مع قضية تعدد الزوجات وفيها من أمر الغيرة أمر الزوج بالعدل بين أزواجه
ثانيا:قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم
(لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب)
فحب التملك والأختصاص شىء واضح فى النفس إلا أنه غير محمود بإطلاقه لذا وردت النصوص الشرعية تدعوا المسلم إلى التقليل من الدنيا ففرض سبحانه الزكاة وندب على الصدقة وهذا تهذيب لهذه الطبيعة الإنسانية فإذا أرادت الزوجة أن تختص بزوجها طالبناها بالتقليل من حب الإختصاص هذا رحمة بأخواتها وبنى جنسها
ثالثا: أن تشريع تعدد الزوجات ليس إلزاما كما لا يجب على كل ولى أمر أن يقبل به لابنته غاية ما فى الأمر أنه تشريع ربانى يعطى حلا لمشاكل عديدة منها ظاهرة العنوسة
وجزاكم الله خيرا