تخطى إلى المحتوى

الجواسيس ومهنة التجسس عبر التاريخ 2024

الونشريس

الجواسيس .. ومهنة التجسس


التجسس فن قديم .. لا يمكن لباحث أن يتكهن بتاريخ ظهوره على وجه الدقة .. لكن يُعتقد أنه تواجد منذ خُلق الانسان ، حيث بدا صراع الاستحواذ والهيمنة وفرض قانون القوة باستخدام شتى الاساليب المتاحة ، وأهمها الجاسوس ، الذي كان هو الاداة الاولى بلا منازع.
وقد مارس الإنسان التجسس منذ أقدم العصور ، داخل مجتمعات البشرية المنظمة ، وقد مثلت ممارسته بالنسبة له ضرورة ملحة تدفعه إليه غريزته الفطرية للحصول على المعرفة وكشف أسرار المجهول التي قد تشكل خطرا يترصد به في المستقبل، ولذلك تنوعت طرق التجسس بدءا من الإعتماد على الحواس المجردة ، والحيل البدائية والتخمينات ، وصولا إلى الثورة التكنولوجية في ميدان الاتصالات والمعلومات. وعلى مر العصور ظهر الكثير من الجواسيس، لكن قلة منهم استطاعوا أن يحفروا اسماءهم في ذاكرة التاريخ ، بما تمتعوا به من سمات شخصية فريدة أهلتهم لأن يلعبوا أدوارا بالغة التأثير في حياة العديد من الأمم والشعوب. وهنا سنستعرض بعض الأحداث المتعلقة بمهنة التجسس في العصور القديمة.

أول عملية تجسس في التاريخ :
رجال في أكياس الدقيق !!
الونشريس


تختلف شدة ممارسة التجسس بين مجتمع وآخر حسب نوع الأعراف والعادات السائدة ، فنراه على سبيل المثال سمة ثابتة عند اليابانيين ، فهم يؤمنون بأن العمل في مجال المخابرات خدمة نبيلة ، في حين أن معظم شعوب العالم تعاف هذه المهنة ، التي لا غنى عنها في الدولة المعاصرة حتى تقوم بمسؤلياتها. فلا يكفي أن تكون الدولة كاملة الاستعداد للحرب في وقت السلم ، بل لابد لها من معلومات سريعة كافية لتحمي نفسها ، وتحقق أهدافها في المعترك الدولي.
ولعل هذا ما أوعز إلى تحتمس الثالث فرعون مصر بتنظيم أول جهاز مخابرات عرفه العالم.
طال حصار جيش تحتمس الثالث لمدينة يافا ولم تستسلم. عبثا حاول فتح ثغرة في الأسوار، و خطرت له فكرة إدخال فرقة من جنده إلى المدينة المحاصرة ، يشيعون فيها الفوضى والارتباك ، ويفتحون ما يمكنهم من أبواب ، لكن كيف يدخل الجنود ؟؟
إهتدى إلى فكرة عجيبة ، شرحها لأحد ضباطه واسمه توت ، فأعد 200 جندي داخل أكياس الدقيق ، وشحنها على ظهر سفينة اتجهت بالجند وقائدهم ‘لى ميناء يافا التي حاصرتها الجيوش المصرية ، وهناك تمكنوا من دخول المدينة وتسليمها إلى المحاصرين ، وبدأ منذ ذلك الوقت تنظيم إدارة المخابرات في مصر والعالم كله.
ويذكر المؤرخون أن سجلات قدماء المصريين تشير إلى قيامهم بأعمال عظيمة في مجال المخابرات ، لكنها تعرضت للضعف في بعض العهود .
وتجدر الإشارة إلى أن تحتمس الثالث كان غير فخورا بأنه رائد الجاسوسية ، فقد كان يشعر بقدر من الضعة في التجسس والتلصص و او على الأعداء ، وكانه كان يعتبره ترصدا في الظلام أو طعنا في الظهر ، مما جعله يسجل بخط هيروغليفي واضح على جدران المعابد والآثار التي تركها – كل أعماله وحروبه ، أما إنشاء المخابرات أمر بكتابته بخط ثانوي ، واخفاه تحت اسم ( العلم السري ) مفضلا أن يذكره التاريخ يمنجزاته العمرانية والحربية والادارية ، وما اداه من اجل رفاهية شعبه ، دون الاشارة إلى براعته في وضه أسس التجسس.

