تخطى إلى المحتوى

الموت الضيف الاخير 2024

  • بواسطة
الروضةالسادسة والعشرون
الموت الضيف الاخير
أما بعد
عباد الله
أوصيكم ونفسي بتقوى الله وأن نقدم لأنفسنا أعمالاً صالحه مباركه تبيض وجوهنا يوم نلقاه – عزوجل – يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
يوم تبيض وجوه وتسود وجوه
نسأل الله عزوجل بمنه وكرمه أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا وأن يكِره إلينا الفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين .
مع من سنقف وإياكم سنقف وإياكم مع الزوارمع الضيوف الذين نستقبلهم طوال حياتنا. من هؤلاء الضيوف ؟ من هؤلاء الزوار ؟
هؤلاء الضيوف لهم مدة محددة يعلمها الله -عز وجل- لأن الضيف لا يطيل ,
من الناس من يحسن استقبال هؤلاء الضيوف والتعامل معهم .
من هؤلاء الضيوف المصيبة ,
فالمصيبة تزورك يا عبدالله ولها مدة محددة يبتليك الله بها أتصبر أم لا ؟
أتشكو حالك إلى الناس أم تشكو حالك الى الملك – عز وجل- ؟
ولسان حا لك ((إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)) يوسف:86.
تأتيك المصيبة يا عبد الله أتتذلل لمخلوق ؟
أم تقول إنا لله وإنا إليه راجعون وتصبر وإنما الصبر عند الصدمة الاولى.
ومن هؤلاء الضيوف النعمة والعافية
يبتليك الله بها أتشكر أم تكفر؟ ,أم تنسى حال النعمة وتسأل وتجأر حال النقمة ؟ كما قال تعالى: (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا)الإسراء:83
ومن هؤلاء الضيوف هذه الايام وهذه الدقائق
التي نعيشها ماهي إلا ضيوف تحل علينا ثم تنطلق ,وما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن ادم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلا يوم الوعيد ,وما أنت يابن ادم إلا أيام معدودات إذا ذهب يوم ذهب بعضك حتى تنتهي ويقال مات فلان .
عبد الله اليوم 24 ساعة كل ساعة خزانة فارغة فاملأها بما تريد املأها بالذكر والقران والإحسان والإيمان او املأها بالشر والكف والعصيان فإذا ما انتهت الساعة أغلقت تلك الخزانة ولن تفتح إلا يوم القيامة وحينئذ يقال لك :
((اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)) الإسراء:14
ومن الضيوف التي تحل علينا المرض
يبتلينا الله به ليكفر الله بها من خطايانا ويمتحن صبرنا ويذكرنا بنعمة العافية.
ومن هؤلاء الضيوف شهر رمضان
الذي أنزل فيه القران ,هذا الضيف المبارك الذي يستمر عندنا أياما معدودات ثم ينطلق فمن الناس من يغتنم هذا الضيف فيفوز بالعتق من النيران ومن الناس من يفرط فيه ويخرج من بين يديه بلا شيء.
ومن هؤلاء الضيوف والزوار ,الزائر الاخير
الذي ليس بعده زائر والضيف الذي ليس بعده ضيف
ألا وهو الموت مفرق الجماعات وهادم اللذات وميتم البنين والبنات .
ولابد من وقفة مع هذا الضيف الاخير .
عباد الله : كلنا يكره هذا الزائر الأخير ,كلنا لا يحبه فلماذا؟؟ لماذا نكرهه ؟ ّ
مع أن النبي – صلى الله عليه وسلم – حين خيّر بين البقاء في الدنيا والموت
قال : بل الرفيق الأعلى… وعلى دربه سار أصحابه الذين كانوا يرحبون بالموت ويحسنون استقباله .
فهذا بلال بن رباح مؤذن النبي – صلى الله عليه وسلم – يأتيه الموت فتبكي زوجته وتولول وتقول واكرباه عليك يا بلالاه واحزناه عليك يا بلالاه
فقال بلال : لا تقولي واكرباه بل قولي واطرباه غدا ألقى الأحبة محمداً وصحبه.
وهذا أبو هريرة يأتيه الموت فيقول اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي مرحبا بالموت حبيبا جاء على فاقة……………. ترى ما الفارق بيننا وبينهم ؟؟ لماذا نكره قدومه ؟ لماذا نخاف زيارته ؟ لماذا يرتعد القلب وجلا من ذكره ؟
ما هي الأسباب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أولا : نحن نخاف الموت حياء من الله :
قيل لإحدى التابعيات : أتحبين الموت ؟ قالت لا ، قيل ولم ؟
قالت : لو عصيت آدميا ما أحببت لقاءه فكيف أحب لقاء الله وقد عصيته .؟؟؟
أخي …..قل
يانفس توبي قبل أن لا تستطيعي أن تتوبي واعصي الهوى فالهوى مازال فتانا
