بسم الله الرحمن الرحيم
فإن من أصول الإيمان أن يعتقد المؤمن أن لقاء الله حق، ويندرج هذا تحت الركن الخامس من أركان الإيمان، وهو الإيمان باليوم الآخر والبعث بعد الموت، إلا أنه قد ورد النص عليه صريحًا لأهميته، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- في حديث سؤال جبريل للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان قال( أن تؤمن بالله وملائكته وبكتابه وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث بعد الموت)), وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا بارزًا للناس فأتاه رجل فقال :يا رسول الله، ما الإيمان ؟ قال ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث الآخر)) قال يا رسول الله: ما الإسلام ؟ قال ((الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان)) قال يا رسول الله: ما الإحسان ؟ قال ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) قال يا رسول الله: متى الساعة ؟ قال ((ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت المرأة ربها فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاة البهم في البنيان، فذلك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله))، ثم تلا }إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير{ٌ لقمان متفق عليه.
ولقاء الله حق، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر بهذه الحقيقة فيقول في دعاء الاستفتاح من صلاة الليل: ((أنت الحق ولقاؤك حق)), فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْل:ِ ((اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَق، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إلهي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ )) أخرجه البخاري ومسلم.
حب لقاء الله والشوق إليه إذا أحب الإنسان أحدا أحب لقاءه، ولم يطق فراقه والبعد عنه، فإذا فارقه امتلأ قلبه بالشوق إلى لقائه، والحنين إليه, قال ابن زيدون في فراق محبوبه
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا * وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا * شوقـاً إليكم ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي * علينا الأسى لولا تأسينا
فإذا كان هذا الشوق لمحبوبه من الخلائق؛ فكيف بمن حبه إيمان يملأ عليه قلبه؟! لقد كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقدمون محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على كل محبوب من الخلائق سواه، متمثلين في ذلك قوله ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))، وقوله لعمر((حتى أكون أحب إليك من نفسك (( فكانوا يحبونه أكثر من أنفسهم، ويفتدونه بكل غال ونفيس، شعارهم فداك أبي وأمي يا رسول الله، ولما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أظلمت الدنيا في عيونهم، لولا تعللهم بحب من هو أعظم منه قدراً؛ وهو حب الله –عز وجل- الذي كلفهم بحمل الأمانة، وتبليغ الرسالة للناس أجمعين، وقد عبر صديق الأمة عن هذا بقوله: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
ولما حضرت بلالَ بنَ رباحٍ الوفاةُ وغشيته سكرات الموت قالت امرأته: واكرباه، فقال لها بلال بل وافرحاه، غداً ألقى الأحبة محمداً وحزبه, وليس هناك محبوب أعظم في قلب المؤمن من الله -عز وجل-، فمحبته فوق كل محبة، قال تعالى} وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ {، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ الله لِقَاءَه)) فقالت عَائِشَةُ أو بَعْضُ أَزْوَاجِهِ إنا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ قال ((ليس ذاك، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إذا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إليه مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ الله لِقَاءَهُ، وإن الْكَافِرَ إذا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ أَكْرَهَ إليه مِمَّا أَمَامَهُ فَكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ الله لِقَاءَهُ)), وفي رواية أخرى يقول ((من أحب لقاء الله -عز وجل- أحب الله تعالى لقاءه، ومن كره لقاء الله تعالى كره الله -عز وجل- لقاءه))، فبكى القوم، فقالوا يا رسول الله، وأينا لا يكره الموت قال ((لست ذلك أعني، ولكن الله تبارك وتعالى قال {فَأَمَّا إن كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} ، فإذا كان عند ذلك أحب لقاء الله تعالى، والله -عز وجل- للقائه أحب، {وَأَمَّا إن كَانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضَالِينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} ، فإذا كان كذلك كره لقاء الله تعالى، والله -عز وجل- للقائه أكره)).
قال النووي: "الكراهة المعتبرة هي التي تكون عند النزع في حالة لا تقبل التوبة؛ فحينئذٍ يكشف لكل إنسان ما هو صائر إليه، فأهل السعادة يحبون الموت ولقاء الله لينتقلوا إلى ما أعد الله لهم، ويحب الله لقاءهم ليجزل لهم العطاء والكرامة، وأهل الشقاوة يكرهونه لما علموا من سوء ما ينتقلون إليه ويكره الله لقاءهم" .
