تخطى إلى المحتوى

وظيفتنا الحقيقية 2024

  • بواسطة

||.. وَظِيفَتُنـا الْحَقِيقِيَّـةُ ..||

الحمدُ للهِ ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ ومَن والاه .

وبعـد ..

كثيرٌ مِنَّا يبحثُ عن وظائِفَ هـذه الأيَّام ، ويَحرِصُ كُلَّ الحِرصِ على أن يكونَ دَخلُها كبيرًا ، وراتِبُها مُجزي ، وليس في هـذا عَيْب ، فظروفُ الحياةِ ومُتطلَّباتُها تستدعي ذلك .. لكنَّ الكثيرين مِنَّا – للأسف – تناسَوا الوظيفةَ الأساسيَّةَ التي خُلِقَوا لأجلِها ، وانغمسوا في ملَذَّاتِ الحياة ، وهُمُومِهَا ، ومَشاغِلِها .

لقـد خلقنا اللهُ سبحانه وتعالى لوظيفةٍ واحـدة ، أخبرنا بها فى قوله : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريات/56 .

كثيرٌ مِن المُسلمين أغرتهم الدنيا بكُلِّ ما فيها مِن مُتَع . جذبتهم إليها وجعلت قلوبَهم مُعلقةً بها ، لا يسعون إلَّا إليها ، ولا يُفكِّـرُونَ إلَّا فيها ، ولا يَهتمُّون إلا بها ، ولا يُحِبُّونَ غيرَها . جعلتهم ينسون أنَّ الدنيا فانية ، وأنستهم ما أخبر به اللهُ عزَّ وجلَّ عنها فى قوله : ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ آل عمران/185 . أنسته أنَّ الآخرةَ هِىَ الباقية ، وأنَّها دارُ القـرار ، فأخذ يتكالبُ على حياةٍ زائلة ، وابتعـد تمامًا عن الآخرة ، يقول جلَّ وعلا : ﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ﴾ القيامة/20-21 . ويقول النبىُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( إنَّ الدنيا حُلوةٌ خَضِرَة ، وإنَّ الله تعالى مستخلفكم فيها ، فينظرَ كيف تعملون ، فاتَّقوا الدنيا واتَّقوا النساء )) رواه مسلم ، وعن أبي هُريرة – رَضِىَ اللهُ عنه – قال : سمعتُ رسولَ الله – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – يقول : (( الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها ، إلَّا ذِكر الله وما والاه ، وعالمًا ومتعلمًا )) رواه الترمذىُّ وابنُ ماجه وحَسَّنه الألبانىُّ . وقال الألبانىُّ : المُرادُ بالدُّنيا : كُلُّ ما يُشغِلُ عن الله تعالى ويُبعِـدُ عنه .

لقد نسى الإنسان الوظيفةَ التى خلقه اللهُ تعالى لأجلها ، ألا وهى العبادة ، وسار وراءَ شهواته ، واتَّبَعَ هواه . وما عَلِمَ أنَّه بذلك قـد ضَلَّ عن الطريق المُستقيم ، وأصبح ظالمًا لنفسِهِ بعـدم اتِّباعه للحق ، يقول الله جل وعلا: ﴿ ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدَىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ القصص/50 . وعن حذيفة بن اليمان – رضى الله عنه – قال : قال رسولُ الله – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( تُعرَضُ الفِتَنُ على القلوب كَعَرْضِ الحصير عُـودًا عُـودًا ، فأَىُّ قلبٍ اُشربَها نُكِتَت فيه نُكتةٌ سوداء ، وأَىُّ قلبٍ أنكرها نُكِتَت فيه نُكتةٌ بيضاء ، حتى تعـودَ القلوبُ على قلبَيْن : قلبٍ أسود مِربادًا كالكُوذ مُجَخِّيُا لا يَعرِفُ مَعروفًا ولا يُنكِرُ مُنكرُا إلَّا ما أُشرِبَ مِن هواه ، وقلبٍ أبيض لا تَضُرُّه فِتنةٌ ما دامت السماواتُ والأرض )) رواه مسلم .

شغلتنا أموالُنا عن ذِكْرِ الله ، وأحببنا أولادَنا أكثرَ مِن حُبِّنا للهِ جَلَّ وعلا الذي خَلَقَنَا ورَزَقَنَا ، وغَرَّتنا وظائِفُنا ، وأغرتنا مناصِبُنا ، حتى كِدنا نهوي على وجوهِنا ، يقولُ جلَّ وعلا : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ المنافقون/9 .

لقد أمرنا الله سُبحانه وتعالى بعبادته فقال عزَّ مِن قائل : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ البقرة/21 ، وقال سُبحانه : ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ النساء/36 . وأمرنا سُبحانه بإخلاصِ العِبادةِ له ، فقال : ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾ الزمر/2 . كما أمرنا جلَّ وعلا بطاعتِهِ وطاعةِ رسولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، فقال : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ محمد/33 .

علينا أن نتَّقِىَ اللهَ عَزَّ وجل ، وأن نرجِعَ إليه ، ولا ننسى الآخرة ، ولا نغترَّ بالحياةِ الدنيا التي ستفنى يومًا ما ، يقول جل وعلا : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ لُقمان/33 .

علينا أن نسعى للدار الآخرة حتى ننال الثوابَ العظيمَ مِن الله عز وجل ، ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ الإسراء/19 .

واستمعوا معي – إلى ابن عمر – رَضِىَ اللهُ عنهما – وهو يقول : أخذ رسولُ الله – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – بمنكبى فقال : (( كُنْ فى الدنيا كأنَّك غريبٌ أو عابِرُ سبيل )) . وكان ابنُ عمر – رَضِىَ الله عنهما – يقول: ‹‹ إذا أمسيتَ فلا تنتظِر الصباح ، وإذا أصبحتَ فلا تنتظِر المساء ، وخُذ مِن صِحَّتِكَ لمَرِضِكَ ، ومِن حياتِكَ لمَوتِك ›› رواه البخارى .

وصَـدَق مَن قـال :

أَمَا واللهِ لو عَلِمَ الأنامُ .. لِمَا خُلِقـوا لَمَا هَجَعُـوا ونامـوا
لقـد خُلِقـوا لأمرٍ لو رأته .. عيونُ قلوبِهم تاهوا وهامـوا
ممـاتٌ ثم قبـرٌ ثم حشـرٌ .. وتوبيـخٌ وأهـوالٌ عِظـامُ
ليومِ الحشر قد عَمِلَت رِجالٌ .. فصَلُّوا مِن مخافَتِه وصاموا
ونحـن إذا أُمـرنا أو نُهينا .. كأهـلِ الكهفِ أيقاظٌ نيـامُ

أسألُ اللهَ تعالى ألَّا يجعلنا مِمَّن يتَّبِعون أهوائَهم ، وأن يجعلنا مِمَّن يستمعون القولَ فيتَّبِعون أحسنَه .

منقول

    بارك الله فيك

    بلتوفيق

    بارك الله فيكي

    مشكوره حبيبتى

    بارك الله فيك

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.