الونشريس

( صن تزو ) رائد الجاسوسية في الصين :
الونشريس


يعتبر صن تزو رائد الجاسوسية في الصين ، ولا يعني ذلك أن الصين لم تعرف الجاسوسية قبل عام 510 ق.م ، فعمر الجاسوسية في الصين حوالي 2500 سنة ، لكن الفضل يرجع لصن تزو في تكوين أول شبكة مخابرات كاملة في الصين.
ألف كتابا بعنوان : ( أصول الحرب) ، و هو أقدم كتاب عُرف عن فن الحرب عموما ، وما زال مطلوبا للقراءة في أكاديميات عسكرية كثيرة ، استفاد منه ماوتسي تونغ في زحفه الطويل ، وطبقه اليابانيون قبل مهاجمة بيرل هاربر ، وهو كتاب شامل مفيد ، حتى أن قيادة الطيران الملكي البريطاني وزعته بعد تبسيطه على ظباطها في سيلان أثناء الحرب العالمية الثانية.
كرس الكتاب جهدا كبيرا لإضاح لأهمية الجواسيس ، وطالب بتقسيمهم إلى خمسة أقسام :
جواسيس محليون : مواطنون محليون يتقاضون مكافآت على المعلوماتالتي يقدمونها.
جاسوس داخلي : خائن في صفوف العدو.
جاسوس محوَّل : عميل أمكن إقناعه بتغيير.
جاسوس هالك : عميل إعتاد تزويد العدو بمعلومات زائفة ، من المحتمل قتله فيما بعد.

ولد صن تزو في ولاية على مصب النهر الأصفر لكنه أمضى معظم حياته في خدمة ( هو – لو ) ملك ولاية ( وو) المجاورة.
قاد صن تزو جيش هذا الملك واحتل مدينة ينج عاصمة ولاية تشو غربا ، وزحف نحو الشمال مكتسحأ جيوش مقاطعتي تشي و تشين.
يعتقد صن تزو بأن شن حرب بطريقة إقتصادية ، مع الدفاع البلاد ضد الآخرين ، يتطلب ضرورة استخدام نظام تجسس دائم ، يرصد أنشطة الأعداء والجيران على السواء ، وأكد أهمية التقسيم المذكور ، وضرورة اعتبار الجاسوسية عملا شريفا ، وملاحظة إستمرار تقريب العملاء من زعمائهم السياسيين والقادة العسكريين.

الونشريس

هانيبال القرطاجي :
( جيش من الجواسيس!!)
الونشريس


كان هانيبال قائدا عبقريا ولوعا بمفاجأة أعدائه وإشلعة الفزع في صفوفهم ، معتمدا في حروبه على التجسس.
قاد حملة عبرت مضيق جبل طارق وانتصر على الأسبان عام 220 ق.م ، واتجه شمالا إلى جنوب فرنسا ، وتسلق جبال الألب رغم البرد القارس الذي فتك بكثير من الجنود والفيلة التي كان يستخدمها في حروبه ، وهبط إلى سهول أيطاليا ،محطما كل جيوش الرومان التي تصدت له ، ويُقدر ضحايا هذه الحرب من أعدائه بثمانين ألف جندي من المشاة والفرسان.
أثناء غزو هانيبال لجزيرة صقلية ، تعذر عليه الاستيلاء على إحدى المدن رغم الحصار الطويل . أراد ان يعرف سر قوة المدينة ومنعتها، فأرسل أحد رجاله فدخل المدينة وادعى أنه جندي مرتزق ، وعرض خدماته على حاككم صقلية و أقام في المدينة يتجول فيها ، ويدرس تحصيناتها وخطط الدفاع عنها ، ويرسل الاشارات إلى هانيبال عن طريق الدخان المتصاعد من نار يوقدها لطهو طعامه فوق تل المدينة ، دون أن يفطن إليه أحد.
وفي تقدمه نحو روما ، كان ينهد لنصر لجيشه ، بجيش آخر من الجواسيس ، يجمعون له المعلومات من وادي نهر البو وسهول الألب السفلى عم القوات ومعنويات الناس والجيش ، وخصوبة الأرض وأنواع المحاصيل ، ثم يضع خططه الحربية على ضوء ما ييوافر له من معلومات.

