تخطى إلى المحتوى

سورة الملك تفسير الآيات 30) آخر السورة 2024

الونشريس

سورة الملك

تفسير الآيات (28- 30) آخر السورة

الونشريس

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)}

الونشريس

.شرح الكلمات
{قل أرأيتم}: أي أخبروني.
{ومن معي}: أي من المؤمنين.
{أو رحمنا}: أي لم يهلكنا.
{فمن يجير الكافرين}: أي فمن يحفظ ويقي الكافرين العذاب.
{قل هو الرحمن}: أي قل هو الرحمن الذي أدعوكم إلى عبادته.
{إن أصبح ماؤكم غوراً}: أي غائراً لا تناله الدلاء ولا تراه العيون.
{بماء معين}: أي تراه العيون لجريانه على الأرض.
الونشريس
.معنى الآيات
الونشريس
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ

•ولما كان المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم، الذين يردون دعوته، ينتظرون هلاكه، ويتربصون به ريب المنون، أمره الله أن يقول لهم: أنتم وإن حصلت لكم أمانيكم وأهلكني الله ومن معي، فليس ذلك بنافع لكم شيئًا، لأنكم كفرتم بآيات الله، واستحققتم العذاب، فمن يجيركم من عذاب أليم قد تحتم وقوعه بكم؟ فإذًا، تعبكم وحرصكم على هلاكي غير مفيدة، ولا مجد لكم شيئًا…….السعدى
وفى تفسير ابن كثير : يقول تعالى : ( قل ) يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الجاحدين لنعمه : ( أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ) أي : خلصوا أنفسكم ، فإنه لا منقذ لكم من الله إلا التوبة والإنابة ، والرجوع إلى دينه ، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال ، فسواء عذبنا الله أو رحمنا ، فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم .

الونشريس
قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

ومن قولهم، إنهم على هدى، والرسول صلى الله عليه وسلم على ضلال، أعادوا في ذلك وأبدوا، وجادلوا عليه وقاتلوا، فأمر الله نبيه أن يخبر عن حاله وحال أتباعه، ما به يتبين لكل أحد هداهم وتقواهم، وهو أن يقولوا: { آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } والإيمان يشمل التصديق الباطن، والأعمال الباطنة والظاهرة، ولما كانت الأعمال، وجودها وكمالها، متوقفة على التوكل، خص الله التوكل من بين سائر الأعمال، وإلا فهو داخل في الإيمان، ومن جملة لوازمه كما قال تعالى: { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } فإذا كانت هذه حال الرسول وحال من اتبعه، وهي الحال التي تتعين للفلاح، وتتوقف عليها السعادة، وحالة أعدائه بضدها، فلا إيمان [لهم] ولا توكل، علم بذلك من هو على هدى، ومن هو في ضلال مبين.

الونشريس
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ

ثم أخبر عن انفراده بالنعم، خصوصًا، بالماء الذي جعل الله منه كل شيء حي فقال: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا } أي: غائرًا { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ } تشربون منه، وتسقون أنعامكم وأشجاركم وزروعكم؟ وهذا استفهام بمعنى النفي، أي: لا يقدر أحد على ذلك غير الله تعالى.
تمت ولله الحمد……السعدى رحمه الله
•وفى تفسير ابن كثير
ثم قال : ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا ) أي : ذاهبا في الأرض إلى أسفل ، فلا ينال بالفئوس الحداد ، ولا السواعد الشداد ، والغائر : عكس النابع ; ولهذا قال :
( فمن يأتيكم بماء معين ) أي : نابع سائح جار على وجه الأرض ، لا يقدر على ذلك إلا الله ، عز وجل ، فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم المياه وأجراها في سائر أقطار الأرض ، بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة ، فلله الحمد والمنة .
[ آخر تفسير سورة " تبارك " ولله الحمد ] .
الونشريس

فى ظلال الآيات
الونشريس
ولقد كانوا يتربصون بالنبي صلى الله عليه وسلم والحفنة المؤمنة التي معه أن يهلكوا فيستريحوا منهم ; وكانوا يتواصون بينهم .

بالصبر عليه حتى يوافيه الأجل , فتسكن هذه الزوبعة التي أثارتها الدعوة في صفوفهم .
كما كانوا يتبجحون أحيانا فيزعمون أن الله سيهلك محمدا ومن معه لأنهم ضالون , ولأنهم يكذبون على الله فيما يقولون ! فهنا أمام مشهد الحشر والجزاء , ينبههم إلى أن أمنيتهم حتى لو تحققت لا تعصمهم هم من عاقبة الكفر والضلال . فأولى لهم أن يتدبروا أمرهم قبل هذا الموعد الذي واجههم به كأنه واقع بهم:
_ (قل:أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا , فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ?). .
وهو سؤال يردهم إلى تدبر حالهم , والتفكير في شأنهم , وهو الأولى ! فما ينفعهم أن تتحقق أمانيهم فيهلك الله النبي ومن معه – كما لا ينقذهم بطبيعة الحال أن يرحم الله نبيه ومن معه . والله باق لا يموت . وهو الذي ذرأهم في الأرض وإليه يحشرون . .
_ ولكنه لا يقول لهم:فمن يجيركم من عذاب أليم ? ولا ينص على أنهم كافرون . إنَّما يلوح لهم بالعذاب الذي ينتظر الكافرين: (فمن يجير الكافرين من عذاب أليم). . وهو أسلوب في الدعوة حكيم , يخوفهم من ناحية , ويدع لهم فرصة للتراجع عن موقفهم من ناحية . فلو جابههم بأنهم كافرون , وأنه لا مفر لهم من العذاب الأليم . . فربما جهلوا وحمقوا وأخذتهم العزة بالإثم أمام الاتهام المباشر والتهديد .
في بعض الحالات يكون أسلوب التلميح أفعل في النفس من أسلوب التصريح !

