( تفسير سورة الطلاق)
تفسير الآيات (1- 2)
أخواتى فى الله .. لى كلمة قبل ان نبدأ فى شرح الآيات وهى أنَّ من قرأ القرآن وتفسيره تعلم حقاُ دينه،فاصبرى أختى القارئة على قراءة هذا الدرس اليومى فما قمت به الا لنتقرب به الى الله فى زمن ضاعت فيه معنى القرآن وبالتالى العمل بها. وياليتنا نكمل القرآن كله سوياُ بتيسير الله وحده وتوفيقه .كتب الله لنا و لكم الأجر والثواب والقبول والغفران . حفظكم الله من كل مكروه.دمتم طيبين فى رعاية الرحمن.
. تفسير الآيات (1- 2)
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)}
مقدمة وتمهيد
1- سورة «الطلاق» من السور المدنية الخالصة، وقد سماها عبد الله بن مسعود بسورة النساء القصرى، أما سورة النساء الكبرى فهي التي بعد سورة آل عمران.
وكان نزولها بعد سورة «الإنسان» وقبل سورة «البينة» ، وترتيبها بالنسبة للنزول:
السادسة والتسعون، أما ترتيبها بالنسبة لترتيب المصحف، فهي السورة الخامسة والستون.
2- وعدد آياتها إحدى عشرة آية في المصحف البصري، وفيما عداه اثنتا عشرة آية.
3- ومعظم آياتها يدور حول تحديد أحكام الطلاق، وما يترتب عليه من أحكام العدة، والإرضاع، والإنفاق، والسكن، والإشهاد على الطلاق، وعلى المراجعة.
4_وخلال ذلك تحدثت السورة الكريمة حديثا جامعا عن وجوب تقوى الله- تعالى- وعن مظاهر قدرته، وعن حسن عاقبة التوكل عليه، وعن يسره في تشريعاته، وعن رحمته بهذه الأمة حيث أرسل فيها رسوله صلى الله عليه وسلم ليتلو على النَّاس آيات الله- تعالى- ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان بإذنه- سبحانه- وقد افتتحت بتوجيه النداء إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – فقال : ( ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ العدة ) .
5_وأحكام الطلاق التى وردت فى هذه الآية ، تشمل النبى – صلى الله عليه وسلم – كما تشمل جميع المكلفين من أمته – صلى الله عليه وسلم – .
وإنما كان النداء له – صلى الله عليه وسلم – وكان الخطاب بالحكم عاما له ولأمته ، تشريفا وتكريما له – صلى الله عليه وسلم – لأنه هو المبلغ للنَّاس ، وهو إمامهم وقدوتهم لأحكام الله – تعالى – فيهم .
قال صاحب الكشاف : خُصَّ النبى – صلى الله عليه وسلم – بالنداء ، وعُمًّ بالخطاب ، لأن النبى – صلى الله عليه وسلم – إمام أمته وقدوتهم ، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم : يا فلان : افعلوا كيت وكيت ، وإظهارا لتقدمه ، واعتبارا لترؤسه …الطنطاوى
شرح الكلمات
{يا أيها النبي}: أراد الله بالنداء النبي صلى الله عليه وسلم وأمته بدليل ما بعده.
{إذا طلقتم النساء}: أي إذا أردتم طلاقهن.
{فطلقوهن لعدتهن}: أي لِقُبُلِ عدتهن أي في طهر لم يجامعها فيه.
{وأحصوا العدة}: أي احفظوا مدتها حتى يمكنكم المراجعة فيها.
{واتقوا ربكم}: أي أطيعوه في أمره ونهيه.
{لا تخرجوهن من بيوتهن}: أي لا تخرجوا المطلقة من بيت زوجها الذي طلقها حتى تنقضي عدتها.
{إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}: أي إلا أن يؤذين بالبذاء في القول وسوء الخلق، أو يرتكبن فاحشة من زناً بينة ظاهر لا شك فيها.
{وتلك حدود الله}: أي المذكورات من الطلاق في أول الطهر وإحصاء العدة وعدم إخراج المطلقة من بيتها حتى تنقضي عدتها.
{لا تدرى لعلّ الله يحدث بعد أمراً}: أي يجعل في قلب الزوج الرغبة في مراجتها فيراجعها إذا لم ذلك تكن الثالثة من الطلقات. الجزائرى
معنى الآيات
( 1 ) يا أيها النبي إذا أردتم- أنت والمؤمنون- أن تطلِّقوا نساءكم فطلقوهن مستقبلات لعدتهن -أي في طهر لم يقع فيه جماع، أو في حَمْل ظاهر- واحفظوا العدة؛ لتعلموا وقت الرجعة إن أردتم أن تراجعوهن، وخافوا الله ربكم، لا تخرجوا المطلقات من البيوت التي يسكنَّ فيها إلى أن تنقضي عدتهن، وهي ثلاث حيضات لغير الصغيرة والآيسة والحامل، ولا يجوز لهن الخروج منها بأنفسهن، إلا إذا فعلن فعلة منكرة ظاهرة كالزنى، وتلك أحكام الله التي شرعها لعباده، ومن يتجاوز أحكام الله فقد ظلم نفسه، وأوردها مورد الهلاك. لا تدري- أيها المطلِّق-: لعل الله يحدث بعد ذلك الطلاق أمرًا لا تتوقعه فتراجعها.