الونشريس

سيبيو أفريكانوس:
(قاهر الفيلة)
الونشريس


اكتسب سيبيو شهرته من كونه القائد الذي انتصر على هانيبال ، وفي عقر داره. ولذلك كرموه بلقب (أفريكانوس) أي قاهر الفيلة ، وهو مدين بهذا الانتصار إلى جواسيسه.
كانت مشكلته في مواجهة هانيبال تنحصر في الفيلة التي يستخدمها كسلاح مدرع كاسح. ولكي يتغلب سيبيو على مشكلة الفيلة أرسل جواسيسه إلى معسكر هانيبال حيث اختلطوا بسياس الفيلة ، وعلموا منهم أن نقطة ضعف الفيل تكمن في شدة انزعاجه إذا سمع أصواتا مدوية.
فلما إلتقى الجيشان ، أحدث جيش سيبيو ضجة هائلة بالطبول ، فساد الذعر والرتباك بين الفيلة ، وفقد جنود هانيبال السيطرة عليها ، وانتصر سيبيو عام 203 ق.م.
وفي حملته ضد سايفاكس ملك نوميديا ، حليف هانيبال ، أرسل سيبيو أخاه لاليوس مبعوثا ظاهره التفاوض على الهدنة ، وباطنه التعرف على إمكانيات العدو ، و أرسل معه ضباطا متخفين في ثياب عبيد حتى لا يشك فيهم سايفاكس ، لكنه تفنن في إبعاد لاليوس ورفاقه عن تحصينات معسكره ، فأوعز لاليوس إلى رجاله بوخز الخيل التي معهم كما لو كانت حشرة لدغتهم.
ولما انطلقت الخيول خائفة ، راح رفاق لاليس يطاردونها بطريقة طافوا معها في أرجاء المعسكر ، وتعرفوا على نقاط الضعف والقوة ، وفشلت مفاوضات الهدنة ، فهاجم سيبيو المدينة وأشعل في تحصيناتها النيران ، وأرغم سايفاكس على الصلح.

الونشريس

الونشريس

الجاسوسية في العصور الوسطى :

اتسمت جيوش العصور الوسطى بقلة العدد ، وبدائية السلاح ، فكان لابد لمن يريد النصر أن ينشط سلاحه الثالث .. سلاح المخابرات ، حتى يقصر أمد الحرب ، ويقلل الخسائر ، وتنجح خططه في مفاجأة العدو ، وتضييق الخناق عليه ، و قطع خطوط إمداده وتموينه ، وشل حركته ، وأجباره على الاستسلام. ويتوقف ذلك إلى حد كبير على مقدار ما يتوافر له من معلومات عن ظروف العدو ، والعدة ، والخطة ، والمواقيت ، والروح المعنوية للجند ، ومواطن القوة والضعف في الجيش ، وكشرط أساسي للنصر ، لابد ان يكون الإعتماد الأول – بعد مشيئة الله – على توفيرأفضل حالات الاستعداد للجيش المحارب ، و إلا فلا قيمة لأثمن المعلومات ، والأمثلة على ذلك كثيرة.

الونشريس

هزيمة الملك هارولد :
الونشريس


لم تعرف إنجلترا قبل الملك هارولد في القرن الحادي عشر حاكماً إهتم بالمخابرات مثله. وقد توافرت لديه كل المعلومات عن خطة وليام الفاتح في الهجوم على إنجلترا : التوقيت ، ومكان نزول الجيش ، وعدد الجنود الذين جمعهك وليام الفاتح ، وخط سير المعركة. ومع ذلك خسر هارولد الحرب ، لا بسبب نقص المعلومات ودقتها ، ولا لخطأ ارتكبته مخابراته ، بل لأن الجنود سئموا القتال ، ودب فيهم المرض والهلاك ، بعد السير مسافات طويلة !!

