الآية1
)قدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ )
قالت عائشة رضى الله عنها : الحمد لله الذى وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبى صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا فى ناحية البيت ما أسمع ما تقول
فأنزل الله عز وجل ( قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها ….)
سبحان الله الذى سمع المرأة التى كانت تشتكى زوجها إلى رسول الله وأنزل فى ذلك قرآنا
الآية 2
(الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الَّلائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ )
الظهار مشتقة من الظهر
كان الرجل فى الجاهلية يقول لأمرأته إذا غضب منها أنت علىّكظهر أمى
وكان فى الجاهلية الظهار هو طلاق
ولكن فى الإسلام جعل الله للظهار كفارة ولم يجعله طلاقا
ويقول الله تعالى :
الذين يظاهرون من نسائهم ، هن ليسوا مثل أمهاتكم ولكن أمهاتكم هن الذين ولدنكم
فلا تصير المرأة مطلقة بهذا القول
وهذا يعتبر قول زور وباطلا ما أنزل الله به من خبر
والله يعفو عما كان بينكم فى الجاهلية ويغفر لكم بدخولكم الإسلام ويعفو عن اللغو بدون نية المتكلم
الآية 3 ، 4
(وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
الذين يظاهرون ( ثم يعودون لما قالوا ) : قيل فيها قولان
1 ـ أن يمسك الرجل زوجته بعد الظهار زمنا ولا يطلقها
2 ـ أن يعود بعد الظهار للجماع أو ينوى عليه
وفى ذلك لا يحل أن يفعل ذلك إلا بعد أن يكفر عن يمينه
والكفارة هى : عتق رقبة من قبل أن يجامعها
( ذلك توعظون به ) : هذا زجر لكم حتى لا تعودوا لمثل ذلك
والله عليم خبير بما هو صالح لكم
ومن لم يجد لعتق الرقبة فعليه صيام شهرين متتابعين
ومن لم يستطع الصيام فعليه إطعام ستين مسكينا من أوسط ما يطعم أهله ويمكن جمع الستين فى وجبة واحدة
وقد شرع الله هذا لتؤمنوا بالله ورسوله وتطيعوه وهذه محارم الله فلا تتعدوها
والذين لم يلتزموا بها وكفروا بها لهم عذاب أليم من الله فى الدنيا والآخرة
الآيات 5 ـ 7
)إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ *يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ *أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
يحادون : يشاقون ويعاندون
كبتوا : لعنوا واخزوا وأهينوا
يقول تعالى : إن الذين شاقوا الله ورسوله وعاندوا شرعه أخزاهم الله ولعنهم كما فعل بمن مثلهم من قبل
وقد أوضحنا الآيات من قبل والكافرون المعاندون لهم العذاب المهين المخزى
ويوم القيامة يبعثهم الله جميعهم ويخبرهم بأعمالهم من خير وشر
فقد حفظه الله عليهم وهم نسوا ما فعلوا
والله يشهد على جميع أفعالهم لا يخفى عليه من شئ
إن الله يحيط بكل شئ فى السموات وفى الأرض ويسمع كل شئ ويرى
فما تحدث ثلاثة سرا إلا كان رابعا بينهم ولا أكثر من ذلك ولا أقل فإن الله يراهم ويسمعهم وهو قريب بينهم ويحيط بكل أفعالهم
والله ينبئهم بكل ما عملوا وقالوا يوم القيامة ويحاسبهم عليه
الآيات 8 ـ 10
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
يقول الله تعالى لنبيه محذرا من اليهود أنهم يتحدثون فيما بينهم بالذنب ويتواصون بمعصية الله ورسوله ومخالفته
وإذا دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلموا عليه ويقولون عليك السام ، وهذا القول يخالف السلام الذى حيا به الله رسوله والمؤمنون
( فالسام تعنى الموت )
فهم يحرفون الكلام ويقولون لو كان هذا رسول الله لكان عذبنا بما نقول فسيعذبهم الله فى نار جهنم تحيط بهم وبئس القرار
