يعلن مسؤول أن الحجاب ممنوع..!!.. فعلى كل العاملات نزع غطاء الوجه..
هذا هو الشرط، والممتنعة من تنفيذ الشرط، مصيرها الطرد والإبعاد من أجواء الاختلاط.
—
في إحدى المدارس الأجنبية المختلطة:
يمنع مدير المدرسة فتاة في الرابعة عشرة من عمرها من دخول المدرسة، إلا بشرط نزع حجاب الرأس.. حجاب الرأس، أما الوجه فهو مكشوف.. والاختلاط حاصل..؟؟!!.
يحدث هذا في بلاد المسلمين :
– محاربة غطاء الوجه.. ولو كان الاختلاط حاصلا.
– محاربة غطاء الرأس، ولو كان الوجه مكشوفا، والاختلاط حاصل.
والناس معترضون..!!..
على أي شيء يعترضون؟..
يعترضون على منعها من غطاء الوجه، ومنعها من غطاء الرأس..
لكن أين اعتراضهم على الاختلاط ؟؟!!..
هل هؤلاء يفهمون ما معنى الحجاب، ولم شرع، ولم أمرت به المرأة، ولم أمر الرجل بأمر وليته بذلك؟..
الحجاب هو الحاجز، الذي يفصل بين الشيئين ، وحجاب المرأة هو ما يحجزها عن نظر الرجل إلى بدنها..
والغرض معلوم: هو صون المرأة، وتزكية الرجل، وحفظ المجتمع من انتشار الرذيلة.. ذلك أن انجذاب الرجل إلى المرأة، والعكس، من القوة بحيث إذا لم يوضع هذا الحاجز، خيف عليهما من الوقوع في المحرم.
فالحجاب إذن مقصوده ستر محاسن المرأة عن الرجل، فلا يقع نظره على ما يفتنه منها..وأتم ذلك وأحسنه حجاب البيت، وهو قرارها في بيتها، قال تعالى: {وقرن في بيوتكن}..
لكن لما كان من الضرورة أن تخرج المرأة في حاجاتها، كان لها الإذن في ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذن لكن أن تخرجن لحاجتكن)، لكن بشرط الحجاب الذي يحقق لها الستر والصون، ولن يكون ذلك إلا بأمرين:
– أن يكون الحجاب في نفسه يحقق الستر، وذلك بأن يكون سابغا لكل البدن، وأن يكون واسعا: لا يبدي شيئا من المفاتن، وأن يكون صفيقا: لا يشف عما وراءه.
– وأن تبتعد قدر الإمكان عن طريق الرجال، فلا تتعرض لهم، إلا بقدر الحاجة إن احتاجت، كبيع وشراء، ونحو ذلك، فلا تمكث أمام نظر الرجل من الزمن ما يمكنه فيها من تأمل حسنها..
فإذا كان هذا هو معنى الحجاب، فإن من يعترض على منع المرأة من ستر وجهها أو رأسها، ولا يعترض على اختلاطها بالذكور، إنما يأخذ من معنى الحجاب ظاهره، وهو اللباس، دون أن ينفذ إلى المعنى الحقيقي وهو: منع افتتان الرجل بالمرأة، وصيانة المرأة من عدوان الرجل..
فإن كل من يفهم هذا المعنى من الحجاب، فلا يمكن أن يرضى للفتاة أن تشارك الفتى في مقاعد الدراسة، ولا يمكن أن يرضى للمرأة أن تشارك الرجل في مقاعد العمل..
فالحجاب في أخص وأعمق معناه هو: الفصل بين الجنسين فصلا تاما.. فلا يلتقيان إلا لعرض طارئ لا بد منه، لا أن تيسر السبل، وتفتح الطرق لأجل وقع هذا الالتقاء.
وعلى هذا، وبهذا جاءت الشريعة:
– قال تعالى: { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}..
فمنع السؤال إلا من وراء حجاب.. أي يكون ثمة حائل بين المرأة والرجل.. وهذا منع للاختلاط..
– قال تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}.
فأمر بغض البصر.. وغض البصر محال في الاختلاط.. فدل على تحريم الاختلاط..
