كيف تتعاملين مع طفلكِ إذا كان مكروهاً بين أصدقائه؟
للصداقة دور لا غنى عنه في بناء شخصية الصغير، فاللعب مع الرفاق وتبادل وإيّاهم التجارب والخبرات المختلفة، مهما كانت محدودة، يلوّن الطفولة بألوان البهجة والمرح وحب الحياة. ولكن، عندما يكون الطفل مكروهاً من أقرانه، لا بدّ أن يبحث الوالدان عن السبب.
الاختصاصية في علم الاجتماع أسماء ابراهيم المطلق تشرح عن الأسباب الكامنة خلف هذه الظاهرة:
اختبار الشعبية
ويمكن للأهل الاستدلال على مدى قبول الرفاق لصغيرهم عن طريق ما يسمّى بـ "اختبار الشعبية"، وهو عبارة عن ملاحظات عدة لقياس النجاح الاجتماعي الذي يحرزه الطفل ومدى الشعبية التي يتمتّع بها بين رفاقه وأصدقائه، ما يعني بلغة الأرقام عدد الأصدقاء المقرّبين منه والذين يحرصون على أن يزوروه في المنزل أو يطلبوا منه زيارتهم أو يتصلوا به هاتفياً وعدد زملائه في المدرسة الذين يتحدثون معه ويريدون الجلوس إلى جانبه في غرفة الصف أو أن يلعبوا معه أثناء الفسحة أو عدد الأصدقاء الذين يدعونه إلى حفلاتهم الخاصة وأعياد ميلادهم.
دور الأهل
وإذا لاحظ الوالدان أن صغيرهما يعاني نبذ أقرانه له، يجدر بهم أن يولياه المزيد من الاهتمام وأن يوفّرا البيئة التي تضمن تنشئة سليمة جسدياً ونفسياً واجتماعياً له، مع الحرص على تنشئته على الأخلاق الحميدة التي تجعل منه صحبة طيّبة، بدون قسوة أو حرمان أو تدليل زائد.
ولعلّ الحالات المماثلة من النبذ تزول بمرور الوقت، مع تشجيع الطفل على الاندماج التدريجي مع المجتمع خارج إطار العائلة في ظلّ جو يسوده الحب والحنان ومنحه الدعم المعنوي والذي يتمثّل في التقدير والاحترام والسماح له بالتعبير عن مشاعره بلا كبت أو ترهيب.
محاورته حول السلوكيات التي يواجهها من الآخرين، مع توجيهه وتوضيح ما يمكنه الاقتداء به أو الابتعاد عنه.
• إذا كان لطفلك صديق يفضّله، فلا تسمحي له أن يمضي كل أوقاته معه بل حاولي أن تفتحي له مجالات للتعرّف إلى آخرين ينتمون إلى ثقافات مختلفة.
• كوني صبورة، ولا تشعريه بالخوف إذا استغرق استقلاله عنك وقتاً أكثر من اللازم، فالطفل الذي يتّسم بالبطء في الانسجام الودّي مع الآخرين قد يكون أفضل ممّن يندفع إلى اللعب مع الآخرين بدون تمييز.
النبذ من قبل الرفاق حالة تصيب الصبيان والبنات بالتساوي، وتنتج اضطرابات شخصية، فيعاني الطفل من شعور بأنه غير كفء وغير جدير بالاختلاط مع الغرباء خوفاً من التعرّض للسخرية والرفض أو الإذلال. ويعاني المصابون بهذه الحالة من الحساسية المفرطة والخوف من التعرّض للانتقاد ونقص الثقة بالنفس.
ويمكن للأهل الحصول على هذه المعلومات من خلال مراقبة سلوكيات الطفل، أو عن طريق إجاباته بعد توجيه أسئلة غير مباشرة له أو من خلال الحوار اليومي معه. وتجدر الإشارة إلى أنّ الحصول على شعبية كبيرة ليس هدفاً في حدّ ذاته يجب أن يسعى الطفل إلى تحقيقه، وإنما هو مقياس لمدى القبول الاجتماعي الذي يحظى به من الآخرين.
