النخل باسقة الجبين
النخلُ باسقةُ الجبين…
والوجدُ يمضي في مواجعِ خطوها مُرّ السنين..
لا فجرَ في الأرضِ السليبة… لا حنين..!!
والأرضُ تزهر بالعنا..
وبكل صلدِ الصخر…. تمنحنا الأنين…
النخلُ باسقةُ الجبين ..
من أين تنبثقُ الرؤى..؟؟!
من أين تأتينا المُنى..؟!!
لا وقتَ يا قلمي… لنرحلَ في تخومِ الوصف..
تشحذنا الأمانيّ..
نحو بستانٍ تجلّتْ في نواحي دربهِ..
نخلٌ تسامقَ في الفضاء..
وتفرّعتْ جنبَاتُها نحو السماء..
هي أربعٌ…. ليستْ من العجبِ العُجاب…
فالشوقُ أنّبتها..
فبنتْ من الآمالِ أشرعةَ المدى..
ومضتْ تعانق في شموخٍ..
صفحة الآفاق… تمتشق السحاب…!!
ما زلتُ يا قلمي….
أسافرُ في المدى المفتوح..
في وضح النهار..
ما زلت أرحل في مدى الأكوانِ… في جنح المعانيّ..!!
والرؤى الخضراءُ تنشدُني تعالْ…
أنا لستُ إلا شاعراً…
قد جاء تحدوهُ آمالٌ كبار…
ورأى في النخلِ.. عنوانَ التحديّ والصمود..
ورأى في مدهَا كلَ ما أمَّل..
من قادمٍ يشدو على الآفاقِ.. مَبسمُهُ الحنون..!!
إني أتيتُ أراقبُ النخلَ الذي ساوى.. بطلعتهِ الخيال..!!
وأرى الحياةَ تدبُ من عمقِ الجذور….
إلى مطاولةِ الزمان..!! وأرى الفروعَ تسامقتْ…
تُهدي إلى الآفاقِ كل الوجدِ والمجد..
وكل النورِ تنثُرهُ على شطِ القِفار..
وأرى في سدرةِ الأشواق..
حادينا إلى النصر المؤزر..
يا كل أوجاعِ العراجين… يا سعفَ الأمانيّ…
يا كل أنداءِ الظلال..
عذراً … باسقاتِ الطلعِ .. في الزمنِ الجديب..
عذراً إذا ما جئتُ تحدوني مواجعنا…
وتثخنُ في الجراح …
فلأنني… قد جئتُ… لكن…
في فؤادي يصدحُ الألمُ المضرّجُ بالنواح…
وتعيد لي شدوي على أيكِ الخضيرة..
أشتهي دفءَ الموانئَّ ….
حين تمتشقُ الصواريّ.. كل أشرعةِ الرياح..
والآن أنثرُ كل ما عندي..
وأمعنُ في الرحيلِ.. إليكِ …
يا دوحةََ النخلِ التي…
لم تزلْ تُلقي على أوجاعنا..
درس الكفاح..