وعن الحسن قال: "والذي نفسي بيده ما أصبح في هذه القرية من مؤمن إلا وقد أصبح مهموماً محزونًا، ففروا إلى ربكم وافزعوا إليه؛ فإنه ليس لمؤمن راحة دون لقائه".
لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل ربه في دعائه أن يرزقه لذة النظر إلى وجهه الكريم في الجنة، والشوق إلى لقائه فيقول: ((وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين)) رواه النسائي وأحمد.
ويخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه ويقول لهم: ((إن عبداً خيَّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار لقاء الله )) فبكى الصحابة لما علموا بفراقه لهم، ولكنه يطمئنهم ويقول لهم ((إن موعدكم الحوض)) ثم تصعد روحه الطاهرة وهو يرفع سبابته للسماء، معلنا ومعترفا بوحدانية الخالق، ويقول: ((بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى)), وفي حديث القراء أصحاب بئر معونة بلِّغوا قومنا عنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه، وروي أنه كان قرآنًا فنسخت تلاوته.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما -مرفوعًا ((اهتز العرش لحب لقاء الله سعدًا)), قَالَ عبد الرحمن بن أبى ليلى: فما ظنك بهم حين ثقلت موازينهم، وحين طارت صحفهم في أيمانهم، وحين جازوا جسر جهنم فقطعوه، وحين دخلوا الجنة فأعطوا فيها من النعيم والكرامة، فكأن هذا لم يكن شيئاً فيما أُعطوه بالنسبة للنظر إلى وجه الله الكريم، ويوم المزيد في الجنة، يرجع المؤمن بعد لقاءَ الله والنظر إلى وجهه تعالى وقد ازداد نضرة ونوراً وجمالاً يراه أهله فيبتهجون ويبشرون به، والله تعالى يقول {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} ، قَالَ الحسن البصري: الناضرة الحسنة، حسنها الله بالنظر إلى ربها، وحُقَّ لها أن تنضْرُ وهى تنظُرُ إلى ربها، مع أن هذه الوجوه قد دخلت الجنةَ بنورٍ على قدر إيمانها، ففي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً)) الحديث.
والشوق اهتياج القلوب إلى لقاء المحبوب، وعلى قدر المحبة يكون الشوق قال بعض السلف في قوله -عزَّ وجلَّ-:{ وعجلت إليك ربِّ لترضى }، قال معناه شوقاً إليك وقال من علامات الشوق حب الموت على بساط العافية، كيوسف -عليه السلام- لمَّا ألقي في الجب لم يقل توفني؛ ولما أدخل السجن لم يقل توفني؛ ولما دخل عليه أبواه وإخوته وخروا له سُجداً وتم له الملك والنعمة قال توفني مسلماً وألحقني بالصالحين، قال الله تعالى:{ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {العنكبوت, قيل هذا تعزية للمشتاقين وتسلية لهم، أي أني أعلم أن من كان يرجو لقائي فهو مشتاق إليَّ، فقد أجلت له أجلا يكون عن قريب، فإنه آتٍ لا محالة، وكل آتٍ قريب وفيه، لطيفة أخرى وهي تعليل المشتاقين برجاء اللقاء، لولا التعلل بالرجاء لقطعت نفس المحب صبابة وتشوقا، ولقد يكاد يذوب منه قلبه مما يقاسي حسرة وتحرقا، حتى إذا روح الرجاء أصابه، سكن الحريق إذا تعلل باللقاء، وهذا الشوق على درجات الدرجة الأولى شوق العابد إلى الجنة، ليأمن الخائف ويفرح الحزين ويظفر الآمل.
قال ابن القيم يعني شوق العابد إلى الجنة فيه، هذه الحكم الثلاث أحدها: حصول الأمن الباعث على الأمل، فإن الخوف المجرد عن الأمن من كل وجه لا ينبعث صاحبه لعمل البتة؛ إن لم يقارنه أمل، فإن تجرد عنه قطع وصار قنوطا، الثاني: فرح الحزين، فإن الحزن المجرد أيضا إن لم يقترن به الفرح قتل صاحبه، فلولا روح الفرح لتعطلت قوى الحزين، وقعد حزنه به، ولكن إذا قعد به الحزن قام به روح الفرح، الثالث: روح الظفر، فإن الآمل إن لم يصحبه روح الظفر مات أمله، والله أعلم.
