بعض الامراض التي تعرض المرأة الحامل للاجهاض المتكرر
يعرف الإجهاض في الطب بأنه خروج محتويات الحمل قبل أن يكمل عشرين أسبوعاً، وهناك أنواع من الإجهاض منها:
– الإجهاض المنذر، ويسمى كذلك لأنه ينذر بوقوع الإجهاض.
– الإجهاض المحتم، ويسمى كذلك لأنه ينتهي إلى خروج الجنين حتمًا، ويصحبه نزف دم من الرحم ويكون عنق الرحم متسعًا. ويسمى الإجهاض "كاملاً" إذا استطاع الرحم أن يطرد جميع محتوياته، أما إذا بقيت بعض محتويات الحمل في الرحم فيدعى غير تام.
– الإجهاض المختفي، ويحصل في هذه الحالات أن ينزف الرحم داخلياً وتنقطع تغذية الجنين فيموت وربما تكلس (أي ترسب في الجنين أملاح الكالسيوم).
– الإجهاض الجنائي أو الإجهاض المحدث، وهذا تمنعه قوانين معظم الدول إلا لوجود أسباب طبية.
– الإجهاض المتكرر، وهو موضوعنا، ويعرف بأنه فقدان الحمل قبل 20 أسبوعاً، ويحصل بنسبة 15-20% من نسب الإجهاض عموماً، ويقال إن واحداً في المائة من النساء في العالم عندهن إجهاض متكرر، ويعرف بلغة الطب بأنه عندما يحدث الإجهاض ثلاث مرات متتالية، وإذا حدث أكثر من ثلاث مرات فإن نسبة حدوث حمل عادي قليلة.
أسباب الإجهاض:
الدكتورة عادلة أحمد البابطين تتحدث عن الأسباب التي تؤدي إلى الإجهاض المتكرر قائلة: غالباً ما يكون السبب غير معروف، ولكن أحياناً يكون هناك سبب واضح، مثلاُ:
– اضطراب الصبغات الوراثية: أكثر من 50% من الإجهاضات المتكررة في الأشهر الأولى من الحمل أسبابها عبارة عن اختلال بالصبغات الوراثية للجنين، وهذه الصبغات هي أجسام صغيرة داخل الخلية وكل واحدة منها تحمل موروثات، وهذه الجينات أو الموروثات هي المسؤولة عن نوع الجنين ولون شعره وجلده وعيونه وزمرة دمه.
إن أي اختلال في عدد الصبغات أو تركيبها قد تؤدي إلى الإجهاض، وهذا من رحمة الله بعباده، حيث إن الأجنة المشوهة التركيب تنتهي غالباً بالإجهاض، وهذه التشوهات تحصل بالمصادفة ودون سبب، وعادة لا تعود في الحمل القادم، وفي بعض الأحيان عندما يكون أحد الأبوين حاملاً لصبغة وراثية غير صحيحة (ناقصة أو مشوهة) فقد ينتقل هذا إلى الجنين ويسبب التشوه في الجنين والإجهاض.
وهناك فحوص مخبرية توضح عدد الصبغات الوراثية للأم والأب وشكلها، فإذا كانت هي السبب في الإجهاض يمكن معرفتها.
أما السبب الثاني- تضيف د. عادلة- فهو اختلال (اضطراب) الهرمونات، وكما هو معروف فإن البروجسترون (هرمون الحمل) هو الهرمون الذي يُحضر بطانة الرحم لاستقبال البيضة الملقحة في النصف الثاني من الدورة الشهرية، وفي بداية الحمل يجب أن يكون هناك كميات هائلة من البروجسترون لكي يستمر الحمل ولا يحصل الإجهاض.
السبب الثالث وجود عيوب في الرحم: منها خلقية مثل انقسام الرحم إلى قسمين بواسطة حاجز، أو يكون الرحم على شكل قلب مما يتسبب في زيادة نسبة حصول الإجهاض، أضف إلى ذلك الأورام الليفية في الرحم وهي أورام حميدة تُغير في شكل الرحم وتزيد أيضاً نسبة حصول الإجهاض، كذلك ارتخاء عنق الرحم في بداية الحمل ومن ثم ينفتح كلياً وبالتالي فقدان الجنين.