( 2 ) فإذا قاربت المطلقات نهاية عدتهن فراجعوهن مع حسن المعاشرة، والإنفاق عليهن، أو فارقوهن مع إيفاء حقهن، دون المضارَّة لهن، وأشهدوا على الرجعة أو المفارقة رجلين عدلين منكم، وأدُّوا- أيها الشهود- الشهادة خالصة لله لا لشيء آخر، ذلك الذي أمركم الله به يوعظ به مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر. ومن يخف الله فيعمل بما أمره به، ويجتنب ما نهاه عنه، يجعل له مخرجًا من كل ضيق، وييسِّر له أسباب الرزق من حيث لا يخطر على باله، ولا يكون في حسبانه. ومن يتوكل على الله فهو كافيه ما أهمَّه في جميع أموره. إن الله بالغ أمره، لا يفوته شيء، ولا يعجزه مطلوب، قد جعل الله لكل شيء أجلا ينتهي إليه، وتقديرًا لا يجاوزه.
التفيسير الميسر
فى ظلال الآيات
0 تتبعت النصوص سائر الحالات، وما يتخلف عنها، بأحكام مفصلة دقيقة، ولم تدع شيئاً من أنقاض الأسرة المفككة بالطلاق إلا أراحته في مكانه، وبينت حكمه، في رفق وفي دقة وفي وضوح..
0إنه يدل ابتداء على خطورة شأن الأسرة في النظام الإسلامي:
فالإسلام نظام أسرة. البيت في اعتباره مثابة وسكن، في ظله تلتقي النفوس على المودة والرحمة والتعاطف والستر والتجمل والحصانة والطهر؛ وفي كنفه تنبت الطفولة، وتدرج الحداثة؛ ومنه تمتد وشائج الرحمة وأواصر التكافل. {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}
0 ويحيط الإسلام هذه الخلية، أو هذا المحضن، أو هذه المثابة بكل رعايته وبكل ضماناته. وحسب طبيعة الإسلام الكلية، فإنه لا يكتفي بالإشعاعات الروحية، بل يتبعها التنظيمات القانونية والضمانات التشريعية.
الآيات:
0 هذه هي أول مرحلة وهذا هو أول حكم يوجه الخطاب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم {يا أيها النبي}.. ثم يظهر أن الحكم خاص بالمسلمين لا بشخصه صلى الله عليه وسلم: {إذا طلقتم النساء.. الخ} فيوحي هذا النسق من التعبير بما وراءه، وهو إثارة الاهتمام، وتصوير الجدية. فهو أمر ذو بال، ينادي الله نبيه بشخصه ليلقي إليه فيه بأمره، كما يبلغه لمن وراءه. وهي إيحاءات نفسية واضحة الدلالة على ما يراد بها من احتفال واحتشاد.
0 {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}..
وقد ورد في تحديد معنى هذا النص حديث صحيح رواه البخاري ولفظه: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني سالم، أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأة له وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر بها الله عز وجل».
ورواه مسلم ولفظه: «فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء».
_ ومن ثم يتعين أن هناك وقتاً معيناً لإيقاع الطلاق؛ وأنه ليس للزوج أن يطلق حينما شاء إلا أن تكون امرأته في حالة طهر من حيض، ولم يقع بينهما في هذا الطهر وطء.
_ وتفيد آثار أخرى أن هناك حالة ثانية يجوز فيها الطلاق، وهو أن تكون الزوجة حاملاً بينة الحمل. والحكمة في ذلك التوقيت هي أولاً إرجاء إيقاع الطلاق فترة بعد اللحظة التي تتجه فيها النفس للطلاق؛ وقد تسكن الفورة إن كانت طارئة وتعود النفوس إلى الوئام. كما أن فيه تأكداً من الحمل أو عدمه قبل الطلاق. فقد يمسك عن الطلاق لو علم أن زوجه حامل. فإذا مضى فيه وقد تبين حملها دل على أنه مريد له ولو كانت حاملاً. فاشتراط الطهر بلا وطء هو للتحقيق من عدم الحمل، واشتراط تبين الحمل هو ليكون على بصيرة من الأمر.