– قال عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة).. وكونها عورة.. أي لا يجوز النظر إلى زينتها وشيء من جسدها.. والاختلاط معناه النظر إلى كل ذلك..
– صفوف النساء كانت في مؤخرة المسجد خلف صفوف الرجال، فالنساء كن يصلين مع بعضهن، ولم يكن يشاركن الرجال في الصف.. والرجال مع بعضهم، لا تجد رجلا داخلا في صفوف النساء، ولو كان الاختلاط مباحا، لكانت صفوف الصلاة أولى وأحسن مكان لذلك، حيث إن كل مصل إنما يأتي ليطلب المغفرة والرضوان، لا لأمر دنيوي..
فلم جرى الفصل بين الجنسين بهذه الطريقة، حتى في هذا المكان المقدس، الطاهر؟..
– كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته صبر ولم يلتفت إلى الناس، والناس مثله، فإذا التفت إليهم كان ذلك إيذانا لهم بالإنصراف، كان يفعل ذلك حتى ينصرف النساء أولا، ثم الرجال ثانيا، حتى لا يقع الاختلاط عند باب المسجد، وفي الطريق..
– كان للنساء يوم يأتيهن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمهن أمور دينهن، وله مع الرجال أيام يتعلمون فيها..
فلم لم يجمع الرجال والنساء، ليتلقوا جميعا؟..
– لما رأى النساء يمشين في وسط الطريق قال: ( ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافته).. أي ليس للمرأة أن تسير وسط الطريق، بل تدعه للرجال.. وهذا منع للاختلاط حتى في الطرقات..
– قال عليه الصلاة والسلام: ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)..
والاختلاط معناه اجتماع المرأة والرجل في مكان واحد.. وهذا مناف لمعنى الحديث:
فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون في مكان واحد؟…
كل هذه الأدلة وغيرها لا تدل إلا على شيء واحد: هو أن الشريعة جاءت بالفصل التام بين الجنسين، وهو ما نسميه بالاصطلاح الحادث: منع الاختلاط.
بعد ذلك يأتي المتحذلقون ليقولوا:
– إن كلمة الاختلاط ليست شرعية..
– وأن الاختلاط كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
– وأن المحرم إنما هو الخلوة.؟؟!!!..
وكل إنسان يعلم حقيقة نفسه، فالرجل يعلم ويدرك كيف هو عند نظره إلى المرأة؟.. كيف إن غريزته تتحرك تلقائيا، دون إرادة منه؟..
هذا أمر لا يجادل فيه إنسان، لكن العجب كل العجب، أن تجد مع ذلك رجلا كامل الرجولة، يفهم فهم الأصحاء، ويدرك حقيقة المرأة، يرضى، ويأذن، ويدفع بمحارمه: زوجته، ابنته، أخته؛ للعمل في مكان مختلط، بين الرجال، أو للدراسة مع الذكور..
وهؤلاء على صنفين:
– صنف غافل ، بلغ في الغفلة غاية مذمومة، أنساه الشيطان، ولعب به، حتى عمي عن إدراك الآثار الخطيرة من وراء تفريطه في عرضه.. وهذا الصنف للأسف موجود، ولا أدري حقيقة كيف يفكر، وكيف يقدر؟!!..
– وصنف آخر ضعفت الغيرة نفسه، وهان عليه أن يرى محارمه في مواطن الخطر..
والأعجب من ذلك كله: أن تجد المرأة في الموقف السلبي، لا تتقدم بشيء، بل تنظر ما يأذن به وليها فتفعله، فإن أغراها بالاختلاط، وزين لها الدراسة أو العمل مع الذكور، سارعت وبادرت، بدعوى أن وليها أذن لها..
نعم من الجميل أن تطيع المرأة وليها، لكن ذلك ليس بإطلاق: (إنما الطاعة في المعروف)، فإذا أمرها بمعصية، أو أذن لها في معصية، مثل الاختلاط، فعليها الرفض، وإعلان ذلك بوضوح، فإذا كان وليها لا يهتم بشأنها، وإذا كان قد تخلى عن صيانتها، فالواجب عليها عقلا وشرعا أن تصون نفسها، وتبتعد عن كل ما يؤذيها في نفسها، أو بدنها، أو دينها، أو خلقها.