الدرجة الثانية شوق إلى الله -عز و جل- زرعه الحب الذي ينبت على حافات المنن، فعلق قلبه بصفاته المقدسة، فاشتاق إلى معاينة لطائف كرمه، وآيات بره، وأعلام فضله.
وهذا شوق الدرجة الثالثة، نار أضرمها صفو المحبة فنغصت العيش، وسلبت السلوى، ولم ينهنها معزى دون اللقاء، يريد أن الشوق في هذه المرتبة شبيه بالنار التي أضرمها صفو المحبة، وهو خالصها، وشبهه بالنار لالتهابه في الأحشاء، وفي قوله صفو المحبة ؛ إشارة إلى أنها محبة لم تكن لأجل المنة والنعم؛ ولكن محبة متعلقة بالذات والصفات. قوله فنغصت العيش ؛ أي منعت صاحبها السكون إلى لذيذ العيش والتنغيص قريب من التكدير، وقوله لم ينهنها معزى دون اللقاء ؛ أي لم يكفها ويردها قرار دون لقاء المحبوب، وهذه لا يقاومها الاصطبار؛ لأنه لا يكفها دون لقاء من يحب قرار مدارج السالكين، هذا هو حال المحبين المشتاقين للقاء الله -عز وجل-، وهم أهل الإيمان والتقوى، قال تعالى:{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ{ البقرة، وقال تعالى: } وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ{البقرة, وقال تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا{ الأحزاب, وقال تعالى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا{ الكهف.
قال ابن المبارك في تفسير هذه الآية: فليعمل عملا صالحاً ولا يخبر به أحداً، أما أهل الإعراض والغفلة الذين لا يرجون لقاء الله ولا يحبونه فهم أخسر الناس عملاً، وأشقى الناس مآلاً, قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ{يونس, وقال تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا{الكهف.
فاللهم املأ قلوبنا حباً وإخلاصاً ورغبةً ورهبةً وشوقاً إلى لقائك، ووفقنا لما تحب وترضى يا أكرم الأكرمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د. جمال المراكبي
فإن من أصول الإيمان أن يعتقد المؤمن أن لقاء الله حق، ويندرج هذا تحت الركن الخامس من أركان الإيمان، وهو الإيمان باليوم الآخر والبعث بعد الموت، إلا أنه قد ورد النص عليه صريحًا لأهميته، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- في حديث سؤال جبريل للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان قال( أن تؤمن بالله وملائكته وبكتابه وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث بعد الموت)), وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا بارزًا للناس فأتاه رجل فقال :يا رسول الله، ما الإيمان ؟ قال ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله وتؤمن بالبعث الآخر)) قال يا رسول الله: ما الإسلام ؟ قال ((الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان)) قال يا رسول الله: ما الإحسان ؟ قال ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) قال يا رسول الله: متى الساعة ؟ قال ((ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا ولدت المرأة ربها فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاة البهم في البنيان، فذلك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله))، ثم تلا }إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير{ٌ لقمان متفق عليه.
ولقاء الله حق، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر بهذه الحقيقة فيقول في دعاء الاستفتاح من صلاة الليل: ((أنت الحق ولقاؤك حق)), فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْل:ِ ((اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَق، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إلهي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ )) أخرجه البخاري ومسلم.