محمد أحمد حسن- الحسينية
القصيدة أخذت المركز الأول في مسابقة مجلة مساء " آفاق صورة "
منهل الإلهام
في ثراكِ العلا وفيك الإباء = واعتلاء إلى الفضاء وارتقاءُ
وجذور إلى المدى ضارباتٌ = وجذوع نما عليها الوفاءُ
تعصف الريح والزمان فتبقى = في شموخ يميس فيه البقاءُ
ثمرٌ طيب ورزق هنيء = طاب في أصله فطاب العطاءُ
كل جزء لديك فيه انتفاع = كل حين لنا فنِعم السخاءُ
أنتِ كالمؤمن المكمل طيبا = حلّ في طيبه الغنى والهناءُ
عرف العُرب في القديم مزايا = فيك لما بدا عليك الثراءُ
كرمٌ واسع وظلٌ ظليل = واصطبار وعزة واستواءُ
وتحدًّ بوجه الضر دوماً = وصفات يقّل عنها الثناءُ
زرعوها فأطعمتهم إباءً = عَذُبَ الموتُ عنده واللقاءُ
كرهوا الذلَّ والخضوع لباساً = أو يكون للعدى منهم رجاءُ
أكرموا الضيف والضعيف ولبّوا = دعوة المستغيث نصراً وجاؤوا
فغدت نخلة الوفاء لديهم = مطعماً للعلا ومنها الغذاءُ
آه يا نخلة الإباء أطلّي = لتري عُرْبنا وكيف الإباءُ
عرب اليوم للعروبة عارٌ = صنع الذل فيهم ما يشاءُ
لطخوا وجه العروبة حتى = أخذ الخزي حظه والشقاءُ
ما تبقى من العروبة فيهم = غير رسم يطوف فيه الخواءُ
عرب يعربون الكلام ولكن = غاب الاعراب ثم حل البناءُ
سجدوا للعدى سجود خضوع = واليهم صلاتهم والدعاءُ
كم سُلبنا وكم تسيل دمانا = كم غُزينا وكم يصيح الحياءُ
كم نداءٍ شقَّ السماء دوياً = مستغيثاً فأين منا الولاءُ؟
في فلسطين والعراق رزايا = يهرم الطفل عندها والضياءُ
فَلْنُمتْها دعوى العروبة لكن = أين دين يعيش فيه الإخاءُ؟
فوداعاً نخلة الإباء فإنا = ما برئنا وفي حمانا الشفاءُ
ربما يولد الكرامُ إذا ما = رحل اللؤم قبلهم والغثاءُ
عبد الله عبده العواضي/ إب
المركز الثاني
جذع تفرق شمله وتجمعا
ذو همة فوق الفلاة ترعرعا = بترت كرائم طلعه فتفرعا
قضت المنون وريبها في طلعه = بمصيبة أزرت به فاسترجعا
وشكا بصمت فقد طلع واحد = فأثابه الرحمنُ أربعةً معا
لله آيات وليس كهذه = جذع تفرق شمله وتجمعا
أبصرت آيته فقلتُ مسبحاً = سبحان من جعل الوحيدة أربعا
هي عبرةٌ في آية من صنعه = ما أبدع الصنع العظيم وأروعا
هي حكمة للناس عن ذي همة = ثبتت عقيدته فلم يتزعزعا
لما أُريد به الفناء تجبراً = رفع التوكل راية فترفعا
عاث العدو به فساداً ظالماً = لكنه لعدوه لم يخضعا
يا من يريد عدوه تركيعهُ = هذا لغير إلهه لم يركعا
فامْدُدْ بأسباب التمكن صابراً = وارفع أكفك للسماء تضرعا
واثبت كما ثبت النخيل بأصلهِ = تحيا على عرض الهدى متربعا
فالله يرعى المؤمنين فكن على = ثقة بمن حفظ النخيل ومن رعا
واصبر لكيد الخائنين محاذراً = أن يعتريك عن السبيل تراجعا
لا ترتج عند العدو سماحة = فالذل من بشع العداوة أبشعا
أو تطلب الماء الزلال من الذي = أسقاك من يمناه سماً ناقعاً
النصر آتٍ لا محالة فارتقب = إجفال ليلٍ عن ضياء ساطعاً
فلربَّ صاحب همة في أمةٍ = أحيا بها جيلاً عريضاً واسعا