الونشريس

خوارق النينجا :


فيما عدا الملك هارولد ، لم يكن بين حكام اوروبا من أهتم بالمخابرات في العصور الوسطى ، على عكس حكام الشرق ، إذ لابد و ان تكون تعاليم صن تزو الصينية قد انتشرت في شرق الصين وغربه ، وعرفها اليابانيون والمغول.
في اليابان ظهر فن "النينجا" ، و هو اسم مأخوذ من كلمة يابانية معناها " اللامرئي" أو فن الاستخفاء. كان يمارسه في اليابان ، في القرن الثاني عشر ، فئة من صفوة شباب الساموراي بدنياً واجتماعيا ، قيل أنهم تدربوا حتى اكتسبوا القدرة على المشي فوق الماء ، والحصول على المعلومات أثناء التخفي ، والاختفاء والظهور حسب إرادتهم ، على الرغم مما في هذا الزعم من مبالغة وتحريف ، إلا أنهم خضعوا لتدريب شاق على أعمال فذة منذ الصغر ، كالمشي على الحبال المشدودة ، والتعلق على فروع الأشجار بدون حركة لمدة طويلة ، والسباحة تحت الماء مسافات طويلة.
حتى صاروا سادة التخفي والتمية والاستطلاع ، ومن هما اكتسبوا اسمهم الخرافي : " النينجا " ، وبهذه القدرات برعوا في الخدمات التي أدوها ، سواء كانوا جواسيس او مقاتلين ، كما انهم اكتسبوا منزلة عالية جدا في المجتمع الياباني.

الونشريس

جنكيز خان :
الونشريس

و يتجلى استخدام المغول للجاسوسية بأوضح معانيه في عهد جنكيز خان.
فما كان لجنكيز خام أن يبسط سلطانه على الأرض ما بين منغوليا وأبواب العالم العربي ، بدون خطط محكمة. وكانت الخطط المحكمة تحتاج بالضرورة إلى معلومات دقيقة ، يستقيها جواسيس أكفاء ، ويجمعها عملاء أذكياء كم جنسيات مختلفة ، كمقدمة وأساس لغزواته.
كما كان يكلف التجار المتجولين بالانتشار في البلاد التي يوشك أن يغزوها ، فيسجلون المعلومات اللازمة ، ويدونون مشاهداتهم وما يسمعون ، ويرسلونه إليه. وكثيرا ما لجأ جمكيزخان إلى إيفاد بعض أمهر قواده في مهمام جاسوسية صعبة ، ومن هؤلاء : قائد اسمه سبتاي ، وهو من أبرز قادة الجيش ، و آخر اسمه نويون.
فلما عزم جنكيز خان على شن الحرب على التتار ، افتعل خلافا مع سبتاي ، وكلفه باللجوء إلى قائد التتار وزعم أنه تخلى عن جنكيز خان وأنشق عليه ، ويرغب في الانضمام إلى التتار . وإثباتا لحسن نيته قدم لقائد التتار معلومات مزيفة خلاصتها أن الجيش المغولي بعيد عنهم ، وصار يزودجنكيز خان بالمعلومات سرا. وفوجئ التتار بجيش المغول يحدق بهم ، فأدركوا أن سبتاي لم يكن سوى جاسوس خدعهم ، لكن بعد فوات الأوان.
أم نويون ، فقد أرسله جنكيز خان على رأس قوة مغولية من الفرسان لمساعدة أمبراطور الصين في القضاء على تمرد حاكم الإقليم الجنوبي. وكان جنكيزخان يضمر شرا للإمبراطور الصيني ، فأوصى نويون بالحصول على كل المعلومات اللازمة لشم هجوم على الصين ، ونفذ نويون الوصية ، واستفاد جنكيز خان من المعلومات في وضع خطته.