حب لقاء الله والشوق إليه إذا أحب الإنسان أحدا أحب لقاءه، ولم يطق فراقه والبعد عنه، فإذا فارقه امتلأ قلبه بالشوق إلى لقائه، والحنين إليه, قال ابن زيدون في فراق محبوبه
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا * وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا * شوقـاً إليكم ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي * علينا الأسى لولا تأسينا
فإذا كان هذا الشوق لمحبوبه من الخلائق؛ فكيف بمن حبه إيمان يملأ عليه قلبه؟! لقد كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقدمون محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على كل محبوب من الخلائق سواه، متمثلين في ذلك قوله ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))، وقوله لعمر((حتى أكون أحب إليك من نفسك (( فكانوا يحبونه أكثر من أنفسهم، ويفتدونه بكل غال ونفيس، شعارهم فداك أبي وأمي يا رسول الله، ولما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أظلمت الدنيا في عيونهم، لولا تعللهم بحب من هو أعظم منه قدراً؛ وهو حب الله –عز وجل- الذي كلفهم بحمل الأمانة، وتبليغ الرسالة للناس أجمعين، وقد عبر صديق الأمة عن هذا بقوله: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
ولما حضرت بلالَ بنَ رباحٍ الوفاةُ وغشيته سكرات الموت قالت امرأته: واكرباه، فقال لها بلال بل وافرحاه، غداً ألقى الأحبة محمداً وحزبه, وليس هناك محبوب أعظم في قلب المؤمن من الله -عز وجل-، فمحبته فوق كل محبة، قال تعالى} وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ {، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ الله لِقَاءَه)) فقالت عَائِشَةُ أو بَعْضُ أَزْوَاجِهِ إنا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ قال ((ليس ذاك، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إذا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إليه مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ الله لِقَاءَهُ، وإن الْكَافِرَ إذا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ أَكْرَهَ إليه مِمَّا أَمَامَهُ فَكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ الله لِقَاءَهُ)), وفي رواية أخرى يقول ((من أحب لقاء الله -عز وجل- أحب الله تعالى لقاءه، ومن كره لقاء الله تعالى كره الله -عز وجل- لقاءه))، فبكى القوم، فقالوا يا رسول الله، وأينا لا يكره الموت قال ((لست ذلك أعني، ولكن الله تبارك وتعالى قال {فَأَمَّا إن كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} ، فإذا كان عند ذلك أحب لقاء الله تعالى، والله -عز وجل- للقائه أحب، {وَأَمَّا إن كَانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضَالِينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} ، فإذا كان كذلك كره لقاء الله تعالى، والله -عز وجل- للقائه أكره)).
قال النووي: "الكراهة المعتبرة هي التي تكون عند النزع في حالة لا تقبل التوبة؛ فحينئذٍ يكشف لكل إنسان ما هو صائر إليه، فأهل السعادة يحبون الموت ولقاء الله لينتقلوا إلى ما أعد الله لهم، ويحب الله لقاءهم ليجزل لهم العطاء والكرامة، وأهل الشقاوة يكرهونه لما علموا من سوء ما ينتقلون إليه ويكره الله لقاءهم" .
وعن الحسن قال: "والذي نفسي بيده ما أصبح في هذه القرية من مؤمن إلا وقد أصبح مهموماً محزونًا، ففروا إلى ربكم وافزعوا إليه؛ فإنه ليس لمؤمن راحة دون لقائه".
لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل ربه في دعائه أن يرزقه لذة النظر إلى وجهه الكريم في الجنة، والشوق إلى لقائه فيقول: ((وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين)) رواه النسائي وأحمد.
ويخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه ويقول لهم: ((إن عبداً خيَّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار لقاء الله )) فبكى الصحابة لما علموا بفراقه لهم، ولكنه يطمئنهم ويقول لهم ((إن موعدكم الحوض)) ثم تصعد روحه الطاهرة وهو يرفع سبابته للسماء، معلنا ومعترفا بوحدانية الخالق، ويقول: ((بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى)), وفي حديث القراء أصحاب بئر معونة بلِّغوا قومنا عنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه، وروي أنه كان قرآنًا فنسخت تلاوته.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما -مرفوعًا ((اهتز العرش لحب لقاء الله سعدًا)), قَالَ عبد الرحمن بن أبى ليلى: فما ظنك بهم حين ثقلت موازينهم، وحين طارت صحفهم في أيمانهم، وحين جازوا جسر جهنم فقطعوه، وحين دخلوا الجنة فأعطوا فيها من النعيم والكرامة، فكأن هذا لم يكن شيئاً فيما أُعطوه بالنسبة للنظر إلى وجه الله الكريم، ويوم المزيد في الجنة، يرجع المؤمن بعد لقاءَ الله والنظر إلى وجهه تعالى وقد ازداد نضرة ونوراً وجمالاً يراه أهله فيبتهجون ويبشرون به، والله تعالى يقول {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} ، قَالَ الحسن البصري: الناضرة الحسنة، حسنها الله بالنظر إلى ربها، وحُقَّ لها أن تنضْرُ وهى تنظُرُ إلى ربها، مع أن هذه الوجوه قد دخلت الجنةَ بنورٍ على قدر إيمانها، ففي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً)) الحديث.