هناك أسباب بيئية، فلقد أثبتت الإحصائيات أن المدخنات يصبن بالإجهاض أكثر من غير المدخنات، وأن النساء اللواتي يتعاطين الكحول أو المخدرات يحصل لهن إجهاض بنسبة أعلى، أضف إلى ذلك التعرض للإشعاعات والمواد السامة يزيد نسبة الإجهاض.
جرثومة القطط
ويضيف الدكتور عبد السلام المغربي استشاري أمراض النساء والولادة لتلك الأسباب "الالتهابات" مستدركاً: ليس كل الالتهابات تؤدي إلى الإجهاض المتكرر، فقط القليل منها مثل جرثومة القطط تؤدي إلى الإجهاض مرة، ونظرًا لاكتساب المرأة مناعة ضدها فنسبة حدوث الإجهاض مرة أخرى قليلة، كذلك الحصبة الألمانية. ولكن هناك التهابات قد تؤدي إلى الإجهاض المتكرر، ومنها سايتوميغالو فايرس Cytomegalo Virus CMV إضافة إلى الكلاميديا (التهاب مرضي في عنق الرحم) وبعض الجراثيم مثل الليستيريا الموجودة في اللحوم المجمدة، وهذا يعتمد على طريقة الطهي، فهي تزيد نسبة الإجهاض في البلدان الغربية ولا توجد في البلاد الإسلامية لأن طرائق الطهي فيها أكثر أماناً.
أضف إلى ذلك الأمراض الجنسية مثل الزهري الذي زادت نسبة انتشاره نظراً لاختلال الأخلاق.
وعن دور المناعة يقول د.المغربي إن الغرض من المناعة حماية الشخص من أي جسم غريب. وكلنا يعلم أن الجنين الذي يتعلق في رحم الأم نصفه من الأب والنصف الآخر من الأم.
لذا يعتبر النصف القادم من الأب جسمًا غريباً، وبالتالي نظرياً يجب أن يحارب ويرفضه الجسم ولكن – سبحان الله- لا يهاجم من الجهاز المناعي في أغلب الحالات.
وطبقاً لنظريات ما زالت قيد البحث، ولم تثبت، يعمل جهاز المناعة على مرحلتين: الأولى هي التعرف على الجنين وحمايته، والمرحلة الثانية هي الهجوم على الأجنة، ولكن تكون الحماية قد اكتملت، ولا يحصل مكروه للجنين، وإذا كان هناك تشابه في جهاز المناعة بين الأب والأم فالمرحلة الأولى المؤدية إلى حماية الأجنة لا تحدث، وتحدث المرحلة الثانية أي الهجوم على الأجنة، وبالتالي جسم الأم يرفض الجنين ويسقط.
وهناك حالات وأمراض أخرى تؤدي إلى تكون أجسام مضادة تفرز من داخل جسم المرأة، وتؤدي إلى جلطات في الشرايين المؤدية إلى الجنين مما ينتج عنه موت الجنين وبالتالي إجهاضات متكررة، وهذه الحالات مثبتة علمياً ولا نقاش فيها.
كذلك وجود اختلاف في فصيلة الدم بين المرأة والرجل، خصوصًا إذا كانت المرأة ذات فصيلة سالبة، حيث تتكون أجسام مضادة تؤدي إلى موت الجنين، هناك أيضًا مرض تكيّس المبيض وله علاقة قوية بالإجهاض المتكرر، وتتحدث د. عادلة عن بعض أمراض الأم التي قد تسبب الإجهاض المتكرر، فمنها الذئبة الحمراء وتشوهات القلب الولادية في الأم وأمراض الكلى المتلازمة مع ارتفاع ضغط الدم وأمراض السكري وأمراض الغدة الدرقية والتهابات الرحم والسائل الأمينوسي، منوهة بأن علاج هذه الأمراض قبل الحمل قد يعطي نتائج طيبة في استمرار الحمل ومنع الإجهاض، ولكن بعض الأمراض تحتاج إلى عناية خاصة ومراقبة مستمرة خلال الحمل.