ثانيا : نحن نخاف الموت لاننا لاندري أين النزول ؟ وإلام المصير ؟؟؟
هل نحن من الفائزين السعداء أم نحن من الخاسرين الاشقياء ؟
قال سعيد بن أبي عطية : لما حضر أبا عطية الموت جزع منه فقالوا له : أتجزع من الموت ؟؟ قال : مالي لا أجزع وإنما هي ساعة ثم لا أدري أين يذهب بي ؟؟
الموت باب وكل الناس داخله ياليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار جنة خلد إن عملت بما يرضى الإله وإن خالفت فالنار
هما محلان ما للناس غيرهما فانظر لنفسك أى الدار تختار
دخلوا على الشافعي وهو يموت فقيل له كيف أصبحت ؟
فقال أصبحت من الدنيا راحلا وللإخوان مفارقا ولسوء عملي ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله واردا ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها أم الى النار فأعزيها
ولما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة بكى فقيل له ما يبكيك ؟
قال أنتظر من الله رسولا يبشرني بالجنة أوبالنار .
ثالثا : عباد الله نحن نخاف الموت لقلـــة الزاد :
ماذا قدمنا هل عملنا أعمالا تبيض وجوهنا يوم نلقى الله ,هل عملنا أعمالا تثبتنا عند قدوم الموت قال – عز وجل-: ((وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ)) المنافقون:10
تحسر بعض الناس عند موته فقيل له : ما بك ؟ فقال : ما ظنكم بمن يقطع سفرا طويلا بلا زاد ، ويسكن قبرا موحشا بلا مؤنس ويقوم بين يدي حكم عدل لا حجة
عبد الله ما أخبــار زادك .
بكم ركعة في جوف الليل أعتقت رقبتك من النار ؟ بكم يوم صمته في شدة الحر اتقيت حر جهنم ؟ بكم شهوة تركتها ترجو نعيم الأبد ؟؟ أين الزاد الذي يبلغ ؟ أين العمل الذي يصلح ..
رابعا : نحن نخاف الموت لأننا مسرفون على أنفسنا بالمعاصي
فالمسرفون في المعاصي يخافون القدوم ، ويهابون المنون
أساءوا فخافوا ، وعاثوا فهابوا ، ماتوا فلاقوا ما كانوا يحذرون .
لاه بدنياه والأيــام تنعــاه والقبر غايته واللحد مثواه
عباد الله إن هذا الزائرالاخير
أرسل الله لنا برقيات قبل وصوله رحمة بنا لعلنا نتوب لعلنا نرجع لعلنا نعود.
عبد الله
قد بعث إليك الموت برقيات تعلمك بقرب وصول أجلك . ما هي :…. ؟
اولا المرض : لما مرض عبد الملك بن مروان مرض الموت جعل يلوم نفسه ويضرب بيده على رأسه ويقول : وددت أنني كنت اكتسبت يوما بيوم ما يكفيني , وأشتغل بطاعة الله .
إنه المرض يا عباد الله كم من متكبرين وأعزاء أذلهم المرض !
كم من أقوياء أضعفهم المرض ! كم من أغنياء أفقرهم المرض !
فيا من استبعد موته وأطال أمله ونسي قبره فليقرأ موعظة الحسن البصري حين قال : من لم يمت فجأة مرض فجأة فاتقوا الله واحذروا مفاجأة ربكم .
ان الطبيب بطبه ودوائه لايستطيع دفاع نحب قد أتى
ما للطبيب يموت بالداء الذي قد كان أبرأ مثله فيما مضى
مات المداوي والمداوى والذي جلب الدواء وباعه ومن اشترى
ثانيا من برقيات الموت الشيب : فالله الله في العمل قبل المشيب .
يا مسكين .. أحين يعطيك القوة تنساه ؟* وحين يسلبك إياها تذكره ؟ أف لك ..
أما تعلم أنه ما من شعرة تبيض إلا وهي تقول للتي تليهــا : أختي قد جاء الموت فاستعدي له .
أخي .. الشيبُ رسول الله إليك يخبرك بدنوا أجلك فأعد لما بعده .
واعلم أنك على سفر ، وأنك مغادر لا محاله .
رحم الله الحسن البصري حين أيقظ الشيخ بقوله :
يا معشر الشيوخ .. ما ينتظر الزرع إذا بلغ ؟ قالوا : الحصاد
وأيقظ الشباب بقوله : يا معشر الشباب. إن الزرع قد تبلغه العاهة قبل أن يبلغ .
ثالثا من رسائل الضيف الاخير فراق الأحبـــة .
كان الرجل من السلف يبلغه موت أخ من إخوانه فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون كدت والله أن أكون أنا الميت فيزيده الله بذلك جدا واجتهادا .
افهم يا عبد الله ما أقول : كان ملك الموت قريبا منك في الدار التي تجاورك وقبض منها أخاك ، وكان من الممكن أن يغير وجهته ، ويقبضك لكن الله أعطاك فرصة أخرى ومد لك في العمر حتى تفيق فهل أفقت ؟**
أيها المسلمون: لقد وعظتكم القبــور فلم تترك مكانا لوعظ الواعظين …