الونشريس
ثم يترقى من هذه التسوية بين الأمرين , إلى تقرير موقف المؤمنين من ربهم وثقتهم به وتوكلهم عليه , مع التلميح إلى اطمئنانهم لأيمانهم , وثقتهم بهداهم , وبأنَّ الكافرين في ضلال مبين .

(قل:هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا . فستعلمون من هو في ضلال مبين). .
وذكر صفة(الرحمن)هنا يشير إلى رحمته العميقة الكبيرة برسوله والمؤمنين معه ; فهو لن يهلكهم كما يتمنى الكافرون أو كما يدعون .
ويوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى إبراز الصلة التي تربطهم بربهم الرحمن . صلة الإيمان (آمنا به). . وصلة التوكل (وعليه توكلنا). . عليه وحده . . والتعبير يشي بالقربى بينهم وبين الرحمن . والله – سبحانه – هو الذي يتفضل على رسوله وعلى المؤمنين فيأذن له بإعلان هذه القربى , ويوجهه إلى هذا الإعلان . وكأنما ليقول له:لا تخف مما يقوله الكفار . فأنت ومن معك موصولون بي منتسبون إلي . وأنت مأذون مني في أن تظهر هذه الكرامة , وهذا المقام ! فقل لهم . . . وهذا ود من الله وتكريم . .
ثم ذلك التهديد الملفوف: (فستعلمون من هو في ضلال مبين). . وهو أسلوب كذلك من شأنه أن يخلخل الإصرار على الجحود ; ويدعوهم إلى مراجعة موقفهم مخافة أن يكونوا هم الضالين ! فيتعرضوا للعذاب الذي سبق ذكره في الآية:
(فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ?)وفي الوقت ذاته لا يجبههم بأنهم ضالون فعلا , حتى لا تأخذهم العزة بالإثم . وهو أسلوب في الدعوة يناسب بعض حالات النفوس .

الونشريس

وأخيرا يجيء الإيقاع الأخير في السورة يلمح لهم بعذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة , وذلك بحرمانهم من سبب الحياة الأول وهو الماء:
(قل:أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ?). .
_والماء الغور:الغائر الذاهب في الأرض لا يقدرون عليه . والمعين:النابع الفائض المتدفق . وهي لمسة قريبة في حياتهم , إن كانوا ما يزالون يستبعدون ذلك اليوم ويشكون فيه . . والملك بيد الله وهو على كل شيء قدير . فكيف لو توجهت إرادته إلى حرمانهم مصدر الحياة القريب !
ثم يدعهم يتدبرون ما يكون لو أذن الله بوقوع هذا المحذور !
وهكذا تنتهي هذه السورة …….
إنَّها سورة ضخمة . سورة أكبر من حجمها وحيزها وعدد آياتها . وكأنما هي سهام تشير إلى بعيد , ويكاد كل سهم يستقل بكشف عالم جديد !
وهي تبني من قواعد التصور الإسلامي جوانب رئيسية هامة ; فهي تقر في الضمير حقيقة القدرة المطلقة , وحقيقة الهيمنة المطلقة . وحقيقة الإبتلاء بالموت والحياة تمهيدا للحشر والجزاء . وحقيقة الكمال والجمال في صنعة الله . وحقيقة العلم المطلق بالسر والنجوى . وحقيقة مصدر الرزق . وحقيقة حفظ الله للخلائق , وحضوره سبحانه – مع كل مخلوق . . . وجملة من هذه الحقائق التي يقوم عليها تصور المسلم لربه . وتصوره للوجود وارتباطه بخالق الوجود . هذا التصور الذي ينبثق منه منهج حياة المؤمن كله . مع ربه . ومع نفسه . ومع الناس . ومع الأحياء . ومع الكون كله من أحياء وأشياء . والذي يتكيف به شعوره وضميره وشخصيته وقيمه وموازينه ،واستقباله للحياة . . .
الونشريس

من هداية الآيات
الونشريس
1- بيان ما كان عليه المشركون من عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنوا موته.
2- وجوب التوكل على الله عز وجل بعد الإيمان.
3- مشروعية الحجاج لإحقاق الحق وإبطال الباطل.
تمت تفسير سورة الملك قدر المستطاع وله الحمد والمنة ويليه تفسير سورة ن باذن الله تعالى

_جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة .. دمتم طيبين اللهم اجعلنا وايَّاكم من أهل القرآن.
الونشريس
المراجع

الونشريس
تفسير القرآن العظيم ابن كثير•
السعدى تيسير الكريم الرحمن فى تفسير•

كلام المنان
في ظلال القرآن الكريم سيد قطب•
•الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير

الونشريس

الونشريس

    جزاك الله كل خير اشتفت لاحديثك وكلامك المحلى بذكر الله

    يسلموو ياقمر

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.