الونشريس


يتبع


    المخابرات في صدر الإسلام :

    مع اشتداد حدة الصراع بين المسلمين والمشركين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، إزدادت حاجة المسلمين للاستخبار وتقصي تحركات المشركين وأخبارهم.
    وقد حدثت العديد من العمليات ، نذكر بعضها على سبيل المثال :
    سرية عبد الله بن جحش:
    في السنة الثانية للهجرة ، كلف النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش برصد تحركات قريش ومعرفة أخبارهم ، إذ يُروى أم رسول الله دفع إلى عبدالله بن جحش كتابا أمره ألا يفتحه إلا بعدمسيرة يومين ، وينفذ ما فيه. ولما فتح الكتاب في حينه ، قرأنصه : " إذا نظرت في كتابي هذا ، فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا ، وتعلم لنا من اخبارهم". فأعلن عبد الله بن جحش محتوى الكتاب على رفاقه ، وساروا نحوغايتهم السامية في مهمتهم الاستطلاعية لقوات قريش ، والتقوا بثلاثة تخلفوا عن قافلة قريش حتى يحصلوا على معلومات عن قوات المسلمين ، فاشتبك معهم عبد الله بن جحش ورجاله ، وقتل احدهم واقتاد الآخرين إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    مراقبة أبي سفيان :
    في غزوة بدر الكبرى ، خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة وسار مع أصحابه حتى اقتربوا من الصفراء، وبعث من يأتيه بأخبار أبي سفيان وقافلته . واخبرته العيون أن قريشا سارت إليه ليمنعوا إبله وتجارته حتى لا تقع في أيدي المسلمين.
    وفي غزوة بدر أيضا ، أرسل النبي اثنين من المجاهدين للحصول على معلومات عن قوات المشركين ، فوجد أحدهما غلامين لقريش يستقيان من بئر بدر ، فأحضرهما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسألهما عن عدد الجمال التي ينحرونها للجيش ، فاجابا بانهم ينحرون يوما تسعا ، ويوما عشرا ، ومن ذلك ادرك عليه الصلاة والسلام أن عدد مقاتلي المشركين يتراوح بين 900-1000 ، لان عادة العرب أن يخصصوا بعيرا لكل مائة رجل.
    مهمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
    عملية التمويه التي قام بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند خروج النبي عليه الصلاة والسلام من مكة لم تكن الأولى والاخيرة ، فقد أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بعد معركة أحد أن يقتفي أثر الكفار ويستطلع نواياهم ، فوجد انهم جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فعرف أنهم عائدون إلى مكة.
    حيلة نعيم بن مسعود :
    علو النبي صلى الله عليهوسلم ان قريشأ عبأت جيوشها وانشغلت بمحاولة استمالة قبيلتي بني قريظة وبني أشجع للتحالف معها والحنث بعهدهما للنبي ، توطئة لمهاجمة المسلمين في المدينة. فبادر النبي بحفر خندق حول المدينة كان الأول من نوعه ، أخذا برأي سلمان الفارسي ، وكان مفاجأة أذهلت الكفار وأعاقتهم عن مهاجمة المدينة.
    وتحقق النصر للمسلمين ، خصوصا بعد أن خاب أمل قريش في إستمالة غطفان وبني اشجع إلى جانبهم بفضل نعيم بن مسعود .. فماذا فعل ؟
    نعيم بن مسعود ، من مجهاء بني غطفان ، أسلم ولم سشهر إسلامه بين قومه. ذهب إلى النبي وأكد له خبر محاولة قريش وبني غطفان حض بني قريظة وبني أشجع على خيانة المسلمين والنكوص بعدهم . فكلفه الرسول فإفساد مؤامرتهم بالحيلة إذا استطاع.
    ذهب نعيم إلى بني قريظة اعزل من السلاح ، إلا سلاح المكر والدهاء ، فأوقع بينهم وبين قريش وغطفان ، وزرع في نفوسهم الشك ، وحذرهم من انهم سوف يتخلون عنهم حين تدور الدوائر، بعد ان يكونوا قد خسروا حلف المسلمين وحسن جوارهم ، وتأكيدا لصدق رأيه نصحهم بأن يطلبوا من قريش وغطفان رهنا من أشرافهم ، يظلون بأيديهم حتى يضمنوا صدقهم واستمرار نصرتهم.
    ثم تركهم نعيم بعد ان أقنعهم بحيلته ، وذهب إلى قريش وغطفان وأخبرهم أن بني قريظة يضمرون لهم شرا ، وأنهم رافضونللحلف المعروض عليهم ، راغبون في استمرار تحالفهم مع المسلمين ، وقد أرسلوا إلى النبي يؤكدون وفاءهم بالعهد ،واستعدادهم لأخذ رجال من أشراف قريش وغطفان وتقديمهم ليضرب المسلمون أعناقهم.
    أوفدت قريش عكرمة بن أبي جهل فيرهط منهم إلى بني قريظة يستنفرهم للقتال ، فامتنعوا بحجة أنهم لا يقاتلون في يوم السبت ، واشترطوا أعطاءهم رهنا من رجال قريش وغطفان يحتفظ بهم بنو قريظة ضمانا لعدم التخلي عن العهد إدا اشتدت المحنة. فرفضت قريش وغطفان شرط الرهن ، واقتنعت كل الاطراف بصدق نعيم بن مسعود ، ودب الخلاف في صفوف الأحزاب ثم كانت مفاجأة الخندق ، وتحقق نصر المسلمين.