ولربَّ فتحٍ قد أطل زمانه = يغدو بإذن الله أمراً واقعا
حاكِ النخيل فإنما هي حكمة = لتبث فيك تشجعاً وتطلعا
هي أمة الإسلام أغدق طلعها = هيهات أن يفنى و (إن) يتقطعا
ما زالت الأجيال من قبس الهدى = كالطلع من جذع كريم يرضعا
صالح محمد الماوري / ذمار
النخلة المتضرعة
مدي يديك إلى السماء تضرعا = وتضوّري خلف السحائب أدمعا
ودعي شموخك يمتطي أنفاسه = متوسّلاً رب البرية بالدعا
وابكي على ماضي الرجال ومجدهم = وذري الصبابة تستقيك الأربعا
وانعي زمان السابقين توحدوا = سادت حضارتهم.. فكنت الألمعا
مالي أرى كل النخيل توحدت = وبناتُك الحُبلى تزيد تفرعا
وأنا وأنتِ نستحم بحزننا = وأنين قلبينا يهدّ الأضلعا
مدي يديك فكم شربت تقهقراً = ولكم سُقيتِ من الزمان تقمعا
وذري نشيد القهر يعصف ناظري = ويشق بي صمتُ السباتِ المضجعا
وإرخي ستار الموت خلف مغاربي = كي لا أرى بعد المغارب مطلعا
ما حيلة الظمآن يشرب ظله = ويحيك من ظمأ السحابة منبعا
أو حيلة الجوعان يأكل بعضه = ويموت في شبق الظلام تجوعا
أواه.. كيف تمزقت أعلامنا = وبناؤنا المشيود كيف تزعزعا
أواه.. هذي الموبقات تكاملت = والجرح في صدر العروبة أينعا
يا نخلة هتك الهوان جبينها = وسطا المشيب برأسها وتربعا
هذا إزار الذل أرخى سدله = ونما الخنوع بأمتي وترعرعا
وطغى بأرض الرافدين تأمركٌ = وشكا العراق تهتكاً وتصدعا
بغداد لا تهني فأنتِ طموحنا = تباً لمن قبل الخيانة أو سعى
بغداد يا قمراً يطير بخافقي = ويشع في وجعي العتيق توجعا
بغداد يا مهد الحضارة إن لي = قلباً يتوق إلى اللقاء تلوعا
بغداد يا نغماً يسافر في فمي = سحقاً لمن باعوا سناك الأنصعا
فلبئسما اقترفت أياديهم وما = أبدت نواياهم.. وساءت مطمعا
هذي حروف قصائدي الثكلى بكت = وأتاك شعريّ حائراً متمنعا
وأتيت والآلام تركض في دمي = وعلى يدي موتي يعض الأصبعا
أسفي على الأقصى ينوح تضرماً = وحباله العطشى تذوب تقطعا
والقدس يقضم قلبه متألماً = متوقداً.. متحسراً.. متوجعا
وأنا وأرباب المناصب نستقي = كأس الهزيمة.. مذ هجرنا المدفعا
يا نخلة شاخ الزمان بعينها = وغدت مآذنها تحزُّ المسمعا
ما قهقهت شمس الصباح بعاتقي = إلا وأحزاني تزيد تضوّعا
وعلى رصيف التيه يعدو خافقي = ويسير في أقصى الشقاوة مسرعا
هذي أسود العرب غاب زئيرها = ومضت خساستهم تجوب المصرعا
وتغرّبت أفكار من صلبوا على = نهج الخنوع تأدباً وتطبعا
حتى بدا وجه العروبة ذاوياً = يا ليته قبل الرحيل تقنعا
وضاح ناجي مزيد / صنعاء
المركز الرابع
انبت ببذرك في العلا واثبت = بحذرك كالجبال ولا تبالْ
لا لا تبال من العواصف = والزلازل والقواصف والنبالْ
فالمرء يثبت حيث ينبت = لا يفتُّ بعزمه ظمأ الرمالْ
وارفع جناح العز في وجه الثرى = واشمخ بأنفك كالشبالْ
ولئن عشقْتَ لك العلا = فالتاج يأبى أن يعيش مع النعالْ
هي فطرتي – أكرم بها – = جُبلت على أسمى السجايا والخلالْ