ويحبّذ تكاتف الأسرة لبلوغ الطفل حالة الارتياح النفسي الذي يدعم ثقته بنفسه ويساعده في الاندماج الاجتماعي ومواجهة الآخرين بلا خوف، عن طريق :
• واجهيه بعيوبه وساعديه على تقويمها، فقد تكون سلوكياته السيّئة هي السبب المسؤول عن كره الآخرين له.
وعلى الرغم من أنّ هذه الحالة قليلة الحدوث عند الأطفال إلا أنها تستدعي القلق وتتطلّب من الوالدين اهتماماً كبيراً، فالآلام التي يشعر بها "المكروه" ليست من النوع الذي يمكن نسيانه بسهولة، إذ تلقي بآثارها السلبية حتى مرحلة متأخّرة من حياته قد تصل لعشرات السنين!
• إشراكه في الألعاب الجماعية.
• اصطحبيه إلى تجمّعات الأهل والأصدقاء، مع ذكر إيجابياته وقدراته أمامهم.
ومن المعلوم أنّ تحلّق الأصدقاء حول الطفل يمنحه الثقة بنفسه ويقاوم شعوره بالقلق والخوف، وتدفع الحالة المقابلة إلى شعوره بالحزن بسبب عجزه عن كسب الأصدقاء أو عدم دعوته إلى الألعاب المشتركة ما يدفعه مكرهاً إلى الانزواء الذي يزداد بمرور الوقت.
• كافئيه عند ظهور سلوكيات جريئة منه تنمّ عن تنامي روح المبادرة لديه.
• ازرعي روح المبادرة والتعبير عن الرأي عنده، وشجّعيه على حرية الاختيار واتخاذ القرار.
• لا تلاحقيه بالأسئلة: هل أصبح لك أصدقاء اليوم؟ وهل أحبك زملاؤك اليوم؟ وهل يحبك المعلم؟ فهذه الأسئلة تربك الصغير وقد تضعف ثقته بنفسه، أو تدمّر العفوية التي تعتبر من السمات الأساسية لتشكيل الصداقة.
• لا تحاولي أن تثيري في نفسه الشعور الحاد بالتنافس الشديد مع أترابه، وخصوصاً في مجال النجاح أو التفوّق على زملائه.
• شجعيه على دعوة رفاقه إلى المنزل أيام العطل ليلعبوا معاً، كما على زيارتهم أيضاً.
• احذري أن تميّزيه بين رفاقه من خلال الملبس أو المصروف، فالأطفال الذين يختلفون عن رفاقهم كلياً يصابون بخيبة أمل ناجمة عن شعور زملائهم بالنفور منهم دائماً.
• في حال فشل كل محاولات الأهل، يجب أن يتم تحويل الطفل إلى المعالجة النفسية الخاصةً.
دراسة
اكتشف باحثون هولنديون أنّّه حين يشعر الطفل بأنه منبوذ من أقرانه قد يلجأ إلى العدوان سلوكاً، فتكثر عراكاته في المدرسة وغيرها من التصرفات الخطرة، فالصغار أكثر استعداداً للاستجابة المندفعة رداً على أسلوب أقرانهم في تجاهلهم، علماً أن هذا الاغتراب والإقصاء هو المسؤول عن العنف الزائد بين الأطفال. وخلص الباحثون إلى أنّ المنبوذ يتصرّف بشكل عدواني تجاه نظرائه الذين ساهموا في إبعاده وإقصائه، ويتّخذ العدوان شكلاً درامياً قاسياً كلّما كان النبذ والإبعاد والإقصاء قوياً ومهيناً ومذلاً له.
مشكورة
شكرا على المرور الرائع
جزاكي الله خيرا
الف شكر يا قمر