اذا اردت الانتفاع بالقرآن تدبر اياته
طرق ووسائل لتدبر القرآن الكريم
معنى تدبر القرآن:
هو التفكر والتأمل لآيات القرآن من أجل فهمه ، وإدراك معانيه وحكمه ، والمراد منه.
وقد أمر الله تعالى بتدبر القرآن الكريم ، وزجر عن قراءته باللسان دون تفكر وتأمل في آيات كثيرة منها: ..
قول الله تعالى:
{أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} محمد (24
وقال تعالى:
{ كتاب أنزلناه إليك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب} ص (29)
وتدبر القرآن هو التأمل في معانيه ، وتحديق الفكر فيه، وفي مبادئه وعواقبهبه يزداد الإيمان في القلب ، ويصل العبد إلى درجة اليقين ، فهو من أعظم أسباب التعريف بالرب المعبود ، وبالطريق الموصلة إليه، وصفات أهلها ، ومالهم في الجنة ،وصفات أعداء الله ومالهم في النار ، لذلك جاء الأمر بتدبر القرآن في غيرما آية في كتاب الله العزيز.
من وسائل وطرق تدبر القرآن الكريم:ـ
حب القرآن..
من المعلوم أن القلب إذا أحب شيئاً تعلق به،واشتاق إليه،وشغف به،وانقطع عما سواه ، والقلب إذا أحب القرآن تلذذ بقراءته،واجتمع على فهمه ووعيه فيحصل بذلك التدبر المكين،والفهم العميق،وبالعكس إذا لم يوجد الحب فإن اقبال القلب على القرآن يكون صعباً،وانقياده إليه يكون شاقاً لايحصل إلا بالمجاهدة ومغالبة،وعليه فتحصيل حب القرآن من أنفع الأسباب لحصول أقوى وأعلى مستويات التدبر.
وخير الأسباب وأنفعها لحب القرآن…هو القراءة عن عظمة القرآن مما ورد في القرآن والسنة وأقوال السلف في تعظيمهم للقرآن وحبهم له.
وينبغي أن نعلم أن عدم حبنا للقرآن ، ودم تعظيمنا له سببه الجهل بقيمته، فمن لايعرف قيمة القرآن يزهد فيه ويهجره ويشتغل بما هو أدنى منه.
ومما يعين على التدبر..
حضور القلب
قال العلامة ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله ـ : إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه
وألق سمعك ، واحضر حضور من يخاطبه من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى:
{ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} ص (37)
وذلك أن تمام التأثر لما كان موقوفاً على مؤثر مقتضٍ، ومحل قابل ، وشرط لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدلة على المراد.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :اقرؤوا القرآن ، ولاتنثروه نثر الدقل، ولاتهذوه هذ الشعر ، قفوا عند عجائبه ، حركوا به القلوب ، لايكن هم أحدكم آخر السورة.
ومما يعين على التدبر…
ترتيل القرآن العظيم والجهر به
قال الله تعالى:{ورتل القرآن ترتيلا}
،قال ابن كثير"أي أقرأه على تمهل فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره"،وعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، أنها نعتت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفاً حرفاً.
والترتيل يعني الترسل والتمهل، ومن ذلك مراعاة المقاطع والمبادئ وتمام المعنى، بحيث يكون القاريء متفكراً فيما يقرآ،فمن أسرع القراءة فقد اقتصر على مقصد واحد من مقاصد قراءة القرآن وهو :ثواب القراءة ، ومن رتل وتأمل فقد حقق المقاصد كلها وكمل انتفاعه بالقرآن ، واتبع هدي النبيصلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم
كما أن الجهر بالقرآن مما يعين على التدبر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول
(ماأذن الله لشئ ماأذن لنبي حسن الصوت بجهر القرآن)).
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن جهر النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة بالليل:فقال(كان يقرآ في حجرته قراءة لو أراد حافظ أن يحفظها لفعل)).
وعن ابن أبي ليلى رحمه الله قال
(إذا قرأت فاسمع أذنيك فإن القلب عدل بين اللسان والأذن)).
ومن فوائد الجهر بالقراءة.. تطهير للبيت وتعطير له وجعله بيئة صالحة للتربية والتعليم وكما قال أبو هريرةرضي الله عنه
(إن بيتاً يكثر فيه الجهر بالقرآن هو بيت كثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين والبيت الذي لايتلى فيه كتاب الله ضاق بأهله وقل خيره وحضرته الشياطين وخرجت منه الملائكة)).
ومما يعين على التدبر:
ترديد الآية،أو الآيات المقروءة..
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال:قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها ، الآية
{إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}
والهدف من التكرار هو التوقف لاستحضار المعاني وكلما كثر التكرار كلما زادت المعاني التي تفهم من النص والتكرار أيضاً قد يحصل لا إرادياً تعظيماً أو إعجاباً بما قرأ.
قال ببن مسعود(لاتهذوه هذ الشعر،ولاتنثروه نثر الدقل،قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ، ولايكن هم أحدكم آخر السورة)).
ومما يعين على التدبر..
إذا مر بآية فيها تسبيح سبح،وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم من أمتثل ماجاء في الكتاب العزيز ، وهو القدوة لنا،والأسوة التي يجب علينا التمسك بهديه. قال تعالى:
{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً}
فعن حذيفة رضي الله عنه قال(صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فافتتح البقرة ، فقلت يركع عند المائة ،ثم
مضى،فقلت:يصلي بها في الركعة،فمضى،فقلت:يركع بها،ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها،يقرأ مترسلاً، فإذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ)).
وقد أثنى الله ورسوله على من يقرأ القرآن ويفقه معانيه ويعمل بما جاء فيه ، قال الله تعالى:
{والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد* الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هدىهم الله أولئك هم أولوا الألباب}
وعن ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى
:{ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً}
قال:يعني الفهم في القرآن.
وعن ابراهيم بن الاشعث،قال:سمعت الفضيل بن عياض يقول ذات ليلة وهو يقرأ سورة(محمد)صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، ويردد هذه الآية
{ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم}
وجعل يقول:وتبلوا أخبارنا! ويردد:وتبلوا أخبارنا! إن بلوت أخبارنا فضحتنا، وهتكت أستارنا، إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا. ويبكي رحمه الله
ومما يعين على التدبر والتفكر في الكتاب العزيز..
الاستماع والإنصات حال قراءته..
قال الله تعالى:{ وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}،
قال أبو بكر الآجري رحمه الله:فكان حسن استماعهم يبعثهم على التذكر فيما لهم وما عليهم.