لم أتجه شرقاً ولا غرباً = ولا يَمّ الجنوب ولا الشمالْ
وجهت وجهي للذي فطر السما = والأرض ربي ذي الجلالْ
أنمو وأسمو للسماء فأرتقي = مثلاً لأطيب ما يقالْ
أعلاي أعذق في السماء = وأسفلي في الأرض أعذق بالظلالْ
ما فقت بالتطفيف أترابي = ولا زاد اكتيالي باحتيالْ
الله ربي زاد جسمي بسطة = أفلا أقوم له الليالْ؟
تواقة نفسي إلى الحسنى = وأطمح للزيادة في النوالْ
أسمو لأحلامي على متن = الحقيقة لا بأجنحة الخيالْ
وسقوط أوراقي وأخلاقي = هما أمران دونهما المحالْ
عش في التفاهة في العلا = فالأرض قد طعنت بداء الاحتلالْ
بجراثم الأعداء منهكة الحشا = دوماً ومرهقة التلالْ
وأرى الخبائث لوثت فوق الثرى = ماء اليانبيع الزلالْ
فأتيت للنبع المطهّر والنقي = وسموت للسحب الثقالْ
والجذر في كبد الثرى لن = أرتوي أبداً من الزبد الجفالْ
سيظل جذعي قائماً حياً = وميتاً في صمود كالجبالْ
كالتين والزيتون والليمون = في أرض الإبا والبرتقالْ
في طور سنين استمر مدى = السنين على الإباء على النضالْ
حتى إذا وضع الجناة الغاصبون = الفأس في رأسي ومالْ
سيزيد بأسي أنّ رأسي = في غدٍ ينمو بأربعة رجالْ
منصور جعفر فايد / صنعاء
شموخ المآذن
سارت بنا في دروب الحب راياتُ = ومضيتُ في الدرب تتبعني الإشاراتُ
هنا وقفتُ على بستان عزتنا = كما تسامت عن الأوجاع أوقاتُ
رأيتها في سماء المجد شامخةً = وطاولت في مدى الأكوان شاماتُ.
فركت عيني أحلمٌ ما أعاينهُ؟؟ = أم أنها في دروب الوهم أشتاتُ.
في دوحة من رياض الحب باسمةً = أتيت والقلب تثقله الملمّاتُ.
في روضة الحسن قد أمضيتُ قائلتي = وزال عن خاطري المكدود آهاتُ
يا باسقاتٍ بروض الحسن رونقها = ومن تسامت برغم الحزن راياتُ
أهديتني كل درسِ كنت أحسبه = في ساحة من منافيَّ العمر أنَّاتُ
يا رحلة العمر في أقسى مراحلها = أتيتِ كالزهر تسبقكِ البشارات
أما أنا فلقد جاءت مخيلتي = حيرى .. وفي رقعة الأوقاتِ أوقاتُ
أتيتُ في خاطري المكدود أسئلةٌ = طالت كما طال من صبري مسافاتُ
أتيتُ يا نخلة الأشواق في خلدي = حزنٌ وفي خافقي تنمو الجراحاتُ
من أين تنبثق الأحلام يا أملي = ما عاد في خافق الدنيا مساءاتُ
سارت بنا نحو مجد الكون ألويةٌ = وطاولت في سماء المجد راياتُ
واليوم ضعنا على أنغام غفلتنا = ما عاد فينا من الأزمانِ شدّاتُ
يا نخلةً كانت هنا يوماً مطاولةً = أفق الحياةِ وفي الإنشادِ أبيّاتُ
فلتشمخي اليوم في أوطان حسرتنا = قامت لك اليوم في الدنيا قياماتُ
أنتِ المآذن في آفاقنا أبداً = كالطودِ ما عصفت فيها الرياحاتُ
فلتشمخي اليوم إن خانتكِ أمنيةٌ = فأنتِ يا نخلة الآمالِ آياتُ
عسى شموخكِ أن يبني لنا أملاً = وأن يعيدَ لبعضِ القوم هِمّات…
عبد الله هبه إبراهيم/ اليمن
مدي يديك إلى السماء تضرعا = وتضوّري خلف السحائب أدمعا
ودعي شموخك يمتطي أنفاسه = متوسّلاً رب البرية بالدعا
وابكي على ماضي الرجال ومجدهم = وذري الصبابة تستقيك الأربعا
لكى احلى تقيم