    ومما يذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد في غزواته على القوافل المكية ، على المعلومات التي كان يزوده بها أعوانه في مكة ، بينما لميكن لقريش من يزوده بأخبار المسلمين في المدينة.
    وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي المسلمين بكتمان أسرارهم ، لعلهم يصيبون العدو على غير استعداد وينتصرون دون سفك دماء و إزهاق أرواح، كما حدث قبيل فتح مكة ، إذ صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر كريم وهو:
    " أن يحفظ المسلمون أسرارهم ، ويضنوا بمخبآت ضمائرهم ، لعلهم يصيبون قريشا على غير استعداد ، ويدخلون مكة من غير كيد أو عناد ، فلا يسفك في البلد الحرام دما ، ولا يزهق روحا، ولا يثير حربا ، ولا يذكي ضرام عداء."

    الونشريس

    الجاسوسية في القرن العشرين :

    استمرت مهنة التجسس في التطور والازدهار منذ العصور القديمة وإلى العصور الحديثة ، ففي القرن العشرين حدثت نقلة هائلة في فن التجسس، قلبت كل النظم القديمة رأسا على عقب !! فبظهور وسائل الاتصالات السريعة ، تطورت أجهزة الاستخبارات بما يتناسب وتكنولوجيا العصر الحديث ، وذلك للسرعة الفائقة في نقل الصور والأخبار والمعلومات .
    مع إنتهاء الحرب العالمية الأولى نشطت أجهزة الاستخبارات بعد ما تزودت بالخبرة ، وشرعت في تنظيم أقسامها الداخلية للوصول إلى أعلى مرتبة من الكفاءة والدقة. ورُصدت لذلك ميزانيات ضخمة للإنفاق على جيوش من الجواسيس المدربين ، الذين انتشروا في كل بقاع الأرض ، يحركهم عدد كبير من الخبراء والعلماء الذين تفننوا في إبتكار أغرب الوسائل للتغلغل ، والتنصت ، والتقاط الأخبار والمعلومات ، ومغافلة الأجهزة المضادة.
    وتغيرت نظريات التجسس التي اهتمت قديما بالشؤون العسكرية في المقام الاول ، إذ اتسعت دائرتها وشملت الأمور الإقتصادية والاجتماعية والفنية والعلمية …الخ.
    وفي النصف الثاني من القرن العشرين طورت أجهزة الاستخبارات في سباق للتميز والتفوق ، وظهرت طائرات التجسس وسفن التجسس ، ثم أقمار التجسس التي أحدثت نقلة هائلة أخرى في عالم الجاسوسية .
    لكن وبالرغم من كل تلك الوسائل المتطورة ، يقول خبراء هذا المجال أنه لا يمكن الاستغناء عن الجاسوس ، فأجهزة الاستخبارات تتحصل على 90 % من المعلومات بواسطة الأقمار الصناعية والأجهزة المزروعة ، و5% عن طريق وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، بقيت إذا 5 % من المعلومات السرية التي لا يمكن الحصول عليها بتلك الطرق ، فيجند الجواسيس لأجل تلك النسبة المجهولة حيث تكمن أدق المعلومات وأخطرها.

    الونشريس
    للامانة منقول

    شكرااا لك غاليتى

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.