ثم يرشد الله عباده المؤمنين بأن تكون محادثاتهم فيما بينهم بالخير والتواصى بالحق وطاعة الله ورسوله وتقوى الله الذى إليه مرجعهم
ثم يحذر بأن لا يكونوا مثل الكفار من أهل الكتاب الذين يتناجون بمعصية الله واتبعوا الشيطان ليسوءهم ويضرهم ويريد أن يضر المؤمنين ولكنه لن يضرهم إلا بإذن الله
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )
يؤدب الله عباده المؤمنين ويعلمهم السلوك الحسن فى التعامل مع بعضهم البعض فيقول :
إذا قيل لك اتسع فى المجلس عليك أن توسع
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا "
وإذا قيل انهضوا للقتال أو إلى عمل الخير فأطيعوا
وهذا ليس بنقص للحق ولكنه رفعة للدرجات عند الله ولا يضيع أعمالكم التى يعلمها الله ويجازى عليها
الآيات 12 ـ 13
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (
يأمر الله المؤمنين بأن إذا أراد أحدهم أن يحدث الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحدثه بأدب وتوقير وأن يتقدموا بالصدقات لتطهرهم ويكونون أهلا لهذه المناجاة
ثم يرخص فيمن لا يجد صدقة يتقدم بها لله بسبب فقره أن يستثنى من ذلك
ويقول أنتم خفتم من استمرار الأمر بالصدقات عند مناجاة الرسول ( لأن لم يعمل بالآية سوى على بن ابى طالب ) فنسخها وتاب على المؤمنين
وقال : التزموا بآداء الصلاة على وجهها ودفع الزكاة وطاعة الله ورسوله
والله يعلم أفعالكم جميعها .
الآيات 14 ـ 19
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ *أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ *لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ *اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
وهؤلاء المنافقين الذين تولوا الكفار سرا وهم فى حقيقة الأمر ليسوا مع المؤمنين وليسوا مع الكفار
وهؤلاء المنافقون يقسمون كذبا وهم يعلمون أنهم كاذبون
وهذا هو اليمين الغموس فإذا لقوا المؤمنين والرسول حلفوا أنهم مؤمنون وإذا لقوا الكفار حلفوا أنهم يناصروهم ويكذبون وهم يعلمون أنهم كاذبون
وهؤلاء أعد الله لهم العذاب الشديد المهين
فهم يقسمون بالكذب ليحموا أنفسهم وأموالهم من الكفار ومن المؤمنين ولكن لن تنفعهم أولادهم ولا أموالهم وهم فى النار والعذاب خالدين ولن يحموا أنفسهم من الله
ويوم القيامة حين يجمعهم الله وسيحلفون له أيضا كذبا كما كانوا يحلفون للمؤمنين ويظنون أنهم كانوا على الطريق السوى
ملك الشيطان قلوبهم ونسوا أن يذكروا الله ، فهم حزب الشيطانوليس لهم إلا الخسارة
الآيات 20 ـ 22
)إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ *كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ *لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
هؤلاء الذين يعاندون الله ورسوله وينتهون عن الطاعة هم أشقياء مبعدون عن الصواب مطرودين من رحمة الله
لأن الله حكم بأن ترتفع كلمته فوق أعناق المنافقين والكافرين ويغلب أمره هو ورسله فهو عزيز قوى الجانب لا يقهر
والمؤمنون حقا لا يتوالون الذين شاقوا الله ورسله ولو كانوا أقربائهم أو أبنائهم
والذين لا يوادون الكفار هم الذين ثبت الله قلوبهم على الإيمان وزينهم بروح طيبة وعوضهم برضا الله عنهم وأرضاهم بنعيم فى الدنيا والآخرة
وهؤلاء هم حزب الله الفائز بالسعادة والنصر والجنة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت بحمد الله تعالى .