0 وهذه أول محاولة لرأب الصدع في بناء الأسرة، ومحاولة دفع المعول عن ذلك البناء.
وليس معنى هذا أن الطلاق لا يقع إلا في هذه الفترة. فهو يقع حيثما طلق. ولكنه يكون مكروهاً من الله، مغضوباً عليه من رسول الله. وهذا الحكم يكفي في ضمير المؤمن ليمسك به حتى يأتي الأجل. فيقضي الله ما يريد في هذه المسألة.
{وأحصوا العدة}..
كي لا يكون في عدم إحصائها إطالة للأمد على المطلقة، ومضارة لها بمنعها من الزواج بعد العدة. أو نقص في مدتها لا يتحقق به الغرض الأول، وهو التأكد من براءة رحم المطلقة من الحمل المستكن حفظاً للأنساب. ثم هو الضبط الدقيق الذي يوحي بأهمية الأمر، ومراقبة السماء له، ومطالبة أصحابه بالدقة فيه!
0 {واتقوا الله ربكم. لا تخرجوهن من بيوتهن، ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
وهذا أول تنبيه بعد وهلة النداء الأول وأول تحذير من الله وتقديم تقواه. قبل الأمر بعدم إخراجهن من بيوتهن وهي بيوت أزواجهن
_ ولكنه يسميها بيوتهن لتوكيد حقهن في الإقامة بها فترة العدة لا يُخرَجن منها ولا يَخرجن، إلا في حالة وقوع فاحشة ظاهرة منهن.
(وقد ورد أن هذه الفاحشة قد تكون الزنا فتخرج للحد: وقد تكون إيذاء أهل الزوج. وقد تكون هي النشوز على الزوج ولو أنه مطلق وعمل ما يؤذيه.
_ذلك أن الحكمة من إبقاء المطلقة في بيت الزوج هي إتاحة الفرصة للرجعة، واستثارة عواطف المودة، وذكريات الحياة المشتركة. حيث تكون الزوجة بعيدة بحكم الطلاق قريبة من العين؛ فيفعل هذا في المشاعر فعله بين الاثنين! فأمَّا حين ترتكس في حمأة الزنا وهي في بيته! أو تؤذي أهله، أو تنشز عليه، فلا محل لاستحياء المشاعر الطيبة، واستجاشة المودة الدفينة. ولا حاجة إلى استبقائها في فترة العدة. فإن قربها منه حينذاك يقطع الوشائج ولا يستحييها!
0 {وتلك حدود الله. ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}.
وهذا هو التحذير الثاني. فالحارس لهذا الحكم هو الله. فأي مؤمن إذن يتعرض لحد يحرسه الله؟! إنه الهلاك والبوار.. {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}.. ظلم نفسه لتعريضها هكذا لبأس الله القائم على حدوده يحرسها ويرعاها. وظلم نفسه بظلم زوجه. وهي وهو من نفس واحدة، فما يظلمها يظلمه كذلك بهذا الاعتبار.. ثم..
{لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً}..
وهي لمسة موحية مؤثرة. فمن ذا الذي يعلم غيب الله وقدره المخبوء وراء أمره بالعدة، وأمره ببقاء المطلقات في بيوتهن..
_ إنه يلوح هناك أمل، ويوصوص هناك رجاء. وقد يكون الخير كله. وقد تتغير الأحوال وتتبدل إلى هناءة ورضى. فقدر الله دائم الحركة، دائم التغيير، ودائم الأحداث.
_والتسليم لأمر الله أولى، والرعاية له أوفق، وتقواه ومراقبته فيها الخير يلوح هناك!
والنفس البشرية قد تستغرقها اللحظة الحاضرة، وما فيها من أوضاع وملابسات،
وقد تغلق عليها منافذ المستقبل، فتعيش في سجن اللحظة الحاضرة، وتشعر أنَّها سرمد، وأنها باقية، وأن ما فيها من أوضاع وأحوال سيرافقها ويطاردها.. وهذا سجن نفسي مغلق مفسد للأعصاب في كثير من الأحيان.
••وليست هذه هي الحقيقة. فقدر الله دائماً يعمل، ودائماً يغير، ودائماً يبدل، ودائماً ينشئ ما لا يجول في حسبان البشر من الأحوال والأوضاع. فرج بعد ضيق. وعسر بعد يسر. وبسط بعد قبض. والله كل يوم هو في شأن، يبديه للخلق بعد أن كان عنهم في حجاب.
ويريد الله أن تستقر هذه الحقيقة في نفوس البشر، ليظل تطلعهم إلى ما يحدثه الله من الأمر متجدداً ودائماً. ولتظل أبواب الأمل في تغيير الأوضاع مفتوحة دائمة. ولتظل نفوسهم متحركة بالأمل، ندية بالرجاء، لا تغلق المنافذ ولا تعيش في سجن الحاضر. واللحظة التالية قد تحمل ما ليس في الحسبان.. {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً}..