الأمم الغربية بدأت تعمل على الفصل بين الجنسين في كليات كثيرة بلغت المائة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت أعدادا كثيرة في أوربا، عدا المدارس العامة..
وذلك الفصل جاء بعد وقوف كامل على المشاكل التي جنيت من وراء الاختلاط، من:
زنا وشذوذ جنسي، لواط وسحاق، وأمراض، وانتهاك لمكانة المرأة، من قبل من لا ينظر إليها إلا نظر شهوة.
ثم يأتي بعد هذا من بني جلدتنا من يدعو إلى الاختلاط ويزين ذلك ويتساءل عن الحكم، ويطلب الدليل …
ونحن نقول بصراحة ووضوح: من الذي نهى عن الاختلاط؟.. الجواب:
الله جل شأنه.
قد يحتج بعضهم بما يحدث في الطواف، وفي الأسواق، وخروج النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم للتمريض.. ومع أنه لا حجة في ذلك بوجه.. إذ الأصل هو النص، لا أحوال الناس.. فأحوال الناس تعتريها أمور كثيرة، إلا أننا نقول:
– الأصل في الطواف طواف النساء من وراء الرجال..
هكذا طاف نساء المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .. أي الأقرب إلى البيت هم الرجال، ثم النساء من ورائهم.. قال عطاء:
" لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة (معتزلة) من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنكِ، وأبت.
يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال" رواه البخاري في الحج.
وقال عليه الصلاة والسلام لأم سلمة: ( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة).. المصدر السابق.
فما يحدث اليوم خلاف الأصل.. ومع كونه خلاف الأصل.. إلا أن الطواف على هذا النحو المحدث (بالرغم من خطئه) لا يقارن بما يدعو إليه دعاة الاختلاط.. إذ يدعون إلى الاختلاط في التعليم والعمل..
وأين اختلاط محدود، في وقت محدود، كما في الطواف، من اختلاط دائم، مفتوح.. في التعليم والعمل؟..
– أما الخروج للأسواق.. فالمرأة تخرج لقضاء حوائجها، من بيع وشراء، تمر بين الرجال، ثم تمضي إلى بيتها، وليس هذا اختلاط، إنما الاختلاط المقصود هو:
أن يرتفع الحاجز بين المرأة والرجل، حتى تعود العلاقة بينهما كما تكون العلاقة بين الرجل والرجل، وكما بين المرأة والمرأة، فتكون زميلته، ويكون زميلها، في الدراسة أو العمل..
ويلحق بهذا المعنى دخول النساء بين الرجال، لأجل اللهو، فإذا كان الشارع قد أذن في مرور النساء بين الرجال في الأسواق، ونحو ذلك، لقضاء حوائجهن، لكونها ضرورة، فإنه لم يأذن في مثل ذلك لأجل أن تلهو، فهذه ليست ضرورة، بل هي ضارة.
– أما التمريض في الحروب.. فلا أدري كيف يحتجون به؟..
فالاحتجاج به باطل من وجوه:
1- أنهن كن يخرجن مع محارمهن، بحجابهن.
2- لم يكن يباشرن التمريض، بل كن يهيئن الأدوية.
3- أن خروجهن كان سببه قلة الرجال، وكن في الغالب من كبيرات السن.
فلا حجة في هذا أبدا لمن احتج به على جواز الاختلاط.. فليس فيه اختلاط أصلا، بالمعنى الذي سبق آنفا، بل هو مشاركة، والمشاركة لا تلزم منها الاختلاط..
وأين هذا الذي يحدث في الحرب من خروج النساء للمعونة، مما يحدث في المستشفيات من اختلاط؟..
وهل تصح المقارنة بين حالة الضرورة، وحالة اللاضرورة؟، فإن قيل: فمن يمرض النساء؟.
قيل: فما المانع من فصل النساء عن الرجال في المستشفيات؟..
حاصل الأمر ليس لدى هؤلاء حجة إلا اتباع الهوى..!!!..
موضووووع اكثر من رائع