يعتبر مرض تقلص العضلات اللاإرادي أو التيبس(Spasticity) من أكثر الأمراض العصبية شيوعاً، ويحدث هذا المرض نتيجة خلل أصاب وظائف الجهاز العصبي المركزي الذي تتحكم في انقباض العضلات وانبساطها. وعلى سبيل المثال فإن عملية ثني المرفق تتطلب أن يقبض الإنسان عضلة الذراع ثنائية الرأس، وفي نفس الوقت يقوم بإرخاء العضلة ثلاثية الرأس التي تقوم بعملية بسط المرفق، ويكون عمل إحدى العضلتين بالانقباض والأخرى بالانبساط بصورة تلقائية ومتزامنة الأمر الذي يؤدي إلى حركة انسيابية سهلة للمفاصل.
وعند الإصابة بمرض تقلص العضلات اللاإرادي، فإن العضلتين القابضة والباسطة تعملان في نفس الوقت، الأمر الذي ينتج عنه صعوبة في الحركة الإرادية، وصعوبة تحريك المفصل حتى من قبل الطبيب.
ويصيب مرض تقلص العضلات اللاإرادي كثير من حالات الشلل الدماغي، وحالات الشلل الناتجة عن إصابات الحبل الشوكي في منطقة الرقبة وأعلى الظهر. ويعاني المريض كثيراً من تقلصات تلقائية مؤلمة تحدث فجأة، خصوصاً عند النوم، إضافة إلى عدم قدرته على الحركة أو الإحساس. وفي حالة إصابة الطفل بالشلل الدماغي فإن رعايته تكون صعبة جداً بسبب تلك التقلصات العضلية.
العلاج الدوائي
يشكل عقار الباكلوفين (Baclofen) أحد الأركان الرئيسية للعلاج الدوائي لهذا المرض . ولا شك أن هذا العقار فعّال جداً، فهو يعمل في الجهاز العصبي على منع إفراز المحفزات العصبية من نهايات الأعصاب واستقرار جدار الخلية العصبية المستقبلة، الأمر الذي يهدئ من قابلية الخلية العصبية للعمل، وبالتالي يخفف من تحفيز هذه الأعصاب المعنية، الأمر الذي ينتج في النهاية تخفيف التقلصات اللاإرادية في العضلات.
وللعقار بعض الآثار الجانبية التي تحدث عند بعض المرضى، وخصوصاً عند أخذ كميات كبيرة، مثل الشعور بالدوار والخمول وبعض التقلبات في المزاج. و عادة ما يؤخذ عن طريق الفم وتقوم الأمعاء بعد ذلك بامتصاصه بشكل جيد. وتتراوح جرعة الدواء من 5 ملغم مرتين يومياً، وقد تزداد حتى 80ملغم في الجرعة الواحدة. ولكن المشكلة الحقيقية في هذا العقار هو أنه لا يستطيع اختراق الحاجز ما بين الدم والدماغ إلا بنسبة قليلة منه، و بالتالي لا يصل الدواء بكمية جيدة إلى المكان المطلوب، فلا تحدث الفائدة المرجوة منه. كما أن نسبة كبيرة من المرضى يضطرون لأخذ كمية كبيرة جدا من الدواء دون حصول على النتيجة المرجوة. وللتغلب على هذا الأمر تمت تجربة وضع الدواء مباشرة في الجهاز العصبي عن طريق إبرة في الظهر، كتلك التي تستخدم للحصول على عينة من السائل النخاعي، وقد أظهرت هذه التجربة أن كمية قليلة جداً من الدواء تكفي للحصول على الاسترخاء لكامل العضلات. ولكن السؤال هو كيف نستطيع أن نوصل الدواء بطريقة مستمرة ودقيقة وآمنة للمنطقة المطلوبة؟
مضخة عقار الباكلوفين
من هنا ظهر اختراع تركيب مضخة تقوم بإيصال الدواء إلى الجهاز العصبي بشكل مستمر، مع القدرة على التحكم بها زيادة أو نقصاناً حسب الحاجة.
وهناك عدة دراسات تؤكد أن تركيب المضخة عند المرضى الذين يتم اختيارهم بعناية يؤدي إلى نتائج إيجابية جداً، فهي تسهل حركة المفصل عند المرضى الذين يعانون من شلل كامل أو شلل دماغي، وتساعد حركة العضلات عند المرضى الذين يعانون ضعف شديد في العضلات ولكن دون الشلل التام، كما أنها تفيد في تخفيف حالات التشنج المؤلم التي تحدث فجأة وخاصة عند النوم لهؤلاء المرضى وخصوصاً مرضى إصابات الحبل الشوكي.