والشوق اهتياج القلوب إلى لقاء المحبوب، وعلى قدر المحبة يكون الشوق قال بعض السلف في قوله -عزَّ وجلَّ-:{ وعجلت إليك ربِّ لترضى }، قال معناه شوقاً إليك وقال من علامات الشوق حب الموت على بساط العافية، كيوسف -عليه السلام- لمَّا ألقي في الجب لم يقل توفني؛ ولما أدخل السجن لم يقل توفني؛ ولما دخل عليه أبواه وإخوته وخروا له سُجداً وتم له الملك والنعمة قال توفني مسلماً وألحقني بالصالحين، قال الله تعالى:{ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {العنكبوت, قيل هذا تعزية للمشتاقين وتسلية لهم، أي أني أعلم أن من كان يرجو لقائي فهو مشتاق إليَّ، فقد أجلت له أجلا يكون عن قريب، فإنه آتٍ لا محالة، وكل آتٍ قريب وفيه، لطيفة أخرى وهي تعليل المشتاقين برجاء اللقاء، لولا التعلل بالرجاء لقطعت نفس المحب صبابة وتشوقا، ولقد يكاد يذوب منه قلبه مما يقاسي حسرة وتحرقا، حتى إذا روح الرجاء أصابه، سكن الحريق إذا تعلل باللقاء، وهذا الشوق على درجات الدرجة الأولى شوق العابد إلى الجنة، ليأمن الخائف ويفرح الحزين ويظفر الآمل.
قال ابن القيم يعني شوق العابد إلى الجنة فيه، هذه الحكم الثلاث أحدها: حصول الأمن الباعث على الأمل، فإن الخوف المجرد عن الأمن من كل وجه لا ينبعث صاحبه لعمل البتة؛ إن لم يقارنه أمل، فإن تجرد عنه قطع وصار قنوطا، الثاني: فرح الحزين، فإن الحزن المجرد أيضا إن لم يقترن به الفرح قتل صاحبه، فلولا روح الفرح لتعطلت قوى الحزين، وقعد حزنه به، ولكن إذا قعد به الحزن قام به روح الفرح، الثالث: روح الظفر، فإن الآمل إن لم يصحبه روح الظفر مات أمله، والله أعلم.
الدرجة الثانية شوق إلى الله -عز و جل- زرعه الحب الذي ينبت على حافات المنن، فعلق قلبه بصفاته المقدسة، فاشتاق إلى معاينة لطائف كرمه، وآيات بره، وأعلام فضله.
وهذا شوق الدرجة الثالثة، نار أضرمها صفو المحبة فنغصت العيش، وسلبت السلوى، ولم ينهنها معزى دون اللقاء، يريد أن الشوق في هذه المرتبة شبيه بالنار التي أضرمها صفو المحبة، وهو خالصها، وشبهه بالنار لالتهابه في الأحشاء، وفي قوله صفو المحبة ؛ إشارة إلى أنها محبة لم تكن لأجل المنة والنعم؛ ولكن محبة متعلقة بالذات والصفات. قوله فنغصت العيش ؛ أي منعت صاحبها السكون إلى لذيذ العيش والتنغيص قريب من التكدير، وقوله لم ينهنها معزى دون اللقاء ؛ أي لم يكفها ويردها قرار دون لقاء المحبوب، وهذه لا يقاومها الاصطبار؛ لأنه لا يكفها دون لقاء من يحب قرار مدارج السالكين، هذا هو حال المحبين المشتاقين للقاء الله -عز وجل-، وهم أهل الإيمان والتقوى، قال تعالى:{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ{ البقرة، وقال تعالى: } وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ{البقرة, وقال تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا{ الأحزاب, وقال تعالى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا{ الكهف.
قال ابن المبارك في تفسير هذه الآية: فليعمل عملا صالحاً ولا يخبر به أحداً، أما أهل الإعراض والغفلة الذين لا يرجون لقاء الله ولا يحبونه فهم أخسر الناس عملاً، وأشقى الناس مآلاً, قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ{يونس, وقال تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا{الكهف.
فاللهم املأ قلوبنا حباً وإخلاصاً ورغبةً ورهبةً وشوقاً إلى لقائك، ووفقنا لما تحب وترضى يا أكرم الأكرمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د. جمال المراكبي
جزاكى الله خيرا
مشكوووووووووووووورة
وجزاكي ربي الف خير
وجزاكي ربي الف خير
جزاك الله خيرا
جزاكِ الله خيراً
بارك الله فيكي