التشخيص :
وعن كيفية التشخيص، تقول د. فاتن عزت العلي اختصاصية نساء وولادة: هناك خطوة يجب عملها للتوصل إلى تشخيص السبب، ومن ثم سهولة العلاج إن شاء الله ومنها:
– المقابلة الشخصية للمريضة ومن ثم معرفة تاريخ الحمل السابق وأي مضاعفات مصاحبة، بالإضافة إلى التدقيق في توقيت الإجهاضات السابقة وطبيعتها.
– فحص المرأة فحصاً شاملاً لمعرفة أو تشخيص أي أمراض مصاحبة، والتي قد يكون لها دور في الإجهاض.
– عمل تحاليل للبول والدم لمعرفة فصيلة الدم، وما إذا كانت من النوع الذي قد يضاد فصيلة الجنين إذا كان أبوه من فصيلة دم أخرى.
– التركيز على تحاليل الدم الخاصة بالكرموسومات والأجسام المضادة وأي خلل في وظيفة تجلط الدم.
– تحليل السائل الأمينوسي المحيط بالطفل لمعرفة أي خلل في الإنزيمات أو البروتينات المصاحبة لكثير من الأمراض.
– بعض الفحوصات كالأشعة باستخدام الصبغة لمعرفة أي تشوهات في الرحم أو عنق الرحم.
– استخدام المنظار الخاص بتجويف الرحم الذي قد يساعد في العلاج أيضاً.
العلاج :
بالنسبة للعلاج يشدد د. المغربي على أن اطمئنان المرأة للطبيب ومحاولة فهم ما يحدث والتزامها بالحضور للعيادة ومتابعة الحمل أولاً بأول، كل هذه العوامل تؤدي إلى ما يعرف بـTender lover care والذي يلعب دوراً كبيراً في العلاج، هذا من ناحية، أما من الناحية الثانية فهي تعتمد على السبب، فمثلاً عند وجود أجسام مضادة فالعلاج معروف، بأن يعطى الإسبرين بجرعة مقننة أقل من 100 ملجرام، حيث إن الأسبرين يؤدي إلى انفتاح الشرايين الدموية التي تذهب إلى الرحم ومنه للجنين كذلك إعطاء الهيبرين لمنع التجلط.
بعض الأطباء يعطي الاسترويدات حتى يقلل من كمية الأجسام المضادة، ولكن في كثير من الأحيان الإسبرين والهبرين يفيان بالغرض. بقي أن نشير إلى أن هذه الأدوية لا يوجد لها أي أضرار جانبية أو تشوهات، وفي بعض الحالات تعطى قبل الحمل إلى الشهر التاسع والنتيجة ناجحة إلى نسبة 80%.
وفي حالة اختلال الجهاز المناعي نتيجة كون نصف الجنين من الرجل فإن بعض الأطباء يعطون كريات بيضاء مفصولة من دم الرجل للمرأة حتى تعطى المرأة مناعة قبل حدوث الحمل، أو قد تعطي أمينوقلوبيولين(كثير من المنظمات الصحية لا تعطي هذه الكريات خوفاً من الأمراض التي تنتقل عن طريق الدم). ويضيف د. المغربي بالنسبة للالتهابات تعطى مضادات حسب نوع الإصابة، فمثلاً CMV يعطى مضادات للفيروس، والكلاميديا تعطى أريترومانيس أو تكوسين.
