(
ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرةفتكونا من الظالمين
( 19 ) فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهمامن سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا
من الخالدين ( 20 ) وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ( 21 ) ) .
يذكر تعالى أنه أباح لآدم ، عليه السلام ، ولزوجته حواء الجنة أن يأكلا منها من
جميع ثمارها إلا شجرة واحدة . وقد تقدم الكلام على ذلك في " سورة البقرة " ،
فعند ذلك حسدهما الشيطان ، وسعى في المكر والخديعة والوسوسة ليسلبا ما
هما فيه من النعمة واللباس الحسن ، وقال كذبا وافتراء : ما نهاكما ربكما عن أكل
الشجرة إلا لتكونا ملكين أي : لئلا تكونا ملكين ، أو خالدين هاهنا ولو أنكما أكلتما
منها لحصل لكما ذلكما كقوله : ( قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا
يبلى ) [ طه : 120 ] أي : لئلا تكونا ملكين ، كقوله : ( يبين الله لكم أن تضلوا ) [
النساء : 176 ] أي : لئلا تضلوا ، ( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ) [
النحل : 15 ] أي : لئلا تميد بكم .
وكان ابن عباس ويحيى بن أبي كثير يقرءان : " إلا أن تكونا ملكين " بكسر اللام .
وقرأه الجمهور بفتحها .
( وقاسمهما ) أي : حلف لهما بالله : ( إني لكما لمن الناصحين ) فإني من قبلكما
هاهنا ، وأعلم بهذا المكان ، وهذا من باب المفاعلة والمراد أحد الطرفين ، كما
قال خالد بن زهير ، ابن عم أبي ذؤيب :
أي : حلف لهما بالله على ذلك حتى خدعهما ، وقد يخدع المؤمن بالله ، فقال :
إني خلقت قبلكما ، وأنا أعلم منكما ، فاتبعاني أرشدكما . وكان بعض أهل العلم
يقول : " من خادعنا بالله خدعنا له " .