ولكي يتم التأكد من فاعلية هذا العلاج، يقوم الفريق المعالج بتجربته على المريض عن طريق إدخال إبرة في الظهر وإعطاء الدواء، فإذا تحسن التقلص العضلي اللاإرادي حتى ولو جزئياً فان ذلك كاف لإتمام الإجراءات و تركيب المضخة، لأن تحسن المريض سوف يزداد بإذن الله في المستقبل عن طريق التحكم بزيادة أو نقص كمية الدواء. أما إذا لم يستفد المريض من التجربة، فإنه لا يُنصح بإجراء تركيب المضخة، ويجب الأخذ بعين الاعتبار الحالة الصحية للمريض، فلا يكون المريض مصاب بنقص المناعة أو أمراض سيولة الدم أو أمراض خطيرة أخرى تؤثر على بقاء المضخة في جسمه، كما يجب أن لا يكون المريض طفلاً صغيراً يحصل على الغذاء عن طريق أنبوب تغذية مباشر في البطن كما في مرضى الشلل الدماغي.
وتُجرى عملية تركيب المضخة خلال ساعة أو ساعتين، حيث يتم وضع إبرة في السائل النخاعي عن طريق الظهر، يدخل بواسطتها أنبوب دقيق لتوصيل الدواء، ثم يوصل الأنبوب مع المضخة التي توضع تحت الجلد في منطقة البطن، وتملأ المضخة بالدواء ويتم برمجتها، وعادة يغادر المريض إلى منزله في اليوم التالي من العملية الجراحية. ويحتاج المريض بعد ذلك للمتابعة في العيادة، لتحديد أفضل كمية من الدواء تناسب حالته، وصولاً إلى تخفيف التقلص اللاإرادي دون إحداث ضعف في العضلات، ويتم تعبئة المضخة مرة كل ثلاث أشهر تقريباً في عن طريق الأخصائي.
ويوجد نوعان من المضخات، الأولى تعمل بواسطة الضغط الناشئ عن تعبئتها، وبالتالي فهي لا تعتمد على بطارية، والنوع الثاني مضخة تعمل بواسطة بطارية تنظم كمية الدواء، ويمكن التحكم بها زيادة ونقصاناً، ويحتاج هذا النوع إلى تغيير البطارية كل 3 إلى 4 سنوات. ولكل نوع من المضخات ميزاته وعيوبه، ويتراوح سعر المضخة ما بين 40000 إلى 60000 ريال.درهم
الاعراض الجانبية
وقد يصاحب استخدام المضخة بعض المشاكل والأعراض وهي:
1. المشاكل تظهر عند تركيب المضخة مثل مشاكل التخدير العام، وعدم التئام الجرح، والالتهابات البكتيرية للجرح، وزيادة جرعة الدواء الأولى عند التركيب والتي قد ينتج عنها ضعف في التنفس وارتفاع ضغط الدم، وهذا يحدث في حالات نادرة جداً، ويمكن مراقبة المريض ومن ثم السيطرة على حالته عن طريق طبيب التخدير. ويمكن تقليل حدوث هذه الأعراض بحساب كمية الدواء بدقة كبيرة.
2. مشاكل تظهر عند التعامل مع المضخة وتعبئتها، مثل الالتهابات، وعدم حساب الجرعة بدقة.
3. وتحتاج المضخة إلى الاستمرار بمراجعة المركز الطبي لتعبئتها كل 3 أو 4 شهور.
لا شك أن التقلص العضلي اللاإرادي والذي غالبا ما يحدث عند مرضى إصابات الحبل الشوكي ومرضى الشلل الدماغي هي من الأمراض المستعصية على العلاج الدوائي، ويمكن الآن الوصول إلى نتائج جيدة جدا ً عن طريق وضع مضخة توصل العلاج الفعال إلى الجهاز العصبي مباشرة. ومع انه علاج ناجح إلا أن المريض و اسرته يجب أن يدرسوا إيجابيات وسلبيات هذا العلاج بموضوعية قبل الإقدام عليه.
أهم الخطوات للحصول على افضل النتائج:
1. التأكد من تشخيص المرض العصبي.
2. التأكد من عدم نجاح كل طرق العلاج الدوائي عن طريق الفم.
3. اختبار المريض بحقنة في الظهر للتأكد من فعالية الدواء عند حقنه في الجهاز العصبي المركزي.
4. إجراء العملية بأعلى درجات الأمان والدقة.
5. متابعة المريض باستمرار وإعادة التعبئة عن طريق مختص وبوسائل معقمة.
6. التأكد من الفهم الكامل من المريض و أسرته لإيجابيات المضخة و محدودية عملها وسلبياتها.
خطوات اجراء العملية
تحت التخدير العام يقوم الطبيب المختص بتحديد المنطقة التي سيتم استهدافها لايصال الدواء (الباكلوفين) داخل العمود الفقري
يقوم الطبيب المختص بادخال ليّ توصيل الدواء الى المنطقة المستهدفة داخل العمود الفقري
يقوم الطبيب بوصل اللي من تحت الجلد الى المضخة التي يتم زراعتها تحت الجلد في منطقة البطن ]
يسلمووووووووووو