كيف نتدبر القرآن ؟
فكيف نتدبر القرآن ؟ والجواب هناك عدة أسباب تعيين على التدبر منها:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب أن يُعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن لأصحابه معاني القرآن، كما بيَّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}1, يتناول هذا وهذا، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن. كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا، ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة، قال أنس: "كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدَّ فينا" "رواه أحمد في مسنده". وأقام ابن عمر على حفظ البقرة ثماني سنين، أخرجه مالك في الموطأ، وذلك أن الله تعالى قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}، وقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن، وأيضًا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابًا في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه. فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم"
ومن الموانع التي تمنع وتحجب الفهم:
أ- أن يكون التأمل مقصوراً على إخراج الحروف من مخارجها دون التدبر في المعاني، فيكون كل همه في تجويد الحرف، نعم هذا يكون -أحياناً- عندما يجلس إلى شيخٍ يقرأ عليه، لكن لا يكون همه دائماً في إقامة الحروف وينسى المعنى.
ب– التعصب، فإن بعض الناس يقولون: لسنا بأهل للتدبر في القرآن، ذلك للأئمة وكبار العلماء، أما نحن فنقرأ فقط ولا يجوز لنا أن نفهم أو أن نُعمل فكرنا فيه.
ج– الذنوب والإصرار عليها، فإن الإنسان لو كان متصفاً بكبرٍ، أو مبتلىً بهوى، فإن ذلك يسبب ظلمة القلب وصدأه، والمرآة صدأها يمنع الصورة الجلية، فالقلب مثل المرآة، والشهوات مثل الصدأ، ومعاني القرآن مثل الصور التي تتراءى في المرآة، فكلما كانت المرآة نظيفة كانت المعاني التي تظهر في الصور أوضح. ولذلك فإن الله قال: (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ )[ق:8] فإذا لم يكن منيباً لم يكن القرآن له تبصرةً ولا ذكراً. وقال الله عز وجل: (وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ )[غافر:13] فالذين لا ينيبون وليسوا في مقام الإنابة لا يفهمون القرآن.