أخي …….. كم مرة استمعت فيها لوعظ القبور ؟* كم مرة زرتها…..؟
إلى من يشكو قسوة القلب ، والرجوع إلى الذنب ، والبعد عن الله بعد القرب :
ألم تسمع أبدا قبل ذلك عن وعظ القبور ؟.؟؟
زر المقبرة لترى مكانك القادم فهل أعددت لك زادا وأنيسا ورفيقا
عباد الله
كل يوم نموت فيه ونحيا .. ننام ونصحوا إلى أن يأتي اليوم الذي ننام فيه لنستيقظ على نفخة الصور يوم القيامة ؟؟ فالنوم أخو الموت فالنوم موت أصغر والموت نوم أكبر وكما تنامون تموتون وكما تستيقضون تبعثون
في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم : (( كان إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول : باسمك اللهم أحيا ، وباسمك اللهم أموت ، وإذا استيقظ قال : الحمد لله الذي أحيــانا بعد ما أماتنا وإليه النشــور))
ليذكر الإنسان الموت كل ليلة مع منامه بل ويذوق طعمه وإمكانية حدوثه إن ظن لحظة أنه معمر أو مخلد,
رب شروق بلا غروب .. رب ليل بغير نهار .. كم من رجل أمسى من أهل الدنيا وأصبح من أهل الآخرة .. وكم من رجل بات يقسم ميراث أبيه فلما حل الصباح لحق بأبيه .
عباد الله بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،أقول ماسمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المومنين
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين نحمده – تعالى – ونشكره ونثني عليه الخير كله، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.وبعد
عباد الله
أين الهروب من الموت :
نشرت إحدى الجرائد أن شابا حجز ليسافر وأخبر والدته أن موعد إقلاع الطائرة في الساعة كذا وكذا وعليها أن توقظه إن دنا الوقت ، ونام هذا الشاب ، سمعت أمه أخبار الأحوال الجوية في التلفاز ، وعلمت أن الرياح هوجاء ، وأنا الجو غائم وأن هناك عواصف رملية فأشفقت على وحيدها فلم توقظه أملا في أن تفوته الطائرة .
ولما تأكدت أن الرحلة قد أقلعت ، أتت إلى ابنها لتوقظه فوجدته ميتا في فراشه ** فر من الموت ، وفي الموت وقع ، ومن المقدور لا ينجي الحذر ، وصدق ربنا :
((أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)) النساء:78
.تأمل يا عبد الله ….
انظر إلى هذه النماذج التي اصطحبت معها في قبرها ما تتقرب به إلى ربها لتنال بها الشفاعة :
سعد بن أبي وقاص : آخر العشرة المبشرين بالجنة موتا وقد أوصى أن يكون شاهد إثباته جبه صوف كان لقي المشركين فيها يوم بدر ، فقال : أخبئها لهذا ، فكفن فيها .
وها هو علي بن عبد الله بن حمدان ( سيف الدولة ) جمع من نفض الغبار الذي اجتمع له من غزواته شيئا ، وعمله لبنة بمقدار الكف ، وأوصى أن توضع في لحده ، فنفذت وصيته .
وهاهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق : أحد الفقهـاء السبعة الذي أوصى وقال : كفنوني في ثيابي التي كنت أتهجد فيها
ترى .. ما حالك أنت ياعبد الله ؟ أي عمل من الصالحات سيؤنس وحشتك بعد موتك ؟ جبة قتال ، أم لبنة جهاد أم ثياب تهجد أم صلة رحم أم ركعات في الليل أم طاعة والدين أم حسن خلق ؟؟
أخي .. بادر من الآن .الآن . الآن . أخي غدا تسافر
فأين زادك؟ أسفر من غير تزود ؟ أقدوم إلى بلاد ربح بغير بضاعة .
أخي يا عبد الله :
1-احرص على زيارة المقابر مرة في الشهر وادع في هذه الزيارة لأموات المسلمين من عرفت منهم ومن لم تعرف .
2-شيع جنازة كلما استطعت واذكر : من تبع جنازة إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن يدفن فإنه يرجع بقيراط من الأجر .
3- املا أوقات فراغك بما يفيدك في أمر دنيا أو أمر آخرة .
4-اعف عمن ظلمك .. صل من قطعك .. أعط من حرمك فالدنيا جيفة لا تستحق التنازع من أجلها وكلنا على سفر منها عاجلا أو آجلا
5-أنفق مالك فى طاعة الله ، وكلما كان إنفاقك في الدنيا أكثر كانت أملاكك في الجنة أكبر .
6-إذا صليت فصل صلاة مودع وكأنها آخر صلاة .

    شوووووووووووووووووووو هالكلام في غاية الروووووووووعة

    شكرا حببتى

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.