أما تشوهات الرحم، فهناك العمليات الجراحية، خصوصاً إذا كان حاجزاً في الرحم وذلك عن طريق المنظار من خلال عنق الرحم، أما إذا كان هناك انقسام كامل في الرحم فهذا يصعب علاجه، وإن كان بعض الناس يجرون عمليات جراحية لإصلاح هذا الانقسام. بالنسبة لضعف عنق الرحم يتم ربط عنق الرحم ويحدث في الشهر الثالث للحمل ويفك في الشهر التاسع دون مشكلات.
أما الكرموسومات فلا يوجد علاج لها إلى الآن.
كذلك معالجة الزهري والسكري يجب التحكم فيهما، أما تكيس المبايض فإما علاجًا طبياً وإما جراحياً.
معلومات تهمك عن الإجهاض المتكرر
– حمل الأشياء الثقيلة وطلوع الدرج أو النزول وغير ذلك مما يدور في حديث عامة الناس وربطه بالإجهاض كلها غير صحيحة ولا توجد علاقة بينها وبين الإجهاض (لا تسبب الإجهاض).
– 50% من الحالات غير معروفة الأسباب ويكون الطبيب في هذه الحالة في حيرة هل يصارح المريضة أم يحاول طمأنتها لعل وعسى.
– بعض الأطباء يعطي مثبتات للحمل مثل البروجسترون لعلها تحافظ على الحمل، ولكن تبقى المشكلة في وجود الإجهاض غير معروفة السبب.
– بعض الأطباء حاول ذلك عن طريق أطفال الأنابيب، حيث يتم زرع أكثر من بويضة ملقحة (3 أو أكثر) بحيث تبقى احتمالية بقاء واحدة أو أكثر.
– أما بالنسبة للأمراض التي قد تصيب الأم وتكون سبباً في الإجهاض المتكرر فإنها تنحصر في : الذئبة الحمراء، تشوهات القلب الولادية في الأم، أمراض الكلى المتلازمة مع ارتفاع ضغط الدم، أمراض السكر، أمراض الغدة الدرقية، التهابات الرحم والسائل الأمينوسي، ويؤكد د. صلاح المغربي أن علاج هذه الأمراض قبل الحمل قد يعطي نتائج طيبة بالنسبة لاستمرار الحمل ومنع الإجهاض، ولكن بعض هذه الأمراض يحتاج إلى عناية خاصة ومراقبة دقيقة في أثناء الحمل.
اضطراب جهاز المناعة
لقد خلق الله جهاز المناعة في الجسم لكي يتعرف على الأجسام الغريبة ثم يهاجمها ويكون الأجسام المضادة.
عادة لا يعتبر الجنين جسماً غريباً في رحم الأم، ولكنه في بعض الحالات المرضية يتم هذا، ويبدأ جهاز مناعة الأم بالهجوم على الجنين واعتباره جسماً غريباً مما يؤدي إلى الإجهاض.
وأحياناً يتم الإجهاض بسبب الاختلاف في أجهزة المناعة لدى الأم والأب أو الأم والجنين مما يؤدي إلى الإجهاض المتكرر.
العيوب في الرحم
هناك عدة عيوب تصيب الرحم منها خلقية مثل الرحم الذي ينقسم إلى قسمين بواسطة حاجز، أو الرحم الذي على شكل قلب مما يزيد نسبة حصول الإجهاض، وقد تعالج هذه العيوب بعمليات جراحية.
– أورام ليفية في الرحم وهي أورام حميدة تغير في شكل الرحم وتزيد في نسبة حصول الإجهاض.
– ارتخاء عنق الرحم، وهذا يؤدي إلى الارتخاء في بداية الحمل وانفتاح عنق الرحم وفقدان الجنين وهذا يعالج بربط عنق الرحم برباط يساعد على عدم ارتخائه.
العوامل البيئية
أثبت الإحصائيات أن المدخنات يصبن بالإجهاض أكثر من غير المدخنات، وأن النساء اللواتي يتعاطين الخمر أو المخدرات يصبن بإجهاض بنسب أعلى بكثير ممن لا يتعاطين.
وكذلك التعرض للإشعاعات والمواد السامة يزيد نسبة