0 {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف، وأشهدوا ذوي عدل منكم، وأقيموا الشهادة لله. ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره. قد جعل الله لكل شيء قدراً}..
وهذه هي المرحلة الثانية وهذا هو حكمها، وبلوغ الأجل آخر فترة العدة. وللزوج ما دامت المطلقة لم تخرج من العدة على آجالها المختلفة التي سبق بيانها أن يراجعها فتعود إلى عصمته بمجرد مراجعتها وهذا هو إمساكها أو أن يدع العدة تمضي فتبين منه ولا تحل إلا بعقد جديد كالزوجة الجديدة. وسواء راجع أم فارق فهو مأمور بالمعروف فيهما، منهي عن المضارة بالرجعة، كأن يراجعها قبيل انتهاء العدة ثم يعود فيطلقها الثانية ثم الثالثة ليطيل مدة بقائها بلا زواج! أو أن يراجعها ليبقيها كالمعلقة، ويكايدها لتفتدي منه نفسها وكان كلاهما يقع عند نزول هذه السورة، وهو ما يزال يقع كلما انحرفت النفوس عن تقوى الله.
0 وهي الضمان الأول لأحكامه في المعاشرة والفراق. كذلك هو منهي عن المضارة في الفراق بالسب والشتم
والغلظة في القول والغضب، فهذه الصلة تقوم بالمعروف وتنتهي بالمعروف استبقاء لمودات القلوب؛ فقد تعود إلى العشرة، فلا تنطوي على ذكرى رديئة، لكلمة نابية، أو غمزة شائكة، أو شائبة تعكر صفاءها عندما تعود. ثم هو الأدب الإسلامي المحض الذي يأخذ الإسلام به الألسنة والقلوب.
_وفي حالتي الفراق أو الرجعة تطلب الشهادة على هذه وذاك. شهادة اثنين من العدول. قطعاً للريبة. فقد يعلم النَّاس بالطلاق ولا يعلمون بالرجعة، فتثور شكوك وتقال أقاويل. والإسلام يريد النصاعة والطهارة في هذه العلاقات وفي ضمائر الناس وألسنتهم على السواء. والرجعة تتم وكذلك الفرقة بدون الشهادة عند بعض الفقهاء ولا تتم عند بعضهم إلا بها. ولكن الإجماع أن لا بد من الشهادة بعد أو مع الفرقة أو الرجعة على القولين.
وعقب بيان الحكم تجيء اللمسات والتوجيهات تترى:
0 {واقيموا الشهادة لله}..
فالقضية قضية الله، والشهادة فيها لله، هو يأمر بها، وهو يراقب استقامتها، وهو يجزي عليها. والتعامل فيها معه لا مع الزوج ولا الزوجة ولا الناس!
0 {ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر}.
والمخاطبون بهذه الأحكام هم المؤمنون المعتقدون باليوم الآخر. فهو يقول لهم: إنه يعظهم بما هو من شأنهم. فإذا صدقوا الإيمان به وباليوم الآخر فهم إذن سيتعظون ويعتبرون. وهذا هو محك إيمانهم، وهذا هو مقياس دعواهم في الإيمان!
0 {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}..
مخرجاً من الضيق في الدنيا والآخرة، ورزقاً من حيث لا يقدر ولا ينتظر. وهو تقرير عام، وحقيقة دائمة. ولكن إلصاقها هنا بأحكام الطلاق يوحي بدقة انطباقها وتحققها عندما يتقي المتقون الله في هذا الشأن بصفة خاصة. وهو الشأن الذي لا ضابط فيه أحس ولا أدق من ضابط الشعور والضمير، فالتلاعب فيه مجاله واسع، لا يقف دونه إلا تقوى الله وحساسية الضمير
من هداية الآية
1- بيان السنة في الطلاق وهي أن يطلقها في طهرٍ لم يمسها فيه بجماع.
2- أن يكون الطلاق واحدة لا اثنتين ولا ثلاثاً.
3- وجوب إحصاء العدة ليعرف الزوج متى تنقضي عدة مطلقته لما يترتب على ذلك من أحكام الرجعة والنفقة الإِسكان.
4- حرمة إخراج المطلقة من بيتها الذي طلقت فيه إلى أن تنقضي عدتها إلاَّ أن ترتكب فاحشة ظاهرة كزناً أو بذاءة أو سوء خلق وقبيح معاملة فعندئذ يجوز إخراجها.
المراجع
ابن كثير التفسير العظيم
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء.
في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
الطنطاوى الوسيط
الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك
|
وبارك الله فيكِ واحسن اليكِ واسعدكِ فى الدارين